الإيضاح: منذ مدة طويلة حظرت السلطات على رحلات فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى سائر المحافظات إلا طهران، حيث منع من الحضور في صلاتي جنازة إحداهما في مدينة “خواف” والأخرى في “تايباد” (في محافظة خراسان الرضوية)، كما منع من السفر إلى منطقة “رمشك” في محافظة كرمان. وكذلك منع أخيرا من سفره إلى قطر بعد ما عزم سماحته السفر إليها إثر دعوة وجّهت إليه في الأيام الأخيرة من البلوش المقيمين في قطر.
نظرا إلى الأمور المذكورة وكذلك منع العديد من كبار علماء أهل السنة في إيران من السفر إلى المناطق السنية، انتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة (17 شعبان 1439) هذا النوع من الحظر والمنع من جانب المؤسسات والجهات، واصفا إياه بـ “فرض الإرادة الفردية”، و”مغايرا للدستور”، مؤكدا على ضرورة إزالة هذه التصرفات.
تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة إلى المواثيق التي يجب على الإنسان مراعاتها، وأضاف قائلا: هناك ميثاق إسلامي يجب على المسلمين أن يراعوه ويتبعوا تعاليم الشريعة والإسلام والقرآن والسنة. وهناك ميثاق آخر، وهو الميثاق الدولي الذي يوجد بين دول العالم، كميثاق مراعاة حقوق الإنسان، والحريات الدينية والمذهبية، وسائر الحقوق الدولية التي تلتزم بها دول العالم.
وأشار خطيب أهل السنة إلى الميثاق الوطني قائلا: الميثاق الوطني هو الدستور الذي يلتزم به جميع الشعب من القوميات والمذاهب وسائر الاتجاهات وطبقات الشعب، وكلفوا بمراعاته.
وأوصى فضيلته المسؤولين والمؤسسات بمراعاة الدستور، وتابع قائلا: الجميع متساوون أمام الدستور، وليس هناك أي استثناء أمام الدستور. جميع المؤسسات والمسؤولين والمدراء مكلفون بمراعاة الدستور.
وأشار خطيب أهل السنة إلى تأكيد الدستور على مراعاة الحريات، قائلا: بناء على الدستور، يجب أن تحفظ الحريات الدينية والمذهبية والفردية والسياسية والاجتماعية وأنواع الحريات المشروعة. حق المواطنة من الحقوق التي يجب مراعاتها.
وأضاف فضيلته قائلا: الدستور يؤكد على حرية الرأي. بناء على الدستور ليس لأحد أن يقوم بتفتيش عقائد الناس، لأنّ الدستور أعطى الحريات للأفراد.
واعتبر فضيلة الشيخ أي نوع من فرض السلائق والتصرفات الشخصية مغايرا للدستور، وتابع قائلا: هذا مخالف للدستور ومغاير للميثاق الوطني أن يقوم شخص أو مسؤول له منصب أو قوة، بفرض التصرف الذاتي ويسلب حرية الغير. ليس لأي شخص سواء من المسؤولين أو المؤسسات وسائر أفراد المجتمع أن يسلبوا حرية الغير.
وحذر مدير جامعة دار العلوم زاهدان من الحظر على الرحلات الداخلية والخارجية لبعض أفراد المجتمع، وتابع قائلا: هذا من حق المواطنين أن يسافروا إلى أي منطقة يريدون. لا ينبغي أن نقول لشخص يريد السفر للمشاركة في صلاة جنازة أو يريد السفر إلى محافظة أخرى: “لا حق لك أن تسافر”. الدستور لم يعط هذا الحق لأي مؤسسة أن تقوم بمنع سفر شخص من محافظة إلى محافظة أخرى.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: يجب أن يمكن لكل إيراني أن يسافر إلى أي نقطة يريد من البلاد. هذا حق أعطاه الدستور لجميع الإيرانيين من الشيعة والسنة وأتباع سائر الديانات.
الأمن الفكري في المجتمع يتحقق بتوفير الحريات المدنية
وأكد فضيلته: إن كانت جماعة أو أهل مذهب يملكون الحرية التامة، ولكن يُحرم أتباع مذهب آخر، هذا يخالف الدستور والميثاق الوطني. يجب أن يتمتع الجميع بشكل متساو من الحريات المدنية. لا ينبغي أن يكون لدينا خوف وقلق. يجب أن نوفر الحريات القانونية للشعب الإيراني. توفير الحريات، يجلب الأمن للمجتمع. الأمن الفكري لا يتحقق إلا إذا كان الشعب يتمتع بالحريات القانونية والمشروعة.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد: لا ينبغي أن يكون ضيق الأفق في البلاد. يجب أن توسع المؤسسات والمراكز نطاق تفكيرها. يجب أن يكون بلادنا أسوة في كافة مجالات الحريات الدينية والمذهبية والاجتماعية والسياسية.
واعتبر فضيلته توفير الحريات من أهم أهداف الثورة في إيران، وتابع قائلا: ثار الشعب الإيراني ليتخلص من ضيق النظام السابق ويحقق الحرية والاستقلال، ويجب أن تتوفر هذه الحريات. إن إعطاء الحريات المدنية والمشروعة ليس تهديدا، بل الخطر يهدد إذا سلبت الحريات المشروعة من الشعب.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: لا ينبغي أن يُمنع أشخاص ثبت إخلاصهم للوطن من السفر إلى الأماكن المختلفة من البلاد. ليس لنا مطلب أكثر من الدستور. كل خطوة تكون في إطار الدستور نقبله. نحن نريد تطبيق الدستور، كما أن الدستور لم يفرق بين مواطن ومواطن، يجب أن لا تفرق المؤسسات كلها بين مواطن ومواطن. يجب أن تنتهي فرض السلائق الشخصية، ويكون الدستور الذي هو ميثاق وطني كمعيار.
يجب أن تتوفر حرية الرأي والعقيدة لأهالي “أهواز” و”آبادان”
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته إلى مشكلات أهل السنة في محافظة خوزستان، قائلا: الدستور أكد على حرية الرأي والعقيدة، لكن مع الأسف توجد مشكلات وتصرفات مغايرة للدستور في حاشية البلاد. الدستور لم يسمح أن يتعرض شخص لتفتيش العقيدة. نرجو أن يعيد المسؤولون النظر في المسائل التي يواجهها سكان مدينتي “أهواز” و”آبادان”.
وأشار فضيلته إلى بث بعض البرامج في القنوات الداخلية والتفزيون الرسمي، قائلا: جيء بأشخاص في بعض القنوات الفضائية أو التلفزيون الرسمي، بصفتهم كأشخاص مهتدين، غيروا مذهبهم من أهل السنة إلى الشيعة. نحن سكتنا تجاه هذا وقلنا إن كان تغيير العقيدة لم يكن عن منافع مادية فهذا حقهم من حيث القانون.
وتابع فضيلته: كما توجد حرية في قضية تغيير العقيدة من السنة إلى الشيعة، يجب أن تكون هناك حرية بالعكس. الذي يغير عقيدته ويختار مذهب أهل السنة والجماعة، ليس لأحد وفقا للدستور أن يعاقبه.
وأضاف قائلا: في جلسة لمجمع التقريب بين المذاهب عقدت في طهران، تمت موافقة الضيوف من الداخل والخارج على أن الأشخاص أحرار في اختيار المعتقد، وليس لأحد أن يضيق على آخر بسبب العقيدة أو المذهب؛ ولا يستثنى أهالي “أهواز” و”آبادان” وسائر المناطق من هذا القانون المقرر.