header

أكّد فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (24 ربيع الأول 1444) على ضرورة معاقبة مرتكبي المجزرة الدامية في زاهدان قبل ثلاثة أسابيع، محمّلا جميع كبار المسؤولين في البلاد المسؤولية عن هذا الحادث.
ووصف فضيلة الشيخ عبد الحميد مجزرة المصلين بزاهدان بالحادثة التي لا نظير لها، وتابع قائلا: “الحادث الذي وقع مؤخرًا في زاهدان، كان حادثًا مفجعًا للغاية. حادثة من هذا النوع ليس لها مثيل في أي مكان في إيران. نحن مندهشون للغاية لماذا التزم المسؤولون الصمت في هذا الصدد! قتل العشرات في هذا المصلى والشارع دون أي سبب. أصيب العديد منهم في الرأس والصدر. من قتلهم وبأي جريمة؟”
وأكد فضيلته قائلا: “المسؤولون والقادة في البلاد ومرشد الثورة الذي يخضع لقيادته جميع القوات المسلحة، مسؤولون، ولا أحد يستطيع التهرب من هذه المسؤولية”.
وأشار خطيب أهل السنة إلى عدد القتلى في هذه الحادثة، قائلا: “لا أستطيع أن أذكر بالضبط عدد القتلى، وقد تمّ الإعلان عن مقتل 90 شخصًا، وجرح الكثيرون، والبعض أصيبوا بالشلل، ولقد بُترت أيدي وأرجل كثير من الناس أو قطعت أحبالهم الشوكية”.


إن كانت الشعب بحوزتهم أسلحة، فكم قتل من قواتكم في حادثة المصلى؟
رفض فضيلة الشيخ عبد الحميد نسبة هذا الحادث إلى لانفصاليين والجماعات المسلحة، وتابع قائلا: “الأشخاص الذين ارتكبوا هذه الجريمة يبحثون الآن عن الأكاذيب. إن نسبة الحادثة إلى الانفصالين والفصائل المسلحة كلها أكاذيب محضة. يقولون أحيانا إنهم تعرضوا لهجوم مسلح، فإذا هوجمتم بالسلاح كم قتل منكم؟ في المشهد الأول حيث قتل أكبر عدد من الناس، لم يقتل جندي واحد من الجانب الآخر. فلماذا تقولون هذه الأكاذيب؟ كلما كذبتم، زاد غضب الله والشعب”.
وأكد خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: “لماذا أطلقتم النار على المكان الذي يعبد فيه الله تبارك وتعالى؟ لماذا أطلقت النار على الناس لمدة ساعتين؟ بينما لم يُقتل هنا شرطي واحد، وهذا دليل على أن الشعب لم تكن معهم أسلحة”.
وأشار فضيلته إلى أن عدد القتلى في هذا الحادث في ساعتين فقط كان أكثر من إجمالي عدد القتلى في الأسابيع الثلاثة الماضية من الاحتجاجات التي عمّت أرجاء البلاد، وأضاف قائلا: “كنّا نتوقّع من السلطات حل هذه القضية. إن أكبر مطلب لرؤساء القبائل وأهالي المحافظة هو مساءلة كل ضابط ارتكب جريمة القتل هذه وإلقاء القبض على من أمرهم. لا بد من معاقبة المسؤولين الذين قصروا في هذه الحادثة”.
وأوضح فضيلته حول الإجراءات المتخذة بشأن متابعة هذه الحادثة قائلا: “نحن في انتظار الرد من جانب المسؤولين. جاء وزير الداخلية وممثلو لجنة الأمن القومي في مجلس النواب، لكن رغم ثبوت الحقيقة واتضاحها للسلطات أن المصلين قتلوا ظلماً، إلا أننا لم نتلق نتائج حتى الآن. نحن ننتظر حل هذا الأمر وإدانة مرتكبي الجريمة ومعاقبتهم”.
وصرّح خطيبُ أهل السنّة قائلا: “لم نكن غير منصفين، والآن أيضا نعتبر الإنصاف من واجباتنا أيضا، وعلى الحكومة أن تكون منصفة أيضًا. لقد قُتل مواطنون بغير حق، وكان يجب أن يكون الضباط القتلة في السجن الآن. يجب أن يكون مَن أمرهم في السجن ليكون بلسما لجروح الشعب. لن ترتاح قلوب الشعب بالمال وبالقول بأن هؤلاء شهداء”.


