header
فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

لو استجيبت لشكاوى الشعب في الداخل، لما رفعوها إلى الخارج

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (18 ذو الحجة 1444)، إلى تقرير لجنة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة بشأن الاحتجاجات الأخيرة في إيران، موصيا السلطات بـ “تطبيق العدل والقانون” و”تلبية مطالب الشعب”، كما أشار فضيلته إلى الأحداث والاحتجاجات الأخيرة في فرنسا، معتبرا عدم استهداف وقتل أي شخص بالرصاصة الحربية، جديرا بالتأمل.


الشرطة الفرنسية لم تستهدف الشعب والمتظاهرين بالرصاص الحي
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد، قائلا: إن الأحداث والانتفاضة التي حدثت في فرنسا مؤخرًا جذبت انتباه العديد من المراقبين. يبدو أن هذه الانتفاضة جاءت رداً على مقتل شاب من أصل جزائري على يد الشرطة الفرنسية، واحتج الناس على سلوك الشرطة بإطلاق النار على إنسان وقتله، طبعا يقال: ان هناك عدد من الاستياءات الأخرى بين شباب فرنسا وهذه الحادثة أصبحت شرارة احتجاج واضطراب في هذا البلد، وبحسب الإحصائيات أضرمت النيران في خمسة آلاف سيارة وخمسمائة مبنى ومائتين وخمسين مركزا للشرطة.
وتابع فضيلته قائلا: ما لفت انتباه المراقبين في أحداث فرنسا أنه رغم كل هذه الأحداث، أبدت الشرطة الفرنسية ضبط النفس حتى لا تُصاب عين أحد، ولا تُبتر ساق أحد، ولا يُقتل أحد، طبعا ردت الشرطة واعتقلت واحتجزت العديد من الشباب المشاغبين لكنها لم تقتل أحدا. نحن لا نقول إن فرنسا بريئة، بل هناك العديد من المشكلات في أوروبا وأجزاء أخرى من العالم، ولكن من المثير للتفكير أن الشرطة والقوات لم تطلق النار على الشعب ولم تقتلهم.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: الاستياء موجود في الكثير من البلدان، وتنقسم دول العالم في الغالب إلى نوعين: “ديمقراطية” و”استبدادية”. الدول الاستبدادية لا تسمح للناس بالاحتجاج، ولكن في الدول الديمقراطية هناك احتجاجات شعبية والناس يهتفون ويتحدثون، لكن لا يتعرضون للضرب والقتل. يجب على السلطات الفرنسية ألا تهاجم الشعب أولاً ثم تستمع إليه. نقول نفس الشيء للمسؤولين في بلادنا: لا تضربوا الشعب واستمعوا إليهم.


الإسلام قريب من الديمقراطية
وتابع فضيلته قائلا: الإسلام قريب من الديمقراطية ولديه الكثير من القواسم المشتركة مع الديمقراطية؛ الإسلام ضد الاستبداد، بل هو عدوّ الاستبداد. في بداية الإسلام جرت انتخابات بين المسلمين، والتي لم تكن موجودة في العالم في ذلك الوقت إلا في البيئة التي أنشأها النبي صلى الله عليه وسلم الذي واتفق عليه الجميع، ثم تولى بعده الراشدون الحكم بآراء الناس وبالديمقراطية. في ذلك الوقت كان الناس يبايعون من يرضون به، وهذه البيعة كانت يتم بحرية ودون إكراه، وكانت الديمقراطية والحرية بالمعنى الحقيقي موجودة.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: في دستورنا العديد من نقاط الضعف، وبعض مواده ليس لها أصل في تاريخ الإسلام، وهذه المواد بحاجة إلى التغيير. لا يوجد قانون في العالم خالٍ من الأخطاء، لأن القوانين هي نتيجة التفكير والاجتهاد البشري، والبشر يخطئون في اجتهادهم وتفكيرهم، لكن في العالم باستثناء البلدان الاستبدادية، عندما لا يفيد القانون والقرار والسياسة، فإنهم يغيرون ذلك القانون. تحتاج قوانين البلاد إلى المراجعة والتجديد في فترة زمنية قصيرة. لكن في بلادنا لم يحدث أي تغيير على الدستور منذ 44 عاما.
وأضاف فضيلته قائلا: لكن هذا الدستور اعتبر الاحتجاج السلمي حقًا للشعب؛ للشعب الحق في الاحتجاج وليس لهم الحق في الشغب ومهاجمة المحلات التجارية والبنوك وإحراق السيارات وتعطيل حياة الشعب. العمال والمتقاعدون والمعلمون والفئات الأخرى والنساء لهم الحق في التحدث عن أنفسهم. الشريعة وكذلك الأعراف الدولية تعطي هذا الحق لكل شعب، عندما يحتج الشعب بشكل سلمي ويتحدثون ويرددون الشعارات، ليس لأحد إطلاق الرصاص عليهم.


