header

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنّة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (11 جمادى الثانية 1446) إلى التطوّرات الأخيرة في سوريا وسقوط حكومة بشار الأسد، داعيا كافة السياسيين والخبراء في العالم إلى الاهتمام بهذه التطوّرات وتعلم الدروس منها.


النظام السّوري السابق لم يستمع للشعب
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إن التطوّرات الأخيرة في سوريا ينبغي أن تثير اهتمام جميع المفكرين والمحللين في العالم. يقول الله تعالى: «فاعتبروا يا أولي الأبصار»، أي تعلموا دروسا من أحداث الدنيا وتطوراتها وتقلباتها.
وتابع قائلاً: “الربيع العربي” الذي حدث في العديد من البلدان العربية قبل سنوات كان تطورا عالميا، وانتفض الشعب السوري أيضاً مطالباً بالمشاركة في تقرير مصيره وسيادة هذا البلد، وبطبيعة الحال كانت المطالب الأولية للشعب السوري مطالب بسيطة، لكي تتمكن الحكومة السورية والمسؤولون السوريون من سماعها وتنفيذها.
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: لكن للأسف الشديد فإن المسؤولين السوريين السابقين لم يتسامحوا مع التجمعات والمظاهرات السلمية للشعب، ولم يستمعوا لهم، ولم يراعوا حقوقهم، بل لجأوا إلى العنف، مما أدى إلى حمل المتظاهرين للسلاح، وتضررت سوريا التي كانت بلدا مزدهرا، وقُتل العديد من الشعب وسُجن العديد في أسوأ الظروف، وفرضت أقسى أشكال الظلم على الشعب السوري.


أغلب الشعب السوري رافقوا التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، قائلاً: لقد كانت هناك مجموعات وأحزاب مختلفة حاضرة في التطور الأخير في سوريا، ولأجل هذا أيدت غالبية السوريين هذه التطورات، وقد سارت حتى الآن في اتجاه معقول ومشروع، بحيث حاول الثوار أن يسيروا الأمور بشكل سلمي مع أقل عدد من الضحايا، وأن تعود البلاد إلى أيدي الشعب السوري نفسه.


تمكّن الثوار من الاستيلاء على البلد بأقلّ عدد من الضحايا
واستطرد خطيب أهل السنّة قائلا: كان القلق الذي يساورنا والعالم أجمع هو نوع المنهج والأسلوب الذي ستتبعه المعارضة المسلحة عندما تصل إلى السلطة في سوريا، ولكن ما فاجأ العالم هو كيفية تمكن هذه المجموعة من الاستيلاء على البلاد دون خسائر فادحة وفي أسهل طريقة ممكنة.
وأضاف قائلا: توقع جميع السياسيين والخبراء أن تقوم بعض العناصر المتطرفة بمجازر كبيرة بحق المخالفين حين يدخلون هذه المناطق، ولكن على عكس كل هذه التحليلات والتوقعات، عندما سيطرت المعارضة على الأوضاع، أعلنت نفس العبارة التي قالها الرسول الكريم في إعلانه فتح مكة وخاطب الأعداء: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”، إلا أنها أعلنت بأنها ستحاول لاحقا وتحاسب من ارتكبوا الجرائم وتلطخت أيديهم بدماء الأبرياء.


هناك تقارير عن السجون السّورية لا أحد يستطيع التعبير عنها
وأشار خطيب أهل السنة إلى وضع السجناء في عهد نظام بشار الأسد، وقال: بعد سيطرة المعارضة على سوريا، قاموا بفتح السجون أيضاً، وهناك تقارير وقصص عن أوضاع هذه السجون لا يستطيع أحد أن يصف ما حدث للمعتقلين فيها.


في التطوّرات الأخيرة تم مراعاة مقدسات الأديان والمذاهب
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد: ومن النقاط المهمة أيضاً أن هذه المجموعات المسلحة اهتمت بالشعب. عادة عندما يحدث انقلاب في بلد ما، يظل مدبرو الانقلاب في السلطة وتمر سنوات عديدة ولا تعقد انتخابات، ولكن في التطورات الأخيرة في سوريا، عندما سيطرت هذه الجماعات على البلاد، اعتبروا الجيش كثروة وطنية، وأعلنوا أنهم سيستمرون في أداء مهامهم حتى انتخاب حكومة جديدة من قبل الشعب، وأعلنوا أن الحكومة القادمة سيتم انتخابها من قبل الشعب.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى كيفية تعامل المعارضة مع الأديان والطوائف في التطورات الأخيرة في سوريا، قائلا: ومن المخاوف الأخرى التي كانت لدى الكثيرين كيفية تعامل المجموعات الجديدة التي تسيطر على البلاد مع الأديان والطوائف الأخرى، وما الذي سيحدث في المستقبل، وماذا يحدث للضرائح التي تقدسها وتحترمها الطوائف المختلفة؟ ولكن عندما جاءت المجموعات الجديدة إلى السلطة أعلنت أن سوريا هي لكل القوميات والديانات والطوائف، وحريات كافة الأديان والمذاهب مكفولة، وأن مصالح الجميع محمية في هذا البلد، وأعلنوا أيضاً أنهم ستكون لهم علاقات جيدة مع الدول المجاورة والدول والشعوب الأخرى.


