header
فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

نحن نرفض أي نوع من العنف والتطرف

أعلن فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (25 ذي الحجة 1444) رفضه ومخالفته الصريحة لأي نوع من التطرف والعنف، مؤكدا على التمسك بـ “الحوار” و”النقد البناء” كمنهجه في حل المشكلات.


ذلك اليوم الذي يكون الدور فيه للحوار، قريب
وقال فضيلته: وقع في الأسبوع الماضي هجوم مرير ومؤسف على مركز شرطة 16 في زاهدان. كان هذا الهجوم صعبا علينا جميعا، لأن الحل ليس في العنف، والتطرف بأي شكل من الأشكال خسارة وضرر، وله آثار سيئة، لذلك ندين بشدة الهجوم على مركز الشرطة 16.
وأكد قائلا: الذين يعيشون معنا أو يعرفوننا، يعلمون أن طبيعتنا ترفض العنف وإراقة الدماء والتطرف، ونحن ضد التصرفات المتطرفة، وندعو إلى الحوار والمفاوضات؛ هذا هو منهج الشعوب المتقدمة والمثقفة التي تتبع حل المشكلات من خلال الحوار والنقد البناء والتفاوض، لهذا السبب في حادثة الجمعة الدامية والتي كانت حادثة خطيرة للغاية بذلنا كل جهودنا لمنع المزيد من إراقة الدماء ومنع أي شخص من استغلال هذه الحادثة لجعل زاهدان والمحافظة غير آمنة، لذلك من اللحظة الأولى التي أطلق فيها الرصاص أجريت مقابلة ودعوت الناس إلى الهدوء، والجميع أشادوا بهذه الطريقة وعبروا عن رضاهم عنها، ونتمنى أن يكون هذا العمل من أجل الله تعالى، وقلنا إن هذا الموضوع يجب متابعتها من خلال القانون حتى نعرف ما هو أصل المشكلة.
وتابع فضيلته قائلا: كما صُدمنا في حادثة الجمعة الدامية، صدمنا أيضا من الهجوم على مركز الشرطة رقم 16 وقلنا من هم هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بهذه الأعمال؟ وما سبب هذه التصرفات؟! وأي منطق وعقل يؤيد مثل هذه الأمور أمام المسجد والمصلى؟! لذلك في حادثة الهجوم على مركز الشرطة رقم 16، حيث كان يسمع صوت إطلاق النار، أصدرنا بيانا وأعلنا فيه تبرئتنا من العنف وإدانتنا له.
وصرح خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: يعرف جميع المسؤولين أن طريقتنا ليست طريقة العنف والتطرف والقتل والصراع، وهذا الافتراء لا يلتصق بنا بأي شكل من الأشكال. طبعا لسنا مسؤولين عن تصرفات كل الشعب، فهناك الكثيرون في المنطقة لا يقبلون رأينا ويقولون: إنكم لم تتلقوا إجابة من الحوار خلال هذه الفترة، ولا يمكننا فرض رأينا على أحد، لكننا نؤمن أن منهجنا هو الأفضل، وإذا رحب به الجميع، فإنه سيفيدهم، ونعتقد أن هذه النظرية ستثمر يوما ما، ونعتقد أن اليوم الذي يفيد فيه الحوار قريب.


نحن نفكّر في أصل الإسلام وحقوق جميع البشر
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد: إن البعض ممن هم في النظام والحكومة وكانت تربطنا بهم علاقة، يستاؤون من الانتقادات التي نطرحها، لكننا نعتقد أنه إذا أراد أحد أن يشفى، فعليه أن يتناول الدواء المرّ. هذه الكلمات التي أقولها ليست كلمات عدو، لكنها كلمات ناصح من أبناء الوطن يريد خير الوطن. رغم أننا في الماضي كنا نطرح ما يتعلق بالتمييز والمشكلات التي يواجهها أهل السنة، إلا أننا منذ فترة بدأنا نتحدث عن القضايا الوطنية والمصالح الوطنية، لأن المصالح الوطنية مصالح الجميع.
وأكد فضيلته قائلا: ما نطرحه من كلام هنا نطرحه رغبة في الخير، فطريقنا طريق الاعتدال. نحن نعارض بشدة الافراط والتفريط، ونعتقد أن سيرة الرسول وسيرة الصحابة وأهل البيت، تقوم على الوسطية. نحن نفكر في أصل الإسلام وجميع المسلمين وأصل الإنسانية وحقوق جميع الناس، ودعواتُنا الصالحة للإنسانية ولجميع المسلمين.
وأضاف: لقد قلنا مرات إن المهم لنا هي الإنسانية والحق والعدل، والمهم لنا الحريات القانونية والدولية والحريات المشروعة، فمعظم الحريات الموجودة في العالم مثل حرية التعبير والقلم والفكر، هي حريات مشروعة، ونحن نتحدث عن هذه الحريات وندافع عن القانون والحقوق.


