header
فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة عيد الأضحى ١٤٤٤:

على القضاء أن يكون مستقلا ومحايدا

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة عيد الأضحى ١٤٤٤، إلى “أسبوع القضاء” في إيران، مؤكدا على ضرورة استقلال القضاء وحياده، وعدم تأثره من أي جهة وشخصية.


القاضي ليس لحفظ مصالح النظام والحكومة، بل لحفظ العدل والإنصاف
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: هذه أيام “أسبوع القضاء”. القضاء مهم جدا، ويوجد في جميع الحضارات البشرية، ربما المحاكم في بعض المناطق تابعة للحكام والحكومات، لكن القضاء في الأنظمة والحكومات الديموقراطية مستقل وليس متأثرا بسياسة أي حكومة أو مؤسسة.
واستطرد فضيلته قائلا: كان القضاء موجودا في الإسلام الذي قدم حضارة جديدة إلى البشرية، وكان القضاء موجودا في سيرة النبي الكريم، وكان النبي والصحابة رضي الله عنهم يقضون، وكان الناس يراجعون إلى الراشدين. وقد علم النبي أصحابه القضاء بأن لا يميل القاضي إلى أحد جانبي النزاع، بل يجب أن يكون محايدا مستقلا.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى نماذج من القضاء في عهد النبي الكريم: جيء في عهد النبي الكريم بامرأة اسمها فاطمة وثبتت أنها سرقت، فأمر النبي الكريم أن تقطع يدها، فتوسل أهلها بأسامة زيد، فشفع أسامة، فغضب النبي وقال: أتشفع في حد من حدود الله تعالى. ثم حلف قائلا: والله إن فاطمة بنت محمد لو سرقت لقطعت يدها.
وأضاف: في عهد سيدنا علي رضي الله عنه لما وجد درعه عند يهودي، شكا إلى قاضيه شريح الذي عينه علي، فطلب القاضي منه شاهدين، فجاء علي بابنه ومولاه، فقبل القاضي شهادة مولاه، ولم يقبل شهادة ابنه. رضي علي بهذه الشهادة، وتعجب اليهودي وأسلم ورد الدرع إلى علي رضي الله عنه.
وتابع فضيلته قائلا: العدالة تعني أن لا يكون فرق بين الحاكم وغيره من المسؤولين مع سائر الناس. من المهم أن لا يكون القضاء متأثرا بالبيئة السياسية، بل لا بد من حفظ الاستقلال، والقاضي ليس حافظا للنظام والحكومة، بل حافظ للعدل والإنصاف، والقضاء لا يكون ملجأ للناس إلا إذا كان القضاة محايدين مستقلين بعيدين عن السياسة والمال وحتى الحاكم، كما كان سيدنا علي رضي الله عنه.


كان على القضاء أن يحفظ حياده في الاعتراضات الأخيرة
وأضاف فضيلته قائلا: كنا نرجو أن تحافظ مؤسسة القضاء استقلاله في الاعتراضات الأخيرة، فالمعترض الذي لم يتعد القانون وذهب ملفه إلى القضاء، على القاضي أن يكون محايدا في هذا الملف، ولا مكان للاعترافات القسرية في الإسلام ولا في الدستور أيضا. نحن لا ندافع عن أعمال الشغب، بل نمنع منه، ولكن الاعتراض هو الحق المسلم للشعب.
واستطرد فضيلته قائلا: تمر أشهر على الجمعة الدامية، كان عوائل الشهداء وكافة الشعب يرجون أن يعمل القضاء باستقلال وحياد في هذه القضية وأن يعاقب الضباط اللذين استهدفوا المصلين. أعلنوا البعض من القتلى شهداء، ويترددون إلى بيوتهم، لكن قلب الشعب لا يتسلى بهذا، بل يتسلى الشعب إذا عوقب المجرم.
وتابع: هناك حوادث أخرى في مستوى البلاد مثل حادثتي زاهدان وخاش، وفي مستوى البلاد فقد المعترضون أعينهم أو عضوا من أعضاء جسدهم، أو قتلوا، ولم يكن حقهم ذلك، يرجى أن تطبق مؤسسة القضاء العدل فيهم، ولا يضيع حقهم بسبب الاعتراض.
وأضاف قائلا: تعرض المعتقلون والمعتقلات للعنف، والذين أطلق سراحهم يحكون عن مشكلات وأعمال عنف في السجون بحق النساء والرجال، وكان المرجو من مؤسسة القضاء أن تتخذ خطوات جادة في هذا المجال، وتعاقب المتجاوزين للقانون. لا ينبغي أن تحدث في السجون والمعتقلات أعمال مغايرة للشريعة والقانون، وعلى مؤسسة القضاء أن تقوم بمتابعة هذه القضايا.


