header

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (1 صفر 1445)، إلى التسجيل المسبق للدورة الثانية عشرة لانتخابات مجلس الشورى، معتبرا الانتخابات البرلمانية والرئاسية بنفس الأساليب والسياسات الماضية، “غير مؤثرة في حل مشكلات الشعب وإخراج البلاد من الأزمات”، مؤكدا فضيلته بأن حل مشكلات الشعب يكمن في “تغيير الآراء والسياسات” و”التغييرات الأساسية لصالح الشعب”.


هل ستحل أزمات البلاد بعد انتخاب مجلس جديد؟
وأضاف فضيلته قائلا: لقد بدأ التسجيل للدورة الجديدة لانتخابات المجلس قبل أشهر بالنسبة إلى الفترات السابقة. لدينا الآن برلمان وحكومة صوت لهما الشعب وانتخبهما. لدينا أيضا نواب في مجلس الخبراء تم انتخابهم أيضا من قبل الشعب.
وتابع فضيلته: بالرغم من إجراء الانتخابات ووجود حكومة وبرلمان، إلا أننا للأسف نشهد زيادة في الأزمات في البلاد ويعاني الشعب من مشكلات ومآزق لا نهاية لها، وهذه المشكلات تتزايد يوما بعد يوم، فهل ستحل هذه المشكلات والمآزق إذا جاء برلمان جديد أو حكومة جديدة؟ فإذا انتخبنا برلمانًا جديدًا وحكومة وحلت المشكلات، فهذا جيد جدًا، ولكن إذا تكرر نفس البرلمان ونفس الحكومة، وتضاف على مشكلات الشعب دوما، فلا فائدة من ذلك، ألا يجب أن يفكر عقلاء الشعب ومسؤولو البلاد، ومن جعل الله تعالى مصير الشعب بأيديهم في هذا الأمر؟!
وصرّح فضيلته قائلا: هل هناك أفق واضح للقول بإنه بانتخاب برلمان أو حكومة جديدة ستكون الحياة أسهل على الشعب؟ فإذا كان هناك أفقا واضحا يراه المسؤولون ولا يراه الشعب، فليضعوا ذلك الأفق الواضح أمام الشعب، ومع ذلك إذا لم يكن الأفق واضحًا، ومع انتخاب مجلس النواب الجديد ظل الوضع كما كان من قبل، وحصر نشاط الممثل في قضية الماء والخبز والمحروقات وتعبيد الطرق، بينما هي واجبات الدولة، فلا جدوى من هذه الانتخابات إذن. بل يجب على الدولة توفير هذه الاحتياجات بطريقة لا يقلق الشعب والممثلون بسبب ذلك.


واجب ممثل البرلمان الإشراف على سياسات وأداء الدولة وصناع القرار
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: أعضاء المجالس والبرلمانات في البلدان الأخرى مشرعون وينتقدون سياسات الحكومة. تتمثل المهمة الرئيسية للبرلماني في الإشراف على تنفيذ القانون. على الممثل أن يراقب أداء الوزارات والحكومات وصناع القرار، وإذا أخطأوا فيواجهون انتقادات من قبل مجلس النواب. كيف يمكن أن يكون الشخص ممثل الناس في البرلمان ولكن إذا انتقد يجري الاتصال به من جانب مؤسسات خاصة ويقال له إننا أيدناك وغدا سيكون عملك بأيدينا؟!
وتابع فضيلته قائلا: يجب أن يكون للنائب الاستقلال ويتمتع بحصانة سياسية وبرلمانية، وله الحق في التحدث ومراقبة السياسات وتنفيذ القانون. سبق وقلت: إن ممثل مجلس النواب ليس ممثل الحكومة والنظام بل هو ممثل الشعب، وعليه الوقوف بجانب الوطن والدفاع عن حقوق الشعب. على النواب مراقبة أداء وزارة الخارجية وكيفية تنفيذ السياسات الخارجية.
وتابع مضيفا: إذا تقرر أن يتم إشراك القوميات في انتخابات مجلس النواب ويكون ذلك من أجل الخبز والشهرة، فهذا تكرار للمكرر ولن تحل المشكلات. إذا انتخبت دولة للعمل بنفس الطريقة الماضية، أو لا تملك السلطة، أو لا تتصرف بشكل صحيح، فهذا لا جدوى من انتخابها، فيجب أن تكون هناك فكرة أساسية.


