قال فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (3 شوال 1445)، رداً على بعض الاعتراضات على تصريحاته الأخيرة حول ضرورة الحوار والتفاوض مع المعارضة: تقولون لا نفاوض المسلحين، ولكن يطرح هناك سؤال، هل تحدثتم مع السجناء السياسيين ومن يطرحون مطالبهم بالطرق السلمية ومن غير حمل السلاح؟!
على المسؤولين أن يفكروا في الشعب
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: ذهب شعب إيران إلى صناديق الاقتراع في مثل هذا الشهر عام 1979 وصوتوا لصالح الجمهورية الإسلامية؛ لقد صوّت الشعب لصالح الجمهورية الإسلامية على علم بأن الإسلام دين العدل والمساواة والبصيرة والصبر، ودين فيه حرية التعبير والفكر.
وتابع: قال الشعب في أنفسهم إنهم يصوتون لنظام تقوم أسسه على العدالة والحرية والديمقراطية والبصيرة والقيم الأخلاقية، ثم “الجمهورية” التي هي جزء من النظام، تعني حكم الشعب على أنفسهم، وهذا يعني أن الشعب هو الحاكم الشامل للبلاد، والحاكم هو فقط ممثل الشعب، وكما هو الحال في النظام الإسلامي فإن “خليفة المسلمين” و”أمير المؤمنين” يمثلان الشعب، وخليفة المسلمين وأمير المؤمنين يختاره الشعب، وهذا هو الحق الذي أعطاه الله تعالى للشعب ليقرروا مصيرهم، والله تعالى لا يتدخل في هذا الأمر، فالخلفاء الأربعة اختارهم الناس. وقد ذكر علي رضي الله عنه هذه النقطة في الرسالة التي كتبها إلى معاوية رضي الله عنه، وهي موجودة أيضاً في نهج البلاغة، وقال إن نفس الشورى الذي اختار الخلفاء الثلاثة اختارني أيضاً، لذلك عليكم أن تطيعوني.
وتابع خطيب أهل السنة: على السلطات أن تفكر في الشعب؛ كان ينبغي على المسؤولين أن يقفوا إلى جانب الشعب الإيراني الذي خرج في احتجاجات في العامين أو الأعوام الثلاثة الماضية وطرح مطالبه، ويستمعوا إليهم ويقبلوا رأيهم.
لسنا مع العنف، ولكن نحن مع الجهود السلمية
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: قال أحدهم: إننا لا ولن نتحدث مع المسلحين، لكن السؤال هو: كم تحدثتم مع من نزلوا إلى الشارع في إيران وطرحوا المشكلات والمطالب، وطرحنا أيضا مشكلات؟ لا تحاوروا المسلحين، لكن هل حاورتهم شخصا طرح مطالبه من غير حمل السلاح ولكن لديه مشكلات واحتجاجات وطرحها سلميا؟ هل تحدث أحد مع السجناء السياسيين عن مطالبهم؟!
وصرّح فضيلته: نحن ضد أي نوع من العنف، من أي شخص ومن أي جهة كانت. نحن لا نقبل ولا نوافق العنف، لا من الحكومة ولا من الشعب، ولسنا مرتبطين بأي جهة مسلحة. نحن نشجّع أي شخص لديه شكاوى على الحوار؛ نحن مع الطرق السلمية، كما أن جهود الشعب الإيراني هي أيضًا جهود مدنية وسلمية.
وأكد خطيب أهل السنة: نحن نعتقد أن العنف يولد العنف. هذا كلام أقوله منذ أكثر من عشر سنوات، وليس الآن، وحتى الآن في وجهة نظري إذا أردتم تطبيق بعض أحكام الدين في المجتمع، لا ينبغي استخدام العنف، لأن العنف لا يجدي نفعا.
