header

سني أون لاين: محاولة مجموعة من العسكريين للانقلاب، واجهت فشلا فاضحا، وأتبعت ردود فعل في المستوى الإقليمي والعالمي، وخاصة في العالم الإسلامي. الكثير من رؤساء البلاد الإسلامية وقادة العالم الإسلامي وزعماء الأحزاب والشخصيات المشهورة، استنكروا هذا الانقلاب، وهنأوا انتصار الشعب التركي والحكومة التركية.
ومن ناحية أخرى قبل يوم من الحادثة المذكورة حدثت واقعة مدنية “نيس” الفرنسية، التي فقد فيها الكثير أرواحهم.
تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في زاهدان ومدير جامعة دار العلوم زاهدان، في حوار له مع موقع “سني أون لاين” إلى هاتين الحادثتين.
في البداية هنّأ فضيلته الشعب التركي وحكومته بهذا الانتصار، حيث تصدوا للإنقلابيين، واصفا “رجب طيب أرودغان” بـ “الشجاع” الذي استطاع أن يقود الأزمة ويُفشل الانقلاب.
إليكم نص هذا الحوار:

سني أون لاين: في البداية نريد أن نعرف وجهة نظركم حول الانقلاب الفاشل في تركيا؟
** فشل الانقلابيين العسكريين، بشارة عظيمة للعالم الإسلامي ولجميع أحرار العالم.
بفشل الانقلاب تثبّتت أركان الحكومة المشروعة وأركان الحرية وأركان الصحوة الإسلامية في تركيا. حسب وجهة نظري سيكون هذا آخر إنقلاب بإذن الله يحدث في تركيا، ولا يواجه هذا البلد بعد هذا إنقلابا آخر. نحن نهنئ هذا النجاح للشعب التركي وحكومته.
كما أن الانقلاب الفاشل الأخير، دلنا أيضا على مؤامرات ومخططات للقوى الاستكبارية في البلاد الإسلامية، وخاصة في الشرق الأوسط. هذا الانقلاب يدل أيضا على أن القوى الكبرى في المنطقة لا تفكر في حل الأزمات الموجودة في سوريا والعراق واليمن والمشكلات التي توجد في فلسطين، بل هي تقوم بالمؤامرات ضد هذه البلاد.
القوى الاستكبارية دعمت أولا الانقلاب ضد ثورة الشعب المصري الذي انتخب حكومته بالانتخابات الحرة، ودمروا حرية وديموقراطية هذا البلد بالانقلاب، ثم فكروا مرة أخرى ودبّروا الانقلاب في تركيا.
الانقلاب في تركيا لم يكن موضوعا سهلا وهينا، بل كانت هناك مؤامرات ومخططات عديدة لتبتلى هذا البلد بالمصير الذي ابتلي به مصر.

سني أون لاين: ما سبب انتصار الشعب التركي على الانقلابيين حسب وجهة نظركم؟
** الشعب التركي جرب إنقلابات عديدة. سبب جميع تخلفات الشعب التركي في الماضي، كان هذه الانقلابات العسكرية المتعددة. الانقلابات العسكرية موانع تجاه الرقي في المجالات المختلفة. السبب الرئيسي في إفشال هذا الانقلاب، يعود إلى الانتصارات الغيبية لله تعالى وكذلك صحوة الشعب التركي. فشل هذا الانقلاب ببركة النصرة الإلهية ومقاومة الشعب والحكومة. كذلك قادة الجيش الكبار لم يدعموا هذا الانقلاب. الشرطة والشعب في تركيا وقفوا ضد الانقلاب، وكذلك السيد “رجب طيب أردوغان” أظهر من نفسه شجاعة في هذه القضية، والحمد لله فشل الانقلاب.
الحقيقة أن الانقلاب الأخير في تركيا لم يكن له أي دعم في تركيا. المخططون أخطأوا في حساباتهم، لأن ظروف مصر وتركيا مختلفتان. مصر وصلت إلى الصحوة حديثا، ولكن الشعب التركي أدرك صحوته منذ عقود، ويبحث عن هويته الدينية. يُعلم من هذا أن الانقلابيين كانوا سفهاء وبعيدين عن المنطق والتعقل، حيث لم يدرسوا تبعات الانقلاب، هل له أي دعم في الشعب أم لا؟ هزيمة هذا الانقلاب درس كبير وعبرة للمجتمع الدولي.

سني أون لاين: فضيلة الشيخ! ما هي العوامل الخارجية والأيادي الأجنبية وراء هذا الانقلاب، وما هي أهدافهم؟
** نعتقد أن القوى الاستكبارية الغربية وكذلك الصهاينة الذين كانوا وراء الانقلاب في مصر، هم من خططوا لهذا الانقلاب. نعم! هناك قوى شرقية أيضا كانت راغبة فيه. الانقلابيون قاموا بهذا العمل الشنيع بعد ما تلقوا الضوء الأخضر من القوى الغربية والشرقية.

