اعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (٤ ذوالحجة ١٤٤٤) مصالح الشعب الإيراني الدينية والمادية، أبرز ما يثير قلقه، مؤكدا على أنه يرحب بكل تهديد من أجل تحقيق مطالب الشعب الإيراني.
إيران من البلاد التي تشهد أكبر هجرة للعقول
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: هجرة العقول والمتخصصين والمثقفين والمؤهلين، من القضايا التي تزعجنا و تزعج عامّة الشعب الإيراني، وإيران من البلاد التي تشهد أكبر عدد لهروب النخب وهجرة العقول في العالم.
وأشار فضيلته إلى علل هجرة العقول قائلا: هجرة العقول ناشئة عن علل مختلفة من أبرزها المشكلات الاقتصادية؛ مع الأسف هبطت قيمة عملتنا، وهذه العملة الهابطة أيضا لا يستيطع أحد أن يكتسبها، والمشكلات الاقتصادية تضغط على الشعب بشدة، والكثير من المتخصصين والخبراء حينما يعرفون أن هناك حاجة إلى تخصصهم في البلدان الأخرى يهاجرون إليها. أكبر ثروة للبلاد عقولها ونخبها اللذين من شأنهم أن يكونوا مؤثرين للشعب والمجتمع، لكن من المؤسف أن بلادنا فقدت هذه الثروة.
لقد تضررت المصالح الوطنية
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان: صرّحت مرارا أنّ المصالح الوطنية تضررت في بلادنا، ولم تعتن بالمصالح الوطنية في بلادنا كما يهتم بها في عالمنا المعاصر وفي سائر البلاد، بل الكثير ممن لهم سلطة وقوة صادروا المصالح والفرص المختلفة لصالحهم، وهنا لقد تضررت المصالح الوطنية ومنافع عامة الشعب، وأصبحت خزانة البلاد فارغة. هذه المشكلات أثرت في كافة الفئات والطبقات.
وأضاف: لا نرى في الأفق القريب إصلاحا للمشكلات الاقتصادية، لأن هناك أمرين ضروريين للإصلاح؛ الأول الأدوات والوسائل، والثاني السياسة الحكيمة؛ كل مشروع يحتاج إلى قوى ووسائل ومن ثمّ إلى التخطيط واتخاذ سياسية حكيمة؛ ما لم يتم إصلاح السياسات وما لم توفر الأدوات والقوى المطلوبة لها، لا يمكن حل المشكلات الاقتصادية، لكن هناك مخاوف وقلق في هذا المجال ولا نرى أملا للمستقبل، ونرجو أن يحدث شيء حتى تتخفف معاناة الشعب الإيراني.
واستطرد مدير دار العلوم زاهدان قائلا: مع الأسف تعاني البلاد من القحط أيضا وهو مما زاد من بلاء الناس ومشكلاتهم، فهناك ضغوط سماوية وسببها قصورنا في الأعمال والظلم وإراقة دماء الأبرياء، وتمسّ الحاجة لنعود جميعا إلى الله تعالى.
لا توجد بيئة الترحيب بالنقد في البلاد
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على أنه لا توجد بيئة الترحيب بالنقد وتوحيد صنع القرار قائلا: في إيران لدينا مشكلة من القديم، وهذه المشكلة كانت من العهود الملكية، وعندما تغيرت إلى الجمهورية الإسلامية، استمرت هذه المشكلة، وهي أن جماعة خاصة تحيط بالقادة والرؤساء ولا يأذنون بالاقتراب إلى الملك أو الزعيم إلا لمجموعة معينة وهي المجموعة التي تخبر الملك أو الزعيم أن كل شيء على ما يرام في البلاد؛ نحن مواطنون في هذا البلد ونعرف أنهم يأذنون لأي جماعة أو أفراد ليلتقوا بكبار المسؤولين.
وتابع قائلا: هكذا في بلادنا لا يرحب بالنقد، ويهربون من كل من ينتقد ويتحدث لصالح الوطن ولا يعجبهم من ينتقد، والنتيجة أن المشكلات لا تصل إلى الجهات العليا وتبقى بلا حل. أنا أقول هذه الكلمات للتاريخ، أن من يصل إلى السلطة كحاكم في أي جزء من العالم ويدير البلاد، يجب أن يسمع للفئات المحرومة والفقيرة والمنتقدة، فإذا تم سماع فئة واحدة فقط ولم يتم سماع الانتقادات، فالنتيجة أن القرارات تكون غير صحيحة.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: للأسف لا يؤذن بالانتقاد في البلاد، فكل من ينتقد يتم استدعاؤه من قبل جماعات الضغط، بحيث لو انتقد عضو مجلس النواب، يتعرض للضغوط. الهروب من النقد ضارّ جدا، وطالما أنه لا يوجد نقد وطالما لا يتم بيان المشكلات وإظهارها ولا يسمع الكبار وصناع القرار المشكلات، فكيف يمكن الإصلاح؟
واستطرد فضيلته: كذلك لم يكن هناك أيضا توحد لمراكز صنع القرار في بلادنا، فهناك العديد من الجهات ذات النفوذ والتأثير في بلادنا ولا يستطيع صانع القرار إيقافهم؛ إذا لم تكن هناك مركزية للسلطة ومركزية لصنع القرار، وكل يحكم بنفسه ولا يكون هناك تشاور، وإذا نفّذ صناع القرار قراراتهم الخاصة بدلاً من القانون، سينشأ تمرد على القانون في البلاد، وتصبح المصالح الوطنية أول ضحاياها.
العدل والحرية من المطالب الأساسية للشعب
وقال خطيب أهل السنة: تعد “الحرية” و”العدل” من المطالب الأساسية والمحورية للشعب الإيراني ولن يتنازل عنها الشعب، كما يطالب الشعب بإزالة التمييز وتطبيق العدل والحرية.
وأكد فضيلته قائلا: حرية الرأي والقلم ضرورية جدا، ولا يمكن التنازل عنها. هذه الحريات حاجة البلاد، ولم يطبق الدستور أيضا في هذا المجال؛ لكنهم قمعوا الحريات بفرض التوجهات الشخصية، ولقد أضرّ سلوكهم هذا بمصالحنا الوطنية.
على المسؤولين التخلي عن السياسات الفاشلة
واستطرد فضيلته قائلا: أوصي المسؤولين بأن لا يتبعوا السياسات والتجارب الفاشلة، فاتّباع السياسات الفاشلة ليس معه إلا الحسرة والندم. اتركوا السياسات الفاشلة، وفاوضوا الشعب المعترض بسياسات جديدة. اسمعوا كلام المعترضين والشعب، فالشعب هم الأصل في كلّ نظام، فيجب عليكم أن تهتموا بهم.
وأضاف قائلا: نحن لا نتبع المنافع الشخصية، ولا نطمح إلى منصب، ولا نتبع منافع مادية، بل نريد المصالح الوطنية والشعبية، ولا نريد أن يضيع حق أحد.
أدافع عن مصالح الشعب ما دامت الحياة في عروقي
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: نحن نريد الخير لكافة الطبقات والجماعات من الشعب، ونوصي الجميع باتباع منافع الشعب، ونوصي المسؤولين أيضا أن يكونوا مع الشعب؛ نحن نتمنى أن تعمر دنيا الشعب وآخرته، ويسود العدل والإنصاف، سواء كنا على قيد الحياة أو لم نكن؛ أريد سعادة الشعب في الدنيا والآخرة، وأدافع عن مصالحه ما دامت الحياة في عروقي، وأستقبل كل تهديد في هذا المجال.