أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة، في خطبته يوم الجمعة (17 ذي الحجة 1438) إلى جواب قائد الثورة لرسالته، واصفا إياه بالمرسوم التاريخي الذي من شأنه أن ينهي كافة التصرفات الشخصية، والتمييزات والهروب من تطبيق الدستور.
وأضاف فضيلته قائلا: في الرسالة التي كتبتها إلى قائد الثورة، أشرت إلى أن أهل السنة يحبون وطنهم، وأثبتوا دائما ولائهم للوطن. أهل السنة دعموا النظام بحضورهم في كافة المجالات، ولم ينخدعوا بمؤامرات الأعداء، بل فكروا دائما في سبيل عزة الإسلام والبلاد.
وتابع خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: كما أشرتُ في تلك الرسالة إلى التمييزات، والمضايقات في تأدية فريضة الصلاة في بعض المدن الكبرى، وغياب الحريات المذهبية، وطلبت من سماحة قائد الثورة أن يصدر مرسوما تاريخيا لإنهائها، ليزول قلق القوميات والمذاهب، خاصة أهل السنة والجماعة في إيران.
ثم أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى جواب قائد الثورة لرسالته قائلا: إن قائد الثورة في رسالة مختصرة وجامعة المعانى، كلف كافة مؤسسات النظام بنبذ التمييزات بين الإيرانيين من القوميات والمذاهب المختلفة، وأن ينفذوا العدل.
واستطرد خطيب أهل السنة قائلا: قائد الثورة منع من التصنيفات المذهبية والقومية بين الشعب الإيراني. كأن سماحته كلف المسؤولين في هذه الرسالة بأن ينظروا إلى الشعب الإيراني كله نظرة متساوية، ويزيلوا التمييزات.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: كلمات قائد الثورة لأصحاب العقول المنفتحة والقلوب الواسعة ولأحرار إيران وخاصة أهل السنة والأقليات القومية والمذهبية، قيمة ومثيرة للأمل والسرور. هذه الكلمات وجدت انتشارا واسعا في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، وقام الكثيرون بتحليلها والتعليق عليها.
وتابع رئيس المجمع الفقهي لأهل السنة في إيران: قائد الثورة في رسالته استدل بشريعة الإسلام والدستور. من منظور الإسلام لا يوجد فرق ولا تفضيل بين القوميات وأتباع المذاهب، وكذلك الدستور يؤكد على المساواة بين جميع الإيرانيين من القوميات والمذاهب والأديان، لكن مع الأسف يهرب الكثيرون من تطبيق الدستور، ويفرضون سلائقهم الشخصية بدعوى أنهم تحت الضغوطات.
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد رسالة قائد الثورة “إنهاء للتمييزات والهروب من تطبيق الدستور”، وتابع قائلا: بإصدار هذا المرسوم التاريخي من جانب قائد الثورة، لا يبقى عذر لأي مسئول عسكري أو سياسي، ولا يبقى المجال لأحد أن يفرض ضغوطا على المسؤولين، لأن الشريعة ومرسوم الشخص الأول في البلاد والدستور، هو المستمسك والمعيار في كافة الأمور.
وأكد فضيلته قائلا: هذا المرسوم التاريخي يجب أن يكتب في لوحات ويسجل في مكاتب المسؤولين ورؤساء مؤسسات النظام، ليكون حجة على كل من يحاول التوظيف بناء على فوارق قومية ومذهبية.
واستطرد الزعيم الديني لأهل السنة في إيران، مشيرا إلى تبعات التمييز في المجتمع قائلا: إن التمييز منشأ الفقر المادي والمعنوي والثقافي، خاصة في حواشي البلاد. كل مجتمع وجد فيه التمييز يواجه فقرا ماديا وثقافيا. التمييز مرض خطير جدا يتفشى في الأشكال المختلفة في المجتمع.
وشكر فضيلة الشيخ عبد الحميد قائد الثورة على إصدار هذا المرسوم، مخاطبا مؤسسات النظام والمسؤولين: إن قائد الثورة في هذه الرسالة لم يُخف شيئا. إن مرسوم القائد بيّن مهمة وواجب كافة مؤسسات النظام من الجهات القضائية والعسكرية والسياسية على نبذ التمييزات.
إن تعاليم الشريعة، ومواد الدستور، والأخوة الإسلامية والوطنية تقتضي أن يرفع المسؤولون خطوات في سبيل مكافحة التمييز، وفي سبيل تنفيذ العدل في المجتمع.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى الكلمات الأخيرة لرئيس الجمهور، والتي صرح فيها بنبذ التمييز بين الشيعة والسنة قائلا: قال رئيس الجمهور عندما يذهب أبناء أهل السنة إلى خدمة العلم، ويدفعون الضرائب، ويحضرون كافة المجالات، لا ينبغي أن يتعرضوا للتمييز. الدكتور روحاني عاتب في كلماته، الذين يربون في أذهانهم فكرة التمييز.
