تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (9 صفر 1440) إلى أن الأعمال الصالحة للإنسان تتبدل إلى الجنة، وأعماله السيئة تتبدل إلى النار، موصيا فضيلته المصلين على الصبر عن المعاصي، والصبر على الطاعة والتوبة والاستغفار والعدل بين الأولاد.
وأضاف فضيلته بعد تلاوة آية: “من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”: إن الله تعالى جعل شقاء الإنسان وسعادته في أعماله. حينما يتحدث القرآن الكريم عن الجنة ونعيمها، يتحير الإنسان من عظمة هذه النعم، وهكذا حينما نتلو ما ذكر في كتاب الله من العذاب الإلهي، نتحير من العذاب العظيم الذي أعده الله تعالى للعصاة.
وتابع فضيلته قائلا: وفي الحقيقة، إن الأعمال الحسنة أو السيئة هي التي تتبدل إلى جنة أو نار. يقول الله تعالى: {وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون}. أنتم ورثتم الجنة بأعمالكم، وفي الجنة توجد زيادة على ما يفعل الإنسان وهو الفضل الإلهي. كل نعيم الجنة مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، بسبب أعمال الإنسان وفضل الله تعالى.
وتابع مدير جامعة دار العلوم زاهدان: أعمال الإنسان الحسنة لا تبدل آخرته إلى الجنة فحسب، بل إذا كان إيمانه قويا وعمله صحيحا، يبدل الله تعالى دنياه أيضا إلى جنة، ويسود الأمن والهدوء حياته، ويتمتع الإنسان من حياته، وتزول الاختلافات العائلية والقبائلية والمناطقية، وإذا كان أعمال الناس جيدة حسنة، تتحسن أعمال العمال والحاكمين عليهم.
واعتبر خطيب أهل السنة “عذاب الدنيا والآخرة” من نتائج أعمال الإنسان، وتابع قائلا: إذا ابتلي الناس في الدنيا بمفاسد أخلاقية واعتقادية وعملية، ستتبدل دنياهم إلى جهنم؛ ولا شك أن الدنيا ليست دار الجزاء، وهي دار العمل، لكن الإنسان سيشعر آثار أعماله السيئة والحسنة في هذه الدنيا، ويتمتع من رائحة عمله الحسن. نتيجة الأعمال السيئة للإنسان، يتوجه نحو الإنسان أنواع من المشكلات كالاختلافات والتفرق والقحط والمجاعة. لذلك يعاني الإنسان من العذاب في الدنيا، وفي الآخرة يواجه أنواعا من عذاب النار التي لم يخطر ببال أحد. خزي يوم القيامة أو عزة ذلك اليوم، وسكرات الموت، ونعيم الآخرة، وراحة القبر أو صعوباته، كلها من نتائج أعمال البشر.
وأضاف فضيلته قائلا: المهم أن نصلح أعمالنا وسلوكنا؛ فالأعمال التي نرتكبها كالفسق والفساد وإدمان المخدرات والخمور والربا، والرشوة والظلم وغياب العدل والكذب والنفاق والرياء وغيرها، هي التي تتبدل إلى نيران جهنم. تضييع حقوق الناس، وتضييع حقوق الوالدين والجيران والأقارب، والغيبة والسخرية والاستهزاء بالناس، تتبدل في القبر ويوم القيامة إلى ثعابين وسباع تهجم الإنسان.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: نحن من بيدنا مصيرنا؛ إن الله تعالى أرشد الناس ولا سيما المسلمين طريق الجنة أو النار من خلال الكتب السماوية وسيرة الأنبياء وسيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وتابع فضيلته مشيرا إلى أن ترك الذنوب والمعاصي يكون سببا في أن يتمتع الإنسان من إيمانه وحياته: عندما تأتي وسوسة المعصية، يحث الشيطان الإنسان على فعل المعصية، وفي مثل هذه الظروف يجب أن ندفع وسوسة الشيطان من أنفسنا، ونشتغل بأمر آخر، ونلجأ إلى الاستغفار والتوبة، ونفكر في عذاب القبر وسخط الله تعالى. تصوروا أن الله تعالى قهار ويغضب إذا عصيناه. في مثل هذه الظروف إذا تركتم المعصية، تلذون من الإيمان ويعطيكم الله تعالى حياة سعيدة.
وأشار فضيلته إلى أن علاج كافة المصائب والمشكلات في التوبة والاستغفار، قائلا: يقول الله تعالى: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا}. ويقول الله تعالى: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}، والمتطهرون هم الذين يطهرون أنفسهم من كافة النجاسات الظاهرة والباطنة. على الإنسان أن يطهر نفسه من نجاسة الكفر والشرك والنفاق والرياء وكافة الذنوب والمعاصي.
