أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنّة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (4 رمضان 1445) إلى أهمية المصالح الوطنية لكل بلد ومملكة، وأوصى المسؤولين في البلاد بضرورة استخدام الثروات الوطنية لمصحة الشعب ورعاية مصالحهم وشؤونهم.
حكومة الرسول الكريم والخلفاء الراشدين كانت رحمة للبشر
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: كان على مرّ التاريخ حكام صالحون أتقياء، وكان وجودهم مصدر رحمة، والخلفاء الراشدون رضي الله عنهم وعمر بن عبد العزيز رحمه الله من الحكام الذين كان وجودهم مصدر رحمة للعباد، وكان وجود سيد المرسلين رحمة للناس جميعا، فكان صلى الله عليه وسلم يجلس على الأرض مع الشعب ويتحمل الجوع ليطعم الآخرين، كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحكم بلاد واسعة جدًا؛ صعد ذات يوم المنبر فرأى الصحابة أن في ثيابه عدة رقاع، وكان يقوم بجولات في المدينة المنورة ليلاً ليتفقد أحوال الرعية، كما أمر ولاته بتفقّد الشعب وعدم إقامة الحواجز بينهم وبين الشعب، وأن يكونوا في خدمتهم.
وتابع خطيب أهل السنّة قائلا: من المناسب أن يكون الحاكم مع الشعب وإلى جانبه، يتحمّل الجوع ليطعمهم، وعلى الحاكم أن يستمع ليس فقط لأصوات الكبار، بل أيضاً لأصوات الضعفاء ومن لا أحد لهم، فالحاكم والعالم والقائد وشيخ القبيلة لا ينجح إلا إذا استمع للشعب، ويرى أحوالهم، ويعتني بهم، ويرحم المساكين.
لا ينبغي لحاكم أن يرى الحكم حقا شخصيا لنفسه
وأضاف خطيب أهل السنة: على الحاكم أن يفكر في المصالح الوطنية، فالمصالح الوطنية مهمة للغاية، ويجب على حكومات العالم التركيز على حماية المصالح الوطنية والتفكير أوّلاً في مصالح بلاده، ثم في مصالح البلاد الضعيفة الأخرى، لأن مصلحة الوطن في الدرجة الأولى. لدى الشعوب المختلفة حكومات مختلفة، وكل حاكم هو في الدرجة الأولى يمثل شعبه ويجب أن يفكر في مصالح شعبه وراحته.
وأكّد فضيلته قائلا: على الحاكم أن يسمع صوت الشعب وآلامه ويكون معه ويعمل من أجله، ولا ينبغي لأيّ حاكم أن يعتبر الحكم حقاً شخصيا له، بل الحكومة أعطاها الله له عن طريق الشعب، فكل ما عند الحاكم ملك لله تعالى، والحكومة ليست ملكا شخصيا ودائما، ومقتضى عبودية الله تعالى أن يشكر الحاكم هذه النعمة، ولا ينبغي له أن يفرّق بين مكوّنات الشعب، بل عليه أن يفكر في مصالح جميع القوميات والطوائف، ومصالح عامّة الشعب. إن معاناة الشعب ومصاعبهم ينبغي أن تنزع النوم عن عين الحاكم والقائم على شؤون الناس، عندئذ يمكن له أن يكتسب مرضاة الله تبارك وتعالى.
وتابع فضيلته قائلا: على السلطات أن تستمع إلى أصوات وصرخات الشعب وتشاهد أحوال أهل القرى والعاطلين عن العمل والشعب بأكمله، وتركز على المصالح الوطنية. على المسؤولين أن يتواضعوا ويجلسوا بجانب الشعب ويخدموهم.
واستطرد فضيلته قائلا: نحن نعتقد أنّه لا ينبغي أن يكون هناك سجناء سياسيّون في أي بلد، ولكن يجب الاستماع إلى المخالفين السياسيين، وإذا أبدوا برأي صحيح يجب أن نقبله. نحن نطالب بإطلاق سراح السجناء السياسيين والتفكير في مصالح الشعب الإيراني الذي هو شعب نبيل وصابر ومن أفضل الشعوب.
لقد نجحت الحكومة الأفغانية الحالية في “مكافحة الفساد” و”إحلال الأمن”
وفي جزء آخر من كلمته، اعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد “محاربة الفساد” و”إحلال الأمن” من إنجازات الحكومة الأفغانية الحالية، وتابع قائلا: يسرّنا بأن البلد المجاور لنا رغم قلة موارده المالية، حقق نجاحا في مكافحة الفساد، فالفساد يدمر أي بلد، وهذه حقيقة أن جذور الفساد تم اقتلاعها في أفغانستان، واختفى الفساد والمحسوبيات المالية في هذا البلد.
