قام فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في زاهدان، ورئيس منظمة اتحاد المدارس الدينية لأهل السنة في بلوشستان، في الأيام الماضية، برحلة دعوية إلى بعض المناطق الجنوبية والمركزية لمحافظة سيستان وبلوشستان. وأوصى فضيلته في لقائاته مع العلماء وأهالي هذه المناطق، الجميع بالالتزام بالأحكام الدينية والمدوامة على الصلاة وتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية.
خلاصة ما جرت في هذه الرحلة الدعوية التي بدأت من صباح يوم السبت 5 من ربيع الثاني واستمر حتى الخميس 10 من ربيع الثاني 1434، كالتالي:
فضيلة الشيخ عبد الحميد في مديرية “دامن”:
ذهب فضيلته أولا إلى قرية “زهلفنان” في مديرية “دامن” من توابع مدينة “إيرانشهر”، وألقى خطبة أمام حشد من أهل هذه القرية والقرى المجاورة.
(مديرية “دامن” تعتبر من توابع مدينة “إيرانشهر” (من المناطق المركزية في بلوشستان) وتبعد قرابة 20 كم عن المدينة نفسها، وينشط فيها عدد من العلماء والأساتذة، وتعتبر مدرسة “خديجة الكبرى” التي تضم أكثر من 250 طالبة و50 طالبا وتقع في قرية “زهلنقان” مع فروعها في القرى الأخرى، سبب إزدهار ورقي هذه المنطقة في المجال الديني والروحي. كما أن المنطقة تتمتع بثقافة عالية بنشاط أكثر من 500 معلما يشتغلون في مجال التربية والتعليم والتدريس الذي صعّد من عدد الطلاب الجامعيين لهذه المنطقة.)
حضر فضيلة الشيخ عبد الحميد بعدما التقى مع العلماء وأساتذة المنطقة، خاصة فضيلة الشيخ “نظر محمد ديدكاه” الذي يعتبر من كبار العلماء في المحافظة، تجمّع الشعب المؤمن في منطقة “دامن” في جامع القرية.
بدأت الجلسة بعد صلاة الظهر، وقدم أحد الأساتذة في البداية تقريرا عن النشاطات الثقافية والعلمية في المنطقة. ثم تكلم فضيلة الشيخ “عبد اللهي” أحد أساتذة المدرسة معتبرا “الفقر الثقافي والجهالة” و”الفقر الديني” والفقرالمادي” من عوامل انتشار إدمان المخدرات في المجتمع، قائلا: أشنع أعمال الجاهلية كان وأد البنات، واليوم الوالدان بعدم تربية الأولاد وتوفير مجال التعليم لهم يمهدون لهم الأرضية للإبتلاء بالمخدرات. وهذا نوع من وأد الأولاد في شكله التقدمي والمتطور.
وأشار إلى رواية “كاد الفقر أن يكون كفرا”، قائلا: أغنياء المجتمع بتأدية الزكاة والصدقات يستطيعون أن يمنعوا الفقراء من الوقوع في مستنقع تعاطي المخدرات، ومن انهيار المجتمع وفساده.
ثم تحدث فضيلة الشيخ محمد عثمان، رئيس معهد “مدينة العلوم” في مدينة “خاش”، مشيرا إلى الآيات الأولى من سورة البقرة وبيان أحوال الجماعات الثلاث للناس فيها. وأضاف قائلا: الجماعة الأولى التي أشير إليهم في هذه الآيات هم المؤمنون الصادقون الذين يؤمنون بالغيب ويطيعون أحكام الله تعالى، وفي الحقيقة هؤلاء هم الناجون. لكن الفريق الثاني والثالث الذين قال الله تعالى عنهم “يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت”. وشبّه الله تعالى القرآن بالصاعقة في هذه الآيات، لأن المشركين والكفار كانوا يدخلون أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا آيات القرآن الكريم. كذلك الإسلام الذي يرسخ في قلب الإنسان نتيجة إستماعه للآيات، شبّه بالموت. فالإيمان لهذين الفريقين وقبول الإسلام كالموت صعب وعسير، ونتيجة لهذا ختم الله تعالى على قلوبهم.
