تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبته يوم الجمعة (15 رجب 1440) بعد تلاوة آية “قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى، بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى، إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى”، إلى أن الله تعالى جعل في هذه الأيات “التزكية” و”الإصلاح” و”الصلاة” من أهم عوامل الإصلاح وبناء الإنسان، كما أشار إلى أن ترجيح حياة الدنيا على الآخرة، من مواضع الضعف في الإنسان.
وأضاف فضيلته مشيرا إلى أن أحد أهم درجات الإصلاح والتزكية، تطهر القلب من الشرك والكفر: الشرك للقلب كسرطان مؤسف، ويزيل إيمان الإنسان كاملا. حينما يطهر الإنسان قلبه من أي نوع من الشرك والكفر، يصل إلى أعلى درجات التزكية والتقوى.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: حينما لا يهتم الإنسان بتزكية نفسه وإصلاحها، يتعرض قلبه لهجوم الذنوب والمعاصي الباطنية كالتكبر، والحسد، والحقد، والحب الشديد للمال والمنصب، ومثل هذا القلب لا يهتم بحقوق الله وحقوق الناس، وينحرف عن الطريق الصحيح.
واستطرد فضيلته معتبرا “الصلاة” أهم جسر للتعلق مع الله تبارك وتعالى: من أهم أركان الإسلام الصلاة. الإنسان يتعلق بربه من خلال الصلاة، وينشأ في وجوده التواضع والخضوع. الصلاة تمنع الإنسان من ارتكاب المعاصي والذنوب الصغيرة والكبيرة.
واعتبر مدير جامعة دار العلوم زاهدان ترجيح الثروة والمنصب على الآخرة من أهم عوامل الفساد والذنوب، وتابع قائلا: محبة الدنيا محور الذنوب والمعاصي. إذا دخلت محبة الدنيا في القلب، تكون سببا لأنواع من الفساد والذنوب. لا بأس بالسعي لاكتساب الدنيا، لكن يجب أن نكون مواظبين لئلا يتمكن حب الدنيا في القلب، لأن القلب يجب أن يكون موضع محبة الله ورسوله والأعمال الصالحة.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى نوعي النفاق الاعتقادي والعملي، وأضاف: النفاق على نوعين: النفاق الاعتقادي الذي لا يؤمن فيه الشخص بالله ورسوله والإسلام، كمنافقي المدينة المنورة في عهد الرسول الكريم. والنفاق العملي هو أن يعتقد المرء بالله ورسوله؛ لكنه مصاب بأساليب المنافقين؛ يكذب، وينقض العهد، ويشتم، ويخون في الأمانة.
ووصف رئيس منظمة اتحاد المدارس الدينية لأهل السنة في محافظة سيستان وبلوشستان، “البخل” من الأمراض المهلكة والخطيرة للقب، وتابع قائلا: من الأمراض الظاهرة للقلب أن تنسد عروقها، لكن مرض البخل أخطر بكثير من هذه الأمراض. البعض ابتلوا بحب المال بحيث إذا أدوا زكاة أموالهم يحاسبونها أضعاف الأسعار الرائجة في السوق، وهكذا يريدون أن يخدعوا الله سبحانه وتعالى.
واستطرد فضيلته قائلا: الذين لا يستحيون، يرتكبون المعاصي الكبيرة، ويفرقون بين أفراد عائلة واحدة بالسحر، ويزنون، ويرتكبون القتل، ولا يغضون أبصارهم، وأعينهم ممتدة نحو أموال الناس وأعراضهم وثرواتهم.
شعبان ورمضان؛ شهرا التزكية والإصلاح
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد شهري “شعبان ورمضان” بـ “شهري التزكية والإصلاح”، قائلا: نقترب من شهري شعبان ورمضان اللذين هما شهرا التزكية والإصلاح. علينا أن نصوم أكثر، ونعبده، ونخرج في سبيل الله. أسلافنا كانوا يعطلون المدارس الدينية في رجب وشعبان، ليشتغل الطلبة والعلماء في هذين الشهرين بتزكية الظاهر والباطن، ويصلحوا أنفسهم من الرذائل.