طالب فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، الحكومة العراقية بتلبية مطالب شعبها، وعدم تهميش وإقصاء أهل السنّة.
وقال فضيلته في خطبته يوم الجمعة (6 ربيع الأول 1434) مشيرا إلى إقصاء السنة في العراق وتهميشهم، والاحتجاجات والاعتصامات الواسعة للشعب العراقي في مختلف المدن العراقية في الأسابيع الأخيرة: الاعتراضات التي بدأت في العراق ضد الحكومة العراقية، وإن كان الاستياء من سياسات الحكومة لا ينحصر في أهل السنة، بل كثير من الشيعة أيضا معترضون على الأوضاع الراهنة في العراق، لكن إقصاء أهل السنة من المشاركة في إدارة البلاد، كان السبب الرئيسي في شدة هذه الاعتراضات الشعبية. يشعر الشعب العراقي أنه لم تراع حقوقهم ولم يشاركوا في سيادة العراق بطريقة عادلة منصفة.
وأضاف فضيلته: يحاول البعض أن ينسبوا هذه الاعتراضات إلى “المؤامرات الصهيونية العالمية والاستكبار العالمي”، ولكن الأمر ليس كذلك. فعندما لا تتجه بعض الحكومات في الطريق الصحيح ويرتكبون الظلم والجرائم، فتكون النتيجة مظاهرات شعبية واحتجاحات واسعة، ومن الطبيعي أن يسعى الأعداء لتشديد هذه المسائل لمصالحهم ولمنافعهم؛ ولكن طريق الوقوف تجاه مؤامرات الاستكبار العالمي وأعداء الإسلام أن ينفذ العدل في المجتمع الإسلامي.
وتابع عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: نصيحتنا للحكومة العراقية أن تسمع جيدا لمطالب شعبها وتراعي حقوقهم، وتلبي مطالبهم. الشعب العراقي شيعة وسنة، مسلمين ومسيحيين ورثة لوطنهم. وكان الشيعة والسنة والأقوام العراقية مشاركين في إدارة البلاد، والآن أيضا يجب أن تكون هذا الإسهام.
وأضاف رئيس جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان: في بلد مثل إيران والعراق حيث يمتاز كل واحد منهما بتعدد في المذاهب والقوميات، مشاركة كافة الأقوام والمذاهب تضمن الوحدة والأمن. فحل الأزمة العراقية تكمن في تأسيس دولة وطنية بمشاركة جميع الطوائف والأقوام.
لو سمع العالم صوت المظلومين في فلسطين، ما كنا نشهد هذه الكمية الهائلة من المشكلات الأمنية في العالم:
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى أن الدين الاسلامي يحمل رسالة تكريم البشر وسعادته في الدارين، قائلا: المسلم الحقيقي لابد له من مراعاة حقوق الغير وكرامته وحريته. المصائب الراهنة في العالم من الحروب وفقدان الأمن والظلم على الشعوب والاضطرابات والقلاقل الشعبية، نشأت بسبب زوال العدل وزوال مكارم الأخلاق وعدم الإنصاف في العالم.
وتابع فضيلته قائلا: دمار بعض البلاد والعنف وقتل الناس والكثير من الانفجارات، من نتائج الظلم. فإذا كان المجتمع الدولي يريد مكافحة الإرهاب، عليهم أن يدخلوا من طريق تنفيذ العدل، وأن يسمعوا مطالب المظلومين الذين ضيعت حقوقهم. فلو أن العالم استمع إلى صوت المظلومين في فلسطين واستجاب مطالبهم المشروعة، لما كنا نشهد هذه الكمية من المشكلات في العالم.
فالعدل ضامن للأخوّة والأمن، والأمن والانسجام والوحدة تتحقق في العالم إذا روعي العدل.
