قام فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة برحلة دعوية استغرقت يومين إلى منطقة سراوان وسوران، لقي خلالها مختلف طبقات الشعب في هذه المنطقة، وشارك أيضا في جلسات تكريم خريجي بعض المدارس الدينية، وحضر مجلس العلماء وعامة الناس.
خطبة فضيلة الشيخ في جلسة تكريم حفاظ القرآن الكريم وطالبات معهد دار القرآن الكريم في سراوان:
حضر خطيب أهل السنة في الجلسة التي أقيمت بمناسبة تكريم حفاظ القرآن الكريم وخريجات معهد دار القرآن الكريم للعلوم الشرعية في “سراوان”، مساء الجمعة 29 ذي الحجة 1435.
بدأ فضيلته كلمته بتلاوة آية “ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى”، قائلا: الدين الإسلامي دين الفطرة، والإنسان مفطور على التدين والديانة والتزام منهج الدين. إن الله تعالى خلق الإنسان لأهداف، وتلك الأهداف اقتضت خلق الإنسان.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: إن الله تعالى خلق الإنسان موفورا بالاستعداد الدينية وعلى فطرة التوحيد والإيمان والعمل على التعاليم الإسلامية. اللسان خلق لذكر الله تعالى وعبادته، وقلبه مستعد للذكر الإلهي.
وأكد فضيلة الشيخ على اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا جاءت وفقا للفطرة البشرية. العمل على السنة والأحكام الشرعية، سير على الفطرة، والفطرة هي الصراط المستقيم. من عمل على الدين والشريعة يدخل الجنة، ومن عدل عن الصراط المستقيم ويتبع السبل يعدل عن الفطرة السليمة. “وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله”. إن صراط الله واحد والطرق الأخرى تنتهي إلى اتباع الشيطان.
وأشار مدير جامعة دار العلوم زاهدان إلى بعض مضارّ العدول عن مسير الفطرة قائلا: إن الله تعالى خلق الإنسان للعبادة والعبودية، فإذا عدل الإنسان عن طريق العبادة والعبودية، يضطرب ويبتلى بالاضطراب والقلق والضغوط الروحية. يقبل الكثير من هؤلاء إلى المخدرات وتعاطي الخمور والمسكرات الأخرى ليهدأ، مع أن العدول عن الفطرة لا يعالج بمثل هذه الأمور. لقد شمل الاضطراب والقلق الكرة الأرضية كلها؛ لأن البشر انحرفوا عن الفطرة والعبادة والعبودية واتباع التعاليم الإلهية.
واعتبر فضيلته القرآن الكريم “خطة ناجحة للبشر” قائلا: إن الله تعالى أرسل لفلاح البشر القرآن الكريم هاديا؛ هذا الكتاب السماوي برنامج لفلاح الإنسان. القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم ثروة للمسلمين وسبب لفخرهم. الموفقون من عباد الله، يقومون بتلاوة القرآن الكريم وذكر الله وعبادته، وينالون راحة لن ينالها الملوك والحكام أبدا. إن الله تعالى أعطانا ثروة لو نعمل عليها لحلت مشكلاتنا جميعا وفي الأخرة أيضا سيكون الجنة مأوانا.
وأضاف فضيلة الشيخ: الإمريكيون والأروبيون رغم امتلاكهم القدرات والإمكانات المادية قلقون دائما وخائفون، وللهروب من هذا الخوف والقلق يقصفون الأمم الأخرى.توجد في الغرب جميع أنواع الإمكانيات الرفاهية، لكن لا يوجد الأمن والهدوء. أجبروا النسوة على السفور، وقدموا الشهوات وأهواء النفس كطرق للرقي والتقدم، وهم يعيشون في خوف وقلق واضطراب. طريقتهم خاطئة. المسلمون أيضا لما ابتعدوا عن القرآن الكريم واقبلوا إلى الغفلة، واجهوا أنواعا من المشكلات. الإنسان عندما يكون في مسير الله يصل إلى السعادة والهدوء. علة كافة المشكلات وإراقة الدماء والقلاقل والاضطرابات في المجتمعات الإسلامية، هي الابتعاد عن طريق الفطرة.
