أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (٢٧ ربيع الأول ١٤٤٥) إلى الأحداث الأخيرة في فلسطين والأراضي المحتلة، واصفا “الاتفاق العادل والمنصف” و”إقامة “حكومة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس” أفضل الحلول لتسوية هذا الاختلاف الذي يستمر منذ خمسة وسبعين عاما.
لقد صدمت الأحداث في فلسطين العالم كله
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إن الصراعات الرهيبة والقاسية التي وقعت في الأراضي الفلسطينية هزت العالم أجمع، هناك مشاهد وأحوال مفظعة يتألم منها قلب كل إنسان حر توجد فيه ذرة من الإنسانية.
وأضاف: تجري خلافات على أرض فلسطين منذ خمسة وسبعين عاما، وللأسف لم يتم حل هذه الخلافات، وعلى الرغم من الجهود التي بذلت لإحلال السلام، ولكن لما أن بعض القوى العظمى اصطفت، فإن هذه الجهود لم تؤت ثمارها.
وتابع فضيلته قائلا: تعتبر الأراضي الفلسطينية من الأراضي الإستراتيجية والمهمة، ومن يدعم إسرائيل يريد الوصول إلى مصالحه في الشرق الأوسط كله من خلال هذه الأرض، ومن ناحية أخرى، فإن بعض الحكومات التي تدعم فلسطين، رغم أنها لا تملك قدرة تجاه إسرائيل، إلا أنها تسعى أيضًا إلى تحقيق مصالحها الخاصة، وقلما توجد دولة تدعم الشعب الفلسطيني دعما خالصا دون النظر في مصالحها الخاصة.
وأردف: لو كانت الجهود المبذولة لدعم فلسطين في سبيل الله، وفي سبيل الإجراءات الإنسانية وحل القضية، لما استمرت القضية الفلسطينية لعقود من الزمن، ولكانت حلت في وقت أقرب بكثير.
المشاهد المؤلمة في غزة لا يمكن أن يتحملها أي إنسان
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: الإنسانية مهمة بالنسبة لنا؛ يجب علينا أن ندعم العدالة والإنصاف. الغلو وقتل النساء والأطفال مرفوض من أي جهة كان، والحرب لها قوانينها الخاصة في الشريعة الإسلامية وأيضاً في القوانين الدولية، وإذا لم يراع مسلم في مكان ما قوانين الحرب الإسلامية والدولية وهاجم عامة الناس والنساء والأطفال، فلن ندعمه. على المسلم أن يتبع قوانين الشريعة، ويجب على الجانب الآخر كذلك ألا ينتهك قوانين الحرب والأعراف الدولية. يجب على المسلمين الفلسطينيين ألا يتجاهلوا أحكام الإسلام حتى في مسائل الحرب والدفاع، كما يجب على إسرائيل واليهود الموجودين هناك ألا يتجاهلوا قوانين الحرب والأعراف الدولية.
وتابع فضيلته قائلا: يتم تدمير غزة بالكامل، ألا ينبغي للمجتمع الدولي والعالم أن يتصدى لذلك؟! يعيش في قطاع غزة أكثر من مليوني نسمة؛ أين سيذهب هؤلاء عندما يتم تدمير هذه المنطقة؟ تقول وسائل الإعلام الآن على أن أكثر من ٤٠٠ ألف شخص من غزة قد نزحوا ولم تقبلهم أي دولة حتى الآن. هذه المشاهد في غزة لا يتحمل رؤيتها أي إنسان.
لا بد من تأسيس دولة فلسطينية عاصمتها القدس
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إن أفضل طريقة لحل قضية فلسطين والتي يتفق عليها المجتمع الدولي، هي حل الدولتين. يجب أن تكون هناك حكومة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، لأن في هذه المدينة قبلة المسلمين الأولى، ولها قداسة خاصة عند المسلمين.
وتابع قائلا: يرى كافة الخبراء أن قضية فلسطين لا يمكن حلها إلا بدولتين مستقلتين، وقد أظهرت تجربة 70 عامًا من الصراع نفس الشيء، ولذلك نأمل أن يتم التوصل إلى اتفاق عادل في المستقبل.
