وصف فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (2 رجب 1446) في جامع مدينة نيكشهر، جنوبي محافظة سيستان وبلوشستان، بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحمة للعالمين، مشيرا إلى أن سعادة الدنيا والآخرة للبشرية تكمن في الإسلام والتعاليم المانحة للحياة لخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبته التي كانت متزامنة مع الدورة الحادية عشرة لتكريم خريجي المدرسة الفاروقية في مدينة نيكشهر، بعد تلاوة آية: «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ» [نساء: 58] قائلا: جميع الأمم اليوم تسعى إلى السلام والسعادة والعزة، وهي مستعدة للحصول عليها بأي ثمن. لقد جعل الله تعالى هذا السّلام في دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه الذي ورثته الأمة الإسلامية.
وأضاف قائلا: إن الله تعالى بعث خاتم الأنبياء برسالة الحياة وبناء الإنسان وجعله رحمة للعالمين، وكما أن سيرة خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام وتعليمه رحمة وسعادة، فكذلك ينبغي لأمته أن تكون رحمة وسعادة للعالمين.
وتابع: إن الله تعالى شرع ما رآه ضرورياً لإنقاذ الإنسان ونجاته في دين الإسلام والقرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيحفظ الله تعالى الإسلام والقرآن الذين هما نور الله ورحمته، ما دام العالم موجودا، ويريد الله أن يخلق الإنسان بهذين النورين ويقربه إليه، ومن العار حقًا أن تمتلك أمة مثل هذه الثروة، ثم لا تستخدمها ولا تبلغها إلى العالم.
لا بد من عرض الإسلام للعالم بطرق جديدة وبما يتوافق مع الظروف الحالية
وتابع خطيب أهل السنّة في زاهدان: اليوم يجب عرض دين الإسلام للعالم بطريقة جديدة ومبدعة وبما يتناسب مع الظروف الراهنة، وللأسف فإن الناس في أنحاء العالم اليوم لا يرغبون في أن يصبحوا مسلمين نتيجة تصرفات المسلمين وأعمالهم؛ إنهم شاهدوا في واقع الأمر حياة المسلمين والتصرفات السيئة والدعايات التي تُصنع ضد الدين، وهم يجهلون جوهر الدين، مع أن جوهر الدين هو الإنسانية المفقودة، وهي جديرة بأن تكشف وتتابع، ومن المناسب للمسلمين أن يتصرفوا بطريقة لا يكونوا سببا لكراهية الناس عن دينهم فحسب، بل ويتأثر العالم بأخلاقهم وسلوكهم، ويفهموا أن هذا الدين هو الحق، وأن يصبحوا مسلمين.
وأضاف قائلا: ليس القرآن والإسلام والكعبة للمسلمين فقط، بل لكل شعوب العالم، وهذه هي مصادر استقرار العالم وبقائه؛ فعندما لا تكون هذه العناصر موجودة، فإن العالم سيكون في خطر ودمار، والرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً للبشرية كافة، ولم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بالبكاء والتخطيط للصحابة وأهل البيت، بل خطط واهتم بالبشرية جميعا إلى يوم القيامة، ويجب علينا نحن المسلمين أن نكون رحمة للبشرية كلها.
وتابع فضيلته قائلا: تعاليم الإسلام تعاليم بناءة للإنسان، ومنجية له، فإذا عملنا وفقاً لتعاليم الدين وقوانينه وطبقنا برامجه في حياتنا، فإننا نتزكّى ونصلح وترتفع مكانتنا وهنا يصبح وجودنا رحمة للعالمين.
انتشر الإسلام في العالم بالأخلاق الحسنة للصحابة
وقال خطيب أهل السنّة: انتشر الدين بأخلاق الصحابة الجميلة، الذين كانت أخلاقهم نموذجا من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وتأثر الناس بأسلوب حياة المسلمين، والطعام الحلال، والتجارة، والوفاء بالعهد، والأمانة، والصدق، فاعتنقوا الإسلام.
وتابع فضيلته قائلا: إن انتشار الإسلام لم يكن بالجهاد، وإنما كان الجهاد لدرء الفتنة ودفع المستكبرين، وإن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يجبروا أحداً على اعتناق الدين، بل دعوا الناس إلى دين الإسلام فقط.
تنفير الناس من الدين أعظم الذنوب
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلاً: هناك الكثير من المسلمين ينفرون الناس عن الدين بأفعالهم وسلوكهم، وأعظم الذنوب أن ينفر الإنسان الناس من الدين بأفعاله وسلوكه، ومن أبعد الناس عن الدين بسلوكه فإنه سوف يندم عليه بعد موته.
