أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة ( 5 شوال 1401)، إلى أن الدنيا دار الامتحان، مؤكدا على “الاستقامة على الشريعة” في كافة تقلبات الحياة، كما أشار فضيلته إلى ثمرات الصبر والاستقامة على الدين في الدنيا والآخرة.
وقال فضيلته بعد تلاوة آية «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ» (فصلت: ۳۰): إن الله تعالی جعل الدنیا محل اختبار وامتحان، يظن البعض أنه بمجرد قولهم أنهم مؤمنون، يذهبون إلى الجنة، بينما الله سبحانه وتعالى يأتي بالمشكلات والآفات والمصائب والأمراض والتقلبات في حياة الإنسان ليجعل البشر و لا سيما المسلمين الذين يدّعون العبدية، في أتون التجارب، وليميز من هو صادق في الإيمان والإسلام والتدين ممن هو كاذب، فمن استقام على مشقّات الحياة وآلامها ومآسيها وأطاع الله، عليه رحمة الله ورضوانه.
وتابع فضيلته قائلا: “الصبر” من أعظم العبادات، ولولا الصبر لما استطاع المسلمون صيام رمضان. إن نجاح الصيام في رمضان، وفرح العيد، والفرح عند الرحيل من الدنيا، والبشرى في الآخرة، وأفراح الآخرة، كلها تتحقق ببركة الصبر وبفضل الاستقامة على الشريعة.
وقال مدير دار العلوم زاهدان قائلا: ادفعوا الوسوسة عنكم بذكر الله تعالى. استقيموا على الدين، وعلى ترك الحرام، وترك الذنوب، وعليكم بمراعاة حقوق الناس، ومراعاة حقوق الله، وأحكام الله. هذه الاستقامة رحمة. يقول الله تعالى في كتابه: “إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ”.
وتابع فضيلته قائلا: هذه البشارة لا تصل للمؤمنين وقت الموت فقط، بل في كل مشهد من مشاهد يوم القيامة، ذلك اليوم هو يوم وصول المؤمنين إلى الجنة والآماني، وهو يوم السعادة والفرح، وهذه السعادة هي نتيجة الاستقامة والمقاومة، ذلك اليوم هو اليوم الذي يستقبل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المؤمنين بماء الكوثر.
وقال خطيب أهل السنة مؤكدا على الاستقامة على الدين بعد رمضان قائلا: من تكاسل في الدين بعد رمضان، وترك صلة الأرحام، والصلاة والمسجد، وارتكب المعاصي، أو اتجه إلى المخدرات والتلوث، لم يستقم على الدين في الحقيقة.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: شجعوا الناس على الدين، لأن الإلحاد والخطيئة يجلبان الآفة، وإن تبعات المعصية تؤثر على الجميع. اعتبروا أنفسكم جنودا للدين ودافعوا عن الدين.
ارتفاع الأسعار أثار قلق الناس
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته إلى ما تتردد من الأنباء حول ارتفاع أسعار الخبز، منتقداً الارتفاع الجنوني للأسعار في الآونة الأخيرة، واعتبر فضيلته أنّ المشكلات الاقتصادية جذورها في “المشكلات السياسية”، ودعا الحكومة إلى سماع آراء الموافقين والمخالفين في هذا المجال، قائلا: للأسف يتفشى التضخم وارتفاع الأسعار في البلاد، ولقد أثار ارتفاع الأسعار قلق الشعب.
واستطرد فضيلته قائلا: واجب الحكومة والمسؤولين الحكوميين والدولة وكلنا جميعا في مواجهة الفقر والبؤس والبطالة وارتفاع الأسعار والضغوطات التي يوجد على المجتمع اليوم، ثقيل جدا.
وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان إلى قضية زيادة سعر الطحين والخبز، قائلا: كما ورد في الأخبار، يتوقع أن يرتفع سعر الخبز. الخبز هو أول حاجة للناس. هناك الكثير من المواطنين في المجتمع لا يستطيعون الحصول على اللحوم والأرز ، ولكن إذا لم يتمكن الناس من الحصول على الخبز ، فسوف يموتون جوعا.
وصرح فضيلته قائلا: هؤلاء المسؤولون يقولون إننا سنعوض الزيادة في سعر الخبز بالنقود للناس، نقول لهم لا حاجة إلى التعويضات النقدية، فقد جربناها في حالات أخرى، هذه مجرد كلمات تقال من أجل تسلية قلوب الناس، فالمرجو أن لا تزيدوا من أسعار الخبز، حتى يتمكن الأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى أي شيء آخر، الحصول على الخبز على الأقل. هناك العديد من العائلات التي لا تستطيع شراء الخبز بسعر منخفض، ناهيك عن شرائه بسعر مرتفع، فإن مطلب الجمهور والمطلب الوطني هو عدم زيادة سعر الخبز.
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد “المشكلات السياسية” مصدر المشكلات الاقتصادية في البلاد، وتابع قائلا: أقول ذلك بجرأة وأثبته بالدليل والحجة أن المشكلات الاقتصادية في البلاد متجذرة في المشكلات والقضايا السياسية. عليكم بحل المشكلات السياسية للبلد والتغيير فيها، حينئذ ستحل المشكلات الاقتصادية، وإذا لم تحل المشكلات الاقتصادية عليكم بلوم من كانوا يرون جذور المشكلات الاقتصادية في المشكلات السياسية.
وقال فضيلته مخاطبا المسؤولين في الدولة: لا تلجؤوا إلى الاقتصاديين لحل المشكلات الاقتصادية، أؤكد لكم أن الاقتصاديين لا يستطيعون حل المشكلات الاقتصادية، لأن جذورها تكمن في مكان آخر. عليكم بإعادة النظر في السياسات الداخلية والخارجية للدولة، وأحدثوا فيها التغييرات، ولا تقتصروا على مجلس الوزراء والخبراء الحكوميين، بل استخدموا أيضا آراء العلماء الذين يتحدثون في ضوء الآيات والأحاديث، وكذلك آراء الأكاديميين وغيرهم من المثقفين في المجتمع، وآراء الموافقين والمخالفين.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: لو تمت مراعاة هذه القضايا، ستحل جميع مشكلات البلاد، بما في ذلك المشكلات الاقتصادية، وسترتفع قيمة عملة البلاد التي تعد الآن من أضعف العملات، مرة أخرى. تمتلك إيران احتياطيات وإمكانيات لا يمكن مقارنتها بالعديد من البلدان، ولكن لماذا تكون عملتنا بلا قيمة؟! هذا موضوع يثقل كاهل المسؤولين، ويجب على المسؤولين التفكير في حل هذه المشكلة.