أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (27 محرم 1441) إلى أن القوى الشرقية والغربية ليست متعاطفة لا مع الدول العربية ولا مع إيران، معتبرا جذور الأزمات والتوترات بين الدول الإسلامية في حضور القوى الاستعمارية في المنقطة، كما دعا فضيلته الدول الإسلامية بالتجنب من التصعيد، والعودة إلى التفاوض والخطاب العقلاني.
واستطرد فضيلته قائلا: العالم الإسلامي يواجه أزمات عديدة. الانقسامات والتوترات بين الدول الإسلامية متصاعدة. القوى والدول العظمى تنشط لتحقق منافعها بإثارة الاختلافات بين المسلمين وإثارة الأزمات في المنقطة، وقد يفرضون حربا جديدة على المنقطة.
وأضاف قائلا: هذه القوى لم تكن متعاطفة مع المسلمين يوما، إنها لم تكن متعاطفة مع البلاد العربية ولا مع إيران، وليست متعاطفة مع أي بلد من بلاد العالم الإسلامي. هؤلاء لا تحترق قلوبهم لديننا ولا لدينانا، وإنما يريدون استغلال الفرص لمصالحهم. الظروف الراهنة في المنطقة إنما أوجدوها، ويريدون الاستغلال من هذه الظروف.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى طاقات وثروات العالم الإسلامي قائلا: بلاد المنطقة والشرق الأوسط ليست فقيرة. في الشرق الأوسط توجد الثروات الهائلة للمسلمين. هنا يوجد النفظ والغاز، ولقد وضع الله تعالى كل الطاقات هنا؛ تسعى هذه القوى في غارة الثروات الموجودة هنا، وأن يجعلوا المسلمين محتاجين إليهم بإثارة الحروب بينهم.
وخاطب خطيب أهل السنة قادة البلاد الإسلامي قائلا: ننصح قادة البلاد الإسلامية كلها أن يفكروا بأنفسهم في قضاياهم، وليفكر القادة في منافع الإسلام والمسلمين ومنافع بلادهم وشعوبهم. هذه القوى لا تكون أصدقاء لكم. الولايات المتحدة لم تأت إلى المنطقة محبة للمسلمين ولأجل إقامة السلام، وإنما أتوا ليحققوا منافعهم بأي طريقة ممكنة.
وتابع فضيلته قائلا: يجب على المسلمين أن ينبذوا التوترات ويجتنبوا من التصعيد واستخدام اللهجة العنيفة ضد بعضهم البعض. ولا يتعد فريق على منافع الآخر، ولا يعتدي بعضهم على بعض، بل ليجلسوا ويحلوا مشكلاتهم. يحلوا أزمة اليمن وسائر الأزمات بالحوار. هذه المشكلات والمشكلات الأخرى تحل بتأسيس دول شاملة تضمن منافع الشعوب بأكلمها. الحرب ليست الحل، والحل هو التفاوض والحوار.
وأكد مدير جامعة دار العلوم زاهدان على لزوم سعة النظر، والاجتناب من الطائفية قائلا: ينبغي أن تفكر البلاد الإسلامية كلها في منافع الإسلام والشعوب المسلمة، ويوسع القادة أنظارهم، ويجتنبوا من الطائفية والقومية.
على المسؤولين أن يبحثوا أسباب حادث قطار زاهدان- طهران
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبته أيضا إلى حادثة قطار زاهدان التي وقعت أخيرا بقرب مدينة زاهدان، واصفا إياها بالمريرة والمؤسفة، معربا عن مواساته مع مصابي هذه الحادثة وجرحاها، سائلا المولى الكريم المغفرة لمن فقدوا أرواحهم في هذه الحادثة. كما طالب فضيلته المسؤولين بتحديد أسباب الحادث بدقة وعناية، ليمكن التصدي من وقوع حوادث مماثلة في القادم.
البعض يسعون في تشوية صورة العلماء والعباد الصالحين
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى بعض النشاطات التخريبية في تشوية سمعة العلماء في المنطقة، واصفا عواملها بـ “عناصر حزب الشيطان”، وتابع قائلا: هؤلاء يهينون إلى العلماء الصالحين والنافعين، وينشرون دعايات سيئة، ويفترون على العباد الصالحين، ويسعون في تشويه صورتهم.
