header
فضيلة الشيخ عبد الحميد في الحفل السنوي الثالث والثلاثين لتكريم خريجي جامعة دار العلوم زاهدان:

في الجامع المكي يجري التفكير حول أصل الإسلام والإنسانية

اعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة ورئيس جامعة دارالعلوم زاهدان، في خطابه الذي ألقاه في الحفل الـ33 لتكريم حفظة القرآن الكريم وخريجي دار العلوم زاهدان، الذي أقيم يوم الثلاثاء 25 رجب 1445، “الاعتدال” و”الاهتمام بمبادئ الإسلام والإنسانية” بأنه منهج جامعة دار العلوم وموقف منبر الجامع المكي بمدينة زاهدان.
وأضاف قائلا: في هذه المجموعة نحن نفكرللإسلام والإنسانية، وينبغي لنا جميعا أن نفكر في مبدأ الإسلام الذي يشمل جميع المسلمين، فعندما ننظر إلى مبدأ الإسلام، لم نعد نعطي اهتماما لشعارات طائفية، ونعتقد أنه من المهم أن يبقى مبدأ الدين، لأنه إذا تم حفظ أصل الدين، فستبقى المذاهب أيضا، ولكن إذا تأثر مبدأ الدين وتضرر، سوف يتأثر جميع المذاهب.
وأردف: صرحت في الماضي في الاجتماعات والمؤتمرات، للعلماء والمعاهد الدينية الشيعية والسنية عدة مرات ألا يضيقوا أنفسهم ولا يفكروا فقط في إطار المذهب، بل ليفكروا في مبدأ الإسلام.
وأضاف فضيلته قائلا: الأمر الآخر الذي يتم التأكيد عليه هنا من منبر الجامع المكي، هو “الإنسانية”؛ يجب علينا جميعا أن نفكر حول الإنسانية، فإن جميع البشر، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، بحاجة إلى الكرامة والعدالة. نعتقد بأن البشر يجب أن يقفوا معًا ويشفق بعضهم على البعض، ويحترم بعضهم البعض، ويراعي بعضهم حقوق البعض.


نحن أعداء “التمييز” والأكاذيب” و”القمع”
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: هناك نقطة أخرى نؤكد عليها، وهي أن كل واحد منّا يجب أن يكون مع الحق. نعتقد أنه يجب على جميع الناس رؤية الحقيقة والواقع؛ “الحق” شيء يقبله كل العقلاء. نحن نؤمن بـ”العدل والإنصاف” ونريد هذه العدالة ليس لأمة واحدة وأتباع دين واحد، بل للإنسانية جميعا، المسلمين وغير المسلمين. نريد العدالة حتى لأعدائنا، والقرآن الكريم يوصي ويؤكد على هذه النقطة ويخاطب المسلمين قائلا: “وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا”.
وأضاف: نعتقد إنه يجب مراعاة العدالة والإنصاف في حق جميع الناس. نحن ندعم العدل والإنصاف والصدق، ونعادي الظلم والكذب والنفاق والتمييز والجور. نحن إلى جانب من يريد العدالة وهو صادق، ولن نقف أبدا مع الظلم والأكاذيب. لقد قلنا مرات عديدة: إن طريقنا هو طريق الاعتدال؛ نحن لسنا مع التطرف والفتنة، ونؤمن بأن طريق الإسلام والقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم بعيد عن التطرف.


النقد البنّاء مؤثّر في تحقيق العدالة والإنصاف
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى أهمية تطبيق العدالة، وقال: العدل والإنصاف حاجة كل إنسان وضامن الأمن في كل بلد، ونعتقد بأن أي بلد يتم فيه تطبيق العدل والإنصاف، لن تكون هناك حاجة إلى الشرطة والسجون. فإذا كانت هناك عدالة ومساواة وسلّمت المهام للأكفاء، سيستقر أمن لن يكون له نظير في العالم، ولذلك يجب على الجميع السعي لتحقيق العدالة والإنصاف والمساواة.
و استطرد فضيلته: نعتقد أن النقد البناء مؤثر في تطبيق العدالة والإنصاف، ولا أحد فوق النقد. الأنبياء وحدهم هم المعصومون من الخطأ، وحتى في حياة الأنبياء نرى أنهم أيضاً وقعوا في الخطأ أحياناً، وقد حذرهم الله تعالى من الخطأ.