وأشار فضيلة الشيخ إلى استشهاد سيدنا عثمان وسيدنا عمر والحسين رضي الله عنهم، قائلا: عندما كان الصحابة رضي الله عنهم عاملين على الشريعة، كان العدل والهدوء يسودان العالم. استطاعوا أن يخضعوا قوى العالم. لكن عندما ابتعد المسلمون عن العمل على الشريعة والسنة النبوية، ابتلوا بأنواع من المصائب؛ لأن الله تعالى يقول: “من أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا”. مع الأسف المسلم لا يصلي ولا يؤدي الزكاة، ويرتكب المعاصي المختلفة، فكيف ينال السعادة؟
الإسلام معناه الخضوع والتسليم مقابل أحكام وتعاليم الشريعة، لكن الكثير من المسلمين يخالفون التعاليم الدينية.
الإخلال بأمن المنطقة ليس لصالح الشعب والبلاد:
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم من خطبته إلى بيان بعض المشكلات الموجودة في سراوان قائلا: تمر المحافظة بحمد لله بظروف مناسبة. نحن نشهد عن قرب أن إدارة المحافظة تسعى جادة في تولية المسئوليات لأهل المحافظة، وفي العاصمة أيضا سعي مستمر لتوازن في الرئاسات ومراعاة حقوق الأقوام والمذاهب.
وأشار فضيلته أيضا إلى الأوضاع الأمنية في المحافظة قائلا: الأمن مسالة هامة وضرورية. نشاطات المعاهد الدينية والحكومية، والقطاع التجاري والزراعي ممكنة في ظل الأمن. الأمور تختل بفقدان الأمن. أنا مخالف لأي نوع من الأزمات الأمنية، وأعلم أن أهل المحافظة أيضا مخالفون لذلك. إثارة المسائل الأمنية ليست مناسبة لصالح المنطقة خاصة في الظروف الراهنة.
وأكد خطيب أهل السنة في زاهدان: كلامي ناشئ عن إرادتي الخير والصداقة مع الجميع. لست سياسيا لتكون كلماتي سياسية، بل هذا اعتقادي أن إثارة الأزمة الأمنية من أي جهة كانت، ندينها؛ كما أننا قمنا مرات بإدانة هجمات الولايات المتحدة الإمريكية والقوى الأخرى على البلاد الإسلامية. أنا أدين التطرف والعنف لمطالبة الحقوق إلا في ظروف خاصة.
وأكد فضيلته على ضرورة لزوم أمن الحدود قائلا: يجب أن تكون حدودنا آمنة مطمئنة. نحن لا نغض الطرف على الحقوق القانونية والمشروعية للشعب؛ يجب أن يتمتع أهل السنة في مستوى البلاد من الحريات الدينية والمذهبية. ليس لأحد أن يمنع أهل السنة من إقامة الصلاة في المدن الكبرى قانونيا. لكن يجب أن تتابع الحقوق من الطرق القانونية والمشروعة. أنا مخالف مع العنف ورفع السلاح وقتل الأفراد لمطالبة الحقوق وأعتبره ضررا للمحافظة.
وأضاف فضيلته مؤكدا على ضرورة تثبيت الأمن، مخاطبا دولة التدبير والأمل: رجائنا من دولة التدبير والأمل أن تهتم بالأقوام والمذاهب وتراعي حقوق الجميع.
كما أكد فضيلته على ضرورة الوحدة بين الأقوام في المحافظة قائلا: اتركوا النزاعات القبلية. تعايشوا متحابين بينكم.
فضيلة الشيخ عبد الحميد في جلسة تكريم حفاظ وخريجي معهد دار العلوم سب:
الإسلام يختصر في الاستسلام مقابل التعاليم الإلهية
شارك فضيلة الشيخ عبد الحميد في هذه الرحلة الدعوية، في حفلة أقيمت بمناسبة تكريم حفاظ وخريجي معهد دارالعلوم في منطقة “سب”.
بدأ فضيلة الشيخ عبد الحميد خطبته في هذه الحفلة بتلاوة آية “وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون”.
وأضاف قائلا: مع الأسف اغتر الكثير من الناس عبر التاريخ بزخارف الحياة الدنيا، مع أن الله تعالى خلق هذه الدنيا ليستفيد البشر منها ويوفر حاجاته. فهذه الدنيا لم تخلق كغاية نعشقها. يجب أن نكون محبين لله تعالى. الذين يأكلون الربا والرشوة وأموال الناس واليتامى ويكتسبون المال من الطرق المحرمة، ليسوا عبادا حقيقين لله تعالى. العباد المخلصون لله تعالى يستسلمون لأحكام الله تعالى وتعاليمه ويعيشون وفقا لأحكام الشريعة.