لو استجيبت لشكاوى الشعب داخليّا، لما رفعوها إلى الخارج
وفي جزء آخر من خطبته أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى التقرير الأخير للجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، قائلا: إن الأمم المتحدة شكلت لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في الشكاوى في الأحداث والاحتجاجات الأخيرة في إيران، وهذه اللجنة رفعت تقريرها إلى منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ذكرت في هذا التقرير أنواع شكاوى الشعب من الإعدام والإصابات، والتعرض للاعتداء في مراكز الاحتجاز.
وتابع فضيلته قائلا: لا يمكن رفض منظمة حقوق الإنسان بشكل كامل؛ قد لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية في مواضع قليلة، لكن معظمها يتوافق مع الشريعة. من الممكن أيضا أن بعض القوى تريد إساءة استخدام هذه المؤسسة والضغط على بعض الحكومات؛ نحن لا ننكر ذلك، لكن معظمه مفيد.
وأشار خطيب أهل السنة قائلا: قلتُ قبل سنوات عديدة للمسؤولين إنه ينبغي عليكم فتح أبواب سجونكم، وفتح أبواب سجن إيفين حتى تأتي منظمة حقوق الإنسان وتنظر. فإن كانت هناك أعمال غير قانونية في هذه السجون، فإن معظمها مخالف للشريعة الإسلامية أيضا. الشريعة الإسلامية قريبة جدا من حقوق الإنسان. بحسب الدستور، لا يمكن لأي مسؤول أن يضرب سجيناً ويعذبه. الاعتراف بالإكراه مرفوض وباطل من وجهة نظر الإسلام، ويجب حفظ مكانة المتهم ليكون قادرا على الدفاع عن نفسه. هذه قواسم مشتركة بين الإسلام وحقوق الإنسان.
واستطرد فضيلته قائلا: ليت المسؤولين قاموا بدعوة لجنة تقصي الحقائق لزيارة سجوننا ومراكز الاحتجاز والتحدث إلى السجناء السياسيين. إذا ارتكب ضباطنا جريمة في مكان ما، يجب علينا إصلاح الضابط وإيقاف القاضي والضابط الذي لم يتبع قوانين الشريعة. قال قاض في مدينة مشهد إنني أقل من الله بدرجة واحدة. قلت إنك أقل بكثير من كثير من عباد الله. فضلنا يكمن في تطبيق أوامر الله تعالى والنبي والشريعة، ولا يحقّ لأحد ارتكاب ما يخالف الشريعة والقانون.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: فيما يتعلّق بقضية إسقاط الطائرة الأوكرانية والتي كانت حادثة مريرة للغاية بالنسبة للشعب الإيراني بأكمله، وأنا على يقين من أن العديد من المسؤولين بكوا أيضًا على هذا الحادث، ولكن لماذا لا نقوم بتحقيق القضايا بحيادية وإنصاف حتى يرضى الله ويرضى العالم عنا؟! قلت لرئيس الجمهورية عن سبب عدم تعامل السلطات والمحاكم مع قضية الطائرة الأوكرانية بشكل صحيح، حتى لا يذهب أهالي ضحايا هذا الحادث إلى محكمة لاهاي وغيرها. كان علينا أن نتعامل مع القضية بنزاهة وحيادية.
وصرّح فضيلته قائلا: لو أن المؤسسة القضائية للقوات المسلحة طلب من الذين فقدوا أعينهم وأرجلهم وأطرافهم في الاحتجاجات والمظاهرات الأخيرة، أو من أهالي الذين قتلوا في هذه الاحتجاجات، ومن النساء والفتيات والشباب الذين هم في المعتقلات وتعرضوا للاعتداء، ودعاهم للحضور والشكوى، وتشكلت محاكم عسكرية، لما تقدموا بشكاواهم إلى حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات في الخارج. في ظل قمع الشعب في الاحتجاجات الأخيرة والقمع الدموي ضد أهالي زاهدان في الجمعة الدامية، يريد الشعب أن يتم التعامل مع هذه القضايا بإنصاف وهم ينتظرون حل هذه القضية، فلو تعاملنا مع هذه القضايا داخليا، فستحصل مرضاة الله ومرضاة الشعب، ولما رفع الشعب شكواهم إلى الخارج.
وأكّد مدير دار العلوم زاهدان قائلا: إن الشعب الإيراني من أكثر الشعوب ثقافة ومعرفة. عندما لم تكن لدى البلاد الأخرى حضارة، كانت لإيران حضارة، ومع دخول الإسلام تقدمت هذه الحضارة، لذلك يجب في هذا البلد احترام حقوق الإنسان وكرامته بطريقة تجعله نموذجا للعالم. الشعب الإيراني يريد هذا.


