اقترح فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، تأسيس “مجلس الحل والعقد” المتكون من نخب الأطياف المختلفة، لمراجعة السياسات الداخلية والخارجية الراهنة في البلاد وإعادة النظر فيها، نظرا إلى الأوضاع الراهنة والتحديات الموجودة التي تعاني منها الطبقات المختلفة للشعب الإيراني.
جاء هذا في مقابلة صحفية حول المشكلات والتحديات الراهنة التي تسود البلاد. واشتملت هذه المقابلة التي أجراها موقع مكتب الشيخ حفظه الله، على رسالة مهمة لصناع القرار ومؤسسات الدولة، وهي اقتراح تأسيس لجنة تعيد النظر في السياسات العامة الراهنة بهدف مراجعتها وإعادة النظر فيها، في البداية.
أشار فضيلة الشيخ إلى مشكلات فئات الشعب المختلفة لا سيما أهل السنة بالتفصيل، معتبرا تأسيس مجلس من أهل الحل والعقد يضم نخبا من الأطياف المؤيدة والمعارضة وخاصة أهل السنة، من أسباب استجلاب مرضاة الشعب وتقوية النظام.
كما أشار فضيلته إلى أن السياسات الخاطئة الحالية قابلة للإصلاح والتعديل، مؤكدا على ضرورة استئصال السياسات التمييزية غير المكتوبة وغير المدونة التي تمارس بحق أهل السنة في إيران، وأضاف قائلا: أعتقد أن التمييز الموجود ليس عن صدفة، بل هي سياسة فرضت على أهل السنة خلال ٣٩سنة، ونفذت بحقهم. هذه السياسة في الحقيقة اتفاق غير مكتوب يعود تاريخه إلى بدايات الثورة، ولم تزل تستمرّ. حسب معلومات لدينا تنشأ هذه السياسات التمييزية المتعلقة بأهل السنة من مجالس مذهبية دينية، وتنظم وتخطط فيها.
وانتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد في هذه المقابلة التمييز المتفشي الواضح في المناطق السنية في إيران، قائلا: لا توجد منطقة لأهل السنة إلا وتعاني من شتى أنواع التمييز، إن كان هناك تفاضل في درجات التمييز بين المناطق السنية بعضها مع بعض، إلا أن أصل التمييز مفروض عليها جميعا.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى تبعات سياسة التمييز في العراق بعد الاحتلال الأمريكي، واصفا “نوري المالكي” بالمتأسّي بإيران في فرض سياسة التمييز ضدّ أهل السنة، جاهلا طبيعة بلاده، وتابع قائلا: مع الأسف “نوري المالكي” تأسى بإيران في سياسة التمييز ضد أهل السنة، وبتبني هذه السياسة ساق بلاده نحو نيران مشتعلة. فلو أسس “نوري المالكي” دولة شاملة بعد إسقاط النظام السابق في العراق، ولو أنه اجتنب تهميش أهل السنة المتعمّد، لما دمّرت مدن العراق الآن. إن ظهور الجماعات المتطرفة والعنف كلها من نتائج التمييز. سياسة التمييز لا تثمر ولا تحمل إلا الشقاء والبؤس والتخلف.
وأكد فضيلته أيضا على إعادة النظر في سياسة “فرض الضغوطات المذهبية” على الجاليات الدينية والأقليات المذهبية لا سيما أهل السنة قائلا: التضييقات والتمييزات والضغوط المذهبية لا محل لها في الإسلام ولا في دستور البلاد. هذه السياسة مع الأسف تنظم وتخطط في المحافل المذهبية وتدار من جانبها، لتتم لها السيطرة التامّة على شؤون أهل السنة بفرض هذه المضايقات.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: تأسيس “مجلس الإدارة والتخطيط لمدارس أهل السنة” كالمؤسسة الرئيسية لاتخاذ القرارات بشأن مدارس أهل السنة بأعضاء أكثريتهم من علماء الشيعة، مغاير للنص الصريح للدستور، ومخالف للانصاف. هذه التدخلات المذهبية التي لها تبعات سلبية للمناطق المختلفة نظمت من جانب مجالس ومؤسسات مذهبية أو ذات طابع مذهبي، فلا بد من إصلاحها.
وأردف فضيلته: مع الأسف تتدخل المؤسسات الأمنية في بعض المناطق السنية في جميع الأمور، وتسعى في السيطرة على الشؤون المذهبية من خلال التدخل فيها، والتضييق على العلماء وأئمّة الجمعة.
وانتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد في مقابلته التصرفات غير القانونية لمكاتب ممثلي الولي الفقية في المناطق السنية، متساءلا: لماذا تشرف على الأماكن المذهبية للشيعة إدارة الأوقاف، أما مساجد أهل السنة يجب أن يشرف عليها مكتب ممثل الولي الفقيه؟! لماذا يجب أن يراجع أهل السنة لأخذ التراخيص ومجاوزة المراحل القانونية لبناء مسجد أو مصلى إلى مكاتب ممثلي الولي الفقيه بدل المراجعة إلى إدارة الأوقاف، ليواجهوا هناك مشكلات وتصرفات ناشئة من ضيق الأفق؟!
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لماذا لا يُسمح لعلماء أهل السنة وشخصياتهم من المناطق المختلفة أن يزور بعضهم بعضا بحريّة؟ لا نجد هذا القدر من التضييقات على الأقلية الشيعية حتى في البلاد التي يوجد فيها بعض من يتبنّون الأفكار المتطرفة.
وأضاف: سكوت أهل السنة في إيران مع وجود هذه التمييزات والمشكلات والمضايقات، لا يدل على أنهم راضون من الأوضاع، بل اختاروا السكوت حفظا للوحدة والأمن والاجتناب من العنف والتطرف.
وأكّد فضيلة الشيخ عبد الحميد على ضرورة توفير حرية البيان، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، قائلا: تحرير السجناء السياسيين ضروري جدا، ولا ينبغي للمؤسسات الأمنية أو السياسية التضييق على الصحافيين وأصحاب الأقلام. يجب أن تعطى للمواطن الحرية في التعبير. هذه الحرية تجنب المجتمع من الاتجاه نحو المآزق.
وتحدث فضيلته في شطر من مقابلته عن الاحتجاجات الأخيرة، وأضاف قائلا: في الاحتجاجات التي ظهرت أخيرا، يعتقد البعض أن هذا النظام غير قابل للإصلاح ويجب تغييره، وهناك رؤية أخرى تؤكد على قابلية النظام للإصلاح والتغيير، وتغيير سياسات النظام وإصلاحها أفضل من تغيير أصل النظام. نحن نقول لو أجريت تعديلات في السياسات الحالية يصلح النظام.
كما اعتبر فضيلته إعادة النظر في السياسات الداخلية والخارجية، ضرورية ومؤثرة في تكوين الوحدة وتثبيت الأمن، قائلا: يجب أن نسعى جميعا لتتغير السياسات التي كانت فاشلة، والتي أثارت اعتراضات واحتجاجات. يمكن إقناع الذين يعتقدون بتغيير أصل النظام، من خلال التنفيذ الكامل للدستور ومراجعة سياسات النظام.
وأكد مدير جامعة دار العلوم زاهدان: هذه المراجعات في السياسات والتعديل في سياسات النظام إذا توافق على تغييرها أهل الحل والعقد، بإمكان مرشد الثورة أن ينفذها بأوامره المقطوعة.