على القضاء أن يتعامل مع حادثة الجمعة الدامية “باستقلالية” و”حيادية” و”عدالة”
وفي جزء آخر من كلمته، أعلن فضيلة الشيخ عبد الحميد عن عقد محكمة المتورطين بجريمة الجمعة الدامية في زاهدان خلال الأيام المقبلة، وقال: ستقام غدا محكمة لمحاكمة من تسببوا في جريمة الجمعة الدامية وقتلوا الأبرياء. نعتقد أنه يجب سوق أولئك الذين استهدفوا الناس ظلما في زاهدان وخاش وفي أي مكان في إيران، إلى العدالة، حتى تكون تسلية لأهل سيستان وبلوشستان والشعب الإيراني. نحن نعلم أن من أطلقوا النار على المواطنين في هذه الحادثة لم يكونوا من مؤسسة واحدة فقط، لذلك الشعب يطالبون بأن يعاقب هؤلاء الأشخاص إلى أي مؤسسة أو جهة ينتمون، ويجب أن يعاقبوا كمجرمين.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: هناك قلق آخر لدى الشعب وهو أن غالبية القضاة لا يتمتعون بالاستقلالية ويخضعون لتأثير بعض المنظمات والمؤسسات الأمنية، وقد لا يتمكنون من إصدار أحكام مبنية على العدالة والإنصاف، ولذلك فإننا جميعا نطلب من قضاة هذا الملف أن يحكموا بعدل ونزاهة وعلى أساس الحقائق. يجب أن يكون النظام القضائي في العالم مستقلاً ولا يخضع لتأثير أي مؤسسة أو هيئة. في الإسلام وفي قوانين المجتمعات الإنسانية المتقدمة يتمتع القضاة بالاستقلال، وفي إيران يطالب جميع الشعب في أن يكون للنظام القضائي استقلاله الخاص.
وأضاف فضيلته قائلا: يعتقد الشعب أن ما وقع في حادثتي زاهدان وخاش كان “جرائم قتل عمد”، ونأمل أن يحكم القضاة على أساس العدل والإنصاف والشرع والقانون في هذه الحوادث. لقد قلنا: إننا راضون بما حكم الله ووفقا لشرعه وعدله، ونرجو ألا يتأثر القضاة بأي ضغوط أو أوامر؛ ولا ينبغي لهم أن يكونوا إلى جانب الظالم، ولا إلى جانب المظلوم، بل عليهم أن ينصروا الحق والعدل، ويحكموا بالحق والعدل.


السلام العادل هو الحل الوحيد للقضية الفلسطينية
وفي قسم آخر من كلمته، ندد فضيلة الشيخ عبد الحميد بالفرقة والنزاعات، مؤكدا على ضرورة “الحل العادل” للقضية الفلسطينية، وقال: إن البشرية اليوم تعاني من نزاعات وصراعات متنوعة في مستوى العالم، أهمها ما يوجد في أرض فلسطين، ونحن نشاهد آثار ونتائج هذا النزاع الذي يستمر منذ خمسة وسبعين عاماً، وفي هذا النزاع تشكل اصطفاف كبير، بين المجتمع الإسلامي الذي يساندون الشعب الفلسطيني، والمتجمع الغربي الذي يدعم الإسرائيليين والصهاينة.
وأضاف فضيلته قائلا: الخلافات والمظالم في العالم تسببت في نشوء ظاهرة “الإرهاب” في العالم، لكن جزءا كبيرا من نشوء هذه الظاهرة يرجع إلى الاختلاف الذي كان قائما بين إسرائيل والفلسطينيين منذ فترة طويلة وعقود عديدة، ولذلك فإن النزاع الطويل على الأراضي الفلسطينية ليس له سوى حل واحد وهو “السلام العادل”، ويجب أن يعود الفلسطينيون إلى أراضيهم المحتلة، ويجب تشكيل دولة فلسطينية مستقلة ذات حدود واضحة.
وأكد خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: إنّ من مصلحة العالم الغربي الذي يملك القوة المادية، أن يبادر إلى حلّ القضية الفلسطينية في أسرع وقت ممكن، فإن وقف إطلاق النار هو أحد الاحتياجات الضرورية في الأراضي الفلسطينية، وإن شطرا كبيرا من يهود العالم وحتى يهود إسرائيل يرفضون الحرب في غزة ويحتجون على الحكومة المتطرفة الحالية في إسرائيل. الحرب والقتل والدمار ليس الحل، بل الحوار والحل العادل المنصف هو الحل.


