header

بدأ فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، خطبة هذه الجمعة بتلاوة آيات من سورة “العلق”، وتطرق إلى أهمية العلم والتعليم قائلا: لو دققنا التفكير ونتفكر، نرى أن الله تعالى لما خلق آدم، فأول ما منحه كان العلم، وأراد الله تعالى أن يري الملائكة بأنهم وإن كانوا لا يقصرون في عبادة الله تعالى وتنزيهه، لكن الله يريد أن يخلق مخلوقا ويكرمه بالعلم.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد: كما أن الله تعالى علم أول مخلوق من البشر، كذلك الآيات الأولى من القرآن الكريم التي نزلت في غار حراء على الرسول عليه الصلاة والسلام كانت حول العلم. قال الله تعالى لنبيه “إقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق* إقرأ وربك الأكرم* الذي علم بالقلم”. إقرأ فقد حان وقت القراءة. ولقد غشى العالم الكفر والجهالة والضلالة والظلام، والحاجة ماسة إلى نور المعرفة والتوحيد والعبودية والضياء. إقرأ باسم الرب المبارك الذي علم البشر بالقلم ما لم يكن يعلمه. إن الله تعالى حفظ بالقلم وأداة القلم تجارب الأجيال الماضية للقادمين.
وأضاف فضيلته قائلا: تزيين بدء القرآن الكريم بالعلم، خير وثيقة على أن الكلمة المسموعة في العالم لأهل العلم، لأن تقدم الإنسان في المجالات المختلفة المادية والدينية لا يتحقق بغير العلم. الأمور المتعلقة بإعمار الدنيا وكذلك الأمور المتعلقة بالتزكية والإصلاح والأعمال السليمة والإعتقاد السليم، كل ذلك تتحق في ضوء العلم. تطورات البشر وتقدماته كلها كانت في ضوء العلم.
وتابع خطيب أهل السنة في زاهدان، معتبرا ظهور الجهالة من علائم القيامة ودليلا على زوال العفة في المجتمعات وظهور المنكرات والمفاسد وأضاف: أسوء خطر للبشر والإنسانية هي الجهالة. كلما تسلط الجهل على المجتمع وقبض العلم، تظهر المنكرات والزنا. هذه الأعمال القبيحة التي هي مخالفة للمسائل الأخلاقية، تنشأ من الجهالة. لأن الإنسان العاقل يجتنب المنكرات والمفاسد والأعمال التي هي قبيحة عقلا وتشوّه عرض الإنسان. كل الأمم تتفق على أن الزنا والاعتداء الجنسي قبيحان ومن أسوء المسائل الأخلاقية. كما شهدنا في الأسابيع الماضية كيف تأزمت الأوضاع في الهند بسبب اغتصاب طالبة جامعية وطالب المتظاهرون بمعاقبة المغتصبين. إن كان غالبية أهل الهند ليسوا مسلمين، لكن الحياء والعفة يقبلها كافة الأمم ويعتقد بها. فعلى الإنسان أن يكتسب العلم والمعرفة، لأن التقدم والتطور لا يتحقق في الدنيا ولا في المجالات الروحية بغير العلم.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على ضرورة تعلم العلوم الدينية والعصرية قائلا: اكتساب نوعين من العلم  ضروري لمن يريد عمران الدنيا وسعادة الدارين. الأول: دراسة العلوم العصرية التي هي حاجة البشر، ولابد للبشر من تعلمه. والثاني: تعلم العلوم الشرعية والحديث؛ وإن دراسة هذه العلوم توصل الإنسان إلى النمو والتقدم، وتجعلها في الدنيا محبوبا عند الله تبارك وتعالى.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى رحلة له قبل سنوات إلى الهند ومحاضرة ألقاها في افتتاحية جامعة إسلامية، قائلا: في محاضرتي في تلك الحفلة التي حضرها عدد من المثقفين والعلماء المسلمين وغيرهم، أشرت إلى نقطتين؛ الأولى كما أن المسلمون والهندوكيون شارك بعضهم مع بعض في استقلال الهند وطرد المستعمر، يجب أن يكونوا مشاركين في إعمار البلد جنبا إلى جنب. والنقطة الثانية هي أن المسلمين أصيبوا بفكرة خاطئة وهي أنهم يحسبون أن دراسة العلوم الشرعية كافية لهم ولا يحتاجون إلى تعلم العلوم العصرية والجامعية. وهذا خطأ كبير جدا، بل المسلمون في حاجة شديدة إلى دراسة العلوم العصرية، ولا يقدرون بغيرها على مواصلة حياتهم في العالم المتنافس المعاصر. كذلك لو شعر غير المسلمين أنهم في حاجة إلى العلوم العصرية دون علوم النبوة والشرعية، فهم في خطأ كبير؛ لأن الإنسان إذا أراد أن يكون صالحا ويزكي نفسه ويقيم صلته مع الرب تبارك وتعالى، يحتاج إلى العلوم العصرية والدينية. فالبشر مهما تقدم في الدنيا وحصل على علوم جديدة، فهو في حاجة إلى علم الأنبياء وتعاليمهم. في الحقيقة هذان النوعان من العلم جناحان لصعود الإنسان نحو التقدم والرقي في الدنيا والحصول على سعادة الآخرة والنجاة من العذاب الإلهي.
وأضاف فضيلته مشيرا إلى حاجة المجتمع إلى العلوم العصرية والدينية: الطلبة الجامعيون إضافة إلى العلوم العصرية، عليهم أن يسعوا في دراسة علوم الدين، وإتقان القرآن الكريم بالتجويد، ويتلوا القرآن دائما متدبرين في آياته ومعانيه، ويدرسوا تفسيرها. الطلبة والعلماء في المدارس الدينية الذين اكتسبوا العلوم الشرعية عليهم أن يذهبوا إلى الجامعات ويتلمذوا على أساتذتها لدراسة العلوم العصرية.

