تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبته يوم الجمعة (26 جمادى الأولى 1435) بعد تلاوة آية “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ*الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ” إلى بيان صفات المؤمنين الصادقين، مؤكدا أن الإيمان أعظم ثروة عند المؤمن.
وأضاف فضيلته قائلا: لا توجد ثروة أعظم من ثروة الإيمان. الإيمان يعني الإعتقاد واليقين بوحدانية الرب تبارك وتعالى ورسالة الرسول الكريم والبعث بعد الموت. الإيمان هو الاعتقاد بجميع ما أنزل الله تعالى على رسوله. فالإيمان أعظم وأكبر ثورة عند المؤمن. المؤمن يضحي بجيمع ما يملك حفظا وصيانة لإيمانه.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: أعظم عبادة وعبودية هي العبادة القلبية، لأن القلب محل الإيمان. يجب أن يبلغ الإيمان إلى حد يجعل الإنسان متعلقا بالله تعالى، ويبعده هذا الإيمان من كافة المنكرات والمعاصي. هذه القدرة من الإيمان تحمل المؤمن على تأدية الصلاة، لأن المؤمن يعتقد أن الله تعالى طلب منه هذه العبادة. فكلما شعرتم بأنكم تضيعون الصلاة وترجحون المنام والطعام على الصلاة، فتيقنوا إن إيمانكم قد ضعف ويجب تقويته.
وأردف بالقول: الإيمان يجب أن يكون زاجرا من المعاصي والمنكرات، ويجبر الإنسان على العمل على التعاليم الشرعية. الإيمان يجب أن يجعل المؤمن في مسير العهد والميثاق والأمانة. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له”. يقول الله تعالى “إنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا”.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: المؤمن لا ينبغي له أن يكون محبا لمال الدنيا والماديات. بإمكانه أن يستفيد من الدنيا، لكن لا ينبغي أن يكون عاشقا محبا لها، بل يجب أن يدخل محبة الله في قلبه.
وأضاف: من خصائص المؤمن أنه بسبب عدم تعلقه بالدنيا وزخارفها، يظهر التبسم على وجهه عند الموت وعندما يبشره الملائكة بالجنة وعندما يذهب إلى لقاء الله تعالى. يقول الله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ”.
وقال فضيلته: المؤمن عندما يبشر بالجنة، يظهر التبسم على شفتيه، لأنه ليس عاشق الدنيا. وعند الموت تخرج روحه بسهولة تامة من جسده. لكن روح الإنسان التي عشقت الدنيا، تخرج من جسده بصعوبة عند الموت.
واعتبر رئيس جامعة دار العلوم زاهدان “الاستقامة على الدين” من الخصائص الأخرى لدى المؤمن، قائلا: من الخصائص الحقيقية الأخرى للمؤمن، هي الإستقامة على المشكلات والمصائب والصبر عليها، ولا يبيع دينه وإيمانه. كان من خصائص الشيخ أحمد رحمه الله، أنه لم يكن بائعا لدينه وإيمانه، ولم يكن يسكت على الباطل، ولم يكن يبتعد عن الحق بسبب منافعه.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى التربية الدينية والخلقية للأولاد قائلا: أعظم ثروة تتركونها لأولادكم، هي ثروة الإيمان والتربية الصحيحة. لا تغتموا لأرزاق أولادكم، لأن الله تعالى يرزقهم كما رزقكم. بل عليكم أن تفكروا في إصلاحهم وإيمانهم وتزكيتهم.
تنفيذ الدستور يضمن بقاء النظام:
وفي قسم آخر من خطبته، أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى يوم “الجمهوري الإسلامي” في إيران، قائلا: يوم الثاني عشر من شهر فروردين، يوم صوت الشعب الإيراني للنظام الجمهوري الإسلامي عام 1979.
وأضاف: هذه الخطوة من جانب الشعب تدل على أن الشعب الإيراني كانوا يريدون تولي مصيرهم من خلال الانتخابات.
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: الجمهورية التي أيدها الشعب الإيراني ليست من نوعها الغربي، بل هي جمهورية تتوافق مع الإسلام. الأحكام والقوانين الإسلامية هي مهمة للشعب الإيراني، وهذا النوع من الجمهورية كان من أفضل أنواع الأنظمة في العالم.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى انتخاب أعضاء مجلس الخبراء وتدوين الدستور، قائلا: بعد الثاني عشر من شهر فروردين، أنتخب أيضا أعضاء مجلس الخبراء ليدونوا الدستور والقانون الأساسي بناء على الإسلام. مجلس الخبراء قام بتدوين الدستور، وبعد الاستفتاء على الدستور بدأت إدارة البلاد بناء على هذا الدستور إلى يومنا هذا.
