أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة هذه الجمعة إلى “الامتحانات الالهية التي يتعرض لها الإنسان”، معتبرا العمل على الأحكام الإلهية من أهم طرق نجاح الإنسان في هذه الإمتحانات وسببا لتزكيته وإصلاحه.
تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد، بعد تلاوة آيات من سورة البروج، إلى أنواع المحن والابتلائات التي يبتلي بها الرب تبارك وتعالى عباده، قائلا: الدنيا التي نعيش فيها في الحقيقة دار واسعة للإمتحانات، يمتحن الله بها عباده. الدنيا مليئة بالمعاصي والذنوب. اختلاف بين المذاهب، هل الله خالق المعاصي أم الإنسان نفسه؟ ومن يعتقد أن الله تعالى خلق المعاصي يقولون أن الله تعالى عز وجل خلق المعاصي ليمتحن بها البشر. كذلك خلق أنواعا من الحسنات والمحاسن ليبتلي بها البشر. الدنيا فيها شياطين كثيرة، حيث جعل لكل إنسان شيطان معه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لكل إنسان شيطان وشيطاني أسلم بيدي”. الشياطين من الجنّ والإنس لديهم مهارات في المجالات المختلفة. وقد حذرنا الله تعالى أن لا يغوينا هؤلاء الشياطين. الأنواع من المعاصي والذنوب، كالسحر الذي يبيد إيمان المرء، وقتل الأبرياء، وعقوق الوالدين، والغيبة، والكذب، والإفك والبهتان، وهتك الأعراض، وشرب الخمور، والزنا، كلها من المعاصي المهلكة التي خلقت لإمتحان الإنسان.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: من جانب آخر، خلق الله تعالى الإيمان والأحكام الإسلامية التي هي مصدر كافة الخيرات والبركات. خلق الله تعالى الأحكام الشرعية لتكوين الإنسان. الصلاة والزكاة والحج أحكام أنزلها الرب الحكيم العالم بخفايا وجود الإنسان، ليصل الإنسان من خلالها إلى العلى والكمالات. لا يمكن للإنسان الوصول إلى العلى ولا يتزكى الإنسان بغير الصلاة وإعطاء الزكاة والعمل على الفرائض الدينية.
واعتبر فضيلته حقوق الناس من الإبتلائات الإلهية قائلا: مراعاة حقوق الوالدين والأزواج والأولاد والأقارب، ومراعاة حرمة الناس جميعا، هي من الأمور التي امتحن الرب من خلالها البشر. إن الله تعالى يبتلي الإنسان بالحق والباطل ليرى من يكون مع الحق ومن يميل إلى الباطل. لقد خاطبنا الله في الدنيا قائلا “إن تنصروا الله ینصرکم ويثبت أقدامكم”. مع أن الله تعالى لا يحتاج إلى نصرنا، بل نصر الله وعونه في الحقيقة نصر لدينه، لكن المراد أنكم إذا قمتم إلى حماية الدين الإلهي والطريق المستقيم، في الحقيقة إنكم قبلتم الدعوة الإلهية وأنتم أصبحتم من حماة الدين والرسول.
وتابع رئيس جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان، قائلا: إن الله يرضى بتفدية جميع المسلمين، ولكنه لا يرضى أن يتضرر الدين وينقص. رضي الله في غزوة أحد أن يستشهد سبعون شخصا من كبار صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا يأتي نقص في الدين.
واستطرد: مع أن الله تعالى قادر على أن يهدي كافة الناس من الأروبيين والأمريكيين إلى الإسلام، لكن الله عزّ وجلّ تغمدنا بكرمه ولطفه حيث جعلنا حملة لدينه، وأن لا نسمح بأن يتضرر الدين من قبل الطغاة والظالمين. فهذا امتحان الله في الدنيا، حيث ابتلانا الله به أن نعيش مع الحق ونحميه ونموت ونحن على الحق.