وقال خطيب أهل السنة: هذا من حق أبناء أهل السنة حينما يذهبون لخدمة العلم أن يوظفوا في القوات المسلحة ليدافعوا عن أمن البلاد وسيادة الأراضي.
على البلاد الإسلامية أن يقطعوا علاقاتهم الدبلوماسية مع دولة ميانمار
وتطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته إلى الجرائم الأخيرة لحكومة ميانمار بحق المسلمين فيها، وأضاف قائلا: مع الأسف الحكومة البوذية لميانمار ترتكب مجازر ومظالم ضد المسلمين، وقام الجيش الميانماري بارتكاب المجازر بحق المسلمين المستضعفين في ميانمار.
ووصف خطيب أهل السنة المجازر بحق مسلمي ميانمار بالإبادة الجماعية، والجريمة ضد البشرية، وتابع قائلا: تصرفات دولة ميانمار والجيش الميانماري ضد مسلمي أراكان جريمة ضد البشرية، وإبادة جماعية.
قتلُ ثلاثة آلاف شخص خلال ثلاثة أيام، جريمة مفظعة هزت المجتمع الدولي.
وأكد فضيلته قائلا: أن تقوم دولة بالمجازر ضد مكون من شعبه بمجرد الفوارق الدينية، ظلم وجريمة كبيرة. على المسلمين في العالم أن يقوموا بمقاطعة دولة ميانمار، ويجب أن يصطفوا ضدها.
كما قال فضيلة الشيخ عبد الحميد مخاطبا قادة الدول الإسلامية: على قادة الدول الإسلامية أن يسحبوا سفرائهم من دولة ميانمار، ويعطلوا سفاراتهم فيها، ويخرجوا أيضا سفراء ميانمار من البلاد الإسلامية. على منظمة الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان أن تقوم بخطوات عملية واسعة ضد ميانمار لتكف هذه الحكومة من الظلم والجرائم ضد المسلمين.
التوبة ولادة جديدة تغير حياة الإنسان
تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد في القسم الأول من خطبته إلى أهمية التوبة، واصفا التوبة بالولادة الجديدة.
وقال فضيلته بعد تلاوة آية “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين”: يجب على المسلم أن يكون صادقا وأمينا، ويجب أن تكونوا مع الصادقين، والذين كلامهم قويم، واعتقادهم حق، وعلمهم صحيح.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: التقوى والصداقة من محاور الفلاح. الصدق ينقذ الإنسان، والكذب يدمر الإنسان. الكذب من صفات وعلامات المنافقين.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد بعد تلاوة قول الله تعالى:«لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ» إلى غزوة تبوك قائلا: غزوة تبوك من أصعب المعارك والغزوات في حياة الرسول الكريم. إيران والروم اللتان هما من القوى الكبرى، اصطفتا ضد المسلمين، وحاولتا الهجوم على المدنية المنورة.
وأضاف فضيلته قائلا: تبين للمسلمين أن عليهم الوقوف ضد غزو قوة عسكرية قوية، فكان امتحانا صعبا، والحرارة كانت شديدة، وكان يتناوب عشرة أشخاص على إبل واحدة، والزاد كان قليلا، والمسافة من المدينة المنورة حتى تبوك كانت سبعمائة كلم، وكانوا يقطعون هذه المسافة بالإبل.
واستطرد مدير جامعة دار العلوم زاهدان: كان الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصعب الظروف التي كانت غزوة تبوك نموذج منها. في غزوة تبوك لم يحضر سيدنا كعب رضي الله عنه وصحابيان آخران، حيث أتوا رسول الله واعترفوا بقصورهم صادقين وتابوا، وقبل الله تعالى توبتهم الصادقة؛ وإلى ذلك تشير آية:”وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم”.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: كان لدى الصحابة إخلاص وربانية وصداقة. إن الله تعالى قبل توبتهم، وعلم الإنسانية درسا كبيرا. التوبة ولادة جديدة تغير حياة الإنسان. التوبة تطهر الإنسان وتقربه من الله تعالى.
وأكد فضيلة الشيخ في نهاية كلمته قائلا: المسلم يجب أن يكون مع الصادقين. الصداقة والتقوى من خصائص المقربين وأولياء الله. ما لم يكن الإنسان صادقا لا يكون صالحا.