header

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (18 رمضان 1445) إلى ذكرى إجراء استفتاء تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران، في ١٢ فروردين 1358 شمسي، الموافق لـ 1 نيسان / ابريل عام 1979م، معتبرا العدالة والحرية والتحوّل السياسي والاقتصادي، من أبرز توقعات الشّعب الإيراني للمشاركة في هذا الاستفتاء، مؤكدا أنّ الشعب اليوم يعتقدون أن الوعود التي تم تقديمها في ذلك الوقت لمّا تتحقق.


السياسة والاقتصاد محوران مهمّان وُعد بتحسينهما بعد الثّورة
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: كان اليوم الثاني عشر من شهر فروردين عام 1358 الهجري الشمسي، يوم الاستفتاء والتصويت على الجمهورية الإسلامية؛ أقبل الشعب الإيراني بعد انتصار الثورة، في مثل هذا اليوم، إلى صناديق الاقتراع لاختيار نظام الحكم في إيران، في استفتاء، وبالنظر إلى أن غالبية سكان إيران هم من المسلمين، فقد صوتت غالبية الشعب لصالح “الجمهورية الإسلامية” في مثل هذا اليوم وأعلنوا أنهم يريدون نظاما إسلاميا من نوع الجمهورية.
وقال فضيلته: الشعب الإيراني صوت في ذلك اليوم على أمل أن تتحقق العدالة والحرية في البلاد. في تلك الأيام، كانوا ينشدون أناشيد جميلة حول موضوع الحرية، مثل: “غدا، عندما يأتي الربيع، سنكون أحرارا”. في تلك الأيام كانت العدالة والحرية والمساواة من بين الشعارات الأساسية، وكان المسؤولون أعطوا وعودًا كبيرة.
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان: كان الاقتصاد أحد المحاور المهمة، وقد تم الوعد في تلك الأيام بأنه سيكون لدينا اقتصاد متجذر وكبير بحيث يزول الفقر في البلاد، وسيتم إنفاق جميع ثروات البلاد في الداخل، لأن قبل الثورة كانت هناك شكاوي لماذا تنتهب القوى الكبرى ثروات الشعب الإيراني في حين المطلوب أن تنفق هذه الثروات على الشعب.
وتابع فضيلته قائلا: السياسة هي محور رئيسي آخر، ووعد في ذلك الوقت بأن يتمتع الشعب بالحرية السياسية وحرية التعبير حتى يتمكنوا من التحدث والنقد وتحدي القضايا. لقد كان شعب إيران جعل نصب عينيه حريات صدر الإسلام وعهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وسيدنا علي رضي الله عنهم، وكانوا يتوقعون تحقيق تلك الحريات.


نظام الجمهورية الإسلامية انتصر بإرادة الشعب وليس بالانقلاب والسلاح
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: نظام الجمهورية الإسلامية نتيجة لإرادة الشعب، ولم يأت هذا النظام إلى الوجود عن طريق انقلاب وعسكر وسلاح، فالشعب لم يشهروا السلاح في الثورة. لقد قُتلوا ولم يقتلوا، ولو أنّ الشعب قاتل بالبنادق، فإن الحكومة في ذلك الوقت كانت أقوى بكثير من الشعب وكانت قادرة على التغلب على الشعب، لكن الشعب جاؤوا إلى الميدان يحملون الشعارات فقط.
وأضاف قائلا: الجمهورية الإسلامية جاء بها الشعب، وكان العلماء في المقدمة، وكذلك الأكاديميون والطلبة وجميع الأطياف والأحزاب والجماعات، ولقد صنعت النساء والشباب ملحمة وانتصروا في الثورة وجاؤوا بالجمهوريّة الإسلامية.


الاقتصاد على وشك الانهيار ولا يوجد استقرار اقتصادي
وتابع فضيلته قائلا: لم تتحقق الوعود التي أعطيتْ في ذلك الوقت، والآن تضرر الاقتصاد بشدة، وصار يتهاوى يوميا، بحيث إذا نام الإنسان ليلا واستيقظ صباحا رأى أن قيمة عملة البلاد قد انخفضت، وهذا يدل على اقتصاد منهار فاشل.
وأكد فضيلته: إذا لم يكن هناك استقرار اقتصاديّ، فإن الحياة ستصبح صعبة؛ إذا كان رجل الأعمال يبيع بالرخيص ويشتري بالغالي فكيف يأمل في التجارة؟! ولا تتم التجارة داخل البلاد فقط بالتومان، بل التجارة الخارجيّة كلها بالدولار والعملات الأجنبية. لذلك عندما لا يكون هذين العمودين المهمين مستقرين، يصبح العمل صعبًا للغاية.
وصرّح فضيلته قائلا: والأهمّ أنه إذا كان هناك عدم استقرار سياسي، فبالإضافة إلى السياسة، فإنّ الاقتصاد سيتأثر أيضا. السياسة والاقتصاد متلازمان، وأعتقد أنه لو جمع كل الخبراء والاقتصاديين في العالم لحل المشكلات الاقتصادية للبلاد، فلن يتمكنوا من فعل أي شيء للاقتصاد، لأنّ هذه المشكلة سيتم حلها مع السياسيين، وعندما ينظم المفكرون السياسيون وذوو الكفاءة السياسات الداخلية والخارجية، وتستقر السياسة، يصبح الاقتصاد مستقراً أيضاً، ويقول البعض: إن هؤلاء المديرين لا يعرفون أي شيء عن الاقتصاد. هؤلاء المديرون وإن كانوا بارعين في الاقتصاد، فماذا يمكن لاحدهم أن يفعل عندما يخطط وينام ليلاً ويستيقظ صباحاً ويرى أن الدولار قد ارتفع؟ فهو لا يستطيع أن يعمل المعجزات، ولذلك فإن السياسة والاقتصاد أصلان كبيران إذا تم تجاهلهما لن يبقى شيء.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: كل الرؤساء الذين أتوا، هتفوا سنصلح معيشة الشعب واقتصادهم، لكن أين الاقتصاد المتحسّن وأين معيشة الشعب الآن؟ الشعب في قلق واضطراب، فلا بد من إدارة الاقتصاد بشكل أساسي وسليم. هناك دول رغم مرور مائة عام عليها إلا أن اقتصادها لا يضعف فحسب، بل يقوى أيضا، وهذا يعود إلى طريقة الإدارة.


