header
فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة لأهل السنة في زاهدان:

خروج الحسين رضي الله عنه كان ضد الظلم ولأجل تحقيق العدالة

وصف فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (7 محرم 1444)، سيدنا الحسين رضي الله عنه بأنه “أسوة للمسلمين وكافة أحرار العالم”.
وأضاف فضيلته بعد تلاوة آية «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» [آل‌عمران: 169] قائلا: هذه أیام شهر محرم، وخروج سيدنا الحسین رضي الله‌ عنه فيه درس لجميع المسلمين وأحرار العالم، وكان من المناسب أن يظل هذا المشهد وهذا الخروج حاضرَين دائما في أذهان العالم، لكن لما أن هذه الأيام هي أيام استشهاد الحسين رضي الله عنه، يتوجه الخاطر في هذه الأيام إلى هذه الحادثة أكثر، وتذكر هذه الحادثة أكثر في هذه الأيام.
وتابع فضيلته قائلا: كان أهل البيت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذين نصروه، وفي عهد الخلفاء الراشدين أبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم الذين كانت خلافتهم على منهاج النبوة، ووفقًا لتعاليم الإسلام، نصروا الخلفاء الراشدين ورافقوهم، ولم يكن هناك اختلاف بين المسلمين.
وأضاف قائلا: منذ استشهاد سيدنا عثمان رضي الله عنه نشأت خلافات بين المسلمين، وانقسمت الأمة الإسلامية إلى فريقين، فريق مع علي وآخر مع معاوية رضي الله عنهما. بعد استشهاد علي -رضي الله عنه- لم ير سيدنا حسن -رضي الله عنه- من المناسب تقسيم بلاد الإسلام إلى قسمين، فتصالح مع معاوية رضي الله عنه، واتفق رضي الله عنه على أن يحكم الأمير على طريقة الرسول والخلفاء الراشدين، وأن يتحد المسلمون، فاستمرت الخلافة على هذا المنهج ما دام معاوية كان يحكم المسلمين.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: بعد وفاة معاوية انتقلت الخلافة إلى يزيد الذي كان غير أهل، وكان عاجزًا، وشابًا عديم الخبرة، فظهرت الخلافات، ولم يبايع كثير من شيوخ الصحابة يزيد، وكانت البلاد الإسلامية في طريقها إلى التفتت، وكان هناك خطر أن يقضي يزيد على مآثر الرسول والخلفاء الراشدين، وتضيع شوكة المسلمين وعظمتهم، وفي هذا الظرف أعرب أهل الكوفة عن استيائهم وشعروا أن العالم الإسلامي بحاجة إلى زعيم قوي وعادل، وقالوا: إن الحسين رضي الله عنه ابن رسول الله وفاطمة، قائد كفء، عادل يستحق أن يكون على رأس إدارة العالم الإسلامي. فوجهوا دعوة إلى الحسين رضي الله عنه للحضور إلى الكوفة ليبايعوه وينصروه.
وقال مدير دار العلوم زاهدان: اعتبر الحسين رضي الله عنه مطلب أهل الكوفة صوابا ورأى أن هذا المطلب ينبغي أن يسمع ولا ينبغي تجاهله، فانتقل إلى الكوفة، حيث وقعت حادثة كربلاء وشنت الحكومة في ذلك الوقت حملة عسكرية ضد الحسين. قال الحسين رضي الله عنه للناس الذين بايعه معظمهم عن طريق سيدنا مسلم بن عقيل: لقد دعوتموني ولم أحضر للقتال، الآن بما أنكم غير راضين من قدومي، سأعود إلى المدينة المنورة، لكنهم لم يأذنوا للحسين بالعودة إلى المدينة المنورة، وطلبوا منه أن يستسلم، ورأى الحسين الاستسلام ذلة وقال هيهات منا الذلة، ورجح القتال على الأسر والذل.
وتابع فضيلته قائلا: في سجل يزيد حادثتان مظلمتان ومخزيتان لا يستطيع أحد تبريرهما، الأولى استشهاد الحسين وأصحابه في حادثة كربلاء، والثانية واقعة حرة. في هاتين الحادثتين ارتكب يزيد الجرائم التي لا يمكن التغاضي عنها، بحيث تم تعطيل المسجد النبوي لمدة ثلاثة أيام خلال حادثة حرة والهجوم على المدينة المنورة، وكان هذا الحادث مفجعا ومخزيا، وكان يزيد أميرا غير صالح، ولو كان صالحا لما حدثت هذه الحوادث.
وقال خطيب أهل السنة: لم يخرج الحسين للقتال، لكن فرض عليه القتال، ولو أنه أراد القتال لخرج مع جند، بدل أن يخرج بأهله، ولمّا فرضت عليهم الحرب فضّل الاستشهاد على الذل والأسر.
وأكد فضيلته قائلا: الحسين رضي الله عنه أسوة لكل المسلمين والفرق والمذاهب الإسلامية، وحتى لكل الأحرار في العالم، وكان خروجه ضد الظلم، وكان لأجل تحقيق العدالة، استجابة لرغبة الشعب المشروعة، وقد رأى الحسين نفسه ملزما باستماع مطلب الناس.