ونصح فضيلة الشيخ في نهاية هذا القسم من الخطبة الوالدين بالعدل بين الأولاد، وقال مخاطبا إياهم: اعدلوا بين أولادكم، ولا تؤثروا الأبناء على البنات؛ الأولاد جميعا أفلاذ أكباد الوالدين، ويجب أن تكون الرؤية إلى الجميع متساوية. الذين يحرمون البنات من الميراث يشترون النار بأيديهم.
الضغوط على المساجد والمدارس الدينية مغايرة للدستور ومخلة بالوحدة
وفي قسم آخر من خطبته، نصح فضيلة الشيخ عبد الحميد، المسؤولين “بالعدل والاجتناب من التصرفات القومية والمذهبية”، منتقدا ممارسة الضغوط على بعض المساجد والمدارس الدينية لأهل السنة في الآونة الأخيرة.
وقال فضيلته: على المسؤولين وكافة الرؤساء أن يكون سلوكهم مع الشعب سلوكا عادلا، وليجتنبوا من التصرفات القومية والمذهبية، ولا يميزوا بين القوميات والطوائف.
وأشار خطيب أهل السنة إلى الضغوطات على بعض المساجد والمدارس الدينية لأهل السنة في البلاد، وتابع قائلا: تلقينا أخيرا تقارير تحكي عن بعض الضغوطات على بعض المساجد والمدارس الدينية لأهل السنة، والتضييق على إقامة الصلاة والشعائر المذهبية في بعض نقاط البلاد.
وصرّح مدير جامعة دار العلوم في مدينة زاهدان: نحن نستحيي من مثل هذه التصرفات والحركات ونتعجب. المنع من نشاط مدرسة دينية أو التدخل في شؤون مسجد؛ كل هذا مغاير للوحدة والانسجام، ولا يقرب شعبنا بعضه مع بعض.
ووصف فضيلته مثل هذه التصرفات بـ “التصرفات الصبيانية”، وتابع قائلا: مع الأسف يرتكب البعض من الأشخاص الذين يصفون أنفسهم بالمسؤولين، أعمالا صبيانية. منع العبادات والأعمال التعليمة مغاير للدستور، لأن الدستور أعطى الحرية التامة في مجال المساجد وإقامة الصلاة والتعليم والتربية.
واستطرد خطيب أهل السنة قائلا: من قلة الوعي والتعقل ومغاير لسعة الأفق أن يأتي أناس في الظروف المتأزمة الحالية التي يواجه الشعب أنواعا من الضغوطات المالية والاقتصادية والعقوبات الظالمة، ويقوموا بمثل هذه التصرفات والأعمال والتضييقات المذهبية.
وأضاف قائلا: التصرفات القومية والطائفية تضر المجتمع والبلاد، ويتحدى أي نظام وحكومة. يجب أن تكون خطوات المسؤولين وتحركات الرؤساء في اتجاه العدل والرؤية المتساوية، فالمواطنون كلهم بمثابة أبناء الحكومة، وعلى الحكومة أن تعدل بينهم وتكون شفيقة بهم. العدل والرؤية المتساوية إلى الجميع يضمن أمن المجتمع والهدوء فيه.
وأوصى فضيلة الشيخ عبد الحميد المسؤولين إلى سعة الأفق قائلا: ننصح المسؤولين أن يوسعوا صدورهم في كافة المسائل. مع الأسف في بلادنا وفي محافظتنا يوجد مسؤولون يرتكبون أعمالا قومية ومذهبية. هؤلاء رؤساء ضعيفون. المسؤول القوي هو الذي يملك نظرا واسعا ويرى مشكلات جميع القوميات والمذاهب ويحلها.
نرجو أن يعود الجنود المختطفون إلى عوائلهم
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في القسم الأخير من خطبته إلى قضية اختطاف عدد من حرس الحدود في الأسبوع المنصرم، وتابع قائلا: في الأسبوع المنصرم اختطف عدد من حرس الحدود. هذه الحادثة مؤلمة لنا ومريرة. نأمل أن يعود هؤلاء الجنود إلى أحضان عوائلهم.
وأكد فضيلته على المحافظة على الأمن وعلى مطالبة المشكلات بالحوار، وأضاف قائلا: المحافظة على أمن البلاد لا سيما حفظ أمن الحدود مهم جدا. يجب أن نحل مشكلاتنا ومسائلنا من خلال أفضل طريق وهو الحوار.