وصف فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة، في خطبته يوم الجمعة (28 صفر 1439) الزلازل وسائر البلايا بـ “الإنذار الإلهي”، مؤكدا على ضرورة التوبة والاستغفار.
وأشار فضيلته بعد تلاوة آية: “ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما”، إلى الزلزال الأخير غرب البلاد، قائلا: الزلزال الذي وقع غرب البلاد، ترك دمارا واسعا.
وتابع فضيلته مشيرا إلى هذه الحوادت من وجهة العقيدة الإسلامية، والمهمة الإسلامية والإنسانية تجاه هذه الحوادث: مع الأسف في عصرنا يصف الكثيرون هذه الحوادث بـ “قهر الطبيعة” ويعدونها حادثة عادية من حوادث الطبيعة الناتجة عن حركية الصفائح الصخرية.
وأشار خطيب أهل السنة إلى عذاب الأمم السابقة، قائلا: القرآن الكريم ذكر في آيات كثيرة أن الأمم السابقة لما ابتلوا بالقحط أو الزلزال أو مصيبة أخرى، كانوا يبرئون أنفسهم من القصور والمعاصي، وكانوا يقولون: “قد مس آبائنا الضراء والسراء”. لم يكونوا يعتبرون من غضب الله وسخطه، ولم يكونوا يتوبون من المعاصي، فكانت النتيجة أنهم واجهوا مشكلات وعذاب أشدّ، بحيث هلكت أقوام وأمم للأبد.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: في عصرنا أيضا يعد الخبراء في العالم القحط والعواصف والزلازل وغيرها قهر الطبيعة. مع الأسف تأثر الكثيرون من المسلمين بهذه الدعايات والأسباب الظاهرة، وينسبون العذاب الإلهي إلى الأسباب الظاهرة، وينسون الغفلة عن الله تبارك وتعالى الذي هو المؤثر الحقيقي، حيث أصبحوا بهذه النسبة مانعين من عودة العباد واستغفار الشعوب وتوبتهم إلى الله تبارك وتعالى.
واعتبر خطيب أهل السنة “عدّ العذاب الإلهي بالابتلاء” خطأ، وتابع قائلا: يعدّ البعض الزلزال والعذاب الإلهي “امتحانات من عند الله”، ولا يقبلون أن يكون هذا عذابا أو قهرا من عند الله تعالى، وهذه التعابير غير صحيحة، وهذا كله عذاب الله تبارك وتعالى.
وتابع فضيلته قائلا: حينما يأتي العذاب في منطقة، يعم الصغير والكبير، والعاصي وغيره. أشار القرآن الكريم إلى هذا الموضوع قائلا: “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، واعلموا أن الله شديد العقاب”. اتقوا من العذاب الذي ليس عوامله الأصلي الأطفال الصغار، بل الذين تكاسلوا في امتثال أوامر الله تعالى، وتأدية شكر النعم.
وأكد مدير جامعة دارالعلوم زاهدان قائلا: يجب أن نقول الحقائق للناس، وننبهم ليكون الناس على علم ومعرفة. يقول الله تبارك وتعالى: “فلو لا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون”.
بوقوع هذا الزلزال يرجو الله تبارك وتعالى من أهل كرمانشاه وسائر المناطق في إيران أن يتضرعوا ويتوبوا إلى الله تبارك وتعالى.
واستطرد فضيلته قائلا: مجيء زلزال في منطقة، لا يدل على أن عمل أهل تلك المنطقة سيئ وعمل سائر المناطق جيدة، بل أعمالنا جميعا سيئة. إن الله تعالى يأتي بعذابه في منطقة ليعتبر الناس في سائر المناطق ويتوبوا إليه. إن ابتلانا الله بعذابه ودمر مساجدنا على رؤوسنا، فهذا من عدله الإلهي، وإن لم يعذبنا فهذا من فضله وليس بسبب أن لنا أعمالا صالحة.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: العذاب الإلهي نتيجة الغفلة والظلم والإجحاف والمعاصي. يأتي هذا النوع من العذاب ليتوب علماء الشيعة والسنة، وسائر المسؤولين، وهكذا القحط في محافظة سيستان وبلوشستان له رسالة لأهلها أن يتوبوا ويستغفروا.
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد القساوة القلبية من نتائج عدم التوبة، وأضاف قائلا: إن لم نعد أنفسنا مقصرين تجاه العذاب الإلهي ولا نتب، نبتلى بالقساوة القلبية. بلادنا واجهت زلازل كبيرة في الماضي؛ لو كنا اعتبرنا من تلك الزلال وكنا نتوب، ربما لم نواجه هذا الزلزال في غرب البلاد. يجب أن ننتبه للإنذارات الإلهية، وندرك أن الله تعالى غير راض عن أعمال الأمة.
الخسائر المالية والروحية لزلزال كرمانشاه كبيرة جدا / لنسارع إلى مساعدتهم بتبرعاتنا النقدية وغير النقدية
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته على ضرورة إيصال المساعدات إلى المصابين من الزلزال الأخير، وتابع فضيلته قائلا: مسؤوليتنا أن لا نكون غير مبالين بالنسبة إلى المصيبة التي ابتلي بها المواطنون غرب البلاد، وفي محافظة كرمانشاه، بل يجب أن نسارع إلى مساعدتهم.
واستطرد فضيلته قائلا: مع الأسف الزلزال كان واسعا في كرمانشاه، ودمر عشرات القرى. الخسائر في الأرواح كبيرة، وقد تبلغ الآلاف. الكثير جرحوا ويفتقرون الدم، والكثير فقدوا مساكنهم ومنازلهم. مع بدء موسم الشتاء، هناك حاجة كبيرة إلى المساعدة والدعم.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على لزوم الدعم الأكبر من جانب مؤسسات الدولة قائلا: نطالب الدولة أيضا أن تعنتي أكثر بالمصابين من الزلزال، نظرا إلى أن الخسائر في الأرواح والأموال كبيرة جدا في هذا الزلزال، علينا كمواطنين أيضا أن نعمل على واجباتنا الإسلامية والإنسانية.
وحرض فضيلته المصلين بالتبرعات النقدية وغير النقدية قائلا: مساعدة الناس لهؤلاء المنكوبين في الزلزال يعد جهادا، والذين يساعدون هؤلاء المصابين ويواسونهم، سيرفع الله البلاء عنهم.