سني أون لاين: الطبقات المختلفة من الشعب التركي، حتى الإحزاب والتيارات المختلفة للمعارضة، دعمت الحكومة وخالفوا الانقلاب. ما السبب في وجهة نظركم؟
** هذه علامة لوعي هذه الأحزاب وصحوتها، وتدل على أنها تسير وفقا لقانون تركيا، لأن الانقلاب خطوة مغايرة للقانون وضد الديموقراطية. الانقلاب نوع من الإرهاب، والانقلابيون هم الإرهابيون الحقيقيون الذين يتصدون للقانون، ويريدون اغتصاب الحكم والسلطة بقوة السلاح.

سني أون لاين: ما هي رسالتكم للشعب التركي؟
** نرجو أن يهتم قادة تركيا بعد هذه الحادثة إلى شعبهم الذي هو شعب واع، أكثر من ذي قبل، ويهتموا أكثر بالأحزاب والجماعات التي تنشط سياسيا في تركيا، وتعتني الحكومة بالأحزاب والتيارات المختلفة، وتوفّر لهم حرية أكثر.
كذلك نرجو أن يحكم القانون في سائر البلاد الإسلامية، ويهتم الناس بمطالب شعوبهم. إذا كانت الشعوب في الميدان، تصبح الحكومات محفوظة من كل آفة ومصيبة.
************************************************
حادثة “نيس” مثيرة للقلق

سني أون لاين: قبل يوم من حادثة الانقلاب الفاشل في تركيا، كانت حادثة إرهابية في مدينة “نيس” في فرنسا، قتل وأصيب نتيجتها أشخاص كثيرون. ما موقفكم تجاهها؟
** الحادثة التي وقعت في فرنسا أثارت قلقنا؛ لأن الذين قُتلوا في هذه الحادثة، كانوا أبرياء. نحن ندين هذه الحادثة التي استهدفت أناسا أبرياء في الشارع، حيث كانوا يحتفلون، وتبدل فرحهم بالعزاء. لكن المسئلة الأصلية هي لماذا أصبحت فرنسا التي كانت في أمن، متزعزعة في أمنها؟!
قبل هذا أيضا صرحتُ مرارا أن الأساليب الراهنة لمواجهة الإرهاب والتطرف، أساليب غير صحيحة.
كانت على القوى الكبرى مواجهة الإرهاب بالتدبير ودراسة علله، وتنفيذ العدل، لا بالقنابل والصواريخ والحروب.
لمواجهة التطرف، لابد من مكافحة العلة بدل المواجهة مع المعلول.

سني أون لاين: ماذا على المجتمع الدولي أن يفعل لمواجهة التطرف؟
** أعتقد أن الطريق الوحيد لحل ظاهرة التطرف والعنف، حل قضية فلسطين. إذا حلّت قضية استقلال الشعب الفلسطيني، وتمكّن الشعب الفلسطيني من السيطرة على مصيرهم، ترفع أكبر خطوة في مواجهة التطرف. وأما في القضية السورية، مع الأسف المجتمع الدولي لا يفكر في حل الأزمة الموجودة في هذا البلد، ولا يوجد أي مشروع وخطة لحلها. هكذ العراق واليمن. يجب أن تتشكل في هذه البلاد حكومات وطنية شاملة، ويشارك فيها الطبقات المختلفة من الشعب، من الأديان والمذاهب المختلفة. بتشكيل الحكومات الشاملة، يزول التطرّف كاملا أو يضعف.
ما لم تحل أزمة العراق وسوريا واليمن، الأساليب الراهنة لمكافحة التطرف والإرهاب ستعرض أمن العالم للخطر.
أعتقد أن هذا أسلوب خاطئ أن تقوم القوى الإقليمية بذريعة مكافحة الإرهاب ومكافحة جماعة “داعش” من مطارات البلاد الإسلامية بقصف البلاد الإسلامية، لأن في هذا القصف يموت الكثير من الأبرياء.
كما أن الكثير من علماء العراق أصدروا بيانا شكوا فيها أن البعض من المدنيين يُقتلون على أيدى الجماعات المتطرفة، والبعض الآخر يُقتلون تحت القصف الجوي والهجوم البري. فعلى القوى الإقليمية والدولية أن تختار طريقا أقل خسارة وتبعات لمكافحة الإرهاب.
توسيع الهجمات العسكرية، توسع نطاق الأزمات الأمنية والحقد والثأر في العالم.
على المجتمع الدولي أن يعيد النظر في سياساته، ويسعى لإرساء السلام، ويتبعوا خطة متفقة عليها من قبل الأكثرية. بتنفيذ خطة كهذه، تبقى الأقلية المناهضة للصلح والسلام وحيدة. وإذا كان العالم وراء الصلح والسلام، عليهم أن ينهوا الأساليب العسكرية، لأن الحرب وإراقة الدماء ليست لصالح أحد، بل تزيد من المشكلات والأزمات، ونشوء جماعات ومؤسسات أكثر تطرفا.

1874 مشاهدات

تم النشر في: 22 يوليو, 2017


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©