حل مشكلات البلاد في تفويض الأمور إلى أهلها
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: ستحل مشكلات بلادنا وشعبنا عندما يخضع المسؤولون للتغيير، ونعتقد أن مشكلات الشعب لن تحل إلا بعد تسليم الأمور إلى أهلها، فلا بد من البحث عن المؤهلين والأشخاص المناسبين وتسليم الأمور إليهم. يوجد في جامعات العالم تعليم منفصل لكل تخصص، فللجيش جامعة خاصة ويتلقى الأفراد فيها تدريبات عسكرية، وعقول الجنود تتربّى لأعمال أخرى ويمكن أن يكونوا ناجحين فيها وفي المجال الذي تدربوا عليه، ويتم تدريب السياسيين في مجال السياسة والمناصب السياسية ويمكنهم أن يكونوا ناجحين في هذا المجال.
وأكد فضيلته قائلا: يجب أن تبحثوا عن الشخص المناسب لكلّ عمل وفنّ ولا تنظروا إلى صلاة المرء ودينه، بل انظروا إلى أهليته وكفاءته. إنه لأمر جيد أن يكون لديهم إيمان وتديّن بجانب الكفاءة والجدارة، ولكن إذا لم يكن لدى أحدهم تدين، فمن المهم أن يكون لديه الضمير الإنساني.
وتابع فضيلته قائلا: لا تنظروا في تسليم المناصب إلى ما إذا كان الشخص يقبلنا أم لا، ولكن انظروا إلى مدى فائدته للشعب. قد يكره البعض هذه الكلمة، لكنني أعتقد أن العسكريين يجب أن يهتموا بالمهام العسكرية، وأن ينشغل العلماء بأعمالهم الخاصة وهو التدريس والفتوى. فلو عُين غير طبيب كرئيس لجامعة العلوم الطبية، فلن تنجح هذه الجامعة في عمله.
وصرح فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: هذه طريقة الخروج من مشكلات البلاد. علينا أن نتغلّب على المشكلات، والطريق للخروج من المشكلات هو الجلوس مع الشعب والاهتمام بما يريده، لأن الشعب يشعر بالمشكلات، وبالحديث مع الشعب يمكن التعرف على مشكلاتهم.


منهج دار العلوم زاهدان هو الوسطية
وفي جزء آخر من الخطبة، قال خطيب أهل السنّة في زاهدان: إن طريق جامعة دار العلوم زاهدان التي أسسها العلامة عبد العزيز رحمه الله هو طريق الوسطية، وكان رحمه الله من الشخصيات المرموقة في العالم الإسلامي، وكان شخصية حكيمة، وضع رحمه الله أساس دار العلوم زاهدان على التفكير من أجل الإنسانية، ولقد قلنا مرات عديدة إن دار العلوم زاهدان ليست فقط مدرسة لأهل السنة، لكنها مدرسة لجميع المسلمين، وهذه المدرسة ليست فقط للمسلمين، ولكنها قاعدة للبشرية جميعا، حيث يتزكى فيه القلب.
واستطرد فضيلته قائلا: في هذا المركز العلمي رفضنا كل أنواع الأفكار المتطرفة، فهناك خطب ومواعظ لنا حيث نصحنا فيها الطلاب بعدم الانخراط في القضايا السياسية، وضرورة الانشغال بدراساتهم، فلو شوهدتْ هناك مسيرات ومظاهرات كانت لسكان المدينة وليس من جانب الطلبة.
وأضاف مدير جامعة دار العلوم زاهدان: إن خريجينا لم يكونوا سببا للمشكلات في أي بلد كانوا، بما في ذلك أفغانستان وطاجيكستان وروسيا والمناطق الأخرى، بل كانوا على طريق الوسطية والاعتدال، ولم ينضموا إلى المتطرفين، لذلك فما يقال ضد هذه الجامعة كلها افتراءات لا أصل لها.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: عاش سكّان زاهدان من البلوش وغيرهم إخوة متسالمين، وقلنا مرات عديدة إننا لا نرضى بأن يتأذّى أحد من المواطنين، ويصعب علينا إذا تعرضت أموال شخص أو ممتلكاته من مواطنينا الشيعة في زاهدان، حتى لو سُرق شيء ما من غير المسلمين الذين يعيشون في زاهدان، فقد أرسلنا أشخاصا ليذهبوا ويبحثوا عن مسروقاتهم ويعيدوها إليهم، ورغم أننا لسنا في علاقة مع أي مجموعة مسلحة، لكن لما قامت بعض الجماعات المسلحة بالاختطاف، فقد توسلنا إلى الشعب لإطلاق سراح الرهائن.
وأكد فضيلته قائلا: إننا نؤمن بضرورة الحفاظ على أمن البلاد وعدم إغلاق طرق الحوار والنقد البناء. نحن نفكر في مصلحة الجميع، ونأمل أن تكون لدينا في المستقبل ظروف واضحة حتى يتم حل المشكلات الاقتصادية للشعب وحل معاناة الشعب في جميع المستويات.


يجب توفير أمن الاحتفالات الدينية للشيعة
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في ختام كلمته إلى اقتراب شهر محرم، مؤكدا على ضرورة توفير الأمن للاحتفالات الدينية للشيعة، وتابع قائلا: شهر محرم قادم، وربما يقيم إخواننا الشيعة احتفالات التعزية؛ يجب أن يتمتع أتباع كل الأديان والأفكار بالحرية، ويجب أن يكون الشيعة في أمان تام أينما يريدون إقامة احتفالاتهم الدينية.
وأكد فضيلته قائلا: نصيحتي للبلاد الأخرى أيضا أن يتم فيها توفير الأمن للشيعة حتى يتمكنوا من إقامة احتفالاتهم الدينية بسهولة ويشعروا بالأمن والهدوء.

462 مشاهدات

تم النشر في: 16 يوليو, 2023


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©