وتابع فضيلته قائلا: المال الذي يضيع الإنسان لأجله حقوق الناس ويغضب الرب تبارك وتعالى ويتعدى حدود الله تعالى، لو لم يكن مثل هذا المال لكان خيرا، لأن هذا المال لا يكون سببا لنجاح الإنسان وفلاحه، بل هذا المال سبب لدمار الإنسان وهلاكه. الدنيا ومحبتها منشأ الكثير من الذنوب والمعاصي. عباد الله تعالى المخلصون لا يأكلون الحرام، لأن محبتهم بالله تعالى تمنعهم عن أكل الحرام ومعصيته. يجب أن ننتبه أن محبة الله تعالى ومخالفة أحكامه تكون سببا لحرمان الإنسان. إن الله تعالى أخرج آدم بسبب زلة من الجنة.
فضيلة الشيخ عبد الحميد للطلبة:
على الطلبة تعلم العلوم الشرعية بجانب العلوم العصرية
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة، في زيارته “لمركز الشيخ إسماعيل الشهيد للعلوم القرآنية” في منطقة “سوران” ولقائه مع الطلبة، على ضرورة اهتمام الطلبة إلى تعلم العلوم الشرعية بجانب العلوم العصرية.
وتابع فضيلته قائلا: الطلبة الذين يدرسون العلوم الشرعية بجانب العلوم الجامعية، يملكون مواهب قوية وبإمكانهم أن يكونوا أناسا مفيدين ومؤثرين في المجتمع.
وأكد فضيلته على ضرورة الحركة وفقا لمعطيات العصر قائلا: دائما نوصي وننصح الطلبة أن يسعوا بجانب دراستهم في العلوم الدينية في مجال دراسة العلوم الجامعية في فروع مختلفة ليقدروا على تلبية حاجات المجتمع.
وتابع خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: أعداء الإسلام يريدون إشاعة السفور والخلاعة من خلال القنوات والفضائيات. يجب أن لا يتخلف طبقتنا عن الركب. بل ينبغي أن يحصلوا على تخصصات ومهارات في العلوم الدينية والجامعية ليردوا على الشبهات الواردة ضد الدين الإسلامي.
فضيلة الشيخ عبد الحميد في جلسة تكريم خريجي طلبة وحفاظ القرآن الكريم في الجامعة الإسلامية في سوران:
الإسلام دين الاعتدال وهدي البشر في كافة أدوار التاريخ
أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، نظرا إلى عودة حجاج بيت الله إلى مطالب حول الحج ومكانة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وقال فضيلته: الحج سنة إبراهيم خليل الله، وسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا مناسك الحج على الطريقة الإبراهيمية. سيدنا إبراهيم هو الشخصية التي يسعى كافة شعوب العالم أن ينسبوا أنفسهم إليه لأجل اكتساب المشروعية. لقد أعطى الله تعالى لإبراهيم مكانة يؤمن به كافة أديان العالم. لقد خاطب الله تعالى الناس جميعا بأنه لا يوجد في العالم من يعرض عن دين إبراهيم إلا سفيه أحمق. ما نشاهده في عصرنا من إعراض الناس أنفسهم من الدين والعمل على التعاليم الشرعية، هذا دليل على جهالتهم وسفاهتم.
ووصف خطيب أهل السنة “الاعتدال والوسطية” من السمات الهامة للدين الإبراهيمي قائلا: يوجد في الدين الإبراهيمي الاعتدال والوسطية. أفضل دين واعتقاد ما كان عليه إبراهيم عليه السلام والصلاة. إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان مقبولا عند الجميع. يقول الله تعالى في وصف إبراهيم “وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ”.
واعتبر فضيلته الإسلام أقرب الأديان إلى الدين الإبراهيمي قائلا: الإسلام أقرب الأديان إلى الدين الإبراهيمي، والمسلمون أقرب الطوائف إلى إبراهيم. لا فرق بين الإسلام والدين الإبراهيمي. دين إبراهيم ودين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم دين الاعتدال يهدي البشر إلى يوم القيامة.
