header

تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان في خطبة هذه الجمعة بعد تلاوة قول الله تعالى “يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ”، و “وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى”، إلى أهمية السعي والعمل في الحياة قائلا: إن الله تعالى أعطانا كتابا ومنهجا للحياة هو أكمل المناهج الدينية للحياة، وجعل سعادة الدنيا والآخرة في هذا المنهج وهذا الكتاب.
وتابع فضيلته قائلا: إن الله تعالى جعل ما رآه ضروريا لحياتنا في هذا الكتاب، وبيّن أسباب سعادتنا في هذا الكتاب السماوي، وبيّن أن السعي والعمل الجاد في الأمور المادية والأخروية هي الثروة الحقيقية للإنسان. وقد أعطانا الله تعالى هذه الفرصة لنسعى ونحصل على الرزق الحلال ونجتنب الحرام والمشتبهات.
وأضاف فضيلته قائلا: لا يمكن للإنسان أن يرتقي الدرجات العالية في الدين والدنيا إلا بالسعي المستمر والعمل الجاد. بغير السعي لا يكون الإنسان عالما ولا متخصصا. فالذي يريد الوصول إلى العلى يبذل في سبيل ذلك مساعيه ويترك الراحة والاستراحة ويزيد من المطالعة والقراءة حتى يصل إلى تلك الدرجة المطلوبة في العلم.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لا شك أن الله تبارك وتعالى يرزق عباده، ولكن الواجب على العبد السعي والعمل، وأن لا يستحي من العمل، ولا يرى العمل عارا لنفسه.
أتى رجل  مِنَ الأَنْصَارِ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يَسْأَلُهُ فَقَالَ «أَمَا فِى بَيْتِكَ شَىْءٌ». قَالَ بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ. قَالَ «ائْتِنِي بِهِمَا».
فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ وَقَالَ «مَنْ يَشْتَرِى هَذَيْنِ». قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ. قَالَ «مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ. فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الأَنْصَارِىَّ وَقَالَ «اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِى بِهِ». فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ «اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلاَ أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا». فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِىءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِى وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
وتابع فضيلته قائلا: من تعليم الإسلام أن نسعى للرزق ونختار أفضل المشاغل لذلك ونجتنب المشاغل الكاذبة والمحرمة والمشاغل الموهنة لكرامتنا وعزتنا، ولا نأكل أموال الناس بالباطل ولا نطعم أولادنا الحرام والمشتبه من الرزق. إن الله تعالى ينصر الذي يكتسب الحلال فينفق قليلا منه أيضا.
وأشار فضيلته إلى ترك النوم بعد الفجر وجعل هذا الوقت المبارك بداية السعي والعمل في اليوم قائلا: قال الله تعالى “وجعلنا الليل لباسا والنهار معاشا”، وأفضل المنام منام الليل، أما النهار فهو للمعاش والعمل، وينبغي أن يترك النوم خاصة بعد الفجر، ويبتدأ بالعمل والدراسة. فالذي ينام بعد الفجر يحرم من بركة الرزق، لأن الفجر وقت الرزق.
وتابع فضيلته قائلا: كما أنه لا يمكن الحصول على حياة سعيدة في الدنيا بغير السعي، كذلك لا يمكن الوصول إلى سعادة الآخرة وفلاحها إلا بالسعي. قال الله تعالى: “ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه”. اليوم عندكم فرصة للعمل، اعملوا ما استطعتم واجتنبوا المعاصي والذنوب، وادخروا من الأموال التي عندكم لآخرتكم، لأن هذا المال بيدكم اليوم ولكنه يخرج من يدكم غدا. علينا أن نلتزم القيام في السحر، ففي هذا الوقت ينزل الرب كما يليق إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا بشأنه فَيَقُولُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ هَلْ مِنْ تَائِبٍ هَلْ مِنْ سَائِلٍ هَلْ مِنْ دَاعٍ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ. وهذا الوقت وقت الدعا ووقت الاستغفار ووقت المغفرة.
واستطرد فضيلته قائلا: عندنا اليوم فرص كثيرة للسعي والعمل. فرصة للإنفاق على الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل، وفرصة العبادة، وفرصة التلاوة والذكر، وهذه الجمعة التي أمرنا بترك التجارة والبيع إذا نودي لها أيضا فرصة، وأمرنا أيضا أن ننتشر في الأرض ونبتغي من فضل الله تعالى ونذكر الله كثيرا.
وأضاف فضيلته: علينا أن نراعي حقوق عباد الله كافة، ونراعي حق الزوجة ونذهب لعيادة المريض ونشيع الجنائز ونشارك في الصلاة على الجنائز، ونذهب إلى المقابر وندعوا للأموات ونستغفر لهم، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم في المقبرة قائلا: “أنتم سلفنا ونحن بالاثر”، ونزور القبور لأنها تذكر الآخرة. ونشارك أيضا في أعمال المساجد والمدارس الدينية ونساعد في بنائها وفي بناء غيرها من الأماكن الدينية.

1826 مشاهدات

تم النشر في: 13 يناير, 2012


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©