اعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (10 ذوالقعدة 1443) “التلوث الروحي” مصدر كل الأوبئة والمصائب والأمراض الجسدية والنفسية، مشددا على ضرورة اتباع واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإنقاذ المجتمع من التلوثات الروحية.
وقال فضيلته بعد تلاوة آية: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ» [آل عمران: 110]: كان في كل عصر ومصر أناس يمنعون الناس بناء على تعاليم الشريعة والعقل، عن الكثير من المفاسد في الأرض. هناك خطة لدى منظمة الصحة العالمية لمكافحة التلوثات الظاهرية والجسدية، وكان الأجدر أن تكون هناك منظمة صحية لمكافحة التلوثات الروحية وطرق علاجها.
وأضاف فضيلته قائلا: للأسف، إنّ البشر المعاصر لا يهتم بالتلوث الروحي والأخلاقي، بينما الفساد الروحي هو مصدر كل الآفات والأمراض والمصائب. الملوثات الجسدية تهدد سلامة الجسد، ولكن الملوثات الروحية مثل الربا، والزنا، والظلم، والرشوة، والفساد المادي والأخلاقي، إذا لم يتم منعها، فإنها تعرض صحة الجسد والروح وكل حياة الإنسان للخطر، لذلك على العلماء والدعاة تحذير المجتمع من عواقب التلوثات الروحية.
وقال مدير جامعة دار العلوم زاهدان قائلا: من الخطأ الاعتقاد بأنّ عواقب الخطيئة هي فقط على الفرد ولا تضرّ المجتمع؛ إن أضرار ترك الصلاة، والزكاة، وارتكاب المعاصي، يصيب الإنسان الخاطئ نفسه، وكذلك يصيب المجتمع الذي لا يقوم بواجبه، كما أن الحياة تكون ممتعة بالطاعة والذكر والعمل الصالح، وعندما يسير المجتمع على طريق الفطرة، ويبتعد عن الفساد، سيحصل على الهدوء والسلام.
واستطرد فضيلته قائلا: الذنب والفساد خطران على سلامة المدن والأوطان والعالم كله، وإن الاختلافات والمشكلات للبشرية والمسلمين هي بسبب أنهم لا يطيعون الله.
وتابع خطيب أهل السنة: لقد كان الأنبياء جميعا مكلفين بإصلاح المجتمعات ومنع الفساد، وواجبنا أيضا الحفاظ على الشريعة والسنة، وأن ننهي الناس عن المعصية بمراعاة الحكمة، وإذا فشلنا في أداء واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح أنفسنا والمجتمع، فإن الله سبحانه وتعالى يسلط علينا الظالمين والطواغيت ويفتح باب الأوبئة والمصائب، ولا تستجاب الأدعية أيضا.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: للأسف ينتشر الظلم وعدم المساواة والقمع والإدمان والفساد في العالم، والأفكار الكاذبة تستهدف الشباب والمرأة المسلمة لإضعاف حياءهم ودينهم وإيمانهم، بحيث تستهان المقدسات وتشكك في المعتقدات، وتنفق المليارات لإلحاد الناس، ويجري الغزو الثقافي، ويريدون زعزعة المعتقدات بنشر الشبهات، ويريدون أن يدخلوا العالم كله في المعاصي والذنوب، ولديهم دعايات لإنكار الآخرة، لذلك يجب على جميع الفئات والمجتمع كله القيام بواجبهم من أجل تقوية معتقدات الناس وصيانة أخلاقهم وحماية الدين وخاصة الصلاة.
وأردف فضيلته قائلا: الصلاة تمنع الكثير من البلايا والمفاسد والمعاصي. أقيموا الصلاة، وصلوها جماعة، واعمروا المساجد التي هي بيوت الله، ليعمر الله عز وجل بيوتكم وآخرتكم.
العلم ضروري لحياة مريحة
في جزء آخر من كلمته، أكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على ضرورة تعلم العلوم قائلا: شجعوا الشباب على الدين والعلم، اللذين هما محوران كبيران، ولا تتركوا أطفالكم يغادرون الدراسة.
واستطرد قائلا: تكون المعرفة الدينية والعلم العصري من أجل ازدهار الدنيا والآخرة، فيجب أن يتعلم الرجال والنساء العلم. العلم ضروري لحياة إنسانية ممتعة ومريحة.
البعض من قوانين العقوبات في البلاد لا يتفق مع بعض المذاهب الإسلامية
وانتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد في حطبته تزايد الإعدامات في البلاد وخاصة في محافظة سيستان وبلوشستان، مطالبا بإعادة النظر في العقوبات، وتابع قائلا: البعض من الاعدامات هي تطبيق للقصاص، ولا اعتراض لأحد في القصاص، لكن هناك أحكامات إعدام هي تعزيرية، والمذاهب لديها تفسيرات مختلفة لها، وفي هذه الإعدامات خسارة للجمهورية الإسلامية والشعب. نأمل أن تتخذ السلطات إجراءات بشأنها.
وأضاف فضيلته قائلا: نحن نريد الخير للمسؤولين ولسنا أعداءهم، على المسؤولين إعادة النظر في هذه القوانين، نعتقد أن العديد من قوانين العقوبات في البلاد لا يتفق مع الإسلام، والمؤسف أن هذه القوانين لا تتمّ مراجعتها أو تغييرها على الإطلاق؛ بينما التغييرات فيها تعود لمصلحة الحكومة والشعب.
يجب أن تكون أهمّ سياسة للبلاد هي مراعاة الشعب
وطالب فضيلة الشيخ عبد الحميد المسؤولين بمراعاة الشعب قائلا: الشعب هو المحور، فلا بد من اتخاذ سياسة يخرج الناس من هذه الاضطرابات والضغوطات التي يواجهونها، بحيث لا يملكون ما يشترون به حاجاتهم، فالعمال والمتقاعدون والمعلمون، وجميع طبقات الشعب تحت الضغط، ويجب أن تكون أعلى وأهم سياسة في الدولة هي مراعاة الشعب؛ يجب على المسؤولين التخطيط حتى لا يعاني الشعب أكثر ولا يتضرر الضعفاء بعد الآن.
الإهانة ليست حرية، بل فساد
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى إساءة بعض مسؤولي الحكومة الهندية للنبي الكريم قائلا: في الهند أساء الحزب الحاكم، وهو حزب متطرف، إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. منذ وصول هذا الحزب إلى السلطة، واجه المسلمون في الهند مشكلات وانزعجوا، فالحكومات السابقة كانت معتدلة ولكن للأسف هذا الحزب وقادته متطرفون.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: لا يوجد عقل سليم في العالم يسمح الإهانة للمقدسات، كما لا يحق للمسلمين إهانة مقدسات أي دين. ليس لنا أن نسبّ الأصنام، وليس لنا حق أن مسيء إلى أي شخص، ومن المثير للغرابة أن نشاهد العالم مع إدعائه الحضارة والثقافة، يمارسون مثل هذه التصرفات المغايرة للحضارة والثقافة،
وأضاف فضيلته قائلا: ندين كل هذا بشدة ونتوقع من الهند شعبا وحكومة التعامل بجدية مع من سبّ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وأوضح فضيلته قائلا عن مدعي حرية الرأي: ذات مرّة قال رئيس الوزراء البريطاني إنه بسبب الحرية في بلادهم، لا يمكنهم قول أي شيء لمن أهانوا إلى مقدسات المسلمين، والحقيقة أن الإهانة غير مسموح بها في أي ثقافة أو شعب، وهذه ليست حرية بل فساد، ويجب على الجميع الوقوف ضدها.