أكد فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (11 محرم 1443) على ضرورة الاستعداد للآخرة بجانب السعي لحياة الدنيا، معتبرا “انكار المعاد” و”اتباع شهوات النفس”، و”الرضا بالحياة الدنيا الفانية” من صفات الإنسان قصير النظر.
وأضاف فضيلته قائلا: إن الله تعالى قسّم البشر إلى قسمين من حيث الفكر والهدف؛ جماعة قصيرة النظر لا تؤمن بالآخرة والقيامة وتعتبر الإيمان بالآخرة خرافية وخاطئة، وتعتبر هذه المجموعة البشر كحيوانات، مع اختلاف أن البشر أكثر يقظة من الحيوانات الأخرى ويمكنهم استخدام العالم بشكل أفضل.
وتابع فضيلته قائلا: إن منكري يوم القيامة يفرحون عندما يصلون إلى المال والدنيا والتسهيلات، وعندما يصلون إلى منصب مربح وثروة، فإنهم يرون أنفسهم ناجحين. إن الله سبحانه وتعالى يعاتب هذه المجموعة من الناس الذين يفكرون ظاهريّا، ويرضون بأسباب الدنيا ومتاعها، ولا يفكرون في الحياة بعد الموت، ويبشرهم بالنار.
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: هناك جماعة أخرى من البشر يؤمنون بكتاب الله، والآخرة، والقيامة، والجنة والنار، وعذاب الآخرة، وينظرون إلى الدنيا كضرورة للإنسان، ويفكرون أيضًا في بناء الآخرة.
وتابع فضيلته قائلا: المؤمنون يطلبون الدنيا لبناء الآخرة والمقاصد الصحيحة، ويتزوّدون بها لآخرتهم، وليس هدفهم إشباع الرغبات الدنيوية والفساد، بل إنفاق الثروة بطرق جيدة لمساعدة الضعفاء وإفادة الآخرين، ليس هدفهم من إقامة المعامل والمصانع وجمع الأموال، هي المادية، بل يبحثون عن توفير الفرص للعاطلين، والإنفاق على الفقراء، وهو هدف مقدس.
وأضاف مدير دار العلوم زاهدان قائلا: العالم خُلق للإنسان والإنسان خلق للآخرة، ويخطط المؤمنون لهذه الدنيا والآخرة، ولكنهم يجعلون الآخرة التي هي خالدة وأبدية غاية حياتهم، ويطيعون الأنبياء؛ مثل هؤلاء الناس مقدسون ومباركون ويرحمهم الله.
واستطرد فضيلته قائلا: الكثير من البشر يطلبون الدنيا من أجل الرغبات الجسدية، إنهم يتبعون الأهواء الجسدية، وهدفهم كله من السعي للدنيا، هو إشباع رغباتهم؛ هؤلاء أناس ضالون.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: في النفس أنانية وغطرسة وتمرّد وادعاء ألوهية، يجب أن نكون حذرين من أن تضلنا النفس الأمارة، وتبعدنا عن الله تعالى، فإن العديد من جرائم القتل يتم ارتكابه من خلال إغراءات النفس، لذلك لا بد من عدم اتباع الشيطان والنفس وشهواتها.
للتخلص من النوازل والمصائب يجب التوبة والاستغفار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى تأثير الأعمال في ظهور الآفات والمصائب قائلا: إن أفعال الإنسان لها تأثير في حدوث الأوبئة. الآفات والكوارث مثل كورونا هي نتيجة أفعال الإنسان. لسوء الحظ أصبحت إراقة الدماء والأنانية والقتل الأسري وعدم دفع الزكاة والصلاة والكذب وانتهاك تراث المرأة وحقوقها وغيرها من المعاصي والمنكرات، أمرا شائعا في المجتمع.
وأشار فضيلته قائلا: إن الله تعالى يريد أن يقول للناس إنهم لكي يخلصوا من هذه الآفات والمصائب عليهم أن يتوبوا ويصححوا أعمالهم، لذلك يجب علينا جميعا أن نتوب؛ لا أحد يعتبر نفسه قديساً وبريئاً ولا يلوم الآخرين على خطاياهم، لكن الكل يعترف بخطاياه ويتوب ويستغفر ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
وأكد مدير دار العلوم زاهدان قائلا: تمسكوا بالأعمال، وأكثروا من ذكر الله تعالى، وعليكم بمراعاة التعاليم الصحية، وشجعوا أطفالكم في المساجد والبيوت على تلاوة القرآن وإعطاء الصدقات، والصلاة والأوراد. تصدقوا واسألوا الله تعالى، فهذه تكون سببا في أن يرفع الله تعالى هذا الوباء، ويحفظنا من سائر الآفات.
ليبق الشعب الأفغاني العزيز في بلده ويسعوا في الإعمار المادي والمعنوي لوطنهم
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته إلى هجرة البعض من الشعب الأفغاني إلى البلاد الأوربية، قائلا: كما ورد في وسائل الإعلام، فإن بعض الأفغان الأعزاء يهاجرون إلى أوروبا، والبلدان الأخرى. أتمنى ألا يغادر هؤلاء الناس وطنهم لأنه لا يوجد مكان آخر يصبح وطن الإنسان.
وأضاف فضيلته قائلا: الأفغان الذين يهاجرون إلى دول أخرى بعوائلهم ويعتقدون أن أبنائهم سيجدون السلام والراحة في تلك البلدان، يجهلون ما يحدث لدين أبنائهم، في حين أن جميع الأنبياء والصالحين كانوا يفكرون في حماية دين عوائلهم وأولادهم.
وأشار خطيب أهل السنة قائلا: الكثير من المسلمين وخاصة النازحين الذين هاجروا إلى الدول الأوروبية، فقدوا دينهم وثقافتهم، وتعرضوا لغسيل الدماغ من قبل أتباع الديانات الأخرى وغيروا دينهم، واعتنقوا ديانات أخرى.
وأشار فضيلته كذلك إلى الثروات الموجودة في أفغانستان قائلا: أفغانستان لديها الكثير من الثروات والمناجم والأراضي الخصبة والمواهب التي إذا تم التخطيط والإدارة لها بشكل صحيح بالإضافة إلى شعب هذا البلد، يمكن للعديد من الدول الأخرى الاستفادة منها.
وتابع خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: إنّ الحكومة الجديدة التي من المتوقع أن يتم تشكيلها في أفغانستان، يجب أن تخطط وتعمل من أجل التنمية الدينية والدنيوية للناس، وتخطط بطريقة تعيد فيها الكفاءات والنخب الذين فروا من هذا البلد، ليعملوا في بلدهم.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد: يجب على الشعب الأفغاني العزيز، أن يبقوا في أفغانستان. أفغانستان موطن الافغان، ومن يبقى في وطنه ويسعى لازدهار دنياه وآخرته يكون هذا خيرا له.
وأعرب فضيلة الشيخ عبد الحميد عن ارتياحه لقرار “حظر زراعة الخشخاش” في أفغانستان، قائلا: سمعنا أن زراعة الخشخاش صارت محظورة في أفغانستان؛ هذا خبر جيد جدًا، لأن المخدرات تسببت في خسائر فادحة في المنطقة والعالم، وكانت سببًا في العديد من عمليات القتل والسجن والاشتباكات واحتجاز الرهائن وانعدام الأمن.
وأضاف قائلا: نتمنى أن تتمكن “الإمارة الإسلامية” من تنفيذ الحظر الذي أعلنته، حتى نتمكن نحن المتواجدون في جوار أفغانستان من التخلص من هذه الكارثة والمشكلة.