أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (23 ربيع الثاني 1444) إلى قدوم وفد من جانب المرشد الأعلى للثورة للبحث عن قضية الجمعة الدامية في زاهدان وخاش قائلا: نحن أهل الحوار والتفاوض، للأجل ذلك نؤكد على المسؤولين أن يبادروا إلى الحوار والتفاوض. نحن أهل الحوار والتعامل، لكننا نرفض المتاجرة.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: قدم وفد من جانب قيادة البلاد إلى هنا لحل مشكلة الجمعة الدامية. لقد اجتمعنا مع هذا الوفد ونقلنا رسالتنا إليهم بأن الشعب تعبوا من الوعود الفارغة، ويريدون منكم العمل، وأفضل طريقة لكم هي القيام بالعمل، وسيرى الله والناس كل عمل تقومون به. إن كانت هناك خطوة إيجابية في الماضي، فقد ذكرناها، وسنتذكر أي خطوة إيجابية ييتخذها هذا الوفد في المستقبل.
وتابع فضيلته قائلا: علينا أن نرى ما سيفعله هذا الوفد في المستقبل، وبالطبع جاء هذا الوفد إلى زاهدان وخاش لحادثة الجمعة الدامية وسيكون سعيها في هذا النطاق، أما القضايا الأخرى مثل التمييز والحرية، هي قضايا وطنية وتشاركنا فيها قوميات واتجاهات مختلفة، وينبغي معالجتها على المستوى الوطني.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد: لقد أساء بعض الناس لما زعموا أننا نتاجر بدماء الشهداء أثناء الجلوس مع هذا الوفد ونوافق على صفقة بالتهديد أو الإغراء. هذا الزعم خاطئ. نحن لا نخاف التهديدات ولا نقبل المتاجرات، وإن أعطونا الكرة الأرضية كلها، نحن لا نتعدى الحق ولا نتجاهل الواقع. نحن نعتبر حقوق الجميع ولا نريد أن تضييع حقوق أحد ولو كان عدونا، لذلك كانت كل هذه المزاعم عن المتاجرة بحق دماء الشهداء خاطئة.
كلّ طبقات المجتمع يريد “الحرية” و”العدالة”
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان: كلنا نشهد ونرى أن أجواء البلاد أجواء احتجاجات، ومختلف طبقات الشعب الإيراني يحتجون. على الرغم من أن الاحتجاجات التي عمت البلاد قبل ثلاث سنوات، انطلقت بسبب قضية الوقود، إلا أن الوقود كانت الشرارة التي نزلت بسببها الشعب إلى الشوارع. ربما لو لم يحدث رفع لأسعار الوقود، لتأخرت الاحتجاجات، لكنها كانت قائمة.
وتابع فضيلته قائلا: السبب الرئيسي في نزول الشعب إلى الشوارع حينذاك وكذلك في احتجاجات هذا العام شيء واحد، وهو استياء الناس من الوضع الراهن. من الضروري البحث عما يقوله الشعب في هتافاتهم، وماذا يريدون فيها. هؤلاء يريدون العدل والحرية. النساء والشباب والفئات المختلفة يصرخون من أجل الحرية، ومن هذا يتضح أن هناك ضغطا واسعا على طبقات مختلفة، وعندما يصرخ الناس من أجل الحرية، يتضح أن جميع الطبقات تشعر أن هناك مشكلة في الحرية والعدالة في البلاد، فكل شخص لديه هذه المشكلة.
وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان إلى أنّ الحرية قضية مهمة للغاية، قائلا: مثلما يحتاج الإنسان إلى الطعام والضروريات الأساسية الأخرى، فهو بحاجة أيضا إلى الحرية. هناك شعور بأنه يوجد التمييز، وانعدام للمساواة، وضغوط واسعة النطاق في بلادنا حيث ظهرت هذه الاعتراضات.
أهل السنة يعانون من التمييز منذ 43 عاما
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إن أهل السنة وهم جزء لا يتجزأ من هذا الشعب، يعانون من التمييز من بداية الثورة ومنذ 43 عامًا، وتعرضوا لضغوط كبيرة، وهناك ضغط عليهم في كل مكان في البلاد. القرار القاسي من المجلس الأعلى للثورة الثقافية الذي أعلن عن تخطيط وإدارة شؤون أهل السنة من جهات خاصة، كان تجربة مريرة جدا. كان هذا القرار مخالفًا للمادة الـ 12 من الدستور وكان قاسيًا حقًا، بحيث ألقي الكثير من العلماء في السجن بسبب مخالفته، وكان هناك الكثير من الضغط على أهل السنة، وكتبنا العديد من الرسائل لكن لم نحصل على الرد المناسب. أهل السنة هم أكبر جماعة بين المسلمين. كيف تعطلون حريتهم وتفوضون إدارة أمورهم الدينية بأيدي الآخرين؟ يجب أن تكون إدارة الشؤون الدينية لأهل السنة بأيديهم.
