header

انتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (15 جمادى الثانية 1445) تزايد الفقر في المجتمع، واصفا الوضع الاقتصادي والمعيشي للشعب الإيراني بـ “الحرج”، مشددا على ضرورة الإرادة الجادة من قبل السلطات لحل هذه المشكلة.


الفقر هو أصل الكثير من المفاسد والمعاصي وسبب الهروب من الدين
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: الفقر المادي أحد الآفات الخطيرة والفتن التي لها عواقب خطيرة للغاية، وقد يسلب دين الإنسان ومعنويته، فعندما لا تكون لدى المرء القدرة على توفير نفقات أسرته، فإنه قد يتورط في الفساد والمعاصي، لأنه لا يمكن لكل أحد الصبر، وفي الأدعية الواردة في الأحاديث ورد في صفة الجوع والفقر: “فإنه بئس الضجيع” اي الجوع والفقر أسوأ رفيق للمرء.
وتابع قائلا: العديد من المفاسد التي تشكل تهديداً لأمن المجتمع وسلامته، ينبع من الفقر، وهو السبب الرئيسي للسرقة والاختطاف والعديد من المفاسد الأخرى، وفي كثير من الأحيان، يدفع الفقر الإنسان إلى ارتكاب المعصية والجريمة، وهذا الإجرام والذنب يهدم دين الإنسان، لأن السرقة والاختطاف من الذنوب الكبيرة.
واستطرد خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: إن الله تعالى عرض على النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل له الجبال ذهباً ويغنيه بها، لكنه لم يقبل ذلك، لأنه صلى الله عليه وسلم كان قدوة للناس، ولم يكن وراء جمع المال والثروة ليعيش أهله وأولاده في راحة بينما هناك فقراء وجائعون في الجزيرة العربية وفي البلاد الإسلامية. هؤلاء هم القادة الصادقون.
وأضاف قائلا: النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وأصحابه لم يخونوا في بيت المال أبدا؛ كان من المستحيل أن يسيء الصحابة رضي الله عنه استخدام بيت المال. كان علي رضي الله عنه، وهو ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره، لكنه كان يعيش في ضيق، وكان سيدنا عثمان رضي الله عنه من بين أصهاره صلى الله عليه وسلم غنيا، وكانت له ثروة كبيرة من قبل أن يكون خليفة، وعندما تولى الخلافة، لم ينتفع ببيت المال، بل بنى مسجد النبي بثروته الخاصة وأنفق ثروته في الأعمال العامة.
وتابع فضيلته قائلا: الفقر المادي خطير جداً، وهو أساس الكثير من المفاسد الموجودة في المجتمع، والرشوة والمعاملات الربوية وانتشار الطلاق والعديد من المشكلات الموجودة في مجتمع اليوم من آثار “الفقر”، ومن الآثار الجانبية الخطيرة الأخرى للفقر هو تزايد الهروب من الدين والابتعاد عن الدين في المجتمع.


انخفاض قيمة العملة الوطنية أحد عوامل زيادة الفقر في البلاد
وصرّح خطيب أهل السنة قائلا: تزايد الفقر في البلاد و يعاني الشعب الإيراني من الفقر، في حين أن الشعب الإيراني كانت من الشعوب الغنية والمتمولة، وقد استفادت الدول المجاورة من الشعب الإيراني وأصبحت غنية، ولكن الآن أصبح الشعب الإيراني نفسه فقيرا، وأحد أسباب الفقر في إيران هو انخفاض قيمة العملة الوطنية، فالشعب لديهم المال، ولكن هذه الأموال لا قيمة لها، ومن الصعب جدًا أن يكون لدى الإنسان المال ويكون فقيرًا ومحتاجًا.
وتابع فضيلته قائلا: يعاني عامة الشعب من المشكلات المعيشية والاقتصادية، فالجميع من المعلمين والعمال والمتقاعدين والموظفين في ابتلاء بسبب هذه المشكلات. يواجه المعلمون مشكلات؛ قال معلم مدرسة: إنه عندما يذهب إلى المتجر لتسديد الفاتورة في نهاية الشهر، يشعر بالخجل. وقال آخر وهو وزوجته مدرسان: إن الراتب الذي يحصلان عليها لا يكفي نفقات معيشتهما. وقال معلم آخر أيضا: إنه يذهب إلى المدرسة في الفترة الصباحية للتدريس، ويعمل ساعات إضافية في فترة ما بعد الظهر، و يعمل ليلا أيضا، لكنه لا يزال غير قادر على تغطية نفقات معيشته. هذا بينما يعيش هؤلاء الناس حياة بسيطة.
وأضاف قائلا: البلديات أيضاً لديها شكاوى في البلاد، عندما لا يكون هناك بناء في المدن، وموارد البلديات يتم توفيرها من خلال هذه البناءات، يتعطل عمل البلديات وتصبح مديونة.