وأضاف فضيلته قائلا: لما أن القرآن الكريم أكثر تأثيرا من كل واعظ على الإنسان ويحول حياته، يجب على المسلمين أن يكثروا من تلاوة القرآن الكريم ويستمعوا له.
وانتهت هذه الجلسة بخطبة فضيلة الشيخ عبد الحميد، حيث شكر في البداية الشيخ “نظر محمد ديدكاه” والشيخ “ظفر محمد” على إقامة هذه الجلسة، كما شكر أهل “دامن” على حضورهم الواسع الرائع.
ثم قدم فضيلته نصائح وجيزة في ظل آية “ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله”، قائلا: إن الله تعالى تغمد الأمة المسلمة بكرمه وفضله، وأعطى أحب ما عنده لعباده المؤمنين. وتلك العطية هي ثروة “الدين الإسلامي” العظيمة التي هي بأيدي المسلمين. الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، بالعمل على هذا الدين، غلبوا على القوى العظمى في عصرهم وسادوا العالم. إنهم قدروا الله حق قدره، وعرفوا قيمة الإسلام ومكانة الرسول جيدا، ولم يكتفوا بالشعارات والهتافات؛ بل التزموا بأحكام الشريعة وعملوا عليها. مع الأسف المسلمون في عصرنا، تركوا الدين الإسلام واقتطفوا من الثقافات الأجنبية، وضعف الإيمان نتيجة ذلك إلى حد لا يقدر على منعهم من المعصية والذنوب. فالطريق الوحيد للعزة، هي العودة إلى الإسلام الصادق.
فضيلة الشيخ عبد الحميد في مدينة “إيرانشهر”:
بعد نهاية جلسة قرية “زهلنفان”، اتجه فضيلة الشيخ والوفد المرافق له إلى مدينة “إيرانشهر”. ودخل فضيلته المدينة بعد ما قوبل بحفاوة بالغة من جانب العلماء والشباب ورؤساء العشائر ممن تجمعوا على مدخل المدينة.
وقام فضيلته أولا بزيارة للمبنى الجديد للمدرسة الدينية التي تم بنائها في المصلى القديم داخل المدينة، ثم بعد ذلك دخل جامع “النور” حيث تجمّع الشعب.
في بداية هذه الجلسة رحّب الشيخ “طيب ملازهي”، رئيس معهد “شمس العلوم” الديني، وخطيب أهل السنة في جامع النور في “إيرانشهر” بقدوم فضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه الله والضيوف الكرام، معتبرا إياه سببا لمباهاة العلماء وعامة الناس في مدينة “إيرانشهر”.
ثم تكلم الشيخ “عثمان” خطيب أهل السنة في مدينة “خاش” مشيرا في كلمته إلى أن السنة النبوية وأخلاق الرسول الكريم هي الصورة العملية للقرآن الكريم. سُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ”.
فلو أردنا أن ندرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم جيدا، علينا أن نرجع إلى القرآن الكريم.
وأضاف فضيلة الشيخ عثمان: القرآن الكريم منذ نزوله إلى يومنا هذا فُسّر من جانب الصحابة ومن بعدهم من العلماء. وما نشاهده من تطورات مادية في العالم، فهي من إشارات القرآن الكريم. كل جاء وفسّر القرآن الكريم لكن لم يدّع أحد أنه استوعب معنى جميع الآيات القرآنية وفسر كل القرآن الكريم. فعجائب القرآن الكريم لن تنقضي، وهي تستمر.