على أعضاء مجلس خبراء القيادة أن ينقلوا للمرشد آلام الشعب وأن يقدموا له النصيحة
واستطرد فضيلة الشيخ قائلا: إن نواب مجلس خبراء القيادة أيضا ينتخبهم الشعب، فإذا عقدوا اجتماعا كل ستة أشهر فقط ولم يشرفوا على أداء المؤسسات التابعة للقيادة التي هي منظمات كبيرة ومؤثرة، فلا جدوى من ذلك. يجب على أعضاء مجلس خبراء القيادة أيضا تقديم اقتراحات للقيادة ونقل مشكلات وآلام الشعب إليه عن كثب.
وأضاف: يوجد إله واحد في هذا العالم خالٍ من الأخطاء والزلات. “لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون” لا أحد يستطيع أن يشكك في الله، لأن الله حكيم وعالم الغيب، ومبرء من الخطأ والزلات، ويعلم كل شيء، ونحن لا نعلم، وقوله: “وهم يُسألون” يشمل الجميع حتى الأنبياء أيضا. وقت غزوة تبوك، جاءت جماعة من الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إنهم لا يستطيعون المشاركة في هذه الحرب لأعذار لهم، فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاتب الله تعالى النبي لماذا أذن لهم، فقال له: “عفا الله عنك لم أذنت لهم”؟ في يوم من الأيام كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يتحدث إلى بعض رؤساء وشيوخ مكة، وسأله أحد الصحابة شيئا وكان أعمى، فلم يجب النبي الكريم على سؤاله، وعبس وجهه المبارك، فعاتب الله تعالى الرسول وقال: “عبس وتولى أن جاه الأعمى”. يوم القيامة يسأل الله تعالى عيسى عليه السلام الذي هو معجزة الله: “أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله”. يوم القيامة يأتي الناس إلى إبراهيم عليه السلام على أمل الشفاعة، لكن يقول سيدنا إبراهيم عليه السلام لهم: “أنا خائف على نفسي”.
وتابع: من هو أعلى من محمد وإبراهيم وعيسى (عليهم السلام)؟ كل الناس مسؤولون باستثناء ذات الله تعالى. في بلادنا يطلق على رجال الحكومة اسم “المسؤولين”. والمسؤول يعني الشخص الذي يكون مسؤولاً ويجيب الناس. إذا كان لدينا هذا الاعتقاد بأن تحت هذه السماء وفوق هذه الأرض هناك بعض الأشخاص غير الله تعالى حيث لا يخطؤون أيضا، فنحن واقعون في الخطأ.
وأضاف قائلا: المرشد أيضا بحاجة إلى المشورة والنصيحة، وكان على أعضاء مجلس الخبراء القريبين منه أن ينقلوا القضايا ويقدموا له المشورة. من واجب مجلس الخبراء نقل حقائق المجتمع وآلام الشعب. ولكن إذا لم يقدم مجلس خبراء القيادة المشكلات والمتاعب للقيادة، فماذا ستكون الفائدة والنتيجة للأشخاص الذين يصوتون ويدفعون الثمن لممثلي مجلس الخبراء ومجلس الشورى؟


طالما لا تتغير “السياسات”، فإن المشكلات باقية
وصرح فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: الأصل هو السياسات والاتجاهات، فما لم تتغير الآراء والسياسات ولم تحدث تغييرات جذرية لصالح الشعب، فستبقى هذه المشكلات والأزمات. نحن ننتخب نواب مجلس الشورى ومجلس الخبراء ونحن في المشكلات، ونصوت لرئيس الجمهورية ونحن في المشكلات! يتطلب من السلطات التفكير بجدية في هذا المجال. يجب على المسؤولين أن يزيلوا الحجب من حولهم وأن يكونوا بجانب الشعب، فالنهاية هي الموت.
وأضاف: من أكبر الأخطار بالنسبة للمسؤولين أنفسهم أن لا يستيطع المواطنون الوصول إليهم، ولا تصلهم مطالب الشعب، أو لا يسمحوا للشعب بالتحدث معهم. لسوء الحظ لم يسمحوا لبعض الناس بالتحدث وقالوا لا ينبغي انتقاد بعض الكبار، لأنهم “الخط الأحمر”، فالخط الأحمر هو “الله” فقط، ولا يحق لأحد أن ينتقد الله وينتقص أعمال الله تعالى.