لا ينبغي الزيادة في الضرائب لتعويض عجز الموازنة
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى زيادة الضرائب وقال: الضرائب تتزايد ولا يقدر المواطنون دفعها. عندما يتم فرض ضريبة على متجر صغير في قرية بمبلغ مائتي أو ثلاثمائة مليون تومان، فلا يمكن لهذا المتجر الصغير ولا المتاجر الكبيرة أن تكون مسؤولة، وعندما تكون الضرائب ثقيلة، يقوم دافع الضرائب بزيادة أسعار السلع لدفع الضريبة، وزيادة الأسعار تشكل ضغطاً على الشعب، ولا ينبغي لنا أن نزيد في الضرائب لتعويض عجز الموازنة، ولا ينبغي الضغط على الشعب، ولا ينبغي فرض نفقات باهظة عليهم.
واستطرد فضيلته قائلا: ربما تكون هذه الكلمات متكررة للبعض، لكن الوضع حرج بالفعل. هذه الكلمات مطالب الشعب، فعندما يجوع الشعب لا يقبلون كلام أحد (إذا أردتم أن يسمعكم الشعب فقوموا بحل مشكلاتهم المعيشية)، إذا تكلم الخطيب فلا يستمع أحد إلى كلامه، والطفل الجائع لا يستمع إلى والديه، والمتعلم الجائع لا يستمع إلى المعلم، والمعلم الجائع لا يستطيع التدريس جيدًا.


دون تغيير السياسات ستزداد المشكلات
وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: في مثل هذه الظروف يجب على المسؤولين في الحكومة ومسؤولي النظام أن يفكروا جادين ويحلوا هذه المشكلات ويستجيبوا لصرخات الشعب. لماذا لا يتم تنظيم وضع اقتصاد البلاد؟! إذا تمت مراجعة السياسات الداخلية والخارجية بما يتماشى مع المصالح الوطنية ومصالح الشعب والوطن، فسيتم حل العديد من المشكلات، والمصالح الوطنية ملك للوطن، والحكومة والمسؤولون ينتمون لهذا الوطن، وبدون تغيير السياسات فإن المشكلات سوف تتعمق يوما بعد يوم.
وصرح خطيب أهل السنة قائلا: الاقتصاد والمصالح الوطنية بحاجة إلى إدارة سليمة، ويجب قطع كل الأيدي المتورطة في الفساد، ولن تتوقف حالات الفساد بالمعاقبة فقط، بل لا بد من تغيير البنى والتخطيط الكامل حتى تعود هذه المصالح الوطنية إلى الخزينة والدولة ومائدة الشعب، وتتم حماية الخزانة بيد مديرين أكفاء وجديرين.


ليتعاون بعضنا مع بعض في هذه الظروف الصعبة
وفي نهاية هذا الجزء من الخطبة نصح فضيلة الشيخ عبد الحميد الشعب بأن يراعي بعضهم البعض، وقال: نصيحتي للشعب أن يساعد بعضهم البعض في هذا الوضع الصعب. حاولوا ألا تبالغوا في الأسعار ما استطعتم حتى لا تكون على المواطنين ضغوط.
وأضاف فضيلته قائلا: تعاطفوا مع الشعب، ولا تزيدوا في آجار المحلات التجارية والمنازل. البعض ينفقون كل ما يكسبونه، لكنهم رغم ذلك يظلون غير قادرين على دفع الإيجار، وهناك من يدفع كل دخله للإيجار وليس لديه ما ينفقه على أهله، ولذلك في هذا الظرف الصعب والحساس، من الضروري أن يساعد الناس بعضهم البعض.