التحرك الأخير في سوريا كان على النهج الصحيح
واستطرد فضيلة الشيخ قائلا: يجب أن نكون منصفين؛ كل هذه الأمور تشير إلى أن الحركة التي نشأت في سوريا أخيرا تسير على الطريق الصحيح، وإن تحليل العالم أجمع، بما في ذلك تفسير وتحليل الخبراء ووسائل الإعلام في بلادنا، هو أن هذه الحركة تسير في طريق حكيم، ولم تكن بها نقاط ضعف حتى هذه اللحظة، فلو كانت بها أي نقاط ضعف لحذرنا منها.
وتابع فضيلته قائلا: الحكمة من تأخير انتصار الثورة وحراك الشعب السوري، هو اكتساب الخبرة والسير على الطريق الصحيح، وكما هو الحال في الخطوة الأخيرة، حيث روعيت القوانين والأعراف الدولية وحقوق الإنسان.


يجب تعلّم الدروس والعبر من تطوّرات التاريخ والاهتمام بالشعب
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد مؤكدا على ضرورة “التعلم من التاريخ” و”الاهتمام بالوطن”، وقال: هناك البعض من كبار المسؤولين في البلاد قالوا: إننا حذرنا سابقا بشار الأسد ونصحناه بأن يجلس مع شعبه، لكنه لم يهتم بهذا، وابتلي بهذا المصير. هذا يعني أن البعض من مسؤولينا توصلوا أيضاً إلى نفس النتيجة، وهي أن الوطن هو الأهم، وأن صوت الوطن يجب أن يُسمع، ومطالبه يجب أن تُعالج، ويجب على الجميع أن يتعلموا دروسا من التاريخ ومن مثل هذه الأحداث والتطورات.


الأولوية لمصالح ومشكلات الشّعب الإيراني
وأضاف خطيب أهل السنّة في زاهدان: نعتقد أن على الجميع الاهتمام بالشعب، وليس الوطن ملك مجموعة واحدة، بل لكافة طوائف الشعب. الشعب هم أهل الوطن وأصحابه، وكل ما تملكه الحكومة والدولة والبرلمان فهو للشعب، والشعب يجب أن يهتم به. كان موقفنا في الماضي، والذي لم يكن تطرفاً ولا تعصباً، هو أن تُسمع مطالب النساء والشباب والآكاديميين وجماهير الشعب، وألا يفوت المسؤولون الفرصة للاستماع إلى الشعب.
وقال خطيب أهل السنة: لقد قيل مرارا وتكرارا أنه يجب عليكم التركيز على مصالح الشعب الإيراني، لأن الشعب الإيراني هو الذي سيبقى من أجلكم؛ هذا الشعب وهذه الأرض هي رأس مالكم وثروتكم، ويجب أن تهتموا بهذا الشعب وهذا الوطن، و لا بد من التعامل مع هذا الشعب بالمحبة، ويجب معالجة مشكلاتها، فإن مشكلات الشعب الإيراني لها الأولوية على مشكلات الشعوب في البلدان الأخرى.


الشعب الإيراني تعرّض لأكبر قدر من الضغوط في الدولة السابقة
وقال خطيب أهل السنّة: إنّ الشعب الإيراني عانى أعظم الضغوط والأضرار في عهد الدولة الثالثة عشرة (الدولة السابقة)، وقد عانت المجموعات القومية والدينية في تلك الدولة، وتم إغلاق العديد من أماكن العبادة، وتم الاستيلاء على بعض المصليات المهمة (لأهل السنة) بالكامل، ولا يزال البعض من المؤسسات والمنظمات تمارس الضغوط على الشعب، وهذه الضغوط لا تزال مستمرة، في حين أن الضغط لا يجدي نفعا.
وأضاف فضيلته قائلا: الشعب الإيراني شعب واع؛ لا بد من الجلوس مع هؤلاء الشعب ومعالجة مطالبهم من خلال الحوار وسعة القلب، ويمكن للحكومات أن تحل مشكلاتها وتعالجها من خلال الاهتمام بمطالب شعوبها.

54 مشاهدات

تم النشر في: 16 ديسمبر, 2024


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©