حذر فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (2 صفر 1440) عن مكائد شياطين الإنس والجن لإفساد دين المرء وإيمانه، مؤكدا على لزوم الاتباع من القرآن والسنة بهدف النجاة من الفتن.
وأضاف فضيلته بعد تلاوة آية “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة”، قائلا: الدين الإسلامى وضع قوانين للوصول إلى مرضاة الله تعالى، وجعل طالبي الهداية على الصراط المستقيم الذي يوصل الإنسان إلى سعادتى الدنيا والآخرة. إن الله تعالى جعل هذا الطريق للبشر منذ بدء الخلق. يجب أن يكون طلاب الهداية في هذا الطريق، ويلتزموا بأحكام الشريعة وسيرة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأولياء الله تعالى، لينالوا مرضاة الله تعالى.
وأضاف فضيلته قائلا: الدينا حافلة بالخيرات والحسنات، وممتلئة بالمنكرات والذنوب. إن الله تعالى جعل النفس التي ترغب في المحرمات، وجعل شياطين الجن والإنس الذين يدعون إلى المنكرات والانحرافات، على هذا الطريق. الشيطان والنفس الأمارة يسعيان في إضلال الإنسان عن الصراط المستقيم.
وتابع فضيلته قائلا: عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه خط خطا مربعا، وخط خطا وسط الخط المربع، وخطوطا إلى جنب الخط الذي وسط الخط المربع، وخط خارج من الخط المربع، قال: «هل تدرون ما هذا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «هذا الإنسان، الخط الأوسط، وهذه الخطوط التي إلى جنبه الأعراض تنهشه من كل مكان، إن أخطأه هذا أصابه هذا، والخط المربع الأجل المحيط به، والخط الخارج: الأمل».
وتابع فضيلته قائلا: مهما وقع الإنسان أكثر في طرق الضلال، يبتعد من الله تعالى أكثر، وتكون العودة إلى الصراط المستقيم أصعب، وهذا هو الضلال المبين الذي جرى ذكره في القرآن الكريم.
وحذر خطيب أهل السنة عن مكائد النفس والشيطان، قائلا: كونوا حذرين بالنسبة إلى مكائد النفس الأمارة وعداوة الشياطين، فلنا عدو مبين، العدو الذي يرانا هو وقبيلته، ونحن لا نراه ولا قبيلته؛ العدو الذي يجري منا مجرى الدم، ويوسوس في الصدر؛ يوسوس للذنوب والفساد والحرام.
وتابع فضيلته قائلا: من أراد أن يبعدنا من الله تعالى والآخرة، هو أكبر عدوّ لنا. الذي يريد أن يسلبنا دنيانا هو عدوّنا، والذي يريد أن يسلب ديننا وآخرتنا والجنة، هو العدو الأصلي لنا.
وصرح مدير جامعة دار العلوم زاهدان مشيرا إلى أن الله تعالى جعل هذه الأعداء لتزيد المقاومة والوعي فينا: اعلموا أن الذي يريد أن يسير في الطريق المستقيم، له أعداء. أعداء الدين كثيرون، وإن الله تعالى جعل هذه العداوات لتزيد فينا المقاومة والوعي، ليختبرنا كم نحن مستيقظون واعون! فلنحذر أن لا يخرجنا أعداء الدين وأعداء الله عن طريق الجنة وأن لا يسوقونا إلى النار.
وذكر خطيب أهل السنة الشريعة وسيرة رسول الله كمحافظتين لإيمان المرء المؤمن قائلا: يجب المحافظة على الشريعة، لأن حفظ أحكام الشريعة لازم على الجميع. اقرؤوا القرآن الكريم فإنه يحفظكم من الفتن. تمسكوا بسيرة الرسول الكريم، لتحفظوا في الدنيا والآخرة من الفتن.
وأوصى فضيلته في نهاية الخطبة الوالدين بالاهتمام إلى تربية الأولاد، وتابع قائلا: يجب أن يكون الآباء مهتمين بتربية أولادهم، ويرقبوا ارتباطاتهم؛ هل لديهم ارتباطات وصلات مع العلماء وجماعات الدعوة والمساجد والجامعات وحلق تعليم القرآن الكريم، أم علاقتهم ووجهتم مع الفاسدين في المجتمع؟ عليكم بأولادكم أيها الآباء! فالمجتمع مليء بالمفاسد، وهناك مفسدون يسعون في إفساد المجتمع.
