عقدت حفلة ختم القرآن الكريم في الجامع المكي (أكبر مسجد لأهل السنة في إيران) في صلاة التراويح، مساء الجمعة ( ليلة 29 رمضان المبارك 1438) في المصلى القديم لأهل السنة في مدينة زاهدان.
شارك عشرات الآلاف من المصلين المحبين للدين، رجالا ونساء في هذه الحفلة التي هي أروع حفلات الختم التي تعقد بمناسبة ختم كلام الله المجيد في صلاة التراويح في مختلف مدن سيستان وبلوشستان.
في القسم التمهيدي من هذه الحفلة القرآنية التي عقدت قبل صلاة العشاء، تحدث الشيخ عبد الله ريغي، من أساتذة دارالعلوم زاهدان.
وعقد القسم الأصلي لهذه الحفلة بعد إقامة صلاة العشاء والتراويح. في هذا القسم قدمت أنشودة في موضوع القرآن الكريم ورمضان المبارك، ثم تكلم فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان.
فضيلة الشيخ عبد الحميد: الطريق الوحيد للنجاة والسعادة هو التمسك بشريعة الإسلام
أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في كلمته إلى تطورات الشعوب والأمم الماضية قائلا: الشعب الذي له كتاب وشريعة، وعمل ذلك الشعب على الشريعة، ينال نصيبا وانتصارا، وينزل الله تعالى عليه الرحمات الخاصة.
وأضاف فضيلته قائلا: الصحابة اكتسبوا بنعمة الإيمان والعمل على الشريعة، سمعة طيبة، ونالوا سعادة الدنيا والآخرة. قبل الإسلام ابتلوا بأنواع من الآفات العملية والاعتقادية، لكنهم لما تمسكوا بالقرآن الكريم، أكرمهم الله تعالى.
وتابع فضيلته قائلا: الطريق الوحيد للنجاة والسعادة، هو الاستسلام تجاه أحكام الله تعالى، والإطاعة من الله ورسوله. علينا أن نعمل على تعاليم الشريعة، ونتمسك بالأحكام الإلهية، لنصل إلى الفلاح والنجاح. لماذا لا نغير نحن في حياتنا؟ ما المانع من إطاعة الله ورسوله؟ الإنسان لا يمكن له أن يصل إلى السعادة من خلال لونه أو لسانه أو قومه.
وانتقد فضيلته التبعية المجردة للقوى الاستكبارية، قائلا: السعادة والنجاة لا تحصلان بالتبعية من الشياطين والأعداء. التبعية للغرب والشرق لا يحقق لنا عزة. إن الله تعالى أعطانا نعمة عظيمة؛ يجب أن نمثل ديننا، ونعرض طريق النجاة لغيرنا بالتبعية من ديننا الكريم.
وتابع فضيلته قائلا: رسالتنا إلى أهل السنة والمسلمين جميعا أن يعودوا إلى القرآن والسنة، ويتزودوا بالتقوى، ويزدادوا إيمانا. علينا أن نكون مؤمنين ربانيين ومحمديين صادقين. هذا هو البرنامج الإلهي، وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا هذه الوصفة. هذا هو الطريق الوحيد للسعادة.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على أهمية الاجتناب من المعاصي والمفاسد قائلا: اجتنبوا المفاسد والمعاصي الظاهرة والباطنة. اهجروا المعاصي وكونوا أمة صالحة. إن عبدتم الله حق عبادته، تجدون بركاتها في حياتكم وتزول الخلافات. النزاعات بسبب ابتعادنا من الله تعالى، وبسبب اتباع الشهوات. الوحدة والاتحاد من اقتضاءات الإيمان والتعليم الإلهي.
وخاطب فضيلة الشيخ عبد الحميد النساء، قائلا: على الأخوات أن يراعين الحجاب حينما يخرجن من البيوت. لا ينبغي للرجال الأجانب النظر إلى زينتهن في الأسواق والجامعات وسائر المناطق. هذا حكم الله تعالى.
وأضاف قائلا: لا ينبغي أن تفوت الصلاة في البيوت، ويجب أن نكون عاملين على الشريعة في البيوت وخارجها. نتمسك على أحكام الشريعة في الزكاة والإحسان إلى الوالدين وحقوق الناس. مع الأسف ابتعد الكثير من المسلمين من منهج الشريعة.
