أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في زاهدان، في خطبة الجمعة (27 رمضان 1443) إلى أهمية التزكية والإصلاح في التعاليم الدينية، معتبرا “تزكية النفس من الرذائل الأخلاقية” أعظم رسالة رمضان، كما أكد فضيلته على ضرورة الاهتمام بالأحكام والتعاليم الدينية للتزكية والإصلاح، والاستفادة من الفرص الباقية لشهر رمضان.
وقال فضيلته: إن الله تعالى أقسم في كتابه قائلا: “قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها”. إنّ الله تعالى خلق البشر، ويعرف طريق إصلاحهم وحاجاتهم.
وتابع قائلا: إنّ الله تعالى اهتمّ بكافّة الحاجات المادّية والروحية للبشر وخطط للجميع، فالصوم وجميع الأحكام الإلهية هي من أجل تزكية الإنسان وإصلاحه. جاء رمضان والصوم ليكسر “التمرد” و”الأنانية” و “التكبر” في وجود الإنسان، ليرى الإنسان نفسه أصغر في القلب من غيره.
وأشار خطيب أهل السنة إلى خطر النفس الأمّارة بالسوء قائلا: لقد تركت كثرة السجود أثرها في جبين الشيطان، ولكن لعدم إصلاحه ولتكبره وتمرده، أجبرته النفس على معصية الله علانية. النفس أكبر أعداء الإنسان، والنفس لديها رغبة كبيرة في الخطيئة والعصيان والتمرد والشهوات، وهي تأمر بالشر، وهي خطيرة للغاية إذا لم يتم السيطرة عليها.
واستطرد فضيلته: إذا لم تصلح نفس العالم والعابد وغيرهما من البشر، وكان فيها تكبر وتمرد وأنانية، فهناك خطر أن يضل الإنسان في يوم من الأيام عن طريق الهداية. أحيانًا يقول البعض: أنا عالم، أو عابد، أو من القبيلة الفلانية أو العائلة الفلانية، لكن يجب علينا جميعا أن نترك الرغبات المحرمة للنفس وراء ظهورنا. إن الله تعالى يريد منا أن نخرج الأنانية والتمرد من النفس، ونكون متواضعين.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: كلّ إنسان فيه ضعف وقصور بطبيعته البشرية، لذلك علينا أن نغض أبصارنا على أخطاء الآخرين ونرى أخطائنا فقط. بحسب ما قاله مولانا جلال الدين الرومي إن أنفسنا ليست أقل من نفس فرعون، لكن كانت عند فرعون الحكومة والقدرة، ونحن لا نملكها، فلو كانت لدينا قدرة، والله أعلم ماذا كنا ننشر من الظلم والفساد والقمع في العالم، وماذا كنا نصبّ على الناس من البلايا والمصائب، كما أن الكثير من الذين يشتكون ظلم السائرين ولم يتم إصلاحهم وتزكيتهم، عندما يتولون الحكم بأنفسهم لا يحجمون عن أي ظلم واضطهاد للغير.
وأردف فضيلته قائلا: الذين يرون عيوب الغير، ويسخرون منهم، سببه أنهم يعتبرون أنفسهم بريئين من الذنب، فالرجل المستبد والمتكبر المعجب برأيه، يغتاب ويحتقر الآخرين، ويطعن فيهم، وينطق بما يكون سببا لإحباط الغير. جاء رمضان لإزالة التكبر والأنانية من النفس، وليجعل المرء متواضعا.
وأكد مدير جامعة دار العلوم زاهدان على ضرورة تزكية النفس وإصلاحها بالحسنات، وتابع قائلا: يجب إصلاح النفس، والنفس تصلح بالصلاة والصوم والزكاة والأعمال الصالحة وخدمة الناس، والصوم وصفة عظيمة ونعمة لتكوين الإنسان، حيث تأتي بالخضوع والتقوى في الإنسان، وجميع أوامر القرآن الكريم لأجل أن تُوجِد التقوى في النفوس، ومن أصلح نفسه فقد حقق الفلاح.
وأضاف خطيب أهل السنّة قائلا: إنّ إصلاح النفس ليس بالمهمّة السهلة، بل تحتاج إلى مجاهدة، ولنستعذ بالله تعالى من شياطين الجن، ولنجاهد ضد النفس، ونجعلها مطيعة لله تعالى، كما أن الوقوف أمام الأعداء الذين فيهم طبيعة استكبارية جهاد أيضا، ولكن ربما إذا لم يُصلح المرء نفسه، سيفشل في الجهاد مع الأعداء.
واستطرد خطيب أهل السنة قائلا: مهمة الصوم إزالة التكبر، وإنشاء التواضع في القلب، وجعل الإنسان في طريق التقوى والخشية حتى يرى الإنسان كلّ شيء من عند الله تعالى، ولولا فضل الله ونصره، لا نستطيع أن نفعل شيئا.
لقد وصل جميع الأنبياء عليهم السلام إلى النجاة من منطلق تزكية النفس.
وفي نهاية هذا الجزء من خطبته، أكّد فضيلة الشيخ عبد الحميد على ضرورة اغتنام الفرصة المتبقية من رمضان و تابع قائلا: دعونا نعبد الله تعالى في الأيام والساعات المتبقية من رمضان، ونلوم أنفسنا على القصور والضعف، ولنجلس في الخلوة، ونتذكر نعم الله تبارك وتعالى، ونقر بضعفنا.
لقد حان الوقت لأن يسمع المجتمع الدولي صوت الشعب الفلسطيني المظلوم
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من كلمته إلى يوم القدس العالمي وتابع قائلا: إن القمع والعدوان الإسرائيلي على أرض فلسطين مستمر منذ عقود. لقد اغتصب الإسرائيليون أراضي فلسطين، وابتعلوا تلك الأراضي، وأقاموا مستوطنات يهودية في أرض المسلمين.
وتابع فضيلته: المسلمون الفلسطينيون يقاتلون من أجل “حريتهم واستقلالهم” منذ عقود. لقد حان الوقت للمجتمع الدولي والمجتمع الإنساني أن ينصفوا هذا الشعب ويستمعوا صرخة الشعب الفلسطني المظلوم. لا بد من إعادة أرض الفلسطينيين إليهم، وعليهم أن يؤسسوا حكومة مستقلة ويحكموا مصيرهم حتى يكون العالم آمناً.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: قضية فلسطين قضية عالمية ولا تعتمد فقط على الفلسطينيين، كل المسلمين والمناضلين من أجل الحرية حول العالم يدعمون النضال الفلسطيني، وإن كفاح الشعب الفلسطيني منتصر، ولا ينبغي لليهود أن يذلوا أنفسهم أكثر من هذا، ويجب عليهم أن يعودوا إلى بلادهم ويتراجعوا إلى حدودهم، ويتركوا الشعب الفلسطيني المحب للحرية أحرارا.