واستطرد فضيلته قائلا: لا يوجد مثقال ذرة من الإيمان والأمانة في منتجي المقاطع التخريبية للعلماء. يجب أن تكونوا واعين بالنسبة إلى مؤامرات هؤلاء، ولا تنخدعوا بدعاياتهم السيئة.
الجهاد مع النفس أعظم جهاد، والهزيمة أمام النفس أسوء الهزائم
ووصف فضيلة الشيخ عبد الحميد في القسم الأول من خطبته “النفس الأمارة بالسوء” أعظم وأخطر عدو للإنسان، معتبرا “اللادينية” و”التلوث بالمعاصي” و”الإعجاب بالرأي” من أهم علائم ونتائج الهزيمة أمام النفس.
وأشار فضيلته إلى المكانة الرفيعة للإنسان عند الله تبارك وتعالى وتابع قائلا: لقد منح الله تعالى الإنسان مكانة رفيعة. من السنة الإلهية أن الإنسان مهما علت مكانته، وأعطاه الله الكرامة والشرف والنعمة، يبتليه بمقدار ذلك. “أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل”.
واعتبر فضيلته “النفس الأمارة بالسوء” أكبر عدو للإنسان، و”الجهاد مع النفس” أعظم جهاد، وتابع قائلا: أول صراع للإنسان يكون مع النفس، ولا يوجد خطر أكبر من النفس. النفس أسوء من الشيطان وأخطر، لأن الشيطان يبدأ صراعه عن طريق النفس. ورد في الحديث الشريف: “والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله”.
واعتبر خطيب أهل السنة “اتباع شهوات النفس” هزيمة أمام النفس وسببا لتقويتها، وأضاف قائلا: عندما نتبع منافع النفس، ونتبع الهوى والشهوات، النفس تسوقنا نحو المخدرات، وإدمان الخمور، والزنا، والفساد، والربا، والرشوة، والاختلاس، والمكر و… وإذا لم نقاوم النفس ورغباته بتذكر الموت والقبر والحساب والكتاب، ستصبح النفس أقوى تدريجيا، وسننهزم أمامها بشدة.
وتابع قائلا: كما أن الجهاد مع النفس أعظم الجهاد، هكذا الهزيمة أمامها أعظم الهزائم وأسوأها، وبالهزيمة أمام النفس، ينزل لعن الله على العبد، ويحيط به شياطين الإنس والجن.
وأكد فضيلته على لزوم إصلاح النفس قائلا: لقد جعل الله تعالى أمام الإنسان شهوات النفس، ومغريات الدنيا، ويريد أن يمتحن استقامته من هذا الطريق. يجب أن يفكر المسلمون جميعا في إصلاح النفس، وليعلموا أن النفس الأمارة بالسوء عدو الدين والإيمان، ولا تأذن لهم بأن يصلوا إلى الله والسعادة والجنة.
وحرّض فضيلته الشباب على اتباع سيدنا يوسف عليه السلام، وتابع قائلا: تعلموا الاستقامة من سيدنا يوسف عليه السلام. امتحانه كان صعبا جدا، لكنه قاوم واستقام ولجأ إلى رب العالمين.
وتابع قائلا: إن سيدنا يوسف عليه السلام وصل من طريق الانتصار على النفس إلى مكانة، ونال النبوة وحكم مصر بسبب الصبر والاستقامة.
الشباب المتدينون والمثقفون مفاخر مجتمعنا
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته إلى الشباب، واصفا إياهم بأفضل ثروة للمجتمع، وتابع قائلا: الشباب هم أفضل ثروتنا. نحن نفتخر بشبابنا إذا كانوا متدينين ربانيين، وأهل التلاوة والذكرو العبادة والتهجد، ويحملوا القرآن الكريم والكتاب والقلم بأيديهم.
واعتبر خطيب أهل السنة “التعليم والتعلم” من الواجبات المهمة للشباب، وصرح قائلا: أنفقوا لتعليم أولادكم! إن كنتم لا تملكون مالا، استقرضوا ووفّروا لهم الكتب وأدوات التعليم حتى لا يشعروا بالخجل أمام الغير.
وخاطب فضيلته الآباء، قائلا: كونوا واعين. أدركوا الشباب، وأكرموهم، واسعوا في إصلاحهم بالمحبة. لا تتركوهم يضيعون لأن الشباب هم مستقبلنا، وأفضل ثروتنا.