أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (23 جمادى الثانية 1440)، إلى ذنوب كبذاء اللسان، وإساءة الظن، والغيبة، والتهمة، مؤكدا على ضرورة اتباع سيرة الأنبياء للوصول إلى الحياة السليمة.
وأضاف فضيلة الشيخ عبدا الحميد بعد تلاوة آية “یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَا یَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن یَکُونُوا خَیْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن یَکُنَّ خَیْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَکُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِیمَانِ وَمَن لَّمْ یَتُبْ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ”: ورد في الحديث الشريف أن اليهود قالوا مستهزئين لبعض الصحابة: قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، فقال: أجل، لقد «نهانا أن نستقبل القبلة لغائط، أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم».
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كوالد مشفق يعلم أبنائه آداب النظافة، والأكل، والشرب، وكل شيء. رحمة النبي وشفقته بالنسبة إلى الأمة كانت أفضل من رحمة الوالدين بالنسبة إلى أولادهم. لقد علم الأنبياء بسيرتهم وأعمالهم أسلوب الحياة للأمة، والقرآن الكريم أيضا علمنا كيف نعيش في الدنيا لئلا يتضرر أحد بحياتنا.
وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: كانت في الجاهلية رائجة بين العرب أن الطبقات المختلفة من الشعب يسخر بعضهم من بعض، وكان الأشراف وعوائل الأغنياء يسخرون من الفقراء، لكن القرآن الكريم منع جميع الرجال والنساء من السخرية، وقال: “لا يسخر قوم من قوم”. لأن السخرية لها تبعات، وتثير العداوة والبغضاء، وهي مغايرة للحياة السليمة، ثم أنتم لا تعرفون لعل أولئك الرجال أو النساء الذين تسخرون منهم، أفضل عند الله منكم.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لا ينبغي أن يخاطب بعضنا بعضا بالألقاب القبيحة وإن كان مزاحا، لأن هذا مخالف لنصوص القرآن الكريمة. يجب أن نخاطب الأولاد بالأسماء الجيدة. مع الأسف البعض يهين الأطفال ويحقترهم، وهذه عادة سيئة.
وحذر فضيلة الشيخ عبد الحميد من سوء الظن، وتابع قائلا: لا ينبغي أن نسيء الظن إلى الناس، لأن الكثير من الظنون لا حقيقة لها، وتعد من الذنوب. وقد ارتكب الكثير من الناس القتل نتيجة سوء الظن والشك.
وتابع مدير جامعة دار العلوم زاهدان مستنكرا الغيبة، واصفا إياها من نتائج التكبر: الغيبة وبيان معايب الناس، من نتائج التكبر. الإنسان الذي هو متواضع ولا يرى نفسه أكبر من غيره، لا يغتاب أبدا. يجب أن نذكر محاسن الناس وصفاتهم الجيدة. هذا تعليم الدين وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واستطرد خطيب أهل السنة قائلا: يقول الله تعالى: “لا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا”. هل تحبون أن تأكلوا لحم أخيكم الميت؟ فالغيبة مثل أكل لحم الإنسان قبيح ومثير للكراهية. الغيبة من المهلكات، ولا تقبل بالتوبة أمام الله تعالى، بل يجب أن يطلب عفو الأخ الذي اغتابه.
واعتبر خطيب أهل السنة “التهمة” من أكبر المعاصي والذنوب، وتابع قائلا: التهمة معصية كبيرة، وهي عادة رائجة بين النساء أكثر من الرجال. ولما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعة من النساء؛ طلب منهن البيعة على أن لا يأتين ببهتان. قال الله تعالى: {يا أيها النبي إذا جاء المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان}.
رسول الله صلى الله عليه وسلم كوّن مجتمعا راشدا بالوحي
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع بالوحي والقرآن مجتمعا راشدا، وجعل الأمة على المنهج الصحيح. رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام حضارة يمكن للناس أن يعيشوا من غير أن يتأذى أحد من لسان الآخر ويده وقلمه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”.
واستطرد مدير اتحاد المدارس الدينية لأهل السنة في سيستان وبلوشستان: “الإنسان” مشتق من الأنس، وحينما يرافق إنسانا آخر يشعر بالأمن والراحة. فلا ينبغي أن يضر الإنسان بآخر، ويحقد أحدهم الآخر. وعن أنس – رضي الله عنه – قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسي وليس في قلبك غش لأحد فافعل. ثم قال: يا بني وذلك من سنتي، ومن أحب سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة.
الأمطار الأخيرة تبشر بعام عامر
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في نهاية خطبته إلى نزول الأمطار الأخيرة في سيستان وبلوشستان، واصفا هذه الأمطار بأمطار تبشر بسنة عامرة، وتابع قائلا: لم يكن أحد يتصور أن يزول القحط بهذه السرعة. هذه من رحمة الله وعنايته، حيث ينزل رحمته كلما قنط عباده؛ {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد}. نزول المطر بعد القنوط يطلب شكرا.
وأوصى فضيلته الجميع بالصبر عند المصيبة، والشكر على النعمة، وتابع قائلا: لا ينبغي للإنسان أن ييأس عند مواجهة المشكلات. أحيانا يمرض الإنسان بشدة بحيث لا يوجد رجاء له في الحياة، لكن الله تعالى يزيل المرض، ويصبح المرء سالما لا يبقى فيه أثر من المرض. لأجل هذا حينما ترد مصيبة لا ينبغي أن نكون مضطربين وقلقين، وحينما تنزل علينا رحمة ونعمة لا ينبغي أن نتكبر ونبتلى بالغرور.