اعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (14 ربيع الثاني 1446) النورَين الظاهري والباطني من أعظم نعم الله تعالى، ومن حاجات الإنسان، وأكد على ضرورة اتباع تعاليم القرآن والسنة للاستفادة من النور المعنوي.
وقال فضيلته بعد تلاوة قوله تعالى: «اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»: لقد تحدث الله تعالى عن النور في القرآن الكريم، وقد خلق الله جميع أنواع النور الظاهرة والباطنة التي لا يمكن تصور ضياء الحياة بدونها. لقد كسر الله تعالى ظلمة الليل بنور الشمس القوي الشامل.
وتابع: كما أن النور الخارجي نعمة عظيمة من الله، فإن الأنوار الباطنية، وهي أقوى من النور الخارجي، أيضا نعم من جانب الله تعالى، وعندما يولد كل إنسان، يمنحه الله تعالى النور الفطري، وحتى لا يفسد فطرته يظل هذا النور في قلبه، ويسير على الطريق الصحيح بهدي هذه الفطرة.
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: نور الإيمان هو نوع آخر من النور الباطني. بالإضافة إلى نور الطبيعة، هناك نور في الإنسان يمنح المؤمن البصيرة والحكمة وهو مع الإيمان، وعندما يجتمع نور الطبيعة ونور الإيمان، يزيدان وجود الإنسان بصيرة ونورا لا حدود لهما
في الأحكام الإلهية نور / العدل يجلب النور، والظلم يجلب الظلام
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إن للأحكام الإلهية نورا؛ للصلاة والصوم والحج والزكاة ومساعدة المحتاجين وتكفل الأيتام وكل التعاليم نور، وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته نور أيضا، وكان صلى الله عليه وسلم يدعو الله تعالى دوما أن يجعل في قلبه نورا وفي لسانه نورا وفي سمعه وكافة جوارحه نورا. فإن اجتمعت كل هذه الأنوار في إنسان واحد، سيصبح وجوده نوراً. يحتاج الإنسان إلى النور، وكلما زاد نور الإنسان، كلما كان على طريق التقوى.
وأضاف قائلا: حتى الوضوء والاغتسال يزيدان نورًا في وجود الإنسان، وتزيد نظافة الجسد والمسجد والمكان نقاء النور في الوجود الإنساني، والعدل يخلق النور في الإنسان. إن وجودنا وخاصة القلب، يحتاج إلى هذا النور.
واستطرد فضيلته قائلا: المعصية ظلمة؛ الكذب والبهتان والزنا والمعاصي الصغيرة والكبائر وجميع المحرمات ظلمة، وظلمة القلب تبدو على الوجه، ويظلم الوجه أيضًا، والنور الذي يتمتع به الشخص السليم المؤمن، لا يظهر في وجه من لا يصلي.
وتابع فضيلته: الظلم ظلمات، والاعتداء على ممتلكات الناس وأرواحهم وأي ظلم فهو ظلمة. وكلما زاد الظلم، اشتدت الظلمة وغطت القلب والوجود كله، ومع الظلمة يختفي الإيمان، وكذلك الظلام يدمر نور الفطرة.
العمل بتعاليم الكتاب والسنة بحث عن النور
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: يقول الله تعالى: «أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات». الذي استفاد من نور القرآن والإيمان يتحرك في النور، ومن حرم هذا النور فهو في ضلال. كلما كان نور الإيمان والدين قوياً، كان النور الباطني للإنسان أقوى، وكلما ضعف النور، ضعف إيمانه، وإذا لم يكن له إيمان فهو في ظلمة مطلقة.
وأضاف فضيلته: علينا أن نختار النور ونمشي به، ونتجنب التكاسل في الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونكثر من تلاوة القرآن. الكيفية مهمة في الصلاة مثل الكمية؛ وكلما زاد حضور القلب في الصلاة، زاد النور. ركعتان بحضور القلب أفضل من مائة صلاة في غفلة. إن في الأعمال التي يعملها المرء من أجل الله نوراً.
واستطرد: لنحاول أن نكون على طريق الحق والتقوى والطهارة، وهو طريق الأنبياء والأولياء. الشخص الذي يسير على هذا الطريق لديه أعظم ثروة، ويجب أن نحاول تطبيق تعاليم القرآن وسيرة النبي في حياتنا، فهذا هو البحث عن النور.
الشرق الأوسط في أوضاع حرجة واستثنائية للغاية
وأشار خطيب أهل السنّة إلى “التدهور الخطير للأوضاع في الشرق الأوسط”، قائلا: للأسف، الشّرق الأوسط الآن في وضع حرج واستثنائي للغاية، وهذا الوضع لم يسبق له نظير في التاريخ أن يهدد الشرق الأوسط بهذه الطريقة بنيران حرب شاملة وواسعة النطاق.