وأضاف فضيلته قائلا: النّجاح الثّاني للحكومة الأفغانية الحالية هو إحلال الأمن؛ كان انعدام الأمن والفساد المالي ظاهرتين سيئتين للغاية في الماضي، وشهد هذا البلد انعدام الأمن لعدة عقود، ولكن اليوم عاد الأمن إلى أفغانستان، والأمن نعمة من النّعم العظيمة.
وتابع خطيب أهل السنّة قائلا: يسرّنا أيضًا عندما نسمع الانخفاض اليومي في سعر الدولار في أفغانستان وارتفاع قيمة عملة هذا البلد، فهذه نعمة حقّا، ومن المهم جداً أن ترتفع قيمة عملة الدولة التي لا تملك موارد ولا ثروات، ويصل سعر أفغاني واحد (عملة تلك البلاد) إلى ثمانمائة تومان من عملة بلادنا، بينما في الماضي كانت قيمة التومان الإيراني أعلى بكثير مقارنة بالعملة الأفغانية. ماذا يفعل قادة بلادنا إيران؟! يجب على مديري البنك المركزي الإيراني على الأقل التواصل مع مديري البنك المركزي الأفغاني بشأن ما قاموا به لارتفاع عملتهم. لا بأس أن نتعلم من بلد يقع بجوارنا ونطلب منهم أن يرشدونا.
يدمر شعب غزة وأوكرانيا بأسلحة فتاكة؛ فأين الإنسانية؟!
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد معرباً عن أسفه لما يحدث من قتل ودمار في بعض البلاد: من المهم أن يصل الإنسان إلى درجة الإنسانية ويتطوّر بصفات جميلة، فالإنسان الذي يصل إلى المراتب العالية والدرجات الرفيعة، يحب الخلق الذي هو عيال الله، ويشفق عليهم، ويبكي ويحزن على من يقعون في مشكلات أو يحترقون في نار الحروب.
وتابع فضيلته قائلا: للأسف وصل تمرّد الإنسان إلى درجة أنه يستهدف الضعفاء بأسلحة متطورة ومدمرة ولا يفكر حتى في من يقتلون بهذه الأسلحة المدمرة والقنابل الفتاكة من الأطفال والنساء. إن المتكبرين في العالم لا يعتقدون أن هؤلاء الذين يقتلون بأسلحتهم بشر ولهم حقّ الحياة.
وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: أين ذهبت الإنسانية؟ تتساقط القنابل والصواريخ كالأمطار في الكثير من الأراضي في شهر رمضان المبارك، وهو شهر الرحمة. إذا كان لدى البشر جيش وقوة وسلاح، يجب عليهم أيضًا أن يمتلكوا الإنسانية ويفكروا فيها، ويجب عليهم أن تفكر في سلامة الحيوانات والنباتات.
وقال خطيب أهل السنّة: ماذا يحدث لأهل غزّة هذه الأيام؟ ما هو وضع الشعب الأوكراني بمن فيهم النساء والأطفال؟ لماذا تستخدم القوى الكبرى أسلحتها ضد شعب أوكرانيا الأعزل وتدمّر حياته؟! إذا كانت القوى في صراعات ومشكلات مع بعضها البعض فما ذنب الشعوب؟!
وتابع خطيب أهل السنة: ادعوا الله تعالى لشعب غزة والشعب الفلسطيني المظلوم هذه الأيام، أن تنتهي هذه الحرب، وأن يعمّ السلام المنطقة، وأن تعود الأراضي الفلسطينية إلى الشعب الفلسطيني، وأن يحصلوا على الاستقلال.
على أهل المحافظة أن يكرموا مسافري عطلة بداية السنة
أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى اقتراب أيام بداية العام الهجري الشمسي ورحلات الشعب الإيراني فيها، كما قدم بعض النصائح لأهل زاهدان وسيستان وبلوشستان، وتابع قائلا: بينما أتمنّى السعادة والفخر في العام الجديد لشعب إيران وشعوب العالم الأخرى، أنصحكم جميعًا بمعاملة أبناء الوطن الذين يسافرون إلى محافظة سيستان وبلوشستان بلطف وإكرام.
وأضاف: نصيحتي لأصحاب المحلات وسائقي سيارات الأجرة وسائقي الحافلات وأصحاب الفنادق وكل من يتعامل مع مسافري نوروز في المحافظة أن يعاملوا هؤلاء الضيوف باحترام وكرم. إن الله تعالى يحب الكرم وأهله.
وفي الجزء الأخير من كلمته، شكر فضيلة الشيخ عبد الحميد الشعب الإيراني على اهتمامهم بمتضرري الفيضانات في جنوب بلوشستان ومساعدتهم لهم، وقال: يجب أن أشكر الشعب الإيراني، ولا سيّما شعب طهران الكريم، على جهودهم وتقديم المساعدة والتعاطف مع متضرري فيضانات دشتياري وجنوب المحافظة، حيث ساعدوا في تخفيف حزن هؤلاء الشعب. نسأل الله تعالى العزّة والفخر للشعب الإيراني.