نتوقع أن يتم إطلاق سراح سائر العلماء والسجناء السياسيين الآخرين
وأعرب فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من كلمته في حفل تخرج طلاب دار العلوم زاهدان، عن سروره من إطلاق سراح فضيلة الشيخ عبد المجيد مرادزهي، وتابع قائلا: نحن سعداء بإطلاق سراح الشيخ عبد المجيد، وهو أحد العلماء البارزين الذي سجن منذ أكثر من عام، وكان يعاني من المرض. لا بأس بأن يسجن المرء من أجل الحق؛ لقد سجن أسلافنا وعلماؤنا من أجل الحق. ربما قد يقول آخرون: إن هذا الطريق ليس هو الطريق الصحيح، ولكن عندما يقوم الشخص نفسه بمعرفة الحق ويعتقد أنه على الحق، فلا حرج من دخول السجن في سبيل ذلك.
وشدد فضيلته على ضرورة إطلاق سراح العلماء المعتقلين، قائلا: نتوقّع أن يتم إطلاق سراح الشيخ “فتحي محمد النقشبندي” والشيخ “فضل الرحمن كوهي” وغيرهما من العلماء والمدرسين، وكذلك السجناء السياسيين، فإن وجود العلماء في أي منطقة هو مصدر أمن وخير، وإذا كانوا خارج السجن بدلاً من السجن فإنهم يساعدون على أمن المنطقة وانسجامها.


نوصي الجميع بدراسة العلوم الدينية والعصرية
ونصح خطيب أهل السنة الجميع بتعلم العلوم الدينية والآكاديمية، وتابع قائلا: نصيحتي للجميع أن يهتموا بدراسة “العلوم” سواء كانت علوما شرعية أو علوما أكاديمية، ونحن هنا لا نعمل من أجل دين الناس فقط، بل نفكر من أجل دين الناس ودنياهم، ونؤمن أن الدين والدنيا هما لصالح الإنسانية، ولقد ذم الله تعالى حب الدنيا الذي بسببه لا يعرف الإنسان ما هو الحلال من الحرام، فيقع في الربا والرشوة والفساد.
وأضاف فضيلته قائلا: العلوم الدينية والأكاديمية كالجناحين اللذين يجعلان الإنسان يطير، فإن الإنسان يحتاج إلى الوحي والمعرفة ليتقدم ويبني الدنيا والآخرة، ومن الخطأ أن يظن الإنسان أنه يحتاج إلى الدين فقط أو إلى الدنيا فقط. كلا العلمين نور و ثروة، وكلاهما يصنعان الدين و دنيا الإنسان. فكل ما أحرزناه من تقدم في الساحة الدينية يعود إلى المدارس الديينة، و كل ما حققناه من تقدم في الساحة الدنيوية يعود إلى الجامعات، ولذلك يحتاج الرجال والنساء إلى طلب العلم، ولم يستثن الإسلام أحداً من طلب العلم.


نرجو أن توفّر طريقة قانونية لتعليم الطلاب المهاجرين في المستقبل
وتابع رئيس اتحاد المدارس الدينية لأهل السنة في سيستان وبلوشستان، قائلا: من ناحية نحن سعداء بإقامة هذا الحفل، ومن ناحية أخرى نحن حزينون على الطلاب الذين كنا معًا لسنوات عديدة ونحن الآن نفارقهم، ولا سيما الطلاب المهاجرين الذين تعرضوا أخيرا لضغوط من أجل أن يغادروا البلاد.
وأضاف فضيلته: نتوقع ونطالب بأن يتم في المستقبل فتح الطريق القانوني للطلاب المهاجرين حتى يتمكنوا من القدوم والدراسة بجوازات سفرهم وتأشيراتهم الدراسية، ونحن نصر على هذا المطلب ونعتبره من الحق والعدالة. فالطلبة من العديد من الدول، وخاصة الدول المجاورة مثل أفغانستان وطاجيكستان وغيرها، يرغبون في القدوم والدراسة هنا.


لم توجه أي دعوة للأشخاص للمشاركة في هذا الحفل
في نهاية حديثه أعرب فضيلة الشيخ عبد الحميد عن ارتياحه من إقامة حفل تكريم خريجي دار العلوم زاهدان، وقال: لقد كان من فضل الله أن تمكنا من عقد هذا الاجتماع، ولا شك أنه بسبب الوضع الحالي لم ندْعُ لهذا الحفل، ولم يتم إصدار إعلان في هذا الصدد، ولم يتم إرسال أي دعوة لأي شخص، ولقد حضر الضيوف طائعين راغبين.
وتابع قائلا: رغم وجود مخالفات من السلطات على مشاركة الناس في هذا الحفل في بعض المناطق، حيث لم يسمحوا لبعض الأشخاص بالمشاركة فيه، أودّ أن أشكر من أرادوا المشاركة ولم يتمكنوا منها، وجميع العلماء والمثقفين والسادة الذين حضروا هذا الاجتماع.


من الجدير بالذكر، أنه تم تكريم 16 حافظة و12 حافظا للقرآن الكريم، و243 متخرجا و68 متخرجة في العام الدراسي الحالي من جامعة دار العلوم زاهدان.

98 مشاهدات

تم النشر في: 7 فبراير, 2024


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©