وأضاف: لقد وردت إلى المنطقة أحدث الأسلحة الفتاكة، وهي شديدة الخطورة والتدمير؛ وحتى الدول الكبرى أدخلت الأسلحة النووية إلى المنطقة، وتعتبر هذه الأسلحة تهديداً وخطراً كبيراً على المنطقة. لقد أنتجت جميع الدول والحكومات أسلحة للدفاع عن نفسها، وإذا تم استخدام هذه الأسلحة، فسوف تترك مشكلات كبيرة.
الظروف الحالية تتطلب من جميع الأطراف التفكير في وقف فوري لإطلاق النار
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان: في الأوضاع الراهنة، حيث استشهد بعض قادة حماس وحزب الله، أصبح الوضع في المنطقة أكثر خطورة، وهذه الظروف تتطلّب من كافّة المنظمات الدولية والمجتمع الدولي والحكومات الكبرى في المنطقة التفكير في إطلاق سراح الأسرى من الطرفين ووقف فوري لإطلاق النار.
وأكد قائلا: على الجميع أن يسعى للتسوية والسلام العادل في المنطقة، وخاصة بين الشعب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي. إن قضية فلسطين مستمرة منذ أكثر من سبعين عامًا، وقد أحدثت صراعات وقضايا أمنية واسعة النطاق في المنطقة، ولذلك فإن التسوية العادلة وعودة الأراضي المحتلة إلى الفلسطينيين وتشكيل دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، سيؤدي إلى السلام والأمن الدائمين في المنطقة.
على أطراف الصراع التحكم على مشاعرهم وعدم التصعيد
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: نطالب جميع الأطراف والفصائل والمجموعات في المنطقة أن لا ينفخوا في نار الحرب الحالية ولا يؤججوا هذه النار، بل يجب عليهم العمل جميعاً على وقف إطلاق النار، فليس من المناسب أن يطلق أي من الأطراف المتحاربة شعارات متطرفة ضد بعضها البعض، كما كان الحال في الماضي، ولكن على الجميع أن يسيطروا على مشاعرهم ويرددوا شعارات العدل والإنصاف والقرار العادل والوقف الفوري لإطلاق النار.
وأضاف: هناك أيضا طلب من المسؤولين في بلادنا، فلقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن مشكلات المنطقة لا يمكن حلها بالحرب، بل تتطلب التخطيط والحكمة، وعلى جميع دول المنطقة والمجتمع الدولي، وخاصة تلك التي تدعم إسرائيل أو تلك التي تدعم الفلسطينيين، أن تفكر في العدل والسلام، لأن استمرار هذه الحرب واشتعال نيرانها فوق طاقة المنطقة وستسبب مشكلات أكبر.
واستطرد فضيلته قائلا: لكل موقف سياساته ومتطلباته؛ وعلينا أن نأخذ في الاعتبار دائما الظروف المتغيرة وتدفق الأزمات، وإلا فإن الجميع سيعاني.
المبادرة إلى تغيير السياسات وحل مشكلات الشعب ضرورية من أجل الوحدة الوطنية
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من خطبة الجمعة بزاهدان، إلى القضايا الداخلية للبلاد، وقال: إن الأوضاع المعيشية أصبحت صعبة جداً على الشعب الإيراني، ونصيحتي للسيد بزشكيان وكل مسؤولي النظام أن يبادروا إلى تغيير السياسات وحل مشكلات الشعب، فإن تحقيق مرضاة الشعب ضروري للغاية.
وأضاف: من الضروري تحقيق مطالب الشعب الإيراني مثل العدل وإزالة التمييز وتوفير الحريات المطلوبة وتطبيق الدستور، فالوطن بحاجة إلى الوحدة والتعاطف، وهذه الوحدة والتعاطف ممكنة بخطوات جادة من الحكومة والمسؤولين.
وتابع خطيب أهل السنّة في زاهدان قائلا: يجب أن تترك أيدي الدولة مفتوحة، وإذا كانوا يريدون لهذه الدولة أن تكون قادرة على القيام بشيء ما، يجب أن تتمتع بالصلاحيات اللازمة لإحداث تغييرات جادة.
وأضاف: الأوضاع الاقتصادية للبلاد تصبح أكثر خطورة يوما بعد يوم، والشعب يعاني من ضائقة اقتصادية حادة، فأساتذة الجامعات والمتقاعدون والعمال والممرضون والموظفون والنقابات والطبقات المختلفة يصرخون ويهتفون، ولذلك يجب أن يتحسن الوضع الاقتصادي حتى يجد الشعب الهدوء والراحة. هذه هي مطالب الشعب الإيراني بأكمله، وعلينا جميعا أن ندرك الشعب الإيراني ومطالبه.