header

تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبته يوم الجمعة (14 محرم 1435) بعد تلاوة آية “وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ” إلى أن الطاعة تقرب الإنسان إلى ربه والمعصية تبعده عن ربه، معتبرا دخول الجنة عن طريق الطاعة والعبادة قانونا إلهيا.

وقال فضيلته: المؤسف والمؤلم في عصرنا هو شيوع المعاصي والذنوب في المجتمعات. هذه المعاصي والمنكرات معلولة، وعلتها هي غفلة البشر عن عواقبها الخطيرة. الغفلة أن ينسى الإنسان ذكر ربه، وعندئذ يسيطر الشيطان عليه. لكن ذكر الله تعالى يبعد الشيطان عن الإنسان ويقربه إلى ربه تبارك وتعالى.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: ما نشاهده في عصرنا من القتل وإراقة الدماء، ونرى إنسانا يقتل إنسانا آخر، ونرى مسلما يقتل أخاه المسلم، علة هذه المشكلات كلها هي الغفلة وشيوع المعصية والذنوب. الإنسان يبتعد عن ربه بسبب المعاصي والذنوب ويميل إلى الضلال ويرتكب جرائم كبيرة مثل القتل. مع الأسف كثرت المعاصي في مجتمعاتنا، وأصبح ذكر الله تعالى والعبادة وتلاوة القرآن الكريم صعبا على الإنسان، وأصبحت القلوب قاسية ولا أثر لللخطاب الديني بسبب ابتلاء القلوب بمحبة الدنيا. يختصر فكر الناس في مجال المعاش والحياة الدنيوية ولا مكان لفكر الآخرة في حياة الناس.
واعتبر خطيب أهل السنة الجهل سبب لارتكاب العديد من المعاصي قائلا: الذي يرتكب المعصية هو جاهل وإن كان عالما. سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام لما ارتكب الخطيئة واجه الحزن والقلق. إن الله تعالى بذكر واقعة آدم وحواء في القرآن الكريم يريد أن يعلمنا هذا الدرس أن ارتكاب المعاصي تحرم الإنسان من الجنة ونعيمها، وتجلب المزيد من الاضطراب والقلق.
وتابع فضيلته مؤكدا على لزوم التوبة قائلا: لما أخرج آدم عن الجنة، أصبح من أهلها لأنه تاب بعد ارتكاب الزلة إلى الله تعالى وأناب إليه. لذلك أصبح مقربا إلى الله عز وجل وأعيد إلى الجنة مرة أخرى. فالطاعة والعبادة تقرب الإنسان إلى الله تعالى، والمعصية تبعد الإنسان عن الله تعالى. المسلمون يريدون أن يدخلوا الجنة بالغفلة والمعصية بغير التوبة والإطاعة والعبودية، ويصلوا إلى درجات أولياء الله تعالى، لكنه قانون الله تعالى وأمره أن يقرب الناس إليه بالعبادة والطاعة.
وأشار فضيلة الشيخ إلى العواصف المدمرة في فليبين قائلا: العالم البشري ابتلي بالعذاب الإلهي بسبب المعصية والذنوب. الإعصار الذي جاء أخيرا في فليبين وأسفر عن عدد كبير من القتلى والخسائر في الأموال والأرواح، عذاب إلهي. الزلزال الأخير الذي ضرب بلوشستان باكستان عذاب إلهي. إن الله تعالى ينزل العذاب على المسلمين وغير المسلمين ليعطينا هذا الدرس أن المشكلات والأزمات هي نتيجة الذنوب والمعاصي، وهي من العذاب الإلهي.