وأكّد خطيب أهل السنة في زاهدان على أن أهل السنة أولى بأن يديروا شؤون مساجدهم ويعينوا أئمتهم، قائلا: هناك أهل السنة في كل مكان في إيران، ولكن لا تزال لدينا مشكلات في بناء المساجد في العديد من المدن. في كرمان ويزد وأصفهان وطهران وغيرها من المدن الكبرى لا يُسمح لنا ببناء مسجد. اعتاد الناس على استئجار منازل للصلاة أو غرف وقاعات، ولكن حتى هناك رجال الأمن أو عناصر بملابس مدنية كانوا يبحثون عن المصلين في تلك الأماكن وكان الناس يصلون مع الخوف. هل يوجد في العالم بلد يعامل مع المسجد والمصلى هذه المعاملة؟
وتابع فضيلته قائلا: رغم ما بذل من جهد في شؤون قضايا التوظيف بالبلاد، لكن للأسف لم يتم توظيف السنّة في إدارة البلاد ومراكز المحافظات لحد الآن، بحيث لم يؤظف حتى الآن محافظ سني أو وزير. بعض المسؤولين لا يعرفون ما أقوله ويسألون عن أي نوع من التمييز تتحدثون؟ اسألونا عن التمييز الذي واجهناه. لقد صوتنا لكل دولة، وبعد ذلك جلسنا للتفاوض على تعيين وزراء من أهل السنة أو النساء أو القوميات، لكن لم يهتم أحد بما طالبنا. منذ 43 عامًا كان هذا التمييز ضد المرأة، ولم يكن مقتصرا على أهل السنة. فالمرأة لم تحصل على المكانة التي يجب أن تشغلها.
وأضاف فضيلته قائلا: يشكو المثقفون أيضا من التمييز الذي يمارس ضد النخب والأشخاص الأكفاء الذين نشأوا في الجامعات. هناك تمييز في المجتمع الشيعي والقوميات والمذاهب الأخرى، والقيود التي وضعت في التوظيفات أوجدت في البلاد عدم مساواة، بحيث يتم الترحيب فقط بمن يتظاهر بالإسلام ويذهب إلى المسجد أو يسير في الموكب. وقد تم قبول بعض من تظاهروا بأنهم من الثوار ومتدينون لكنهم قاموا بعد ذلك بأكبر السرقات. فلما وصلوا إلى السلطة متظاهرين بالتقوى والثورة نهبوا الخزانة وجلبوا البلاد إلى هذه النقطة حيث صارت الخزانة فارغة. لم يكن الجميع على هذه السيرة، وكان هناك أشخاص جديرون بالثقة، لكن الفساد منتشر في البلاد، ولو جرى توظيف أشخاص أكفاء وقادرين، وروعيت المعايير في الاعتبار في اختيار وتعيين المديرين وانتخاب الرئيس وأعضاء البرلمان، وجرى تعيين المديرين على أساس الجدارة والكفاءة، لما حدثت هذه المشكلات.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: في الماضي قلنا للمسؤولين لا تضيقوا الدائرة. إذا كان هناك أناس ضعفاء في التدين، لكنهم أصحاب ضمير، يجب أن تقوموا بتوظيفهم. لا يمكن أن يُحكم البلد بدون تعددية، وفرض القيود على النشطاء السياسيين والأحزاب تمييز. في الحقيقة لا توجد أحزاب في البلاد، ولا توجد جهات أو منظمات مؤثرة. الأحزاب الموجودة ليس لها الحق في الحرية وانتقاد الدولة. إن جذور المشكلات الاقتصادية أيضا في القضايا السياسية. إذا لم تكن البلاد تعاني من مشكلات سياسية فستكتسب العملة قيمتها ولن يواجه الاقتصاد مشكلات. كل هذا كان السبب في أن تنزل المرأة والطلاب والشباب والجيل الجديد والفئات المختلفة إلى الشوارع محتجين.
يجب أن نخضع أمام إرادة الشعب
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: ينبغي على مسؤولي البلاد الاستماع إلى صرخة الشعب الإيراني. عندما يكون هناك احتجاج في بلد ما في العالم، فإن حكامه يتحدثون مع المحتجين، فالاحتجاج لا يردّ بالرصاص والقبضة الحديدية ولا يضرب المحتجون، ولا يساقون إلى السجن. لقد كنت ناقدًا في الماضي وكل المسؤولين يعرفون أنني أريد الخير لهم، لكني لا أتذكر أن أحداً من مراكز السلطة وصنع القرار جاء لنشرح المشكلات لهم. يجب أن نتحدث مع الذين هم الآن سجناء سياسيون.