وأضاف رئيس منظمة اتحاد المدارس الدينية لأهل السنة في محافظة سيستان وبلوشستان، قائلا: عندما نتأمل في القرآن الكريم، نجد أن الله تعالى نصر الحق وحملته عبر التاريخ، وجعل الباطل ذليلا مهانا. لقد ذكر الله تعالى عاقبة أقوام كقوم عاد وثمود وقوم فرعون وقوم لوط في القرآن الكريم، ثم يقول: “إن في ذلك لعبرة لأولى الألباب”. في عاقبة هؤلاء الأقوام الظالمة عبر ودروس لأولى الأبصار. العاقل هو من يتعظ بالحوادث والوقائع. والشقي هو من يمرّ بها غافلا متجاهلا ولا يعتبر بها.
واستطرد خطيب أهل السنة، قائلا: خاطب الله تعالى أهل مكة قائلا: “وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ”، عندما تذهبون إلى الشام فآثار قوم شعيب ولوط تقع في طريقكم، وكذلك في مسيركم إلى اليمن تقع آثار عاد. لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال “لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم”، ثم أسرع المشي حتى جاوز الوادي.
الزلازل الأخيرة إنذار إلهي للشعب الإيراني:
أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبته إلى الزلازل الأخيرة في إيران، معتبرا إياها إنذارا من جانب الله تعالى، قائلا: وقوع الزلازل من علامات قرب القيامة. مع الأسف كثر في البلاد حدوث هذه الزلازل، وإنها خلفت خسائر في الممتلكات والأرواح. الزلزال في آذربايجان وبوشهر والزلزال الأخير الذي ضرب مدينة سراوان والذي بلغت قوتها إلى حد لم يسبق مثله في العقود الخمسة الماضية في إيران، وبلغ إلى حد شعر بها سكان الدول المجاورة كالهند وباكستان والإمارات، وترك دمارا في بعض المناطق، أرى أنه كان إنذارا من جانب الله تعالى للشعب والمسؤولين الإيرانيين، وإنه يدل على أن الظلم وتضييع الحقوق لم يزل موجودا في المجتمع، وإن الله تعالى ساخط من أعمال المسؤولين والشعب الإيراني.
وأضاف: يجب على كافة الشعب الإيراني من المسؤولين وكذلك علماء الشيعة والسنة أن يعيدوا النظر في سياساتهم وأعمالهم، ويتوبوا إلى الله ويستغفروه. على علماء الشيعة والسنة أن يسعوا في إصلاح الناس ليعودوا إلى الله تعالى ويعرفوا نقائصهم ويجبروها.
وتابع عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قائلا: يجب على أهلنا في محافظة سيستان وبلوشستان أن يتوبوا إلى الله تعالى ويستغفروه، وكذلك عليهم أن يشكروا الله تعالى على أن الزلزال بحمد الله لم يخلف خسائر روحية.
إن هذا الزلزال قد أوقع في الحيرة جميع الخبراء الذين لهم معرفة بظاهر القضايا وغافلون عن حقائق الأشياء وخفايا الأمور ومشيئة الرب تبارك وتعالى، أن زلزالا بهذه القوة العظيمة لم يخلف خسائر روحية. هذا فضل الله السميع العليم على عباده في هذه المنطقة، وبركة القرآن الكريم وذكر الله تعالى، حيث حفظت هذه المناطق من خسائر الزلزال. ما رأيناه من عدم دمار المنازل والدوائر علينا، يدل على أن الرب تبارك وتعالى حفظ أهل هذه المنطقة برحمته وكرمه. فليس لنا إلا أن نشكر ربنا الكريم.
وأضاف فضيلته: علينا أن نعلم أننا ضعفاء في أعمالنا، وتوجد في مجتمعاتنا أنواع من المعاصي، ويوجد تكاسل في تأدية الفرائض. فالله تعالى حذرنا من خلال هذا الزلزال أن نعيد النظر في أعمالنا. وفقنا الله تعالى جميعا أن نتوب إليه قبل أن نبتلى بعذاب مهلك، ونؤدي حق الله والمخلوقات.