وأردف فضيلته: لا مكان للإفراط والتفريط في الدين الإسلامي، وهو الدين المرضي عند الله تعالى. “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا”.
وتطرق مدير جامعة دار العلوم إلى توضيحات حول الدين قائلا: الدين هو الاعتقاد الصحيح؛ الاعتقاد بوحدانية الله، والاعتقاد برسالة الأنبياء، والاعتقاد بالمعاد والبعث بعد الموت. الإسلام أكد أيضا على الأخلاق الصحيحة. الأخلاق التي يؤكد عليها الإسلام لا مثل لها. القسم الكبير من دروس الأخلاق التي تدرس في الجامعات الغربية يعود إلى التعاليم القرآنية والتعاليم الإسلامية.
واستطرد قائلا: لا يوجد فلاح في غير الدين الإسلامي. إن الله تعالى أعطانا ثروة عظيمة وهي ثروة الدين الإسلامي. العمل على هذه الثروة تجعل عزة الدنيا والآخرة نصيبنا. لكن مع الأسف ابتعد المسلمون عن القرآن الكريم والسنة النبوية والتعاليم الشرعية التي هي سر نجاحهم. وصل الصحابة الكرام بسبب التزامهم العملي بالدين والتضحية في سبيله إلى مكانة عالية وصاروا محببين إلى الله تعالى. نحن كلما نعمل على تعاليم الدين نكون محببين بذلك القدر عند الله تعالى، وتأتي البركة في جوانب حياتنا المختلفة. لكن معصية الله تعالى وارتكاب المعاصي تستنزل لعنة الله وغضبه.
واعتبر فضيلته قتل النفس من الكبائر التي تتبعها لعنة الله تعالى قائلا: قتل النفس البريئة من المعاصي التي تتبعها لعنة الله تعالى. يقول الله تعالى: “ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما”. فلو شارك الناس جميعا في قتل نفس بريئة ليلقي الله تعالى جميعهم في جهنم ولا يبالي، لكن مع الأسف يرتكبون القتل لمسائل عادية.
مكافحة الثقافة الإسلامية والحياء، هي الهدف الأساسي من الهجوم العسكري على البلاد الإسلامية:
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد “تغيير الثقافة الإسلامية” الدليل الأساسي للحملة العسكرية ضد البلاد الإسلامية، قائلا: الولايات المتحدة والدول الغربية لم تهجم عسكريا على البلاد الإسلامية لمصالح مادية ومنافع اقتصادية فقط، بل الهدف الأساسي لهم من هذا الهجوم، تغيير ثقافة المسلمين وإبعادهم عن التعاليم الإسلامية. لقد خدع الكثير من المسلمين أيضا بهتافاتهم أنهم يكافحون الإرهاب. فلو كان الغرب والأمريكيون يعتزمون مكافحة الإرهاب، فلماذا لم يحاربوا الكيان الصهيوني المحتل الذي قتل اكثر من 2500 فلسطينيا خلال خمسين يوما وهويحتل بيت المقدس منذ عشرات السنين؟! إسرائيل أخطر من كافة الجهات المتطرفة. الغرب لن ينجح في حربه ضد الإرهاب ما دام الكيان الصهيوني يرتكب الجرائم.
متابعة المطالب من طرقها القانونية ستعطي نتائجها وثمارها:
وتطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطابه في “سوران” إلى اهتمام دولة التدبير والأمل بشئون الأقوام والمذاهب قائلا: الدكتور روحاني رجل مدبر ومعتدل. أعلن قبل مدة أنه سيحقق وعوده التي قطعها أثناء الانتخابات ويسعى في سبيل الاهتمام بالأقوام والمذاهب.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على ضروة حفظ أمن المنطقة قائلا: الأمن ضروري وهام للتطور والعمران في المنطقة. أنصح من في الداخل والخارج أن يحافظوا على أمن المنطقة والبلد. نعتقد أن الحوار والطرق المشروعة القانونية أفضل طريق لمتابعة المطالب. لا خير في العنف والتطرف، والخير في الوحدة والتضامن.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لقد أكدنا جميعا في جميع الأحوال على حفظ الأمن، والآن أيضا نؤكد على أن متابعة المشكلات من الطرق القانونية تعطي ثمارها ونتائجها، لا بالتطرف والعنف. رسالتي للجميع أن نطرح مطالبنا ومسائلنا ولكن نحافظ على الأمن.