اتباع سيرة أهل البيت يوحد جميع الطوائف الإسلامية
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من خطبته: أهل البيت من المشتركات، والمسلمون جميعا يحبونهم، وإن أهل السنة لا يقيمون العزاء على أحد أكثر من ثلاثة أيام، وليس في منهجهم الفقهي الذكريات، واليوم السابع، والأربعين و.. كما أنهم لا يلبسون السواد في ذكرى وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين؛ وهذا بناء على فقههم وعقيدتهم، وإلا فلا يوجد مسلم لا يحزن على حادثة كربلاء ولا يقتدي بآل البيت.
وتابع فضيلته قائلا: إن النقطة المشتركة والمهمة لجميع الفرق الإسلامية هي اتباع طريقة هؤلاء الأكابر. إن ما يرضي الله وأهل البيت في الدنيا والآخرة أن يتبع المسلمون أوامر الله تعالى وسيرة هؤلاء الأكابر، ولا يكفي ادعاء محبة الله والنبي وأهل البيت، بل لا بد من اتباعهم أيضا.
وقال خطيب أهل السنة قائلا: كما أن أهل البيت حافظوا على الوحدة، يليق بجميع المسلمين أن يتبعوا هؤلاء الأكابر في المحافظة على الوحدة والاتفاق، واحترام بعضهم البعض، واحترام مقدسات غيرهم، وعدم الإساءة إليها. يحاول الأعداء دائمًا الإثارة بين المسلمين والاصطياد من الماء العكر، فعلى الأمة الإسلامية أن تكون لديها خبرة في مجال معرفة العدو.


من لوازم الوحدة والأخوة بين المسلمين هو التسامح بينهم
ونصح فضيلة الشيخ عبد الحميد المسلمين وأتباع الطوائف المختلفة في العالم الإسلامي بالتسامح مع بعضهم البعض، وتحمل كل فريق الشعائر الدينية للآخر، وأضاف قائلا: أكدت خلال خطبة الجمعة في الأسبوع الماضي على ضرورة توفير أمن مجالس العزاء لإخواننا الشيعة في شهر محرم في مختلف أنحاء العالم. يجب أن يتمكن الشيعة من إقامة مجالس تعزيتهم التي يعتقدون بها، وفقًا لعقيدتهم ومذهبهم.
واستطرد فضيلته قائلا: من لوازم الوحدة والأخوة بين المسلمين أن يتسامح المسلمون مع بعضهم البعض وأن يكون أتباع الطوائف المحسوبة على الإسلام أحرارا في إقامة احتفالاتهم الدينية ويمكنهم إقامة شعائرهم الدينية بأمان، فإذا تسامح المسلمون مع بعضهم البعض، فسيؤدي ذلك إلى مزيد من الوحدة وتقريب القلوب.


صيام يوم عاشوراء أعظم أجرا وثوابا بعد رمضان
وأوصى فضيلة الشيخ عبد الحميد بصيام يوم عاشوراء قائلا: صوموا يوم عاشوراء. كان صوم عاشوراء فرضا في بداية الإسلام وقبل صيام شهر رمضان المبارك، ولكن سقطت فرضية صيام عاشوراء بعد فرضية صيام رمضان، ولم يبق إلا استحبابه. إن صيام يوم عاشوراء هو أعظم أجرا وثوابا بعد رمضان.


الزوجان من رحمة الله لبعضهما البعض
ونصح فضيلة الشيخ عبد الحميد في القسم الأخير من خطبته الزوجين بـ”مراعاة حقوق بعضهما البعض” وتابع قائلا: الزوج والزوجة من رحمة الله، لذلك ينبغي أن يعتبر كل منهما الآخر فرصة ورحمة، ويتسامح مع بعضهما البعض، عندما يجري احترام بين الزوجين ويراعيان حقوق بعضهما البعض، وتكون بينهما مودة، فإن هذه المحبة ومراعاة الحقوق وحفظ الكرامة سينتقل إلى الأطفال وينتشر في المجتمع عن طريقهم.
وتابع فضيلته قائلا: يجب أن يتحمل الزوج والزوجة بعضهما البعض لأجل استمرار الحياة، وأن يعيشا متحابين، ولقد أوصى النبى صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الرجال بمراعاة حقوق النساء خاصة وقال: استوصوا بالنساء خيرا.
وأضاف مدير جامعة دار العلوم زاهدان قائلا: لا ينبغي لأحد أن يتدخل في الحياة الزوجية، وعلى الوالدين والإخوة والأخوات ترك “الزوج والزوجة” وشأنهما وعدم التدخل في حياتهما؛ هذا هو مصدر الخير والبركة والرحمة الإلهية.

571 مشاهدات

تم النشر في: 7 أغسطس, 2022


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©