طلب العون من القوى العظمى لإنهاء الأزمات الأمنية دليل على الوهن الفكري لقادة البلاد الإسلامية:
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته إلى مطالبة نوري المالكي من الولايات المتحدة لإنهاء المشكلة الأمنية في العراق، قائلا: مع الأسف بلغت المشكلات الأمنية في العراق ذروتها، وتراق فيها دماء المسلمين الذين هم إخوة في الدين والوطن. مع الأسف لا تراعى الأخوّة في هذا البلد. رأيت في إحدى وسائل الإعلام أن رئيس الوزراء العراقي طلب العون من الولايات المتحدة لتوفير أمن هذه البلاد. أقلقني هذا الأمر كثيرا. فهذا نتيجة الوهن الفكري أن يطالب قادة ورؤساء بعض البلاد الإسلامية من الولايات المتحدة والغرب وروسيا بالتدخل في بلادهم لإنهاء الأزمات العالقة فيها.
وأضاف رئيس إتحاد المدارس الدينية لأهل السنة في محافظة سيستان وبلوشستان: من المؤسف جدا أن المسلمين وقادة البلاد الإسلامية عاجزون عن حل مشكلاتهم بالحوار والتدبير. لو كانت الولايات المتحدة تنوي حل مشكلات العراق لوحّدت الأحزاب المتنازعة قبل خروجها من هذا البلد وحلت المشكلات كلها، لكن السبب الرئيسي لكافة مشكلات العراق هي احتلال هذا البلد من قبل الولايات المتحدة الإمريكية. لقد أثارت الولايات المتحدة  النزاع والخلاف بين الشعب العراقي ليتقاتلوا معا. كنا نرجو أن يتحد الشعب العراقي بعد الإطاحة بالنظام السابق بعضهم مع بعض ويعمروا بلدهم.
وتابع عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قائلا: مثل هذه الأوضاع نشهدها في مصر، فنرى بعثة روسية عالية يعقدون صفقة السلاح مع الجيش المصري. بيع السلاح للجيش المصري ليس لتصدى العدوان الصهيوني، بل يريدون قمع الشعب المصري بهذه الأسلحة. يبيعون السلاح للعراق وسوريا للمزيد من القتل والدمار.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد، قائلا: لا ينبغي للشعب المصري التبعية للأجانب.  لقد أنفقت القوى العظمى والمستبدين كل جهودها عبر التاريخ  ليأتوا بعملائهم إلى سدة الحكم في البلاد الإسلامية حتى يعملوا لصالحهم ومنافعهم. إنهم لم يرضوا أن يحكم هذا البلد إنسان حر مستقل يؤمن بالله تعالى ورسوله ويحب الإسلام والشعب والوطن ليوحد شعبه بتدبير صحيح ويخدمهم.
واستطرد فضيلته مخاطبا المسؤولين في باكستان: على القادة والسياسيين في باكستان أن ينهوا خلافاتهم بالحوار والمفاوضات ويستمعوا إلى كلام مخالفيهم ومشكلاتهم.
وأعرب عضو المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي عن أسفه من الأوضاع الراهنة بين المسلمين في العالم الإسلامي، قائلا: ما يؤسفنا ونتحسر عليه أن المسلمين في البلاد الإسلامية من مصر وسوريا والعراق والبحرين وسائر البلاد الإسلامية عاجزون عقليا وفكريا من حل مشكلاتهم وإقناع شعوبهم وتقسيم القدرة بينهم بطريقة متساوية عادلة. يجب على المسلمين أن يفكروا في إصلاح مشكلاتهم بدل القتل والنزاعات.
واستطرد خطيب أهل السنة في زاهدان، قائلا: الأعداء لا يريدون إصلاح أوضاع المسلمين، بل إنهم  وراء مصالحهم ومنافعهم. أعداء الإسلام يريدون بث الطائفية بين الشعوب في مصر والعراق وسوريا ليوفروا أمن إسرائيل ويبيعوا لهم منتجاتهم السلاحية.
وخاطب فضيلة الشيخ عبد الحميد الشعب وقادة البلاد الإسلامية قائلا: لي خطاب من هذه المنصة إلى الفئات المتنازعة كلها. عليكم بالإيثار والتضحية بدل التقاتل. والذين جلسوا على كراسي الحكم عليهم أن يبحثوا حل مشكلاتهم في الجلوس مع العلماء والمفكرين والسياسيين والنخب في مجتمعاتهم بدل الإستعانة بأروبا والولايات المتحدة. بدل توجيه التهم والتكفير واستهداف المساجد والأماكن العامة، يجلسوا معا ويحلوا مشكلاتهم بسعة الأفق والنظر. جميع المشكلات والأزمات في البلاد الإسلامية هي نتيجة ضيق الأفق وعدم التدبير وفقدان سعة الأفق.
نرجو أن يخطو من كانت له كلمة مسموعة لحل هذه المشكلات. فحل المشكلات الراهنة والوصول إلى الوحدة يكمن في وحدة النخب والمفكرين في البلاد الإسلامية وتوحيد الأفكار والرؤى المختلفة والخطوات العملية في مجال وحدة الأمة الإسلامية. حفظ الله تعالى الأمة المسلمة من القتل وإراقة الدماء والمصائب.
وأكد مدير جامعة دار العلوم زاهدان في نهاية خطبته على لزوم الوحدة قائلا: الوحدة والانسجام ضروري جدا. المجتمع الذي حدثت فيه نزاعات، تضعف مكانته ويهلك الاقتصاد ويكون سببا لتشوية سمعة تاريخ ذلك الشعب. يجب أن نحل المشكلات بسعة الأفق ورحابة الصدر.

(يجدر بالذكر أن فضيلة الشيخ عبد الحميد يعتقد أن الحروب التي تجري في بعض البلاد ليست جذورها طائفية، لأن هذه المذاهب والأقوام كانت في هذه البلاد منذ القديم، وإن كانت بعض هذه الحروب والصراعات اتخذت صبغة طائفية في السنوات الأخيرة. لكن اسئثار بعض الفئات بالقدرة وعدم مشاركة الأحزاب والأفكار المعارضة في الدولة هي السبب الرئيسي لهذه الأزمات والحروب. والطريق الوحيد لإنهاء هذه المشكلات هي تأسيس دول شاملة وانتخابات حرة في البلاد الإسلامية.)

2034 مشاهدات

تم النشر في: 18 نوفمبر, 2013


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©