ثم واصلت الجلسة أعمالها بخطبة فضيلة الشيخ عبد الحميد. وأشار فضيلته في بداية خطبته إلى المدير السابق لمعهد “شمس العلوم” في “إيرانشهر”، الشيخ العلامة “قمرالدين ملازهي” رحمه الله، مبجّلا جهوده ونشاطاته الدينية والإصلاحية في المنطقة، سائلا المولى الكريم أن يرفع درجاته. كما أنه شكر الشيخ “طيب ملازهي” والشيخ “عبد الحميد بزركزاده” وسائر علماء المنطقة على ما يبذلون جهودا في تقدم ورقي النشاطات الدينية والروحية.
ثم استطرد فضيلته مشيرا إلى آية “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”: في العصر الراهن استطاع البشر أن يصل إلى مستوى رفيع، ويصل إلى القمر والمريخ، ويقوم هناك بالحفريات، لكن رغم تقدمه في العلم والماديات وجميع هذه التقدمات والتطورات، القلق الذي ابتلي به البشر في عصرنا، لم يكن في الماضي مع قلة الموارد والإمكانات.
وأضاف فضيلته في بيان سبب هذه القلاقل، قائلا: سبب هذه القلاقل أن البشرية فقدت شيئا في حياته، وهي العبودية لله تعالى وعبادة رب العالمين. يحسب الإنسان أنه خلق لأجل الإعمار والبناء والأكل والشرب والتمتع من نعم الدنيا. لكننا عندما نبحث تعاليم الأنبياء، ندرك أن الله تعالى خلق البشر ليؤمن به ويعبده ويتقرب إلى ربه. جاء البشر ليخضع أمام الله تعالى ويعبده.
وتابع خطيب أهل السنة: الكائنات كلها عاجزة تجاه قدرة الله تعالى ومقرّة بعظمته ومسبحة له. لكن قد يطغى بعض الإنس أو الجن، مع أن الله تعالى خلق الإنسان ليعبد ربه بالقلب والقالب. العبادة العظيمة التي يقوم بها القلب، هي الإقرار بوحدانية الخالق. والصلاة هي أصل العبادات البدنية التي تقوم بها الجوارح، وورد في القرآن والسنة تأكيد كبير عليها.
وأشار فضيلته إلى آية “فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا”، معتبرا إشاعة منكرات كشرب الخمور والسرقة وقطع الطريق وإختطاف الأبرياء وانتشار السفور والفحشا، من مصاديق “الشهوات”.
وندّد فضيلته بـ”النزاعات الطائفية والمذهبية”، معتبرا إياها من أشنع أنواع الاشتباكات. وأضاف قائلا: أسوء أنواع النزاعات هي النزاعات المذهبية والطائفية. قتل الأبرياء والدماء التي تجري في عصرنا في بلاد مثل سوريا ومالي ومناطق أخرى، تدل على قساوة البشر. والسبب الأصلي لهذه المشكلات كلها هي غفلة المسلمين. فلو أن المسلمين عملوا بوظائفهم وقاموا بتنفيذ أحكام الشريعة في حياتهم وابتعدوا عن المعاصي والذنوب، لما واجهوا هذه المشكلات. فعلينا جميعا أن نسعى في إزالة المفاسد الاجتماعية والمعاصي، ونمنع من وقوع الشباب في مستنقع إدمان المخدرات.
أمواج الصحوة الإسلامية لا تنحصر في الشرق الأوسط:
وأشارخطيب أهل السنة في خطبته إلى أمواج الصحوة الإسلامية في كثير من البلاد الإسلامية، قائلا: الصحوة الإسلامية تموج في عصرنا في الشرق الأوسط. في البلاد والممالك التي لم يكن يخلد ببال أحد أن توجد فيها الغيرة الإيمانية والحياة الإسلامية، نرى والحمد لله أن الغيرة الإيمانية نهضت في حياة أهلها. هذه الصحوة ليست منحصرة في الشرق الأوسط، بل سمعت في المظاهرات التي كانت في بلاد أوربية أيضا هتافات التكبير. من كان يصدق أن يثور الشعب الليبي والتونسي والمصري والسوري واليمني ضد الإستبداد ويقبلوا على الإسلام ويطالبوا به وتنشأ الصحوة الإسلامية فيهم بهذه القوة!