التربية السالمة للأولاد سبب لفخر الوالدين:
واعتبر فضيلته التربية الصحيحة للأولاد واجبة على الوالدين، قائلا: الأولاد أفضل ثروة يملكها الإنسان في حياته، والأولاد أهم من كل ما يملك الإنسان من المال والمشاغل؛ فيجب أن نهتم في قضية تربية وتعليم أولادنا، ونساعد وزارة التربية والتعليم في هذا المجال ونتعاون معهم.
وتابع فضيلته مشيرا إلى كثرة المعاصي والمنكرات في المجتمع قائلا: مع الأسف كثرت المنكرات والغفلة في المجتمع، ويزداد تعاطي المخدرات يوما فيوما. المخدرات الجديدة التي تأتي من البلاد الأوربية تهدد أولادنا أكثر. علينا أن نتصدى للغزو الثقافي، ولا نتخلف من الصحوة الإسلامية في العالم الإسلامي، ونقبل إلى التعاليم الدينية والصلاة ونشجع أولادنا على الصلاة. المثقفون ورؤساء القبائل يجب أن يسعوا في أن تسود المجتمع بيئة دينية وإيمانية.

يجب أن تنفق كل عشيرة لمعرفة وترشيد استعداد أبنائها:
وطالب فضيلة الشيخ عبد الحميد العشائر بالدعم المالي للمستعدين لطب العلم من أبنائهم قائلا: كل قبيلة وعشيرة تبادر إلى تأسيس صندوق خيري يمول الطلبة المحتاجين. كل عشيرة وقبيلة تتعرف على المستعدين من أولادها ويوفروا مجالات دراستهم في الجامعات مع تعاون البعض، ليقدروا على دراسة العلوم الشرعية داخل البلاد وخارجها.

على وزارة التربية والتعليم أن تعيد النظر في سياستها:
وأشار خطيب أهل السنة في ختام خطبته إلى  الرسوب التعليمي في المحافظة قائلا: مع الأسف محافظة سيستان وبلوشستان تواجه رسوبا تعليميا، وأبنائنا خاصة أهل القرى لا يقدرون على التقدم للدراسة في الجامعات. نحن نقترح على وزارة التعليم والتربية إذا أرادت أن تتقدم المحافظة، بتفويض هذه الإدارة في المحافظة إلى أهلها (من البلوش السنة)، لأن السياسة الحالية لوزارة التربية والتعليم بتوظيف الوافدين في مدن المحافظة في هذه الدائرة ليست سياسة مناسبة، ويجب تغييرها وتفويض المسؤوليات في هذه الدائرة إلى المؤهلين من أبناء المنطقة. لأننا نرجوا أن المؤظفين من أهل المنطقة هم يكونون أكثر شفقة بالنسبة إلى أبنائهم، ويجتهدون أكثر في تربيتهم وتعليمهم. وهذه هي مطالبة جميع أهل السنة أن على وزارة التربية والتعليم إعادة النظر في سياستها.

2058 مشاهدات

تم النشر في: 7 يناير, 2013


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©