وتابع فضيلته قائلا: شعرنا في الماضي بعدم وجود إرادة وأذن صاغية للاعتراضات، والآن أيضا أقول للسلطات إن هناك مشكلات في مستويات مختلفة وهؤلاء الذين جاءوا إلى الشوارع لديهم مشكلات. لا أنكر أبدا أن الأعداء لا يريدون استفزازهم، ولا إثارتهم، ولكن إذا لم تكن هناك مشكلات، فلن يستطيع العدو فعل أي شيء ولا يمكن للعدو تضخيم هذه المشكلات. هذا شعب إيران يصرخ منذ شهرين تقريبًا. نصيحتي لكم هي الاستماع إلى هؤلاء الشعب. هؤلاء أولياء هذا الوطن، ونحن جميعا من أرض واحدة. أطقوا سراح المعتقلين، ويجب الإفراج عن الذين اعتقلوا في الانتفاضة الأخيرة ومن أدخلوا السجن من قبل ومن دخلوا السجن في الاحتجاجات التي كانت قبل ثلاث سنوات.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: يجب أن نخضع لإرادة الشعب ولا نترك الوضع يزداد خطورة يوما بعد يوم، وسيزداد الوضع فظاعة وتزداد الكراهية من العلماء. لقد أثارت حركات جديدة مثل تطيير العمامة في البلاد قلق الجميع. هذه علامة على أن الشعب غير راضين ويتوقعون من العلماء، وبهذه الطريقة يتفاعلون عندما لا تتحقق توقعاتهم. هذه قضايا مهمة وعلى المسؤولين أن يروا إرادة الشعب وعلينا جميعاً أن نخضع لها.
وأشار خطيب أهل السنة قائلا: نحن نعتبر الاحتجاجات السلمية حق الشعب. لا يحق لأي متظاهر مهاجمة الممتلكات الخاصة أو العامة ويجب أن تكون الاحتجاجات سلمية. توصيتنا على المستوى الوطني هي أن لا يستهدف الضباط المتظاهرين بالرصاص الحي. بعض المشاهد التي نراها تجري الدموع بلا اختيار؛ يُقتل الأطفال ويتعرض النساء للاعتداء. بعض المشاهد مفجعة جدا. لا ينبغي للمتظاهرين أن يهاجموا الممتلكات ولا ينبغي أن يضرب الشرطة المتظاهرين. يجب أن نكون حريصين على أن لا يقتل الشعب. عصرنا عصر الحضارة والثقافة، ويجب أن نفتح باب الحوار والتفاوض.
على الروس إنهاء الحرب في أوكرانيا في أسرع وقت ممكن
وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان إلى هجوم روسيا على أوكرانيا قائلا: الحرب والقتل مضرّان. روسيا غزت أوكرانيا وقتلت الشعب المظلوم في أوكرانيا، وهذه الحرب تسببت في خسائر فادحة للشعب الروسي وتسببت في كراهية المجتمع الروسي على مستوى العالم. ننصح الروس بإنهاء هذه الحرب في أسرع وقت ممكن وسحب قواتهم من أوكرانيا.
على قوّات الأمن العودة إلى الشعب والاهتمام بهم
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد: نصيحتي للسلطات والقوى الأمنية هي أن يعودوا إلى الشعب، وأن ينتبهوا ولا يقتلوهم. في الآونة الأخيرة نشر مقطع فيديو عن مقتل طفلين في مدينة “إيذه” في خوزستان. كانت جريمة صادمة. نرى هذه المشاهد في مناطق مختلفة من البلاد وهي غير مناسبة لبلدنا وقواتنا. يجب أن نفكّر أكثر في الشعب، ونحلّ القضايا من خلال الحوار والتفاوض.
وشدد فضيلته قائلا: أوصي مرّة أخرى أن تأذنوا للطلاب الموقوفين بالذهاب إلى الجامعة، فالأكاديميون هم أمل الشعب في المستقبل. مستقبل البلاد بأيدي هؤلاء الطلاب والأكاديميين، وكذلك لا بد من معاملة المرأة باحترام.
الشعب يطالب بإطلاق سراح فضيلة الشيخ فضل الرحمن كوهي
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد في نهاية الخطبة: ألقي القبض على فضيلة الشيخ “فضل الرحمن كوهي” فيما يتعلق بالاحتجاجات التي عمت البلاد قبل ثلاث سنوات، وهو أحد السجناء السياسيين ومن العلماء الذين يريدون الخير للبلاد. يجب إطلاق سراحه.
وأضاف فضيلته: كانت له انتقادات بدافع الشفقة، ولقد قام بالإضراب عن الطعام أخيرا لأنّه لم يوافق على الإفراج المشروط عنه، وقد وُضعت شروط لإفراجه فلم يقبله مما أدى إلى استمرار حبسه. الشعب يطالب بإطلاق سراح فضيلة الشيخ فضل الرحمن كوهي.