في تركيا التي شهدنا تاريخا سيطر فيها أمثال آتاتورك الذي حارب كافة المظاهر الإسلامية، لكن اليوم نرى الشعب التركي أقبل إلى الإسلام والإيمان والأعمال.
سنة إيران شعب صبور وإنما يطالبون بإزالة التمييزات الطائفية:
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته إلى بعض قضايا أهل السنة قائلا: إن أهل السنة في إيران شعب صبور ومحب للوحدة. لم تصدر منهم قط خيانة بالنسبة إلى الوطن، ولم يبيعوا وطنهم أبدا لطرف. لقد سمعتُ عن بعض الأشخاص الذين غادروا البلاد، أن أعداء الوطن عرضوا عليهم الخيانة للوطن، لكنهم رفضوا عرض الأعداء، قائلين لا نبيع وطننا.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد، قائلا: المجتمع السنّي الذي ثبتت وطنيته للجميع، يرجون أن تراعى حقوقهم، وأن لا يكون تمييز بين الشيعة والسنة. وهذا هو حق قانوني ومشروع لأهل السنة في إيران.
وتابع عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: يرجو أهل السنة من علماء ومراجع الشيعة وعلى رأسهم مرشد الثورة، أن يكون لهم انتباه خاص إلى حقوق أهل السنة في إيران، ويزيلوا التمييزات الموجودة.
واستطرد خطيب أهل السنة إلى تواجد أهل السنة في الحدود الإيرانية، قائلا: نحن إيرانيون، وإيران وطننا. ولو حدثت لا سمح الله حرب، فأهل السنة هم الذين يدافعون عن هذه الحدود، وسيقتلون دفاعا عن الوطن. فشعبنا مقاتلون أبطال، ولسنا جبناء ضعفاء، بل سندافع عن وطننا.
وأضاف فضيلته مؤكدا: التمتع بالحرية المذهبية وكافة الحقوق، حق أهل السنة في إيران. نحن لا نعتقد بالتمييز بين أهل السنة والشيعة. نحن نشعر بالأخوّة مع الشيعة ومع كل من ينسب نفسه إلى الإسلام، ومع كل إنسان لم يعتد على حقوق المسلمين وليست لديه عداوة مع المسلمين. فنعتبرهم إخوتنا في الإنسانية.
وأضاف رئيس جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان، قائلا: نحن نطالب أن تراعى حقوق الشيعة في البلاد التي هم فيها أقلية. إن الله تعالى لا يرضى بالتمييز بين طائفتي السنة والشيعة، وأن تنظر إليهما بنظرتين مختلفتين، بل إن الله تعالى يرضى إذا كانت نظرة المسؤولين والعلماء إلى الشعب نظرة متساوية.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى التعايش السلمي بين الشيعة والسنة في مدينة إيرانشهر، قائلا: الحمد لله، يعيش السنة والشيعة في منطقة إيرانشهر سلميا، ونحن لم نسمع أن يشتبك الشيعة والسنة لمسائل مذهبية في هذه المنطقة.
واستطرد فضيلته قائلا: المهم والضروري أن تكون النظرة متساوية إلى كلتي الطائفتين، وهذا هو المطلب الذي نصرّ عليه، ويقول بذلك الإسلام وكذلك دستور بلادنا أن يكون الشعب متساويين في عين القانون.
وخاطب فضيلة الشيخ عبد الحميد في نهاية خطابه أهل إيرانشهر قائلا: نصيحتي لكم أيها الشعب أن تلتزموا الأحكام الشرعية. نحن عندما رضينا بالإسلام دينا، رضينا أيضا بالالتزام بالأحكام الشرعية. وانتبهوا أن شعبا لم يهلك بسبب الفقر، لكن أي شعب ابتعد عن الأحكام الشرعية وهرب من الدين وأقبل إلى المعصية، واجه الزوال والهلاك.
