header
فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

على الحكومة التركيز على حل مشكلات الشعب والمصالح الوطنية

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (3 جمادى الأولى 1445)، إلى أهمية الحفاظ على المصالح الوطنية وضرورة استغلال ثروات البلد لمصلحة عامة الشعب، مطالبا الحكومة بالتركيز على حل مشكلات الشعب وحفظ المصالح الوطنية.


حفظ المصالح الوطنية واجب على الحكومات
وتابع فضيلته قائلا: المهم لجميع الحكومات هو الاهتمام بالمصالح الوطنية، لأن المصالح الوطنية هي الحق الأعظم لأي شعب من الشعوب، والذي تحميها جميع حكومات العالم وتحلف على الحفاظ عليها. إن الموارد الطبيعية والبيئة والمياه والثروات وكل الأشياء التي يستخدمها عامة الشعب، هي من المصالح الوطنية، وحمايتها واجب على الحكومات، فالمصالح الوطنية حيوية ومهمة جداً، وإذا تمّ الالتزام بحمايتها فلن يتأثّر المجتمع ولن ينهار، ولا ينبغي لأحد أن يتدخل في المصالح الوطنية.
وأضاف فضيلته قائلا: العملة الوطنية للبلاد هي أيضاً من المصالح الوطنية، لأنها تهم الشعب كله، وإذا تعرضت هذه العملة للخسارة وفقدت قيمتها المالية، فلن تعاني محافظة واحدة أو طبقة واحدة فقط، بل سيعاني الشعب الإيراني بأكمله، وإذا رأى شخص أو مجموعة أو منظمة أو مؤسسة أن مصالحها في انخفاض قيمة العملة الوطنية، فإن ذلك يعرّض المصالح الوطنية للخطر.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: الإيرادات الوطنية يجب أن تذهب إلى الخزينة وتستعمل لصالح الشعب كله، لأنّ كل الشعب لهم الحق في هذه الإيرادات ولا بد من الحفاظ على هذه الإيرادات. لسوء الحظ في بلادنا، بعض الأشخاص ذوي النفوذ لديهم نفس القوة التي تتمتع بها منظمة مهمة، وهكذا تسعى بعض الجهات والمؤسسات والدوائر في استخدام المصالح الوطنية لمصلحتها الخاصة، والنتيجة هي عدم بقاء شيء من الأموال في الخزينة.
وأشار فضيلته قائلا: إن انخفاض قيمة العملة أضرّ أيضا بالمصالح الوطنية، والقضايا والمشكلات التي تشهدها البلاد هذه الأيام حيث يشتكي مختلف الناس والنقابات وأصبحت الحياة صعبة على الشعب، تعود إلى أن العملة فقدت قيمتها والمداخيل المتوفرة لا تكفي للعيش، والمؤسف أنه لا يوجد من يستجيب لهؤلاء الأفراد والنقابات.


حل المشكلات الاقتصادية يتطلب تفكيرا أساسيا ودائما
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: يقول البعض نحن لا نقبل الدولار ولا ينبغي أن يذكر اسم الدولار. لا يعقل أن نكون غير مهتمين بارتفاع سعر الدولار، وقد انخفضت قيمة عملة بلادنا مقابل عملات الدول المجاورة أيضا، واليوم يواجه المتقاعدون والعمال والمعلمون والشركات والعديد من القطاعات الأخرى مشكلات. يريد البعض إسكات هذا الصوت بالضغوط؛ عندما يجوع البطن لا ينفع الضغط، عندما لا يكون لدى الطفل خبز ليأكله في المنزل ويبكي فنضربه، قد يصمت للحظة، لكنه يبكي بصوت أعلى مرة أخرى، لذلك عندما يواجه الشعب تحديات ومشكلات في الحياة ويتحدثون علنًا، فذلك بسبب الجوع وليس لأنهم نهضوا واحتجوا بسبب استفزاز الآخرين.
وأكد فضيلته قائلا: الشعب الإيراني يتاجر مع العديد من شعوب العالم، وهذه التجارات تتم بالعملة، فلا بد من إعادة قيمة العملة، ولذلك فإن حل مشكلات الشعب الاقتصادية والمعيشية يتطلب تفكيرا أساسيا ودائما، ولا ينبغي للمسؤولين أن يتجاهلوا هذه القضايا بسهولة، بل يجب أن يفكروا في حل لهذا الشعب. على المسؤولين أن يذهبوا ويجلسوا مع الشعب، ويظهروا التعاطف معهم، ويستمعوا إليهم، ويبكوا معهم، وعلى الرئيس والوزراء أن يجلسوا مع الشعب ويجدوا الحلول لمشكلات الشعب.
وتابع فضيلته قائلا: النقطة الأساسية والأصلية لحل المشكلات الاقتصادية والمشكلات الأخرى للشعب هي أن تركز الحكومة على حل تلك المشكلة ولا تقعد ما لم يتم حل مشكلات الشعب. الأصل أن تعود قيمة العملة الإيرانية. لقد شهدنا زمنا أثار فيه الناس ضجة عندما قالوا إن الدولار الواحد سيكون عشرين تومانًا، أما اليوم فانظروا إلى أين وصل سعر الدولار؟