لا بد من منع الرقى المخالفة للشريعة
واستنكر فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته رواج “الرقى المخالفة للشريعة”، وتابع قائلا: أناس اشتغلوا بالسحر تحت عنوان الرقية، ومن هذا الطريق يفرقون بين المرء وزوجه، ويفرقون بين الأب والولد، ويستهدوف الأسرة. هؤلاء يختلون بالنساء الشابات، وهذا مغاير للشريعة تماما. هذا النوع من الرقية محرمة، ومن المنكرات والمعاصي. هذا النوع من الرقى لا يكون سببا للشفاء، وهؤلاء الكتّاب للرقى لا دين لهم ولا إيمان لهم.
وتابع فضيلته مشيرا إلى بعض شرائط جواز الرقية الشرعية: الذين يجوزون كتابة الرقى، إنما يجوزونه بشروط، منها أن تكون باسم الله تعالى، ولا تكون فيها استمداد من غير الله تعالى، ولا ينبغي أن تتبدل كتابة الرقى إلى دكاكين.
وتابع مدير جامعة دار العلوم زاهدان: الذين ينكرون جواز كتابة الرقى كليا، يستدلون من تصرفات غير شرعية لكثير من كاتبي الرقى، وهم مصيبون في رفضهم جواز الرقية بهذه الطريقة، لأن هناك مفاسد تؤتى من هذا الطريق، ولا بد من التصدى لكل أمر يخالف شرع الله.
وأردف بالقول: إن استمر كتبة الرقية في تصرفاتهم المغايرة لشرع الله تعالى، نضطر أن نغلق أبواب كتابة الرقى. فهي وإن كانت مشروعة، لكن كل عمل مشروع له حدوده، لا أن يفعل كل شخص ما يشاء في هذه المدينة.
الطريقة يجب أن تكون موافقة للشريعة
وتابع فضيلته قائلا: هناك شياطين آخرون فتحوا دكاكين باسم “الطريقة” أو “التصوف”، ويريدون المتاجرة من هذا الطريق. “الطريقة” مشروعة لكن مشروطة بأن تكون على منهج الشريعة. فإذا كانت الطريقة مغايرة للسنة، تكون غير مشروعة. اتباع السنة ضرورية لمشروعية الطريقة. لا ينبغي التوسل بالطرق المشروعة للوصول إلى المحرمات. كل أمر مشروع إذا أدى إلى محرم يكون حراما، وهذا قانون مسلم في الإسلام.
وتابع فضيلته قائلا: كونوا حذرين واعين، ولا تضعوا اليد في يد كل شخص، ولا تنحنوا أمام كل شخص، ولا تتركوا النساء يذهبن إلى كل كاتب للرقية لا تعرفونه. يجب أن نسعى لحفظ ديننا وإيماننا.
التدبير لحل مشكلات الناس الاقتصادية من واجبات الحكومة
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبة الجمعة إلى المشكلات الاقتصادية الموجودة في البلاد، مطالبا الحكومة باتخاذ حلول لها، كما أوصى فضيلته قوات الشرطة والقضاة بمراعاة أحوال الناس.
وتابع قائلا: نريد من المسؤولين ولا سيما مسؤولي مؤسستي الشرطة والقضاء، أن يرفقوا بالشعب نظرا إلى المشكلات الاقتصادية الحقيقية، ونظرا إلى أن الكثيرين فقدوا حرفهم ومشاغلهم، وتعطلت الأعمال العمرانية.
وأشار خطيب أهل السنة إلى اكتساب البعض من بيع المحروقات، واستطرد قائلا: تهريب المحروقات محظور، ونحن نرفض من يسعى الحصول على أموال ضخمة من خلال هذا العمل، ويقوم بتهريب المحروقات على نطاق واسع، لكننا يجب أن نفرق بين من يريد أن يحصل على لقمة عيش من هذا الطريق وبين من يريد استثمار المليارات.
ينبغي الرفق مع كل من يبيع المحروقات طلبا لقوت يومه، لأننا لو شددنا في ذلك، فهؤلاء لا يملكون مصدر رزق آخر.
وأضاف فضيلته قائلا: القوانين وكذلك المواجهات ينبغي أن تطبق وفقا للأوضاع وظروف المجتمع. لا بد من استثناءات في القوانين ليمكن للناس العيش، ولا ينبغي سد أبواب العيش أمام الناس لنضيف إلى آلامهم.
تابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: يجب أن يكون كافة المسؤولين بجانب الناس في الأحوال الاقتصادية الصعبة. من الواجبات على الحكومة أن تتخذ حلولا لمشكلات الشعب، وتوفر ظروفا للعمل قبل أن تتعقد الأوضاع.