جلسة العلماء والناشطين الدينيين في معهد حقانية في إيرانشهر:
شارك فضيلة الشيخ عبد الحميد صباح الأحد في جلسة العلماء والمشائخ والناشطين الدينيين في مدينة إيرانشهر، التي عقدت في معهد حقانية للعلوم الشرعية والدينية.
في بداية هذه الجلسة ألقى فضيلة الشيخ “أحمد كوهر كوهي” مدير معهد “كوهركوه” الديني، خطبة اعتبر فيها – نظرا إلى المشكلات الدينية والمعاصي في المجتمع – الهدف من هذه الجلسات الاستشارية بين العلماء، “البحث عن الأزمات الراهنة في المجتمع وحلول لها”. كما اعتبر فضيلته بعد تلاوة آية “الر كتاب أنزلنا إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد”، صيانة الدين الإسلامي ممكنا عن طريق العلوم الشرعية قائلا: العلم الديني عزة وشرف لا تتسرب إليها ذلة؛ وصدور العلماء أوعية نور العلم والقرآن الكريم، والقرآن الكريم هو المنهج الوحيد الذي يستطيع أن ينقذ الإنسان من الضلال والظلمة. في المجتمعات الراهنة التي أصيب فيها الدين وظهرت مشكلات دينية كثيرة، فلو نهض العلماء، ومكنوا محبة الدين في قلوبهم، ويضحوا براحتهم واستراحتهم للدين، وجعلوا حياة النبي صلى الله عليه وسلم التي لم يكن فيها هدوء ولا قرار مدى العمر أسوة لهم، سينهض الناس وتنشأ تطورات وثورات دينية في المجتمع.
ثم تحدث بعد الشيخ “أحمد”، الشيخ “عبد الصمد دامني” مدير معهد “حقانية” إيرانشهر، ورحب في كلمته الوجيزة بحضور الضيوف، خاصة فضيلة الشيخ عبد الحميد وسائر العلماء الحاضرين في الجلسة. وأضاف مشيرا إلى قوله تعالى “إنما يخشى الله من عباده العلماء”، صفة “العبد” التي وردت في الآية في حق العلماء، مفخرة عظيمة لهم، لأن الله تعالى ذكر في مواضع عديدة من القرآن هذه الصفة لنبيه وخليله سيدنا رسول الله صلى عليه وسلم، ومدحه بإطلاق هذه الصفة عليه.
وتطرق الشيخ “دامني” إلى بعض صفات وخصائص العلماء ومكانتهم في القرآن والسنة، مؤكدا أن العالم الصالح يضمن بقاء المجتمع معنويا.
خطبة فضيلة الشيخ عبد الحميد في جلسة العلماء في إيرانشهر:
بدأ فضيلة الشيخ عبد الحميد خطبته في هذه الجلسة بتلاوة آية “شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم”، وتقديم مطالب حول معنى الآيات قائلا: هذه عزة وشرف كبير بينه الله تعالى في هذه الآية، حيث اعتبر شهادة العلماء وتأييدهم حجة. فرجاء الله من العماء بمقدار المكانة العظيمة التي أعطاها الله تعالى لهم. لو عمل العلماء بمسئولياتهم، يتلقون أجورا مضاعفة، وإن لم يفعلوها يبتلون بعذاب مضاعف.
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد “التعليم والتدريس للعلوم الشرعية” و”تبليغ الدين”، من فرائض العلماء قائلا: الدين يبقى ويخلد بالتدريس وتعليم العلوم الدينية. فلا يكن تعليم العلوم الشرعية منحصرا بالمدارس الدينية، بل يجب أن يكون تعليم الأحكام الضرورية والاعتقادية في مستويات إبتدائية غير تخصصية في جميع المساجد. ويجب أن تعقد دورات لتعليم القرآن لتلاميذ المدارس الحكومية، وتقسم المناطق إلى حلقات مختلفة بمشورة العلماء، ويجري تخطيط مناسب وصحيح لتعليم التلاميذ.