لن تحل المشكلات ما لم تحفظ المصالح الوطنية
واستطرد خطيبُ أهل السنّة قائلا: فيما يتعلق بانتخاب مجلس النواب والدولة، يجب انتخاب مديرين أكفاء ومؤهلين؛ لا بد من اختيار المديرين الذين لديهم القدرة على الإدارة ولديهم الاختيار الكامل، ولا ينبغي أن تتركز جميع الصلاحيات في مكان واحد، بل ينبغي أيضاً منح المديرين صلاحيات للتركيز على إدارة وحفظ المصالح الوطنية.
وأكد فضيلته قائلا: نحتاج إلى مسؤولين ونواب يقطعون كل الأيدي التي تتدخل في المصالح الوطنية، وينقلون هذه المصالح إلى مكانها ويحفظونها. إذا شارك شخص أو مجموعة أو منظّمة في المصالح الوطنية لمصلحتهم الخاصّة، فيجب قطع هذه الأيدي واستخدامها لصالح عامّة الشعب، وما لم تتم حماية المصالح الوطنية، لن يتخلّص الشعب الإيراني من هذه المشكلات والمتاعب.


التمييز بين مكوّنات الشعب الإيراني مخالف للشريعة والقوانين الدولية والدستور
وأكّد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إن موارد البلاد، بما في ذلك النفط والغاز والمناجم والثروات الأخرى، ملك للشعب الإيراني، والشعب الإيراني لا يوجد فرق بينهم، والتمييز بين مكونات الشعب الإيراني لا يقبله الشرع ولا القرآن ولا السيرة النبوية، ولا القوانين الدولية، ولا دستور بلادنا. ينبغي معاملة جميع الإيرانيين برؤية متساوية بغض النظر عما إذا كانوا يتفقون معنا في الفكر والرأي أم لا. ومن واجب الحكومة والأحزاب والسياسيين أن يفكروا في كافة مكونات الشعب الإيراني.
وأضاف فضيلته قائلا: وفقاً للشريعة والقانون فإن مصلحة الشعب الإيراني تأتي قبل مصالح الأجانب الذين لديهم توقعات منّا، وإذا تم الإفراج عن الأموال الإيرانية المحظورة من مكان ما، أو تم بيع شيء ما، فيجب أن تركز كل هذه الأموال على المصالح الوطنية، كما يجب على المسؤولين أن يفكروا في تحرير الأصول المجمدة، وهذا له حل وعليهم أن يتابعوا الحلول حتى تعود قيمة العملة الوطنية.


البرلمان الضعيف يضرّ بالمصالح الوطنية
وفي جزء آخر من خطبته أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى انتخابات مجلس الشورى الإسلامي وقال: من الانتخابات المهمة في العالم هي انتخابات المجلس، لأن المجلس هو السلطة التشريعية، ويجب أن يكون المشرعون من ذوي المهارات ومن بين القادة السياسيين في البلاد، وإذا تم اختيار أشخاص غير قادرين للبرلمان، فستكون كارثة على الشعب.
وتابع فضيلته قائلا: يجب على مجلس صيانة الدستور والمؤسسات المشرفة ألا تشدد في تحديد المرشحين؛ لأن ذلك يؤدي إلى وصول الضعفاء إلى المجلس. يعتقد الكثير من الناس أن البرلمان والحكومة يجب أن يكون من طيف واحد، ولا شك أن توحيد البرلمان والحكومة يضر بالمجتمع. يجب أن يكون هناك تنوع، فإيران بلد متعدد العرقيات والقوميات، وإن المجلس الإسلامي هو خلاصة الشعب، فيجب أن يستوعب نفس التعدد والتنوع في المجتمع، لكي يتمكن من إقرار القانون وإقرار السياسة الصحيحة.
وأكد فضيلته قائلا: إذا كان البرلمان ضعيفاً فلن يتم توفير المصالح الوطنية ومصالح الشعب، وسيعاني الشعب والحكومة، فإذا كان البرلمان بيد السلطة والدولة، فإنّ ذلك سيؤثر على الحكومة وعلى البلد سلبا. المهم أن يكون النائب في البرلمان حكيما ويفكر في المصالح الوطنية، ويجب أن يكون البرلمانيون شخصيات يمكنهم تحدي السياسة إذا كانت ضد المصلحة الوطنية.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: للأسف، تم استبعاد العديد من ممثلي المجلس الحاليين، ويقال إن سبب هذا الاستبعاد هو قيامهم بالانتقاد. لا ينبغي أن يتوقف النقد، بل يجب أن يكون هناك من ينتقد؛ لأن النقد مفيد للجميع.
وأكّد فضيلته على الاستفادة من مواهب وقدرات المرأة، وتابع قائلا: يجب أن نعطي المرأة مجالا، فهناك الكثير من الكفاءات والمؤهلات بين النساء، لا بد من استفادة هذه المواهب لصالح وإدارة البلاد.


