header
فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

لا يمكن حفظ النظام باستخدام القوّة

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبه الجمعة (28 من جمادى الأولى 1444) إلى أن الجمهورية الإسلامية ستبقى ما دام الشعب يريدها، معتبرا “سرّ بقاء أي نظام وحكومة” هو الاستماع إلى صوت الشعب واستجلاب مرضاتهم.
وقال فضيلته: لا يمكن الحكم بالسلطة والسجن. يجب أن يكون هناك دعم شعبي ليستمر النظام. إذا كان الناس غير راضين ولا يريدون السلطة، فسيكون من الصعب الاحتفاظ بالنظام في أي منطقة من العالم. نعتقد أن المسؤولين في البلاد وكبار المديرين والقادة يجب أن يتحاوروا مع الشعب وينظروا في مطالبهم، وكيف يمكنهم الحصول على موافقتهم.
وحذر فضيلة الشيخ من إصدار أحكام الإعدام بحقّ المتظاهرين، قائلا: قال الله تعالى في كتابه: “مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا”. ما أجمل هذا الكلام! ربما لا يوجد شيء من هذا الجمال في الثقافات الأخرى التي هي من صنع الإنسان، فعندما يقتل إنسان ينتشر القتل في العالم. العديد من الأعمال عندما يفعلها شخص مّا يصبح الأمر سهلاً، والجميع يقولون في أنفسهم: لماذا لا نفعل نحن ذلك. هكذا عندما تنقذ حياة شخص ما، تكون قد منعت جريمة قتل ومنعت الترويج للقتل.
وعبّر فضيلة الشيخ عبد الحميد عن أسفه من ابتعاد المسلمين عن الثقافة الإسلامية، قائلا: كل إنسان، أيا كانت عقيدته وثقافته، يجب أن يُحترم ويُحترم حقه. يصعب عليّ جدا أن يضيّع مسلمٌ حق غير مسلم. عندما ندّعي أن لدينا تعليما سماويّا وثقافة وحضارة، وندّعي اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ينبغي أن نرتكب الظلم. لا تجوز لأيّ إنسان عاقل، وإن لم يؤمن بالله تعالى، الظلم على الإنسان أو الحيوانات. يا لها من تعليم جميل وعظيم لدينا، لكننا للأسف ابتعدنا عنه.


لا ترد الحجارة بالرصاص
ونفى فضيلة الشيخ الشيخ عبد الحميد أن يكون المعترضون مصاديق للمحاربة أو الإفساد في الأرض، وتابع قائلا: يجب الانتباه إلى كلام من لديهم اعتراضات ومشكلات. نحن الشعب الإيراني كلنا شعب واحد. نحن أمة موحدة. تتمتع كل الشعوب بالوحدة الوطنية، والأمن القومي من نتائج الوحدة الوطنية، فالقوات المسلحة والمسؤولون ونحن جميعا إيرانيون ويجب علينا احترام حقوق بعضنا البعض. لا يجوز للشعب قتل الضباط ولا يجوز للضباط قتل الشعب، كلنا إيرانيون ودماؤنا واحدة. من يحمل عصا أو حجارة فجواب ذلك الحجر ليست رصاصة.
وأضاف فضيلته قائلا: بقتل وإعدام الناس والمبادرة إلى العنف، تزداد المشكلات ولا يتضرر إلا نحن جميعا. الشعب الإيراني عزيز علينا، فالقتلى من أي جهة كانوا سواء قُتل ضباط وجنود وأعضاء قوات التعبئة، أو قُتل أشخاص من الشعب، فالخسارة للجميع. الشعب الإيراني شعب ذكي، والعقلاء يحلون مشكلاتهم بالحوار والتفاوض. يجب الجلوس مع الشعب والاستماع إلى مطالبهم، هل يوافق الناس على التغييرات أم لا، وبماذا يرضون؟


