أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبته يوم الجمعة (15 شوال 1439) إلى المشكلات والأزمات الموجودة في البلاد، مؤكدا على ضرورة الاهتمام بمحوري “العون الإلهي” و”معية الشعب” للخروج من هذه الأزمات.
وقال فضيلته قائلا: تحاول الولايات المتحدة الإمريكية بعد انسحابها من الاتفاق النووي، فرض عقوبات شديدة على البلاد، والمشكلات التي نشأت هذه الأيام تعود إلى هذه القضية.
وأضاف قائلا: وإن لم تنفذ عقوبات الولايات المتحدة ضد إيران بالطريقة الكاملة، لكن انتشار خبرها كانت سببا لأزمات وقلق في الأسواق، وزادت من المشكلات الاقتصادية.
وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان إلى الاعتراضات الشعبية على المشكلات الاقتصادية في البلاد، وأضاف قائلا: هذه الأيام تجري اعتراضات شعبية ضد المشكلات والأزمات الاقتصادية في البلاد من جانب، ومن ناحية أخرى يطرح بعض السياسيين ضرورة المفاوضات مع الولايات المتحدة كحل للمشكلات.
وأضاف مشيرا إلى قضية المفاوضة مع الولايات المتحدة الإمريكية: كنا نؤكد دائما في كافة المسائل والمشكلات أن الجلوس على كرسي المفاوضات هو أفضل الحلول. نحن لا نرفض المفاوضو مع الولايات المتحدة الإمريكية، لكننا نعتقد أن المفاوضات أصبحت صعبة نظرا إلى الشروط التي طرحت من جانب الولايات المتحدة الإمريكة بحيث قد لا تؤدي إلى نتائج إيجابية مطلوبة.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد: لا أعتقد أن المفاوضات مع الولايات المتحدة هو الحل الكامل، بل أعتقد أن الطريق الوحيد للخروج من الأزمات والمشكلات، هي المفاوضة مع الشعب الإيراني نفسه. اكتساب مرضاة الله، ومرضاة الشعب وتلبية حاجاتهم بإمكانها أن تكون مؤثرة في مجال حل أزمة البلاد.
وأضاف مدير جامعة دار العلوم زاهدان: محور “الإيمان بالله” و محور”الشعب” محوران مهمان إن اهتممنا بهما لم تخضعنا قوة. لقد صرح القرآن الكريم إلى هذين المحورين قائلا: “ياأيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين”. إن الله خاطب الرسول الكريم الذي كان صاحب الوحي وكان معصوما وكان العقل التام، بأن الله يكفيه والمؤمنون.
وأضاف قائلا: المسؤولون والذين بأيديهم أمور البلاد إن تمسكوا بالله وبشعبهم، سينجون من الأزمات، وتكون المفاوضات مع الولايات المتحدة الإمريكية أيضا مفيدة، لكن إن لم نستطع أن نجعل الله والشعب معنا، لن تنجينا المفاوضات مع الولايات المتحدة الإمريكية.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: يجب علينا جميعا أن نعيد النظر في سلوكنا. ربما لم نطبق شرع الله جيدا في حياتنا أو ارتكبنا ظلما أو جورا بحق أشخاص أو جماعات، وضاعت حقوق، حيث ابتلانا الله بالقحط والزلزال، وتسليط ظالم علينا كالولايات المتحدة الإمريكية.
وأضاف قائلا: يجب أن نبحث إذا كان شطر من المجتمع تعرض للظلم والتمييز نتيجة السياسات، لا بد من كسب قلوبهم وجلب مرضاتهم. يجب على المسئوولين أن يسمعوا صوتهم، ولا بد من الاستجابة للاعتراضات الشروعية والمطالب القانونية للشعب.
وأضاف قائلا: أركان النظام والمسؤولون والرؤساء والعلماء والمراجع ليسوا معصومين في هذه البلاد. جميع القادة والشخصيات الإسلامية في العالم مكلفون أن يعملوا بالشريعة، ويحققوا مطالب شعوبهم. يقول الله تعالى: {فاتقوا لله وأصلحوا ذات بينكم}. إن اتقينا الله واكتسبنا مرضاة الشعب تنحل مشكلاتنا.
الرؤساء الضعفاء أهم أسباب نشوء الاحتجاجات
وأكد خطيب أهل السنة على لزوم إعادة النظر في سياسات تعيين الرؤساء والموافقة على أهلية الأشخاص قائلا: لقد أكدت مرارا قضية تغيير بعض السياسات. من السياسات التي يجب أن يعاد النظر فيها، سياسة البلاد في قضية الموافقة على أهلية الأشخاص.