الفساد المالي في البلاد بحاجة إلى كفاح جادّ
وأضاف فضيلته: مع الأسف لقد عم الفساد البلاد، وأصبح مثل سرطان سيء للغاية، هناك فساد مالي، وليس القضاء مستثنى عن هذا، لا شك أنه يوجد في القضاء من هم يكرهون هذا، لكننا كمواطنين نعرف أن الكثيرين من الأفراد متورطون في الفساد.
وأكد فضيلته قائلا: يرجى الوقوف ضد هذا الفساد حتى لا يضيع أحد من القضاة الحق، فهناك شكاوي عديدة من المناطق المختلفة في البلاد، وهذا يضر باستقلال القضاء وبسمعة البلاد. يجب الوقوف ضد هذا الفساد، وإن الطرق القديمة غير كافية ولا بد من الأساليب الجديدة.


لقد يئس شعبنا من الانتخابات وصناديق الاقتراع
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى انتخابات المجلس قائلا: تطرح هذه الأيام قضية انتخابات المجلس، ويتصلون بأفراد ويطلبون منهم المشاركة في الانتخابات، لكن الشعب الإيراني يواجه الفقر والبؤس والمشكلات العديدة، وهذا من نتائج ضعف المديرين. في بلادنا توجد ظاهرة الهروب من النخب، ويتم إبعاد النخب والمديرين الاكفاء، ويُختار المديرون الضعفاء من فئات مختلفة، وهذا ضعف في الاختيار حيث يختار مجلس صيانة الدستور أشخاصا ضعفاء للمجلس.
وتابع فضيلته قائلا: لقد تضررت تجارة الناس، والجميع قلقون بسبب ارتفاع التضخم. النواب في البرلمان ليسوا نواب الحكومة، بل نواب الشعب، وعليهم أن يتكلموا بما يريده الشعب، وحينما يعجزون عن الدفاع عن حقوق الشعب، فكيف يمثلونهم؟ يجب أن يشرف الممثلون على تنفيذ القانون وعلى السياسات الداخلية والخارجية، ويتحدثوا عن حقوق الشعب في المجلس.
وصرح فضيلته قائلا: الشعب يئسوا من الانتخابات وصناديق الرأي، ويرون أن الانتخابات وصناديق الرأي لا تحل مشكلات البلاد. صناديق الرأي وصلت إلى أسوء أوضاعها، والأسلوب التمييزي في الانتخابات لا جدوى منه، ولا توجد دوافع في الشعب للمشاركة في الانتخابات. كان مستوى المشاركة في الانتخابات الأخيرة للمجلس والرئاسة ضعيفا جدا، ولا يرجى أن تكون لهم مشاركة في الانتخابات القادمة.


إذا أردتم التغيير في البلاد، عليكم بالمصالحة مع الشعب
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: ما نشاهد أن المسؤولين في البلاد يبحثون عن العلاقة مع الولايات المتحدة وأوروبا والبلاد الغربية، خطوة جيدة، وهذا من مطالب الشعب، لكن الأصل هي التغييرات داخل البلاد. إذا أردتم التغييرات فعليكم بالمصالحة مع الشعب أولا وحققوا مطالبهم، وأطلقوا سراح السجناء السياسيين.
وأضاف: هذه الكلمات أقولها عن خير ونصيحة، لكن المؤسف في بلادنا أنه لا يرحب بالمنتقد وبمن تحدث بصراحة ووضوح، وهذه الكلمات نقولها عن إرادة خير، ولا نريد التخريب. نحن نحب وطننا ونريد سيادة أراضينا، ونحب أن تتسع صدور المسؤولين ولا يفرقوا بين المذاهب والقوميات المختلفة، ويحدثوا في البلاد التغييرات والتطورات ليعيش الشعب مرتاحين.


لم يكن في سفرنا للحج ضرر لأحد
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد في ختام كلمته: كنت عازما لرحلة الحج في هذه السنة، وكان لي مرافقون في هذه الرحلة، واقترح البعض أن لا أذهب للحج، وكنت مترددا، لكني لم انصرف عن الذهاب.
وتابع: بشأن منعنا من هذا السفر، فلست أشكو لشخصي، ولكن منعهم للأشخاص الذين كانوا يرافقونني، فهذا مغاير لنص صريح من كتاب الله تعالى حيث يقول: “ولا آمين البيت الحرام”.
وأضاف قائلا: ولو أني ذهبت للحج أيضا، لجلست في زاوية من المسجد الحرام وأقوم بأداء المناسك، وكنت أدعو للجميع، ولم يكن في هذا السفر ضرر لأحد.

451 مشاهدات

تم النشر في: 1 يوليو, 2023


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©