“الحكومة الإسلامية” مطلوبة طالما أن غالبية الشعب يريدونها
وفي قسم آخر من خطبته، أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى التفريق بين “الدين” و”الحكومة الدينية”، قائلا: كان الدين موجودا قبل أن تكون الحكومة الدينية. المهم هو حفظ الدين نفسه وبقاؤه. لا ينبغي التضحية بالدين لأجل الحكومة. كان الدين من قبل وسيبقى، ولا ينبغي أن نضحي بالدين من أجل النظام الإسلامي والحكومة، ولكن يجب أن يكون النظام الإسلامي والحكومة في خدمة الدين ومن أجل حماية الدين. الحكومة الإسلامية جيدة طالما أن غالبية الناس تريدها. إذا كان هناك عدلا وحرية وأخذت إرادة الشعب بعين الاعتبار، فإن النظام سيستمر لمائة عام أو أكثر. حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم 10 سنوات، ولو كان الحكم شيئا مهمّا، لكان الله قد أعطاه مئات وآلاف السنين ليحكم. الحكومة الإسلامية ليست مهمة، لكن العدالة والحرية ومرضاة الشعب مهمة. قال علي رضي الله عنه إن الحكومة لا تساوي عندي شيئا، وحكم سيدنا علي وجميع الخلفاء الراشدين في فقر ولم يجمعوا الثروة لأنفسهم، لكنهم أصبحوا قدوة.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: ظاهرة الهروب من الدين تقلقنا ولا ينبغي للشعب أن يكونوا كارهين للدين. لا ينبغي للشعب الهروب من الرسول والصحابة وأهل البيت. يجب على المسؤولين الانتباه إلى هذا. إذا جعلتُ الشعب يكرهون الدين من خلال أعمالي، فهذه خطيئة لا تغتفر، وإذا كانت السلطات وعلماء المسلمين من الشيعة والسنة، والأنظمة الإسلامية في أي جزء من العالم، تجعل الناس يكرهون الدين، فهذه خطيئة وجريمة. يجب أن نجعل الناس يتمنون رحمة الله ولا نعسّر.


لن يعود النخب إلى البلاد والدولار وصل إلى 40 ألف تومان
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى ظاهرة هجرة النخب من البلاد قائلا: أكبر ثروة لأي شعب هي مواهبها البشرية، والفنانون وعلماء البلد والخبراء ثرواتنا. البلدان المتقدمة تطورت مع شعوبها، ولقد أنفقت بلادنا الأموال في مجال العلم والمعرفة، لكن جزءًا كبيرًا من هؤلاء المتعلمين والنخب هاجروا واستقروا في بلدان أخرى. هؤلاء هم ثروة الشعب وعقولهم المفكرين. البلد بحاجة إلى هؤلاء الأشخاص من أجل العمران، ويجب توفير الأرضية لهم للعودة إلى البلاد، لكن هؤلاء لن يعودوا وسعر صرف الدولار بلغ 40 ألف تومان. يجب إصلاح الاقتصاد وإجراء التغييرات، وهذا ما يصرخ به الشعب في الشوارع.


إنّ تعليم المرأة الأفغانية هو مطلب كل علماء العالم الإسلامي
وانتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد قرار الإمارة الإسلامية في أفغانستان بمنع الطالبات من التعليم الجامعي وتابع قائلا: المرأة المؤهلة ثروة الشعب، ومن المناسب أن أطلب من قيادة إمارة أفغانستان الإسلامية توفير مجال تعليم المرأة، وهذا ليس مطلب الأوروبيين والأمريكيين فحسب، بل هذا مطلب جميع علماء العالم الإسلامي.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لا فرق في التعليم بين الرجال والنساء؛ أي علم كان، يجب أن يتعلمه الرجال والنساء. رقيّ الإنسان بالمعرفة والعلم، وربما المرأة تفوق الرجل في العلم والمعرفة. ثروة أفغانستان هم العلماء الذين يبنون الدين والدنيا، ويتم تطوير أفغانستان أو إيران بالشعب. ليست ثروة أفغانستان هي المناجم والأراضي الزراعية، وليست ثروات إيران النفط والغاز، بل الثروة الأصلية الشعب. يجب تعليم وتكوين الشعب وتربيتهم، وبناء الدولة. هذا قلقنا جميعا وينبغي أن يتمّ توفير تعليم الفتيات.