جميع الأنظمة في العالم يحتاج إلى دعم الشّعب للبقاء
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: هناك نقطة مهمة للغاية وهي أنه عندما يختار شعب “الجمهورية الإسلامية” أو أي نظام آخر، يجب أن يكون في الميدان لبقاء ذلك النظام. لقد صرّحنا خلال الخمسة وأربعين عاماً من عمر الثورة، أن هذا النظام جاء به الشعب وليس بالسلاح، وأن السلاح لا يمكنه أن يحافظ على هذا النظام، لكن دعم الشعب يمكنه أن يبقيه. انظروا كم تراجعت اليوم شعبيته! ما يقوله البعض إنه يجب إجراء استفتاء والمسؤولون غير مستعدين لإجراء الاستفتاء، لأنهم يعرفون النتيجة ويرون ما هو الوضع، ويعلمون أن الشعب غير راضٍ.
وأكد فضيلته: كل الأنظمة والحكومات في العالم، سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية، تحتاج إلى الشعب. إن أكبر سياسة للحفاظ على أي نظام هي الحفاظ على الشعب. أعتقد أن القوة الأولى تعود إلى “الله”، والقوة الثانية في عالم الأسباب تعود إلى الشعب؛ يقول الله تعالى لنبيه: “يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين”.


على المجتمع الدولي وجميع دول العالم أن يقفوا دون ظلم إسرائيل
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: لا أعتقد أن تكون للحكومة الأمريكية أعلى قدرة في العالم، بل في رأيي السلطة الأعلى للشعب الأمريكي، وليس للحكومة الأمريكية؛ وكما نرى اليوم، في قضية حرب غزة، على الرغم من أن الحكومة الأمريكية والبرلمان الأمريكي يدعمان إسرائيل، إلا أن غالبية الشعب الأمريكي ضد الحرب في غزة، ونرى أن الحكومة الأمريكية غيرت بعض سياستها في هذا الصدد، وتتعرض أوروبا أيضاً لضغوط من شعوبها لحثها على وقف الحرب في غزة، لأنها حرب مدمرة وغير متكافئة، ولأن إسرائيل تقتل شعب غزة.
واستطرد فضيلته قائلا: إن قتل المسلحون الفلسطينيون حوالي 1600 إسرائيلي في هجوم 7 أكتوبر، يجوز لها أن تقتل ذلك العدد من المسلحين، لكن لماذا تقتل النساء والأطفال والأبرياء وتدمر المدن والمستشفيات؟! كأن إسرائيل تريد الثأر للمحرقة من أهل غزة، بينما لم يكن لأهل غزة أي دور في تلك العملية.
وأضاف: أن تتساقط القنابل كالأمطار ليلا ونهارا على أهل غزة، وأن يقتل هؤلاء الشعب ويشردوا، لا يقبله الله تعالى، ولا الشعب العاقل الحر العادل. فإسرائيل ترتكب الظلم، وعلى المجتمع الدولي وجميع دول العالم أن يأخذوا بيد الظالم.


سيدنا علي رضي الله عنه من الشخصيات المقبولة في العالم
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في الجزء الأخير من كلمته إلى ذكرى استشهاد سيدنا علي رضي الله عنه قائلا: سيدنا علي رضي الله عنه من الشخصيات المقبولة في العالم، ويقبله جميع المسلمين، ونؤمن بأن جميع أصحاب وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أناس عظماء وأصحاب الفضائل، لأنهم نشأوا على يد شخص كانت له آيات ومعجزات، وحظي باهتمام خاص من جانب الله سبحانه وتعالى.
وأضاف: لم يولد معلم أذكى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعظم معلم، وكان جميع طلابه ممتازين ومخلصين، وبالطبع حسب رأي أهل السنّة، فإن الصحابة لم يكونوا معصومين من الخطأ ووقعوا في الذنب والخطأ، ولكن أينما وردت مسألة خطأ الصحابة في القرآن الكريم، فبعد ذلك مباشرة ذكر عفو الله ومغفرته.

140 مشاهدات

تم النشر في: 30 مارس, 2024


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©