وأضاف فضيلته قائلا: الدستور ضروري جدا، وهو من إنجازات الثورة. والمهم في هذه الأحوال التنفيذ الدقيق والصحيح لهذا الدستور، لأن تنفيذ الدستور ضامن لبقاء النظام. الدستور من المواثيق الوطنية للشعب الإيراني، فيجب أن ينفذ هذا الدستور بطريقة جيدة.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: كافة الحريات المصرحة في الدستور، كحرية الأحزاب وحرية البيان والقلم وجميع الحريات القانونية يجب أن تنفذ، ولا يسمح لشخص أو مؤسسة أن تقوم بمنع تنفيذ هذه القوانين أو بفرض السلائق الشخصية في تنفيذها. فتنفيذ الدستور أهم نقطة يجب أن تكون نصب أعين مسئولي دولة التدبير والأمل وسائر المسئولين.
وأشار خطيب أهل السنة إلى التنوع الديني والمذهبي في التركيبة السكانية للبلاد، قائلا: يجب أن تنفذ كافة الحريات الدينية والمذهبية التي صرح بها الدستور، وتراعى حقوق أتباع الديانات والمذاهب، ولا يُسمح لقوة أو مؤسسة أن تخل بتنفيذ هذه الحريات القانونية، بل يجب أن يكون لهذا الدستور أهمية وحرمة عند جميع الشعب وخاصة عند منفذي هذا القانون، ويجري المنع من فرض السلائق في تنفيذه.
وأضاف قائلا: لو نفذ الدستور بطريقة صحيحة، لنعلم جيدا أنها تكون سببا لحصول مرضاة الشعب وتوطيد دعائم النظام.
وانتقد فضيلته في قسم آخر من خطبته بعض علماء ومراجع الشيعة الكبار الذين أعلنوا أخيرا مخاوفهم وقلقهم بالنسبة إلى زيادة عدد أهل السنة في إيران، وأضاف قائلا: يتكلم بعض كبار علماء الشيعة ومراجعهم بكلمات يتأذى بها الأصدقاء ويستغلها الأعداء.
وتابع بالقول: جاء في وسائل الإعلام أخيرا أن بعض العلماء والمراجع أعلنوا قلقهم واضطرابهم من زيادة عدد أهل السنة في إيران. هذه الكلمات لو صدرت من شخص عادي كان من السهل حملها على الأمية والجهالة. لكن عندما تصدر هذه الكلمات والمطالب من لسان من لا يرجى منهم مثل هذه الكلمات، فهي موضع الشكوى والانتقاد.
وقال رئيس جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان، ردا على مثل هذه المزاعم: لو فرضنا صحة هذه المزاعم في زيادة عدد أهل السنة والجماعة، رغم ذلك ليس هذا الأمر موضع قلق واضطراب، لأن الشيعة والسنة مسلمون ومن أبناء هذا الوطن. ثانيا، هذه التصريحات عارية عن الصحة وهي من نتائج التقارير الملفقة والمزورة التي تنقل إلى المسئولين والمراجع. قال أحد علماء الشيعة في المحافظة الفلانية التي كانت الشيعة أكثرية الآن أصبحت الأكثرية لأهل السنة، مع أن التحقيقات تشير إلى أن أهل السنة كانوا أكثرية في تلك المحافظة من البداية، ولكن صاحب هذه الأقوال لم يكن على علم بهذه الحقيقة.
وقال خطيب أهل السنة: نحن نعلم أن بعض علماء الشيعة يصرحون بمثل هذه الأقوال تشجيعا للشيعة في مجال الزواج وزيادة عدد السكان في إيران. لكن هذه الطريقة للدعاية في زيادة السكان غير صحيحة، ولا تجدر بمكانة علماء الشيعة والسنة. نحن نسرّ بزيادة عدد الشيعة، لأنهم مواطنون لهذا البلاد. وأنا متأكد بأن مثل هذه الأقوال والتصريحات عارية عن الصحة، بل زيادة عدد أهل السنة في البلاد مثل زيادة غيرهم من المواطنين.
واشتكى فضيلته مرة أخرى من التقارير الملفقة الكاذبة التي تنقل إلى المسئولين قائلا: مع الأسف عم الكذب في بلادنا في مستوى واسع. قبل مدة ادعى شخص أن في كل مسجد من أهل السنة يشتغل أكثر من 100 طالبا بدراسة العلوم الشرعية. وهذه الدعوى كاذبة من الأساس. مساجد أهل السنة لإقامة الصلاة وليست لإقامة الطلبة. الطلبة مشتغلون بالدراسة في المدارس الدينية أو الكتاتيب.
وتابع رئيس منظمة اتحاد المدارس الدينية لأهل السنة في محافظة سيستان وبلوشستان، قائلا: زيادة السكان المتدينين والمصلين بين الشيعة والسنة سبب لفخر مجتمعنا، لكنه لا ينبغي التكلم بكلمات تؤذي الأصدقاء ويستغلها الأعداء بالسوء من جانب الشخصيات البارزة والعلماء المتنفذين بين الشيعة والسنة. فهذه الكلمات تكدر القلوب وتثير الخلافات. وعلينا أن نجتنب من الكلمات المثيرة للخلاف في جميع الظروف وخاصة في الظروف الراهنة.