أخذوا أصوات شعبنا ولم يتعاطفوا معهم
وأعرب فضيلة الشيخ عبد الحميد عن امتنانه لجميع الذين عبّروا عن تعاطفهم مع ضحايا مجزرة زاهدان داخل البلاد وخارجها، كما اشتكى الذين التزموا الصمت حيال هذا الأمر، وتابع قائلا: “لدينا شكوى شديد من الإيرانيين الذين تعاون شعبنا معهم منذ فترة طويلة والآن لم يقولوا أي شيء، خاصة أولئك الذين ليسوا في الحكومة حاليا ولكنهم كانوا في الحكومة وحكموا لعدة سنوات وحصلوا على أصوات هؤلاء الشعب، كما نشكو علماء الشيعة الذين لم يقولوا شيئاً في هذه الحادثة”.
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: “على أية حال، كلنا ضحوا في جبهات الحرب من أجل وحدة أراضي إيران. حفظت الحدود الشرقية وجنوب الشرقية بهؤلاء المراطين. فإذا كنتم تعيشون بأمان في قلب إيران، فقد قام هؤلاء الأشخاص بحفظ الحدود. كلنا إيرانيون وكلنا أعضاء في هيكل واحد. كنا نتوقع أن أولئك الذين وصلوا إلى السلطة من خلال هؤلاء الشعب، سوف يدينون هذه المجزرة على الأقل. نحن نشكو الرئيس بشدة، بأي ثمن صوّت الشعب لك في مشروع مقاطعة الانتخابات يا سيادة الرئيس؟ لقد أخذتم أصوات هؤلاء الشعب ولم تهتموا بمطالبهم ولم تقدموا تعزية للشعب في هذا الحادث. أشكر أهالي زاهدان الذين استجابوا للمطالبة بالحفاظ على أمن المنطقة”.


نعاني من التمييز منذ 43 عاما
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد “الحكومة” من الابتلاءات الإلهية وأوضح قائلا: “أصحاب السلطة والحكومة الذين كانوا في السجن قديماً وأخرجهم الله من السجن وأعطاهم السلطة والحكومة، ينبغي أن يعلموا أن الله يعطينا هذه النعم ليختبرنا، فلا ينبغي أن يظن أي شخص لديه سلطة وحكومة أن ذلك يرجع إلى فضله، ولكن الله هو الذي يعطي العزة والشرف ليختبرنا من خلالها. إذا طبق العدل والإنصاف، وخدم الشعب ولم يغلق صاحب السلطة الباب في وجه شعبه وانفتح على النقد، يرضي الله وسيدوم ملكه”.
وأضاف قائلا: “يجب أن تكون الحكومة مسؤولة أمام الناس وأن تستمع إلى احتجاجات الشعب، فمنذ 43 عاما تعاني الطوائف والمذاهب التمييز والمشكلات. كم من شكوى تم تقديمها إلى المسؤولين وكم من المراسلات جرت مع كبار المسؤولين خلال هذه الفترة. كم من رسائل كتبت إلى القيادة؟”
واعتبر خطيب أهل السنّة الاحتجاجات الأخيرة نتيجة تراكم مشكلات لم تتم معالجتها، وقال: “لو تمت معالجة هذه القضايا في الماضي، لربما لم يكن الوضع قد وصل إلى النقطة التي وصل إليها اليوم. يجب إعطاء الناس فرصة للتحدث والتعبير عن مشكلاتهم. لا ينبغي اعتبار هؤلاء أعداء، فالاستماع إلى الشعب والتخطيط هو الحل الأفضل. ضرب الناس وقتلهم من أي جهة ليس هو الحل، كلنا ايرانيون وعلينا أن يتسامح بعضنا مع البعض”.
وفي النهاية قال: “أكرر أسفي لأنّ هذه القوميات وأصحاب المذاهب كانوا في القوات المسلحة في النظام السابق، وقلنا لكم مرات عديدة أن تسمحوا إن كان هناك من يُقتل من أجل الوطن أن يقتل منّا أيضا من أجل وحدة اراضى البلاد، لكنهم لم يسمعوا هذا، فلو حدث هذا لما كنا نواجه هذه المأساة اليوم”.

588 مشاهدات

تم النشر في: 22 أكتوبر, 2022


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©