الهجمات التي تشنها إسرائيل على غزة ليست “دفاعاً عن النفس”، بل إنها جريمة
وفي جزء آخر من كلمته، أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، وقال: إن رؤية المشاهد المفظعة في غزة والاستماع إلى أحوال أهل غزة لا يمكن أن يتحملها أي إنسان، ومن المؤسف أن أميركا والدول الأوروبية منحت إسرائيل شيكا على بياض لمهاجمة غزة باسم الدفاع عن النفس. ما هذا الدفاع عن النفس الذي تقتل إسرائيل فيه كل النساء والأطفال وتدمر البنية التحتية والمباني والمستشفيات؟! هل هذا دفاع عن النفس أم جريمة؟!
وأضاف قائلا: نصيحتي للجميع أن يكونوا عادلين، ومنصفين، نحن نريد دعم النساء والأطفال والأشخاص العزل ونقول للجانبين أنه لا ينبغي قتل النساء والأطفال والأبرياء، ويجب على قوى العالم أن توقف إسرائيل التي تعتدي على النساء والأطفال والشعب العزل.
وتابع قائلا: إن الصراع والخلاف في أرض فلسطين مستمر منذ ما يقرب من قرن من الزمان. ويجب على المجتمع الدولي والدول الإسلامية وغير الإسلامية أن يفكروا في حل جذري لحل هذا النزاع، وينبغي عليهم إيجاد حل حتى يتمكن الطرفان من العيش دون حرب وقتل.
وأكد: على إسرائيل وجميع القوى أن تعلم بأن “الحرب” ليست الحل؛ فلو كانت الحرب هي الحل لكان الخلاف قد تم حله إلى الآن. وفي حالة الحرب في أوكرانيا، فقد توصلوا الآن إلى نفس النتيجة وهي أنها لم تكن لها أي فائدة سوى الخسائر. اتجهت في عصرنا ثقافة وأفكار الناس في العالم ضد الحرب، حتى أن بعض اليهود نظموا احتجاجات ضد الهجوم الإسرائيلي على غزة وطالبوا باستقالة نتنياهو.


الضغوط لا تجدي نفعاً
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: على جميع الحكومات أن تعلم بأن الضغوط لن تجدي نفعاً، وإذا نجحت فستكون مؤقتاً، ولكن الحوار والتفاوض واحترام الحق وإعطاءه لصاحب الحق سينجح. لدي أيضاً نصيحة لمسؤولي المحافظة وقد قلت في الماضي إن ما جُرب في هذه المحافظة هو الحوار مع الشعب، وبهذه الطريقة فقط يمكننا جميعاً الوصول إلى النتائج. جاءت العديد من القوى، بما في ذلك إنجلترا، إلى هذه المنطقة وهزموا، وفي عهد رضا شاه وقاجار، توصلوا أخيرًا إلى نفس النتيجة المتمثلة في أنه يجب عليهم حل المشكلات من خلال مرافقة الناس والجلوس معهم.
وأضاف فضيلته قائلا: قال أحد المسؤولين العسكريين في المحافظة في مقابلة، إننا نزيد عدتنا وجاهزيتنا في المنطقة. أقول: إن المزيد من الاستعداد العسكري لن يجيب، لكن يجب أن تجلسوا مع الشعب، فالشعب الإيراني وكذلك أهل هذه المحافظة شعب طيب وشريف، ومشكلات الجميع تحل بالحوار، لذلك ينبغي الاهتمام بمطالب الشعب، فالشعب لا يريد إلا العدل والإنصاف.


إكراه أهالي شهداء وجرحى الجمعة الدامية على استلام الدية مخالف للعرف والقانون
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في الجزء الأخير من كلمته إلى قضية الجمعة الدامية في زاهدان وتابع قائلا: يُسمع أن البعض يذهبون إلى أهالي شهداء ومصابي الجمعة الدامية، ويريدون إجبارهم على قبول الفدية. إن الإصرار على هذا الأمر مخالف للعرف والقانون الرائج للبلاد.
وأضاف فضيلته قائلا: نستغرب أنه رغم إصدار المرشد الحكم بمعاقبة المتورطين في هذه الجريمة، لماذا لم يتم تنفيذ هذا الحكم؟! كنا نعتقد أن ما يأمر به المرشد ينفذ في البلاد، وعلى الأقل كان على منسوبي الحكومة والدولة أن ينفذوا أوامره، وكان من المناسب أنه عندما صدرت أوامر المرشد أن يتم اتباعها.
واستطرد فضيلته: إن ما يعزي قلوب الشعب ويروح عن قلوب ذوي الشهداء الجريحة، هو معاقبة المتورطين في هذه الجريمة، وما زلنا نطالب من ارتكب الجرائم أن يستسلم للقانون، وشعبنا مقتنع بكل ما يقوله الشرع والقانون.

175 مشاهدات

تم النشر في: 18 نوفمبر, 2023


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©