هناك جوانب إيجابية أيضا في الولايات المتحدة وأوروبا
واستطرد خطيب أهل السنة قائلا: للأمريكيين والأوروبيين جوانب سلبية كثيرة، لكنك ترى أن الكونجرس يهاجم أحيانًا الرئيس أو ينتقد البرلمان المسؤولين، وهناك حرية الرأي والقلم، هذا مهم جدا. هذه هي الحرية التي يتحدث عنها القرآن. إذا لم تكن هناك حرية رأي وقلم وفكر، فستظهر مشكلات كثيرة. نحن ملتزمون بالحفاظ على كرامة الجميع وعدم الإهانة إلى أي شخص. يجب احترام بعضنا للبعض ولكن يجب أن نتحدث وننتقد، لأن من أسباب ظهور هذه المشكلات عدم الإذن بالنقد.
وأضاف قائلا: في أوروبا أحيانًا يستقيل الرئيس أو رئيس الوزراء أو أعضاء البرلمان، لكن في بلادنا لا استقالة على الإطلاق. لم يسبق لنا أن رأينا نواب البرلمان أو مجلس خبراء القيادة بل وحتى الحكومة يستقيلون احتجاجا ولصالح الشعب. إذا استقالوا فسوف يتعرضون للمحاسبة.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد: في إسرائيل التي احتلت الأراضي الفلسطينية وكلنا نعتقد أنها ارتكبت ظلمًا كبيرًا، عندما أراد رئيس الوزراء المتطرف الحد من صلاحيات القضاء، انتفض ضد هذا القرار كل الشعب، وحتى القوات المسلحة واحتجوا على هذا القرار، وقالوا بأن رئيس الوزراء يريد دفع نظام الحكم نحو الديكتاتورية. أعلن العديد من الجنود والطيارين أنهم سيستقيلون احتجاجا على القرار.
وأضاف: هذه هي الحكومات التي نعترض عليها ونعارضها، وانتقدنا أفعالها مرات عديدة، لكن هناك جوانب إيجابية فيها أيضا. نحن نكره ظلم أمريكا وأوروبا وإسرائيل، لكن لماذا لا نستفيد من جوانبهم الإيجابية؟! المثير للدهشة في الاحتجاجات الإسرائيلية الأخيرة ضد الحكومة أنه لم يقتل أحد في هذه الاحتجاجات. القوات الإسرائيلية تقتل الفلسطينيين، لكنها لا تقتل شعبها. الشعب يختلف عن غير الشعب.


من الصعب على الشعب تحمل هذا الوضع
واستطرد خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: الكثير من الشعب والمتظاهرين وبينهم نساء وصحفيون وأكاديميون وعلماء في السجون. هؤلاء هم الشعب، والشعب لا ينبغي قمعه بسبب الاحتجاج. قال أحد المسؤولين في قوات الباسيج إنه إذا كان هناك احتجاج آخر فسوف نقوم بقمعه. إن قمع الشعب ليس عملا معقولا، بل ينبغي أن تذهب قوات “الباسيج” بين الشعب وتسأل عن آلامهم ومشكلاتهم. ينبغي أن نرى ما هي آلام الشعب؟ هل هؤلاء الشعب قتلوا فعلاً من أجل أمريكا وإسرائيل وفقدوا أعينهم لأمريكا، وهل السجناء مسجونون لأجل أمريكا وإسرائيل وأوروبا، أم لديهم مشكلات واحتقروا وواجهوا المآزق؟
وأضاف خطيب أهل السنة: المسؤولون والقادة العسكريون والقضاة الذين يعيشون بين الشعب يدركون معظم المشكلات، فلماذا لا يعرضون المشكلات على المرشد؟ يجب عليكم أن تذهبوا وتتحدثوا إلى القيادة بل وتفاوضوه لأجل إخراج البلاد من هذا الوضع، لأنه من الصعب على الشعب تحمل هذا الوضع.

439 مشاهدات

تم النشر في: 20 أغسطس, 2023


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©