الشعب الإيراني يئس من الإصلاحيين والأصوليين
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: أيها المسؤولون الكرام! السياسات السابقة لم تنجح. لا تصروا على تلك السياسات، بل عليكم بتغييرها. يُسمع في هذه الأيام أن بعض الإصلاحيين يخططون لدخول الانتخابات، أقول للإصلاحيين والأصوليين إن الشعب الإيراني جربكم ويئس منكم، لأنكم لا تعرفون ماذا يمر على الشعب الإيراني. كان مؤلمًا جدًا بالنسبة لي أن أمّا سممت نفسها وأطفالها الثلاثة لأنه ليس لديها أي شيء تطعمهم في المنزل. لا ينبغي أن يكون الأمر على هذا النحو بأن يدخل الأب المنزل وليس لديه ما يعطيه لأولاده فيضطر للسرقة واللصوصية. الشعب محاصر، والضرائب كاسرة للظهر، ولا يستطيع الناس في هذه الحالة دفع الضرائب. الحياة صعبة للشعب في الظروف الراهنة.
وتابع فضيلته قائلا: لماذا لا تسمعون كلام الناصحين؟! قرروا لو أن شخصا أو منظمة تعتبر قرّة عينكم إذا ارتكب انتهاكًا للقانون أن تأخذوا بيده. لا ينبغي أن يكون هناك تمييز في تطبيق القانون، بل طبقوا القانون اليوم، وسوف ترتفع قيمة العملة غدا. افتحوا الأبواب أمام منظمة حقوق الإنسان، وأصلحوا إذا كان هناك أي نوع من الانتهاك، ثم انظروا كيف سترتفع قيمة العملة.


“الشعب” هو المحور الرئيسي و”الحكومة” هي ممثلة الشعب
وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: عندما يريد الشعب، يجب تغيير القوانين. الشعب هو المحور الرئيسي، والحكومة تمثل الشعب، وكل السلطات ليست بيد الحكومة. عندما يطلب الشعب من النواب تغيير القوانين، يجب الاستجابة لمطالب الشعب. من الرائج في العالم أن يستقيل الرؤساء والوزراء والمديرون عندما لا يريدهم الشعب. على المسؤولين أن يضعوا أيديهم في أيدي الشعب وأن يجلسوا في صف واحد معهم ويفكروا في مصلحتهم.
وأضاف قائلا: رحبوا بكلام الناصحين. نحن لسنا أعدائكم ولا أعطي لنفسي الحق في أن أتكلم بغير حق وبالإهانة إلى أي شخص، لكنني أعتبر نفسي مكلفا بعدم انتهاك الحق ولو قيد شعرة واحدة. أنا أجعل مصالح كافة الشعب نصب عيني. انظروا في كلماتي التي هي مفيدة للجميع. لدي أمنيتان للشعب الإيراني؛ أريد سعادة الدنيا وسعادة الآخرة للشعب الإيراني. أتمنى أن يذهب شعب إيران إلى الجنة في الآخرة وأن تكون البلاد جنة لهم في الدنيا.

475 مشاهدات

تم النشر في: 8 يوليو, 2023


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©