أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة هذه الجمعة، إلى أن البشر رغم تقدمات مرموقة في المجالات المادية، يعاني من الاضطرابات، واعتبر فضيلته الابتعاد عن تعاليم الشريعة سببا لهذه الاضطرابات والقلاقل.
وأوضح فضيلته بعد تلاوة أية “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ”، الحياة الطيبة التي أشيرت إليها في الآية، قائلا: في العصر الراهن تسود الاضطرابات والقلاقل على كافة المجتمعات البشرية، والشعوب في أنحاء المعمورة يعيشون في قلق واضطراب، ربما لا يوجد مكان في العالم خاليا عن القلق ويعيش الناس هناك في سلام وراحة.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: مع الأسف الكثير من هذه الإضطربات موجهة إلى الأمة المسلمة والعالم الإسلامي. في الأيام القديمة مع قلة الموارد والإمكانيات، كانت اضطرابات الناس وهمومهم أقل بالنسبة إلى هذا العصر. في عصرنا مع أن البشر تقدم ماديا وكثرت موارد العيش وإمكانياتها، وفي المجال العلوم الشرعية أيضا شهدنا تقدما وتطورا أكثر بالنسبة إلى الماضي، لكن رغم جميع هذه التقدمات، كثر القلق والاضطراب في المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية بالنسبة إلى الماضي. تنشط أحزاب ومجمعات كثيرة في المجتمعات الإسلامية، ودائما يطرحون حلولا لهذه الاضطرابات، لكن لم ينجح أي حل من هذه الحلول بعد. هذه الاضطرابات تبدأ من الأسرة حيث توجد نزاعات بين الزوجة والزوج، والوالد والولد. في المجتمع اختلافات بين الطوائف المختلفة. الجيران في اختلاف بعضهم مع بعض. الرعية يشكون أنظمتهم حيث لا تعطي لهم حرياتهم الأساسية، والحكام لديهم شكاوي من الرعية أنهم لا يراعون القانون.
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد “الاتباع من القرآن والسنة” الطريق الوحيد لمعالجة هذه الاضطرابات، قائلا: لو رجعنا إلى القرآن والسنة، واستعرضنا المجتمع الراهن في ظل التعاليم النبوية الرائعة، ندرك بوضوح كامل أن البشر لقد انحرف عن مسير الفطرة، ولا يعمل على أحكام الرب تبارك وتعالى. من ثم أن جميع الأجهزة كالطائرات والسفن لها غرف للتحكم، ومن تلك الغرفة يأخذ الجهاز هدايته, فغرفة التحكم لهداية البشر هي الشريعة الإسلامية. لكن مع الأسف لا يهتم البشر بأحكام غرفة التحكم وهداياتها، وأصبح يعصيها. الإنسان رغم النعم الكثيرة المادية، ورغم التقدم في الماديات والإمكانيات، ورغم التقدم في العلوم الشرعية كالبحث والمباحثة والتدريس والمحاضرات، لم يدرك لحد الآن هذه الحقيقة أن طريق السعادة تكمن في إطاعة الرب تبارك وتعالى.
وأكد خطيب أهل السنة على الإتباع المطلق من الأحكام الصريحة في القرآن والسنة، قائلا: على الإنسان أن يطيع تلك الأحكام الصريحة التي وردت في القرآن الكريم. والأحكام غير الصريحة مجال للبحث والتفكير ليجد الإنسان طريق الهدى. علينا أن نعلم جيدا أن الإنسان عندما يأبى عن العمل على أحكام الشريعة، وتعم المعصية، وينحرف عن الشريعة التي هي مسير الفطرة، يبتلى بالعذاب الإلهي الذي يظهر كالسيل والطوفان والنزاعات.
وأضاف فضيلته: عندما يرى الإنسان أن البشرية خالف أحكام الرب وأقبل إلى الشيطان، وعمت المنكرات والمعاصي وأنواع من الذنوب، كالسفور، وإدمان المخدرات، والسرقة، وقطع الطرق، وأكل الربا، والارتشاء، والمفاسد الإدارية، والكذب، والخيانة في الأمانة، ونقض العهد والوعد، والبهتان، وأنواع جديدة من الفحشاء في المجتمع، وأصبحت سببا ليعيش الناس في القلق والاضطراب، يتألم ضمير الإنسان ويكون قلقا على هذه الأوضاع.
وقال رئيس جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان، موكدا أن كافة الأحزاب والكتل والمجالس، حتى منظمة الأمم المتحدة أصبحت عاجزة عن معالجة اضطرابات البشر: الشريعة الإسلامية وكتاب الله وسنة رسوله، هي المخرج الوحيد للبشرية من الأزمات والاضطرابات الموجودة. فلو أن البشر آمن إيمانا راسخا بالله ويطيع الله ويشتغل بذكر الله، ينجو من كافة الاضطرابات؛ لأن الطريق الوحيد للهدوء والاطمئنان هو ذكر الله تعالى والعمل الصالح. عندما يتوجه قلب الإنسان إلى الله تعالى، يطرأ إطمئنان عليه؛ لكن عندما يجعل الإنسان الأكل والتمتع بمتاع الحياة الدنيا والمادية هدفا في حياته، يبقى في هذه الاضطرابات.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: يبدو من التطورات الراهنة أن الله تعالى يريد أن تنهض هذه الأمة وتدرك أن المخرج الوحيد من أزمات الدنيا هو إتباع القرآن وإتباع سنة سيد المرسلين؛ لأن طريقه في الحقيقة هو طريق كافة الأنبياء السابقين. ولا يقبل عذر من المسلمين في عدم العمل على الأحكام الشرعية، لأن الله تعالى وضع هذه الأحكام ميسورة لكل مسلم، ولم يبلونا فوق طاقتنا. فكانت العبودية تقتضي خمسين صلاة يوميا، ولكن الله تعالى بطلب من الرسول الكريم قللها إلى خمس صلوات. فالعمل على الشريعة ليس مشكلا، ولا يقبل عذر في ترك العمل على الشريعة. فلو أطاع البشر أحكام الرب، ليجعل الله تعالى حياته طيبة. فعلينا جميعا أن نعبد الله من صميم قلوبنا، ونتبع القرآن والسنة في حياتنا.