واستطرد فضيلته قائلا: مع الأسف يهمل مبدء الجدارة والأهلية في سياسة البلاد في مجال تأييد أهلية الأشخاص، ويرفض الأشخاص المؤهلون بسبب الفارق المذهبي أو المسائل الأخرى. الكثر من الأشخاص المؤهلين والمثقفين تم رفضهم فقط بسبب أنهم لم يشاركوا في الصف الأول من الصلاة أو المظاهرات. هكذا رفض أشخاص مؤهلون مرشحون للرئاسة أو نيابة البرلمان وسائر القطاعات لأعذار مختلفة.
وصرح فضيلته قائلا: هذه السياسة الخاطئة في الانتخاب وتولية المناصب، سبّبت أن يتولى أناس ضعفاء مناصب إدارية، وهؤلاء المدراء والرؤساء الضعفاء كانوا من أسباب الاحتجاجات في البلاد.
المشكلة لا تحل بتغيير وزير أو وزيرين
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى بعض المطالبات لتغيير الرؤساء قائلا: الرؤساء الضعفاء ليسوا في الدولة فقط لتحل المشكلة بتغيير وزير أو وزيرين، بل هؤلاء الرؤساء الضعفاء موجودون في جسد الدولة والحاكمية.
وأضاف مشيرا إلى الفساد الاقتصادي قائلا: الكثير من المسائل والمشكلات كان يجب حلها سابقا، لكن مع الأسف ضاعت الفرص في هذه المجالات. والمعاقبة بوحدها لا تكفي لمنع المفاسد الاقتصادية والاختلاسات المالية التي حدثت، بل الذي يمنع الفساد الاقتصادي هو التغيير في السياسات.
يجب تأسيس “مجلس أهل الحل والعقد” للخروج من الأزمات الراهنة
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد تأسيس مجلس من أهل الحل والعقد المتكوّن من كافة الاتجاهات والأفكار، حاجة البلاد للخروج من الأزمات الراهنة، وتابع قائلا: اليوم ليست القضية قضية الدولة والحكومة فقط، بل القضية قضية وطنية. حل مشكلات البلاد وأزماتها تحتاج إلى تأسيس مجلس حل وعقد يضم كافة المؤهلين وأصحاب الفكر والرأي، بغض النظر عن قومياتهم ومذاهبهم.
وأكد فضيلته قائلا: حان وقت إطلاق سراح السجناء السياسيين، لنستفيد من آرائهم لحل مشكلات البلد. أصحاب الرأي ليسوا فقط في الدولة والحكومة، بل هم موجودون في الجامعيين والحوزات العلمية، وأهل السوق، وفي سائر القطاعات والطبقات يوجد أناس لديهم رؤية وفكرة.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على لزوم إعادة النظر في السياسات الخارجية قائلا: يجب أن نعيد النظر في سياساتنا الخارجية وندرسها جيدا لنتبين أين ارتكبنا أخطاء. يجب أن نعيد النظر في البرامج والسياسات التي نفذت في سائر البلاد.
وأشار خطيب أهل السنة إلى منع أهل السنة من إقامة صلاة العيد في طهران وبعض المدن الكبرى، منتقدا هذا السلوك، قائلا: لم يكن يتوقع أهل السنة أن يمنعوا في هذه الظروف المتأزمة من إقامة صلاة عيد الفطر في بعض المدن. الذين ينشئون هذه المشكلات لا يريدون الخير للوطن والبلاد.
وأكد خطيب أهل السنة قائلا: لا يعلم إلى أي حد يريد العدو أن يضر بالوطن وبالاقتصاد والأمن ويضغط على شعبنا. لذلك يجب أن نفكر لحل مشكلاتنا بالتنسيق والتعاون والتضامن. نرجو أن يفكر المسؤولون للخروج من الأزمة الوطنية تفكيرا أساسيا.
يجب استخدام أهل السنة في القوات المسلحة رسميا
وأدان خطيب أهل السنة في نهاية الخطبة الهجوم الأخير الذي تعرّض له القوات المسلحة على الحدود، وأضاف قائلا: في الحادثة الأخيرة قتل عدد من شباب أهل السنة في قوات التعبئة، وهذا يثبت أن أهل السنة مستعدون للتضحية بأراوحهم حفظا للوطن.
وطالب فضيلة الشيخ عبد الحميد الاستخدام الرسمي لأهل السنة في القوات المسلحة، قائلا: مع الأسف منذ أربعين سنة ويمنع حضور أهل السنة في القوات المسلحة. لذلك نطالب المسؤولين أن يستخدموا أهل السنة رسميا في القوات المسلحة، وهذا المطلب من الحقوق القانونية لأهل السنة.