وأردف بالقول: رمضان شهر المغفرة والعفو. إن لم يكن العفو نصيبنا في هذه الأيام المباركة، لا ندري هل يكون العفو نصيبنا في الأيام الأخرى أم لا؟ فلنجتنب من المعاصي ولنتمسك بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لا بد من مراعاة حقوق الجميع في البلاد
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على لزم حذف خانة “المذهب” في استمارات التوظيف قائلا: من لا يهتم بحقوق الغير، يبتلى بالانحراف والتطرف. يجب مراعاة حقوق الجميع ولا ينبغي أن يكون تمييز بين الناس. من مطالب أهل السنة أن تحذف خانة “المذهب” من استمارات التوظيف؛ وإن كان لا بد من السؤال فيكون محصورا على الدين وكون المرء مسلما. هذه هي الجدارة والشعبية الدينية، ولا بد من مراعاة حقوق أتباع الديانات الأخرى.
وأضاف فضيلته قائلا: نحن مخالفون للعنف، ونرفض هذه الفكرة، واقتبسنا الفكرة المعتدلة من القرآن الكريم، وستسود هذه الفكرة إيران كلها بإذن الله تعالى. لا ينبغي التمييز بين أتباع المذاهب. لقد أكدت على أصل الأهلية بجملة، وكان هدفي أيضا هذا أن أي شخص سواء كان سنيا أو شيعيا بالاتجاهات المختلفة، يتعلق دينه ومسائله العبادية بنفسه. لا ينبغي أن تكون هذه المسائل أساس التمييز. كلنا إيرانيون، وإن تعرضت هذه البلاد للهجوم، نحن مستعدون للدفاع عن البلاد. يجب أن يكون بعضنا بجنب بعض لإعمار البلد.
واستنكر فضيلة الشيخ الحرب والمواجهات العسكرية قائلا: يجب إنهاء الأزمات بالمفاوضات والحوار. الحرب والنزاعات في اليمن أو سوريا وأي بلد آخر ليس لمصحلة أحد. القصف الجوي والحروب تترك خسائر وتقوي العنف والتطرف.
لإقناع المتطرفين يجب توفير المجال للعلماء
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: يجب الاهتمام بالعلماء ليقنعوا المتطرفين. بإمكان العلماء أن يقنعوا المتطرفين بالاستدلال من القرآن الكريم، والحمد لله استطعنا أن نقنع الكثيرين. طريق الاعتدال والحوار والانتخابات أفضل طريق. في الانتخابات اخترتم طريق الوحدة والتضامن، ولم تلتفتوا لدعايات المقاطعة.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد مخاطبا الطبقات المختلفة للمجتمع قائلا: تمسكوا بالشريعة؛ تعلموا في الجامعات، ادرسوا، ولكن كونوا عاملين على الدين. بغير الدين لن تحققوا شيئا. منهجنا الديني هو القرآن الكريم والالتزام بالشريعة والأخلاق ومراعاة الحجاب والاجتناب من المنكرات. اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واعملوا على سنن الحبيب في حياتكم.
وتابع فضيلته قائلا: تابعوا حقوقكم القانونية من طرقها المشروعة. نحن اقتربنا من مطالبنا. نريد أن تكون الرؤية متساوية في البلاد. الدستور هو الميثاق الوطني، ويجب أن يكون الجميع متمسكن ملتزمين به.
وصرح فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لم نكن أبدا طرفا ضد إيران، وكنا على الاتجاه الصحيح. لا نتبع إلا القرآن والسنة. الحمد لله شعبنا شعب واع، وأهل السنة أيضا جزء من هذا الشعب. نريد من الشيعة أن يساعدونا لنصل إلى حقوقنا. الأمن مهم جدا، ولا نسمح أن يخل أشخاص بهذا الأمن.
وخاطب فضيلة الذين خرجوا من البلاد ويريدون زعزعة الأمن، قائلا: أهل السنة مخالفون للعنف والتطرف. فلا تغتروا بأكاذيب الأعداء، ولا تهربوا الأسلحة والمتفجرات إلى البلاد. هذه التصرفات مغايرة لمنافع أهل السنة. أهل السنة وجدوا اتجاههم، ويتابعون مطالبهم من الطرق السياسية، واقتربوا من مطالبهم.
وأشار مدير جامعة دار العلوم زاهدان في القسم الأخير من خطبته إلى المشكلات المالية لهذه الجامعة قائلا: وصيتنا أن تتبرعوا على المدارس الدينية كلها، خاصة أدركوا المدرسة المركزية (دار العلوم زاهدان). المدارس الدينية التي تدار بتبرعات الناس تواجه مشكلات. ادفعوا زكاتكم إلى دار العلوم، وخصصوا جزءا من تبرعاتكم لها.