ابتلي أهل الكتاب بالغلو في عيسى عليه السلام
في جزء آخر من كلمته خلال خطبة الجمعة في زاهدان، أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى مناسبة العام الميلادي الجديد وتابع قائلا: هذه الأيام أيام ميلاد عيسى عليه السلام، وهو من الأنبياء السابقين والذي كانت ولادته معجزة، وقد خلقه الله تعالى بأمره من غير أب، ولقد أعلن النبي عيسى عليه السلام في طفولته أن الله أعطاني النبوة.
وتابع خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: إن عيسى عليه السلام عبد مقرب ومبارك ورسول من عند الله تعالى، أهل الكتاب (اليهود والنصارى) غارقون في الإفراط والتفريط في عيسى عليه السلام، ولقد افترى اليهود على المسيح، واعتقد النصارى أن عيسى إله أو ابن الله، ولكن جاء القرآن العظيم ليحل كل الخلافات بين الأمم السابقة بنزول الآيات الإلهية، وقبل العديد من النصارى الحق، فقال عنهم القرآن الكريم: «وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ* وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ» [المائدة: 82-83] وعندما هاجر المسلمون إلى الحبشة في الهجرة الأولى وتلا سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه آيات من سورة مريم رداً على سؤال ملك الحبشة فيما يتعلق بعقيدة المسلمين حول عيسى عليه السلام، عجب ملك الحبشة وقال: إن الحقيقة هذه التي ذكرها القرآن الكريم.
وأضاف: لقد أجاب الله تعالى عن جميع شبهات النصارى واليهود، في القرآن الكريم، وصرح القرآن أن عيسى ليس إلها بل هو عبد من عباد الله تعالى، والفرق الوحيد بينه وبين البشر الآخرين هو أنه نبي وصاحب المعجزات.
وقال خطيب أهل السنّة في زاهدان: القرآن الكريم يفرق بين الحق والباطل، وأحكام القرآن حق. أنتم أيها المسلمون لديكم ثروة عظيمة مثل القرآن، وبطبيعة الحال هذا الكتاب نزل لهداية جميع الناس، والتوراة والإنجيل وجميع الأنبياء عليهم السلام كانوا للبشر جميعا، ولكن بعد نزول القرآن العظيم الذي هو خلاصة كل الكتب السماوية الماضية، انقضى عصر الكتب السماوية والأديان الأخرى، ولن يقبل من أحد غير الإسلام دين، وبعد بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لن يصل أحد إلى الله عن طريق الأديان الأخرى.
وأضاف فضيلته قائلا: تحدث كل الأنبياء عن الإنسانية وكانوا رحمة لجميع البشر، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم هو رحمة للعالمين، ويجب عليكم أيها المسلمون أن تكونوا مصدر رحمة لجميع الناس وأن تطبقوا أخلاق هؤلاء الأنبياء وأفعالهم في حياتكم الخاصة، وينبغي عليكم أيها المسلمون أن تفكروا أنتم أيضا في خلاص وخير الناس أجمعين وأن تحترموا الجميع.


الصراعات الدينية والعرقية والتمييزات من علامات الجهالة وهي مغايرة للإسلام
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد: إن الصراعات الدينية والعرقية دليل على الجهالة والأمية وعلامة على الجهل بتعاليم الإسلام. إن التمييزات الطائفية العمياء والتمييزات الدينية علامة جهل وابتعاد عن الإسلام.
وأضاف فضيلته قائلا: ربما توجد اليوم أمور كثيرة باسم الدين، وهي ليست من الدين، والدين يكره مثل تلك التصرفات والسلوكيات، فالإسلام دين المساواة والعدالة والإنسانية. إن الدين الحنيف يرفع من قدر الإنسان ويجعل المسلمين سببا للخير والرحمة للعالم أجمع، كما كان خاتم النبيين رحمة للعالمين، ولذلك لا بد من العودة إلى أصل الإسلام وإلى إسلام النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين والصحابة وأهل البيت.

135 مشاهدات

تم النشر في: 31 ديسمبر, 2023


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©