وأكد فضيلته قائلا: وليكن كل منا مسلماً بكل وجوده، لا أن يسمي نفسه مسلما ثم يسفك الدماء ويختطف ويتعاطى الخمر والمخدرات والمحرمات والمفاسد، فيكون عبئاً على الناس، ويجعل العالم يكره الدين، فالإسلام حاجة كل شعوب العالم، وسيشكو الناس يوم القيامة إلى الله أن المسلمين لم يبلغوا الإسلام إلينا أو بلغوه بشكل سيئ.
المساجد والآثار التاريخية المنسوبة إلى الله هي كرامة الشعب
وأعرب فضيلة الشيخ عبد الحميد عن ارتياحه لتشييد المبنى الجديد لجامع نيكشهر الكبير وقال: الحمد لله وبفضل جهود الشيخ عبد الله وحيدي فر، ودعم الشعب، تم تأسيس مسجد واسع. يعدّ هذا بناءً تذكاريا خالدا ومكانا رائعا للعبادة، وعند اكتمال بناء هذا المبنى، سوف يأتي أهل المحافظة والبلاد للصلاة وزيارة المسجد عندما يمرون على طريق نيكشهر.
واستطرد فضيلته قائلا: يجب أن نعطي أهمية للقضايا الدينية التي تخص الشريعة والمساجد، والآثار التاريخية المخصصة لله هي شرف الشعب وكرامة الأمّة.
التدهور التعليمي لا يزال موجودا في سيستان وبلوشستان
وانتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد، تراجع الأوضاع التعليمية في سيستان وبلوشستان، وأكد على ضرورة “الإصلاح التعليمي” قائلا: لا يزال هناك شكاوى وانتقادات بأن الجامعات والمراكز التعليمية لا تنشط كما ينبغي، وأن مستوى التعليم في محافظة سيستان وبلوشستان منخفض وهابط للغاية، وأنّ وزارة التعليم هي أحد أهم العوامل التي أدت إلى هذا التراجع في التعليم.
وأضاف فضيلته قائلا: العلم والتعليم هما أساس كل مجتمع، ولهما الأولوية على كل قضية أخرى، لذلك يطالب الجميع بإعادة النظر في هذه القضية، ويجب أن يكافحوا التدهور التعليمي.
يسرنا أن هناك صحوة في النساء وأنهن يبذلن جهودا من أجل الوصول إلى مكانتهنّ
وأعرب خطيب أهل السنة عن ارتياحه لـ”الاهتمام المتزايد بالتعليم بين النساء” وقال: نحن سعداء للغاية لأنه ظهرت هذه الأيام صحوة في النساء وأنهن يسعين للحصول على المعرفة والعلم.
وأكد فضيلته قائلا: إن الدين الإسلامي والقوانين الدولية تؤكد على احترام كرامة المرأة وحقوقها وعدم ظلمها، ولقد أعطى الدين الإسلامي حقوقًا متساوية للرجال والنساء.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: نشعر بالأسف الشديد عندما نسمع أنه في بعض الأحيان يتم اتخاذ إجراءات لا تحترم كرامة المرأة وتظهر مشكلات. إنّ النساء خبيرات في الكثير من القضايا، ويجب استشارتهن وإشراكهن في الأمور على أساس كفاءتهنّ وأهليتهن.
الحفاظ على الأمن ضروري للغاية ويصب في مصلحة الجميع
وأكد خطيب أهل السنة في جزء آخر من كلمته على “الحفاظ على الأمن”، وتابع قائلا: الحفاظ على الأمن في المحافظة والبلاد أمر حيوي للغاية، ونصيحتنا لكم جميعا هي أنه يجب الحفاظ على الأمن والسّلام في المنطقة.
وأضاف قائلا: الحفاظ على الأمن هو مصلحة الجميع، وإذا لم يكن هناك الأمن والسلام، لا يمكن تنفيذ المهام الدينية والدنيوية بسهولة، ونحن بحاجة إلى الأمن والسّلام في أمورنا الدينية والدنيوية.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلاً: يجب تسليم الذين يرتكبون جرائم القتل في المجتمع إلى القضاء حتى تتم معالجة الأمر وفق الإجراءات القانونية، وتسليم القاتل للقضاء سيمنع انتشار جرائم القتل والمشكلات الأمنية في المنطقة.