وأشارفضيلته إلى الوظيفة الثانية للعلماء يعني “التبليغ” قائلا: من أهم وظائف العلماء بجانب تعليم الدين، هو التبليغ ونشر الدين. الأنبياء دائما كانوا يحرسون أممهم لئلا يقعوا في مستنقع الشرك والضلال.
وتابع فضيلته قائلا: أفضل لباس للعلماء هو لباس التقوى، وليست العباءة أو الجبة الطويلة. على العلماء أن يتلوا القرآن يوميا، ويشتغلوا بالأذكار، ولا يغفلوا عن ذكر الله تعالى، ويلتزموا نوعي السنة النبوية “السنن العادية” و”السنن العبادية”، ويكونوا على صلة مع كافة العلماء في أي منطقة كانوا، ويعقدوا جلسات المشورة أسبوعيا أو شهريا، فإنها تكون سببا للتقدم وحفظ الوحدة.
الحرية المذهبية وحرية التعليم واستقلال المدارس الدينية، سبب لحياة أهل السنة:
أكد فضيلة الشيخ عبد الحميد أمام العلماء والناشطين في إيرانشهرعلى ضرورة الحريات الدينية، قائلا: الحرية المذهبية وحرية التعليم واستقلال المدارس الدينية، سبب لحياة أهل السنة. فلو سلبت حريتنا منا، فلا نملك إذن شيئا للضياع. نحن مستعدون أن نضحي لحريتنا بكافة منافعنا ومصالحنا. يجب مراعاة حرية المساجد وأئمتها. يجب أن يختار أئمة المساجد من يصلون خلفه. وكذلك يجب أن يكون مسجد كل مذهب في اختيار أهل ذلك المذهب.
وتابع فضيلته: الدستور الذي أعطى المشروعية للمسؤولين، نفس ذاك الدستور أعطانا الحرية. الحرية هامة وضرورية لنا. حريتنا لا تضر بالحكم ولا بمذهب الشيعة. ونرجو أن تكون الحرية في كافة مناطق البلاد. ويجب أن يتمتع أهل السنة بالحرية. إن كانوا يعيشون بعدد قليل أو كثير في منطقة، ينبغي أن يمكن لهم إقامة صلاة الجمعة والعيدين بحرية تامة في أي مدينة يعيشون.
وتابع عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: نحن لا نسمح لأحد أن يتدخل في قضايانا المذهبية، كما لا نسمح لأحد أن يتدخل في المسائل المذهبية للشيعة. المسائل المذهبية لكل مذهب تتعلق بأتباع ذلك المذهب، ولا صلة لها بأتباع المذاهب الأخرى.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد: حرية جماعات التبليغ ضرورية لنا، وليس لأحد أن يكون مانعا لنشاطات جماعات التبليغ. جماعات التبليغ كعلماء أهل السنة مخالفون للتطرف والعنف، ومن حقهم القانوني النشاط والتبليغ.
وأضاف فضيلته قائلا: مطالب أهل السنة تأتي في إطار القانون والدستور، ومن حقنا أن نطرح مطالبنا في إطار القانون ونتابعها.
جلسة “آزمن آباد”:
ذهب فضيلة الشيخ عبد الحميد والوفد المرافق له بعد ظهر الأحد لزيارة أهالي قرية “آزمن آباد” التي تبعد 25 كم عن مدينة إيرانشهر. عدد كبير من أهل هذه القرية كانوا ينتظرون الشيخ ومرافقيه في مداخل القرية، ودخل فضيلة الشيخ جامع “أبي بكر الصديق” رضي الله عنه في القرية بعد استقبال الناس.
