أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبته يوم الجمعة، إلى تأكيد الإسلام على الزواج وأهمية هذه المسئلة في الثقافة الإسلامية، كما نصح الوالدين وأولياء الشباب إلى توفير مجالات تزويج أولادهم.
وقال فضيلته بعد تلاوة آية “وأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ”: إن الله تعالى بحكمته جعل الزواج سببا للهدوء والسكن والتناسل. خلق الله تعالى الإنسان زوجين، وحياة كل واحد من هذين الإثنين ناقص، إنما تكتمل بالزواج وبدء الحياة الزوجية.
وتابع فضيلته: للزواج أهمية خاصة في جميع الحضارات والثقافات، وتعتبر من السمات البارزة للثقافات. لذلك اهتم به الإسلام وأكد عليه في آيات كثيرة. كما أكد على دفع مهور النسوة قائلا:”وآتوا النساء صدقاتهن نحلة”. وآيات كثيرة في القرآن الكريم تطرقت إلى مسألة الزواج والمسائل المتعلقة بها، وهي تدل على مدى أهميته في الثقافة الإسلامية، أهمية ربما لا توجد في أي من الثقافات الأخرى.
وقال خطيب أهل السنة في توضيح آية “وأنكحوا الأيامى”: إن الله تعالى يوصى الأولياء في هذه الآية بتزويج من لا أزواج لهم ولا يخافوا من فقرهم، لأن التزويج والأبناء سببان لجلب الرزق، وانتبهوا أن النسوة والأبناء وسائر الضعفاء في المجتمع ليسوا أثقالا على المجتمع، بل ورد في الحديث الشريف “إنما ترزقون وترحمون وتنصرون بضعفائكم”. في الحقيقة تشمل الرحمة الإلهية والبركة الإلهية المجتمع ببركة ضعفائه.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على أهمية الزواج في المجتمع قائلا: المجتمعات التي لا ترغب أهله في الزواج، أو يتزوجون متأخرين، هذه المجتمعات تصبح بسبب الفساد على هاوية الهلاك والزوال. وفي المقابل المجتمع الذي يهتم بتزويج شبابه مبكرا، أهل ذلك المجتمع يتمتعون بحياة مطمئنة مباركة.
خلافا لما كان يقال في الماضي أن الزواج مانع من التعليم، أثبتت التجارب أن الزواج لم يكن مانعا للشباب المتزوجين الذين يشتغلون بالتعليم في الجامعات. على الوالدين والأولياء أن يهتموا بتزويج أبنائهم البالغين ويوفروا مجالات زواج الشباب والشابات. روي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ثلاث يا علي لا تؤخرهن: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤا”.
وأضاف رئيس جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان، قائلا: لابد من مشورة البنات في تزويجهن، فإن رفضت البنت الزواج من رجل فليس شرعا لوليها أن يكرهها على الزواج. كذلك بالنسبة إلى الثيب فليس لوليها أن يزوجها من غير توكيلها أو المراجعة إلى رأيها. وليس هذا بمعنى أن يخطب الرجل الإمرأة من نفسها، لأن حرمة المرأة ومكانتها أن تكون المراجعة إلى أوليائها كالأب أو الأخ. ويكون العقد بين العريس وولي البنت لا البنت نفسها.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في نهاية القسم الأول من خطبته إلى التجنب من التكلفات في قضية الزواج، قائلا: الزواج يجب أن يكون خاليا من التكلف ويعقد ببساطة. فنظرا إلى الأوضاع المالية اليوم، لا يقدر الشباب على تحمل النفقات الباهظة للزواج. لا حاجة إلى دعوة جمع غفير من الناس في وليمة النكاح، بل يجب أن تكون الحفلة موجزة بعيدة عن التكلف. كما يجب التجنب من المحرمات في حفلات العرس، كالرقص والموسيقى والإسراف في الطعام. وتقام بدل هذه الأعمال، جلسات الموعظة وقراءة القرآن الكريم التي تأتي بالبركة والرحمة، والأناشيد الإسلامية.