وأضاف: نحن نؤمن بالحوار، ولكن نرفض الحوار بدون عمل، ونؤمن بأن الحوار يجب أن يكون بطريقة يتم قبول النتيجة إذا كان الحق مع الطرف الآخر. نحن نؤمن بالحوار البنّاء والحوار الذي يؤدي إلى قبول الحق، لا أن يقول الشخص: “إن رأيي فقط هو المقبول ورأي غيري مرفوض”. يجب على الجميع قبول ما هو صحيح وعادل وحق.
الحكومة الشعبية هي التي تكون وراء الحق واستجلاب مرضاة الشعب
وأضاف خطيب أهل السنة: إن الحكومة التي لا تستمع للشعب ليست حكومة الشعب، بل الحكومة الشعبية هي التي تسعى لحقوق الشعب ومرضاته وتستمع لهم. لقد تحدثت ذات مرة مع مسؤول حكومي رفيع المستوى وذكرت بعض الانتقادات، فجاءني أشخاص قائلين إن السيد الوزير منزعج من كلامك. فقلت إنني لا أصرّ على رأيي؛ إذا أقنعني بأن انتقاداتي خاطئة سأتراجع عنها، لكنهم لم يقنعوني.
وقال خطيب أهل السنّة في زاهدان: ليس هناك إنسان بريء من الخطأ؛ كل إنسان من شأنه أن يصدر منه خطأ، ويعتقد أهل السنة أنه لا يوجد أحد معصوم من الخطأ سوى الأنبياء والرسول الكريم، ويؤمن إخواننا الشيعة بعصمة عدد من أئمة أهل البيت، ولذلك فإن الطريق الصحيح للخروج من المشكلات هو أن نكون جميعا خاضعين للحوار والعدالة، ويجب علينا جميعًا أن نجعل الله والشعب نصب أعيننا في كل الأمور، والله تعالى لا يقبل أن نتجاهل الشعب.
ليت المسؤولين اهتموا بعقل الأشخاص وأصالتهم عند توظيفهم
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في الجزء الأخير من كلمته إلى الإهانات التي ارتكبها مؤخّرا أحد المسؤولين في محافظة سيستان وبلوشستان، قائلا: نحن لا نرد على الشتائم والإهانات أبدا، وإن صدرت من جانب من هو في أعلى منصب، لكن لو افترى علينا أحد، واتهمنا بما ليس فينا، نعتقد أنه يجب الرد عليه بقوة.
وتابع قائلا: الجميع يعرفون المنهج الاعتدالي الوسطي لشيخنا العلامة عبد العزيز رحمه الله، والمجموعة المكية، ومنهج أهل سيستان وبلوشستان. أهل المحافظة عقلانيون وأذكياء، وليسوا وراء المشاعر الكاذبة التي تدمر الأمور.
واستطرد قائلا: ليتهم عندما يعطون أحداً مسؤولية ومنصبا، يختبرون عقله قبل علمه، فإذا اختاروا وزيراً أو رئيسا أو إمام جمعة، عليهم أن يتأكدوا أولاً من مدى ذكائه، ثم ينتبهوا إلى علمه وخبرته، لأن العقل والعلم شيئان مختلفان، فهناك الكثير ممن لديهم العلم، لكن ليس لديهم الذكاء اللازم. يجب أن يكون لدى الإنسان العقل حتى يتمكن من التحكم في العلم، والتحكم في كل شيء يكون بالعقل.
وتابع فضيلته: وهناك نقطة أخرى مهمة وهي أن يكون لدى الإنسان الأصالة بالإضافة إلى العقل والعلم. هناك أمر لم نتفق عليه للأسف في الجمهورية الإسلامية، وهو مراعاة الأهلية في تسليم المناصب والمسؤوليات. قلت ذات مرّة لبعض المسؤولين أن ينتبهوا إلى أصالة الشخص ونجابته عند تسليم المسؤوليات، لأنكم إذا أعطيتم شخصا منصبا رفيعا وهو لا يملك الأصالة، فسوف يفقد نفسه ويثير المشكلات، ولكنهم خالفوا وجهة نظري هذا ورفضوه.