لا يجوز لولي الأمر أن يأمر بالقتل إلا بأمر من الشريعة
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى معاملة السجناء قائلا: نوصي بإنهاء التشديدات وإنهاء الإعدامات واتهامات الحرابة، وما نسمع أخبارها من الاعتداءات في السجون والتي لا توصف بالكلمات. أتساءل أحيانًا من أذن بهذه الأعمال؟ الشريعة الإسلامية لها قواعد، يمكن للحكام والقضاة والمسؤولين في بلادنا العمل في إطار الشريعة الإسلامية ولا يمكن ضربُ أيّ متهم أو إجباره على الاعتراف، ولا يجوز قتل شخص لم يرتكب قتلا.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: ليس لأحد أن يتصرف فوق حكم الله تعالى، وفي بلادنا أسمى شيء هو القانون ولا يستطيع أحد تجاوزه. أتفاجأ أحيانا بقول بعض الناس حيث يقولون: يمكن لولي الأمر أن يعطي أي أمر يراه مناسبا أو مصلحة. هذا ليس في معتقدات أهل السنة. بالنسبة إلى معقدات أهل السنة لا يمكن للنبي وهو أعظم شخصية أن يتحدث عن نفسه إلا إذا كان وحيا؛ يتبع النبي أيضا الوحي، ويذكره القرآن أيضا بأنه يجب عليه اتباع الوحي. لم يصدر النبي أي حكم إلا بعد ما أتاه الوحي. في رأينا ووفقا لعقيدة أهل السنة ليس لولي الأمر أن يعطل حكم الله تعالى، ولا يجوز لأي زعيم أن يأمر بقتل شخص ما إلا إذا كان عن دليل شرعي. يجب أن يعمل ولي الأمر في إطار الشريعة الإسلامية، ولا توجد مصلحة في العالم أعلى من مصلحة المسلمين. يجب أن تكون مصلحة النظام في إطار الإسلام. إذا كان الإسلام يحرم شيئا مّا، فلا يمكن أن تبيحه المصحلة. نحن نؤمن أن ولي الأمر والحاكم يجب أن يكونا في إطار القرآن والسيرة، ولا يمكن الخروج عن الشريعة قيد شعرة واحدة.


يجب إبقاء الجنود في ثكناتهم
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى حادثة الجمعة الدامية في زاهدان قائلا: نحن متحيرون بالنسبة إلى حادثة الجمعة الدامية، لماذا استهدف أناس أتوا للصلاة؟ يذكرني أهالي زاهدان مرارا بمتابعة قضية الجمعة الدامية، ولقد تمّ إنشاء محكمة وستتعامل مع هذه القضية، واذا استطعنا سنقدم تقريرا عن اجراءات هذه المحكمة في الأسبوع القادم، إن شاء الله.
وأضاف فضيلته قائلا: نحن إيرانيون ومواطنون على حد سواء، ونصيحتي ألا تضربوا مواطني إيران. لا توجد حكومة تطلق النار على مواطنيها بهذه الطريقة. نطلب بأن تتركوا الجنود يمكثون في ثكناتهم ويحافظوا على النظام، وليجتنبوا عن ضرب الناس. إذا قتل شخص ما جنديّا أو عضوا في قوات التعبئة، تقومون بالقصاص، فيجب تنفيذ العدل ويجب أيضا القصاص من الضابط الذي هجم على الشعب وقتلهم بغير حق. أطالب الشعب الإيراني أن تكون احتجاجاتهم سلمية وألا يلحقوا الضرر بالممتلكات، وألا يهاجموا القوات المسلحة، ولا يحولوا الاحتجاجات إلى عنف. نصيحتنا للسلطات أن تمارسوا الرحمة بحق شعبكم، وأطلقوا سراح الفنانين والنخب والسجناء السياسيين. تواضعوا وتحدثوا مع هؤلاء الأشخاص بماذا يرضون. الشعب لديهم مطالب ويريدون أن تستمع هذه المطالب.
أشار خطيب أهل السنة في زاهدان إلى الضغوط التي يتعرض لها علماء أهل السنة قائلا: اجتمع العلماء ومديروا المدارس المشهورة هنا وكان لديهم مطالب طرحوها في بيان. نتمنى أن يتم الإفراج عن العلماء الذين تم استدعاؤهم واعتقالهم وتلغى مذكرات الاستدعاء.
وفي نهاية خطبته، طالب فضيلة الشيخ عبد الحميد من الشيخ “محمد حسين كركيج” الذي قام المسؤولون بإعفاءه من إمامة الجمعة في مدينة “آزادشهر” (شمالي إيران) قبل عام، بالاستجابة لطلب الناس واستئناف إمامة صلاة الجمعة.

814 مشاهدات

تم النشر في: 25 ديسمبر, 2022


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©