وفي النهاية أكد فضيلته قائلا: مطلبنا من المجتمع الدولي هو إيقاف هذه الحرب وإيقاف تدمير المدن، وخاصة تدمير قطاع غزة، فلا جدوى من الحرب، ولا ينبغي لأحد أن يسعى إلى تدمير الآخرين، بل يجب أن يفكروا ببعد النظر ويفكروا في حياتهم والأجيال القادمة.
يجب الاهتمام بالمتضررين من زلزال هرات
في جزء آخر من كلمته خلال خطبة الجمعة في زاهدان، أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى الزلزال الأخير في أفغانستان، وقال: وقع زلزال مروع في هرات والمناطق المحيطة بها. إن أهالي هرات وسكان المناطق المحيطة بها الذين تضرروا بالزلزال، جديرون بالرحمة والشفقة، وقد دمرت قرى ومنازل أهالي هذه المنطقة، والتي هي في معظمها بيوت طينية، ولا يمكن الاستفادة منها. مات بعض العائلات بالكامل في هذا الزلزال ولم ينج من بعض العائلات سوى شخص واحد، والنساء والأطفال هم أكبر ضحايا هذا الزلزال، كما توجه العديد من الخسائر المالية نحو أهالي هذه المنطقة بسبب الزلزال، لذلك يجب الاهتمام بهم.
وأكد فضيلته قائلا: ضحايا زلزال هرات يرجون المساعدة من كافة البلدان والمجتمع الدولي والحكومات والمؤسسات الخيرية، وبناء المنازل والملاجئ هو أهم مساعدة لضحايا الزلزال. يجب على حكومة أفغانستان الإسلامية مساعدة ضحايا الزلزال والسعي لبناء منازل مناسبة لضحايا الزلزال بالتعاون مع الشعب داخل أفغانستان وخارجها.
لا يصلح المجتمع بالإكراه واللّجوء إلى القوة
وتطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد في الجزء الأخير من كلمته إلى شؤون البلاد الداخلية وأضاف قائلا: جاء في القرآن الكريم: “لا إكراه في الدين قد تبين الراشد من الغي”، أي تبين الهدى عن الضلالة بدلائله، ولذلك أمر الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنه ليس لهم أن يكرهوا أحداً على قبول الدين.
وتابع: ليس للمسلمين أن يجبروا أحدا على قبول الدين واللجوء إلى القوّة في هذا الاتجاه، ولكن الطريقة الأفضل هي الدعوة والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بدل الإكراه واللجوء إلى القوة. وعلينا أن نرشد وننصح من لا يصلي أن يصلي، فإذا ارتكب أحد معصية، نرشده؛ وهذا هو الطريق الصحيح لإصلاح المجتمع.
وصرح خطيب أهل السنة قائلا: لقد أثبتت التجربة أن المجتمع لا يمكن إصلاحه بالقوة، وتذكرت أنه في بداية الثورة وبداية نظام الجمهورية الإسلامية في البلاد، صدر أمر بصلاة الموظفين في الدوائر، ثم تمت مقابلة مع ابن أحد الموظفين وسئل عما إذا كان والده يصلي في المنزل أيضًا، فأجاب أن والدي يصلي في الإدارة لكنه لا يصلي في البيت. وعندما سألوه عن السبب، قال: إنه ورد في تعميم الوزارة ضرورة الصلاة في الدوائر ولم تذكر الصلاة في المنزل. هذا هو نفس الدين المصطنع الذي لا يؤمن به المرء ولا يقتنع به.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: يجب أن يقتنع الناس بالدين حتى يمارسوه، وإذا أقنعنا الناس بالدعوة وبيان الأدلة، فهذا أفضل بكثير من فرض عقوبات مالية باهظة، ولسنا مقتنعين بأن الشريعة الإسلامية تؤيد مثل هذه الغرامات الباهظة التي فرضت على ترك الحجاب.
وأكد فضيلته قائلا: على السلطات أن تفكر في إجراءات أخرى بدلاً من اللجوء إلى القوة وفرض القوانين والغرامات القاسية حتى لا تنشأ الكراهية والعداوة، وإن أفضل طريقة هي تطبيق العدالة والإنصاف والقضاء على التمييز وحل مشكلات الشعب، لذلك يجب على الحكومة والمسؤولين أن يتبعوا بأنفسهم هذه القوانين الموجودة ليسهل على الشعب اتباعها.