واعتبر فضيلته تجمع الناس في المسجد الذي كان مكتظا بالشباب، علامة التدين والإيمان في هذه المنطقة. ثم أضاف سماحته بعد تلاوة آية “ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله”، قائلا: النعم الكثيرة التي يملكها الإنسان من النعم الآفاقية كالشمس والأرض والبحار وغيرها، وكذلك النعم التي أودعها الله في نفس الإنسان كالصحة والسلامة وغيرها، لا تساوي شيئا مقابل نعمة الدين. أغلى ثروات الإنسان ثروة الإيمان. إن الله تعالى علمنا العبودية ببعثة الأنبياء، وجعل طريق السعادة في اتباعهم. عبر التاريخ أي قوم ارتكب الظلم واختار العصيان، فإنه واجه الهلاك والخسران. وفي المقابل، الأقوام الضعيفة التي لم يكن لها إسم ولا قوة، أصبحوا سادة العالم وقادته بسبب الإطاعة.
وتابع فضيلته: رسالتي وسائر العلماء الذين أتوا عندكم، أن تتمسكوا بالدين الإلهي، وتعلموا القرآن الكريم، والتزموا الصلاة لتعمر دنياكم وآخراكم.
جلسة مدينة “محمدان” في ضاحية إيرانشهر مساء الأحد:
من جلسة “آزمن آباد” واصل فضيلة الشيخ رحلته الدعوية إلى مدينة “محمدان”. (مدينة محمدان تبعد 20 كم عن مدينة إيرانشهر في طريق شابهار- زاهدان. وينشط في هذه المدينة معهد “مصباح العلوم” وأربع مدارس دينية للبنات، يشرف عليها الشيخ “محمد شريف دهقاني” وزملائه، بنشاطات تعليمية ودينية.)
في الجلسة التي عقدت في جامع “محمدان” تكلم في البداية الشيخ “محمد أيوب كوهرام زهي” من علماء المنطقة، مرحبا بالشيخ والوفد المرافق له والعلماء الحاضرين في الجلسة. وأضاف فضيلته بعد تلاوة آية 35 من سورة الأحزاب: كما أن جسم الإنسان يحتاج لأجل الصحة إلى الرياضة والغذاء المناسب، كذلك روحه تحتاج إلى التمرين والتقوية لتبقى صحيحة قوية. وذكر الله تعالى أفضل رياضة وتقوية للروح. أموال الدنيا كلها لا تساوي قيمة لحظة واحدة من ذكر الله تعالى، لأن المؤمن في الجنة لا يتأسف على شيء من أعمال الدنيا إلا في الساعات التي قضاها من غير ذكر لله عز وجل.
كلمة فضيلة الشيخ عبد الحميد في مدينة “محمدان”:
ألقى فضيلة الشيخ عبد الحميد كلمة حول الإعجاز القرآني في مدينة “محمدان” قائلا: القرآن الكريم لم ينزل لمحاربة الجاهلية في عصر النزول، بل أتى لإزالة الجاهلية في كل عصر إلى يوم قيام الساعة.
وأضاف: على المسلمين جميعا، رجالا ونساء، شيوخا وشبابا، أن يتعلموا القرآن الكريم ويتلوه، لأن حياة الأمة المسلمة وضعت في القرآن الكريم فحسب.
وتابع فضيلته قائلا: الإسلام راعى حقوق البشر، إلى أي فرقة أو طائفة كانوا ينتمون، وحرم التعرض إلى حقوقهم. فعندما لا يراعي بعض الطوائف من المسلمين حقوق الأمم الأخرى، فالقصور هنا يعود إلى المسلمين لا إلى الدين الإسلامي.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: نرجوا أن تنجح البلاد الإسلامية التي انتصرت ثوراتهم، بتقديم صورة جميلة من الإسلام للعالمين، ويثبتوا عظمة هذا الدين للبشر جميعا.