وصف فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في زاهدان، في خطبة الجمعة (27 ربيع الأول 1442) بعد تلاوة آية: “الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ”، السعي لإصلاح النفس والمجتمع، من الواجبات الإنسانية والإسلامية، موصيا إلى المواساة، والسعي لحل المشكلات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتوبة والاستغفار.
وتابع قائلا: في الدرجة الأولى كإنسان رزقنا الله العقل، وفي الدرجة الثانية كمسلمين، فُوّضت إلينا مسؤولية كبيرة، وهي أن نسعى لإصلاح النفس والعالم. لم يعلمنا الإسلام الرهبانية التي نلجأ فيها إلى الغابات والكهوف، وأن نبتعد عن المجتمع، بل أمرنا بالتفكير في إصلاح أنفسنا وإصلاح المجتمع.
وعبّر فضيلته عن المواساة كواجب كل إنسان، قائلا: لا ينبغي أن نكون غير مبالين بما يحدث في المجتمع وبشعوب العالم؛ إذا رأينا مدينة أو قبيلة أو بلدا في مأزق، فعلينا أن نبذل جهودنا حسب استطاعتنا لإزالة مشكلاتهم، وإذا لم نستطع فعل أي شيء، على الأقل يجب أن تتأثر قلوبنا، وتكون مضطربة، وتتعاطف معهم، وندعو لهم؛ هذا هو الحد الأدنى من واجبنا ومسؤوليتنا.
وتابع خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: يجب أن يكون الشعور بالمواساة والتعاطف في قلب كل مسلم وإنسان. يجب أن نتفهم العائلات والشعوب والمجتمعات التي تعاني من مشكلات مثل الفقر المادي، والمسكنة، والإفلاس، بحيث إذا أمكن لنا أن نشفق على جيراننا وكل من ابتلوا بمشكلات، ونتخذ لهم تدابير، هذا واجبنا الإنساني والإسلامي.
وتابع فضيلته قائلا: على كل منا في أي مكانة كان، أن يسعى لحل مشكلات الناس والمجتمع، ولا يهرب من مسؤولية قبول حل مشكلات الناس. ليس العلماء بل عامة الناس يجب أن يفكروا، ولا يكونوا غير مبالين بالنسبة إلى ما يمر في المجتمع.
وأضاف قائلا: لا ينبغي أن نكون غافلين بالنسبة إلى الذنوب، والمعاصي، فهل غير الناس أنفسهم بعد كورونا وتابوا واقتربوا إلى الله تبارك وتعالى، أم ما زالوا يستمرون في أخطائهم وذنوبهم؟
الشعب الذي يترك مهمة إصلاح المجتمع يبتلى بعذاب الله تعالى
وأعرب مدير جامعة دار العلوم زاهدان عن أسفه لارتفاع عدد الوفيات من جائحة كورونا في مختلف أنحاء البلاد، قائلا: نسأل الله أن يرفع عنا كورونا برحمته. كان المطلوب أن يستغفر الجميع ويتوبوا إلى الله في هذه الظروف؛ فلو أن الحكومة والشعب والمسؤولون والعلماء ومختلف طبقات المجتمع تابوا، وأدوا حقوق الله وحقوق الناس، لرفع الله تعالى هذه العقوبة، ولكن للأسف لا توجد توبة ولا استغفار، والمسلمون في غفلة عن اتباع أحكام الإسلام، وقصور في العمل عليها.
وتابع قائلا: إذا لم تكن توبة تكون القلوب قاسية، لذلك يجب علينا جميعًا أن نتوب ونقوم بواجبنا ورسالتنا التي هي إصلاح أنفسنا والمجتمع. يجب أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وإلا فإن الله تعالى لن يستجيب دعائنا وتضرّعاتنا.
وقال مدير جامعة دار العلوم زاهدان: يروي سيدنا الحذيفة بن اليمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “وَالَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بالمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْکَرِ، أَوْ لَیُوشِکَنَّ اللَّهُ تَعالى أن یَبْعَثَ عَلَیْکُمْ عِقاباً مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلا یُسْتَجَابَ لَکُم”؛ وفي حديث آخر: “ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون أن يغيروا ولا يغيرون إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب”.
فكل من يترك واجب إصلاح المجتمع، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يبتلى بعذاب الله تعالى.
القتل في هذه المواقف الحرجة، ناشيء عن الجهل والوحشية
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته القتل وسفك الدماء من علامات القساوة القلبية في الظروف الراهنة، وتابع قائلا: مع الأسف ازداد القتل وسفك الدماء، والبعض حينما يغضبون يبادرون إلى القتل بلا رحمة، ويطلقون النار على البريء وغير البريء.
وأشار فضيلته إلى الحادثة الأخيرة في مدينة “خاش” بحيث قُتل فيها والد وطفله الصغر، قائلا: لقد تأسفنا وتألمنا بشدة من الحادثة التي أطلقوا فيها النار على شخص، ولم يرحموا طفله الصغير البالغ من العمر عاما، حيث أطلقوا رصاصة على رأسه.
ودعا فضيلة الشيخ عبد الحميد في نهاية خطبته إلى التقوى والتوبة والاستغفار، ومراعاة النصائح الطبية، واستخدام الأقنعة الطبية، والاجتناب من التجمعات، ومراعاة التباعد الاجتماعي، وأكد فضيلته على غسل اليدين كأعمال ضرورية للوقاية من فيروس كورونا.