header

بعث فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، عقب التطورات الأخيرة في أفغانستان وانتصار حركة طالبان، برسالة إلى هذه الحركة وعلماء أفغانستان وعامة الشعب الأفغاني، مهنئا إياهم جميعا على هذا الانتصار.
ونص رسالته كما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ الانتصار الكبير واللّافت لحركة طالبان الذي كان نتيجة الجهاد والاستشهاد والصبر على طريق الحق ضد المحتلين المعتدين والحكومة الفاشلة والغارقة في الفساد، يستحق التهنئة للإمارة الإسلامية والعلماء الأفاضل، والشعب الأفغاني المتحمس والمجاهد، ولا شك أن هذا الانتصار يعود إلى فضل الله ونصرة الناس وآهات المظلومين وعوائل الشهداء والمتضررين، والمتوقع أن تكون الأنظار ممتدة إلى الله تعالى وحده، وأن يتضرعوا ويبتهلوا إلى الله تعالى، ويجب السعي لخدمة الشعب الأفغاني بكل الوجود.
للنجاح والتوفيق والحفاظ عليهما يجب التركيز على محورين مهمين: 1- التوكل على الرحمن، 2- الشعب. يقول الله تعالى: “يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين”.
لا يوجد نظام وقانون في العالم مثل شريعة الله -أي القرآن العظيم الذي هو آخر كتاب سماوي – تكون فيه سعة مثل السنّة وتعاليم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وهذه السعة هي في الواقع سعة الدين الإبراهيمي الحنيف التي للأسف لا يعرفها العالم، ولا شك أن العفو العام الذي أعلنتهاحركة طالبان، والتسامح مع الأعداء الذين حاربوا لسنوات، والتوقف عند أبواب كابول، ومنع إراقة الدماء في أفغانستان، كان مأخوذا من هذه القدرة والسعة الموجودة في القرآن والسنة، ولا شك أنها صفة تستحق الثناء، كما أن مخاوف المجتمع الدولي فيما يتعلق باحترام حقوق المرأة وكرامتها، وحقوق الإنسان، والحريات الفردية والاجتماعية، وحرية الصحافة والتعبير والنقد، يمكن معالجتها بشكل كامل في نطاق هذه السعة.
أؤكد للعالم أن طالبان اليوم ليسوا طالبان التي كانت قبل عشرين عامًا، ولقد اكتسبوا الخبرة وحدثت تغييرات في آرائهم، فإذا كانت هناك نقاط ضعف، يمكن تصحيحها، وإن معرفتنا عن طالبان أكثر بكثير من الناس حول العالم، لأننا جيران ونعرفهم أفضل، لذلك نعتقد أنه يجب منح طالبان فرصة، وعدم الالتفات إلى الدعايات الأحادية الجانب، ويجب أن تحافظ وسائل الإعلام أيضًا على حياديتها وأن تعكس الحقائق.
من المتوقع أن تسعى طالبان لتشكيل حكومة شاملة بتوظيف أشخاص أكفّاء من جميع الأديان والطوائف والقوميات الأفغانية، وكذلك من خلال دعوة المثقفين والمتخصصين والمؤهلين، وباستخدام جميع القدرات في مجالات العلوم وتكنولوجيا والمنتجات التقليدية والصناعية (المناجم والثروات الطبيعية وغيرهما) واستخدام الموارد البشرية، لأجل التمنية والتقدم وازدهار البلد.
إن الاهتمام بجميع القدرات في المجالات المعنوية مثل الأخلاق، والتزكية، والعمل الصالح، والتدين، أمر مهم أيضًا لشعب تخلف عقودا طويلة نتيجة الصراعات والحروب المدمرة، وتشرد شعبها في جميع أنحاء العالم، إنه أمر جاد وحازم يحتاج إلى جدية وعزم راسخ.
آمل أن تثبت حركة طالبان والشعب الأفغاني الكريم عمليّا أن مخاوف المجتمع الدولي ليست حقيقة وأنهم سوف يحبطون كل الدعاية من خلال سلوكهم، كما يُتوقع من جميع الدول إقامة علاقات جيدة، ومساعدة الشعب الأفغاني، ويوفروا مجال عودة اللاجئين الأفغان إلى بلادهم، حتى نتمكن من رؤية أفغانستان حرة ومزدهرة في المستقبل.
أخيرا أنصح حركة طالبان بالحذر من مكر الأعداء، لأن الأعداء من الجن والإنس بالمرصاد، كما أنصح الشعب الأفغاني ولا سيما حركة طالبان أن يتركوا كافة الأحقاد والعداوات الماضية إلى جانب، ويحتضن بعضهم بعضا، ويسعوا في مجال الأمن وإعمار البلاد.

904 مشاهدات

تم النشر في: 17 أغسطس, 2021


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©