“بلوشستان” هويتنا الوطنية ونحذر من حذف هذه التسمية
وفي الخطبة الثانية، أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى ما يتردد على الألسنة حول تقسيم محافظة “سيستان وبلوشستان” في إيران، محذرا من حذف تسمية “بلوشستان” في التقسيمات المرتقبة إذا كانت ضرورة إليها.
وقال فضيلته: هذه الأيام تبلغ إلى أسماعنا همسات حول تقسيم المحافظة (سيستان وبلوشستان). خاصة ازدياد المدن لقد طرح قضية تقسيم المحافظة أكثر بالنسبة إلى الماضي. لكن ما يقلق أهل المحافظة أن بعض العناصر يحاولون حذف تسمية “بلوشستان” من المحافظة، ويريدون تقسيم المحافظة إلى حسب أسماء جديدة مثل “سيستان” و”مكران” و”ولايت” وغيرها.
هذه القضية أقلقت كافة الطبقات، لأن بلوشستان في التاريخ جزء من هوية المنطقة والشعب البلوشي. مع الأسف يوجد عناصر يحاولون إضعاف القوميات والثقافات القومية. تسمية “بلوشستان” كانت موجودة في الوثائق التاريخية منذ قرون، ثم أضيفت إليها سيستان. في الماضي هذه المحافظة كانت تعرف بـ”بلوشستان”، وهذا جزء من هويتنا وثقاقتنا، وقد سجل في تاريخ الشعب الإيراني. فلو أراد أشخاص أن يحذفوا تسمية “بلوشستان” من المحافظة، نعتبرهم أعدائنا.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: القائمون وراء خطة حذف تسمية بلوشستان يحاولون إثارة الفتنة القومية والطائفية في المنطقة وكراهية الناس. لتكن وزارة الداخلية والمحافظة وسائر الإدارات المتعلقة أن أهلنا في بلوشستان من العلماء والمثقفين ورؤساء القبائل والرجال والنساء، لن يقبلوا أن تحذف تسمية “بلوشستان” من المحافظة. حينما طرحت قضية تقسيم محافظة “خراسان” لم يرض شعب منطقة من مناطقها بحذف إسم “خراسان”، وجرى التقسيم بتسميات “خراسان الشمالية” و”خراسان الجنوبية” و”خراسان الرضوية” وكان تقسيما معقولا. فإذا اقتضت ضرورة إلى التقسيم، ينبغي أن يكون على هذا الأساس، ولا يحذف إسم “بلوشستان” من النواحي المقسمة. وكذلك لا يرضى شعبنا أن يكون تقسيم المحافظة نظرا إلى مناسبات مذهبية ولصالح جماعة خاصة.
واستطرد عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قائلا: لو سكت النواب في المجلس تجاه هذه القضية، أو قصروا في أداء واجبهم، لن يعفوهم الشعب. على النواب أن يتابعوا هذه القضية. إن كنا لا نصر على تقسيم المحافظة، لكن لو كانت ضرورة إلى تقسيم المحافظة، لابد أن تكون هذه القضية باستطلاع أهل هذه المحافظة والنواب في البرلمان. نحن مطمئنون على أن وزارة الداخلية والدولة لا تريدان كراهية الناس، لكننا قلقون جدا على أن يقوم عناصر بتقديم تقارير كاذبة تجلب غضب الناس.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في نهاية خطبته إلى أوضاع باكستان، قائلا: في الأيام الأخيرة تم استهداف جمع من الشيعة في كويتا، كذلك أغتيل عدد من كبار العلماء والشخصيات الدينية من أهل السنة في بعض المدن. هذه الأحداث مؤلمة. وحدثت وقائع في أنحاء هذا البلد أضرت بمكانة هذا البلد. على الشعب الباكستاني وكذلك دولتها أن تفكر بشكل جاد لإخراج بلادهما من هذه الأزمة. هذه الأوضاع مؤلمة لجيران باكستان خاصة لإيران. نرجو أن يفكر المسؤولون في باكستان لحل هذه المشكلات بالدراية وبعد النظر.