تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في خطبة هذه الجمعة بعد تلاوة آية “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”، إلى أهمية يوم الجمعة وصلاة الجمعة، قائلا: من الأيام الهامة يوم الجمعة. لا شك أن يومي العيد مباركان ولهما فضل، ولكن الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله تعالى، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر. ففيه خلق الله آدم وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض، وفيه توفى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل الله فيها العبد شيئا إلا أعطاه، ما لم يسأل حراما، وفيه تقوم الساعة.
وتابع فضيلته: الوقائع والقضايا الهامة حدثت في يوم الجمعة، فالجمعة يوم هام عظيم ولامع في تاريخ الإسلام، وهذا اليوم قد تلألأ في تاريخ الإسلام وتاريخ المسلمين، وهو يوم العبادة وإقامة صلاة الجمعة، ويوم الثورات والمظاهرات ضد الاستبداد والظلم. فكافة الثورات ضد الاستبداد تنطلق يوم الجمعة، وهذا اليوم استعمل لإزالة الظلم والاستبداد. لليوم الجمعة دور كبير وأثر عظيم لإقامة العدل وإزالة الظلم، وأثر كبير أيضا في انطلاق هذه الثورات.
واستطرد فضيلته قائلا: يجب على كافة المسلمين احترام الجمعة وإيثارها على المنافع والمصالح الذاتية. من المؤسف عندما أرى الكثيرين وهم يحسبون يوم الجمعة يوم العطلة ليخرجوا إلى النزهة والتجول في المزارع والحقول، بل يوم الجمعة يوم العبادة والذكر، فإذا خرجنا فلابد من أن نرجع ونصل للمشاركة في هذا العيد العظيم، وفي الصلاة التي تقام فيه.
وأضاف فضيلته قائلا: التجارة والزراعة وكافة الأعمال ممنوعة في هذا اليوم لأجل المشاركة في صلاة الجمعة، لأن الله تعالى يفضل الصلاة بالجماعة على صلاة الفرد.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينما قائم في الخطبة يوم الجمعة إذا دخل سيدنا عثمان رضي الله عنه، فناداه عمر: أية ساعة هذه؟ قال إني شغلت فلم انقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد أن توضأت. فقال: والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمر بالغسل.
وأضاف فضيلته مشيرا إلى أهمية السنّة في الحياة قائلا: الغسل يوم الجمعة سنة وله أثر في حياة الإنسان، وكذلك الصلاة التي تؤدى بالغسل، كما أن الصلاة بالسواك أفضل من الصلاة بغير السواك، لأن السواك سنة ولها أثر في الحياة، وكذلك الصلاة بالجماعة أفضل من الصلاة فردا.
وتابع فضيلته قائلا: من علامة النفاق أن يكون أداء الصلاة بالجماعة ثقيلة على الإنسان، ففي الحديث الشريف “أثقل الصلاة على المنافقين العشاء والفجر”، وعندما يكون أداء الصلاة ثقيلا علينا فمعناه أننا ابتلينا بخصال النفاق، وخصال النفاق هي الكذب، والخيانة في الأمانة، ونقض العهد وخلف الوعد. هذه الخصال قويت اليوم في المسلمين حيث ثقل علينا المجيئ لإقامة الصلاة مع الجماعة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء”.
وأضاف: الجماعة سنة مؤكدة وأفتى الكثير من العلماء بالوجوب، فإن تركه المسلم ارتكب معصية وإثما عظيما.
واستطرد فضيلته قائلا: صلاة الجمعة فرض عين ووردت تحذيرات حول من ترك الجمعة متتاليا بالختم على قلبه واللعن وبالنفاق، فصلاة الجمعة ضرورية وهامة إلا أن يكون عذر شرعي يمنع الحضور. وفي صلاة الجمعة فضل وأجر عظيم، وحط للمعاصي والخطايا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الصَّلاَةُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ”.
السفور وترك الحجاب الشرعي من آثار الجاهلية:
وأشار فضيلته في قسم آخر من خطبته إلى الحجاب الشرعي للنسوة قائلا: تصلنا شكاوي أن بعض النسوة لا يراعين الحجاب الشرعي. المرأة المسلمة يجب عليها أن تطيع القرآن وأحكام الشريعة، وليس من شأنها السفور وترك الحجاب الشرعي، وليس من شأنها أن ترتدي الملابس الجميلة القيمة وتبدي زينتها لغير المحارم وتتبرج كما كانت النسوة في الجاهلية يخرجن متبرجات. السفور وترك الحجاب الشرعي من آثار الجاهلية، وقد نهى القرآن الكريم عن إبداء الزينة للأجانب قائلا: “ولا يبدين زينتهن”، والزينة تشمل الملابس القيمة والمجوهرات وكذلك أعضاء الجسم.
واستطرد فضيلته قائلا: تتقلد بعض النسوة القنوات الفضائية التي تقوم بدعاية أن المرأة المتنورة والمتقدمة من تخرج من البيت متبرجة مبدية زينتها، وهذا خطأ فاحش للمجتمعات الغربية وحركة نحو الاتجاه المعاكس للفطرة التي خلق عليها الإنسان. بل المرأة المتقدمة هي التي كانت متعلمة وعالمة ومتخلقة بالأخلاق الإسلامية، والمرأة المتقدمة من كانت ورعة تقية.
وتابع فضيلته: المرأة الشجاعة هي التي تكون مفيدة ونافعة في مجتمعها، والمرأة المتقدمة المتنورة هي السيدة عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها ومريم بنت عمران وآسية زوجة فرعون وفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أصبحن قدوات للإسلام والمسلمين، وكن خادمات لدين الله عز وجل ولمجتماتهن.
وأضاف فضيلته قائلا: على الأخوات المسلمات والنسوة المؤمنات أن يجعلن هذه النساء المثاليات قدوات لهن في حياتهن، والمرأة التي تركت الحجاب الشرعي ليس فيها ما يكون أسوة لغيرها، ومثل هذه النسوة متخلفات وقاصرات النظر.
وتابع فضيلته قائلا: النسوة لهن دور أساسي في بناء مجتمع سليم، ولا يستطيع الرجال أن يكوّنوا مجتمعا مثاليا حتى تكون النسوة بجانبهم. والمرأة المثالية ليست من لا تغطي جسمها بشكل صحيح، وهذه المرأة لا تصلح أن تكون أسوة لأحد، بل أسوة النساء المسلمات هي السيدة فاطمة، والسيدة عائشة الصديقة التي خدمت الإسلام والمسلمين والتي رُويت عنها أكثر من ألفي رواية، وكانت عالمة ومحدثة، وخديجة التي ساعدت الرسول الكريم في أصعب الظروف والشرائط. وعار للمرأة المسلمة أن لا تراعي المسائل الشرعية ولا تهتدي بالقرآن الكريم، وتتأسى بالنسوة الكافرات في حجابها وملابسها.