بعد مرور 34 سنة من عمر الثورة في إيران، لم يزل أهل السنة يتطلعون إلى الإنصاف ومراعاة العدل في حقهم:
وأشار خطيب أهل السنة إلى اقتراب ذكرى الثورة في إيران، قائلا: نحن على أبواب الذكرى السنوية الرابعة والثلاثين من انتصار الثورة. لم يزل أهل السنة بعد مضي هذه السنوات المديدة ينتظرون أن يُنصَفوا ويراعى العدل في حقهم. لماذا لا يؤظف أهل السنة في القوات المسلحة والكثير من الدوائر الحكومية؟ يجب مكافحة التمييز وإزالته من كافة الشؤون.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد، نافيا انتمائه إلى حزب من الأحزاب الإيرانية، قائلا: أنا كطالب علم مستقل في التعبير والتفكير، وكشخص أنوي الخير لكافة الأحزاب والأقوام والحكومة، أعتقد أن المشكلات في إيران لا تحل في ظل حكومة حزب سياسي واحد، بل لابد من مشاركة جميع الأحزاب والأجنحة السياسية. ليس من مصلحة البلاد أن تحصر إدارة البلاد سياسيا في إطار جناح واحد. الجناح الواحد سواء كان إصلاحيا أو أصوليا لا يقدر على إدارة البلاد.
وأضاف: إيران ليست للشيعة فقط ولا للسنة، بل هي للجميع. في الحرب ضحى الجميع شيعة وسنة؛ وكذلك يتحمل العقوبات الشيعة والسنة جميعا، بل الجزء الأكبر من تداعيات العقوبات الدوليه المفروضة على بلادنا موجهة إلى المناطق السنية. نحن أبناء هذا الوطن و لسنا أجانب، وليس من العدل والإنصاف أن نشارك في المغارم، ولكن في المغانم نحرم ونطرد.
وأردف رئيس منظمة اتحاد المدارس الدينية لأهل السنة في محافظة سيستان وبلوشستان، قائلا: يجب أن تراعى حرمة أهل السنة. ليس من المناسب أن يتكون كادر إحدى الإدارات الرئيسية في المناطق ذات الأغلبية السنية من 250 شخصا، بينهم عشرة أو عشرين من أهل السنة فقط.
واستطرد فضيلته قائلا: لا ينبغي إقصاء أهل السنة من القوات المسلحة. أهل السنة إخوانكم وقد شاركناكم في الأمن، ونقول بصراحة بأنه رغم جهود القوات الأمنية والقضائية، فإنكم لم تنجحوا في تثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة منفردين، بل أهل السنة الساكنين في الحدود هم الذين حققوا الأمن. فمراعاة حقوق الأقوام والمذاهب مطلب مشروع، نرجوا أن يهتم به قادة النظام نظرا إلى الوضع الراهن السائد في العالم، ويسمعوا صوت الشعب الإيراني.
وتابع: كذلك نرجو أن توسع دائرة الصلاحيات في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ليستطيع الشعب أن يختار الأصلح لإدارة البلاد، ولا يتحقق هذا إلا إذا تم النظر إلى الانتخابات بأفق أوسع ورؤية مستقبلية.
التدخل العسكري الفرنسي في مالي، ظلم وتغطرس من جانب القوى الاستعمارية:
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في القسم الأخير من خطبته إلى التدخل العسكري لفرنسا في مالي، معتبرا هذا التدخل “ظلما وتغطرسا من جانب القوى الاستعمارية وباعثا للأسف”، قائلا: في الأسبوع الماضي شهدنا تدخلا عسكريا لفرنسا في مالي بحجة الاختلافات الداخلية فيها. مع الأسف تحاول دول أخرى أيضا المشاركة في هذا التدخل، وهذا التدخل خطأ كبير لا مبرر له.
واعتبر فضيلته قوة الإسلاميين في مالي سببا للتدخل الفرنسي مالي، وأضاف: عندما قويت شوكة الإسلاميين وحازوا انتصارات في مالي على خصومهم، تدخلت فرنسا عسكريا، مدعية أنهم متطرفون. لكن ما ندركه نحن أن دولة مثل فرنسا عندما ترى في ناحية من العالم يتقوى فيه الإسلاميون، يرون من أنفسهم حساسيات بالنسبة إلى هذه القوة للإسلام.
واعتبر فضيلته هذه التدخلات خسارة كبيرة لأصحابها، قائلا: بأي حجة يتدخلون في بلد مستقل، يتمتع بحدود جغرافية معينة محددة؟! هذه التدخلات تأتي بالخسارة لأصحابها إن شاء الله.
نسأل الله تعالى أن ينصر الحق ويهزم الباطل.