header

تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة هذه الجمعة (7 ذوالقعدة 1434) بعد تلاوة آية “إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ*فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ”، إلى بعض الحكم الموجودة في مناسك الحج، بمناسبة حلول أيام الحج، معتبرا بعضها مذكرة لمشاهدة يوم القيامة والحشر.

وأضاف قائلا: الحج من الأركان الهامة للدين الإسلامي الذي يمتاز بصفات وميزات خاصة له.
جميع الأركان الإسلامية والفرائض الدينية لها أثارها ومصالحها الخاصة. الحج مشهد من محبة الله تعالى وتحير العاشق، وكذلك مشهد يذكر في أبصار الخلق مشاهد يوم القيامة.
جعل الله تعالى هديا عظيما في الحج. لحج بيت الله تعالى أثر كبير وعظيم في حياة الأفراد.
وتابع فضيلته قائلا: إن أدى الإنسان فريضة الحج عن علم ومعرفة يشعر بآثار أكثر في حياته. لا شك أن العلم والمعرفة بالأحكام لا تكفيان لتمتع بآثار الحج، بل إن اهتممنا بحكم الحج ومناسكها تتضاعف هذه الآثار. إن روعيت في الحج سنة الرسول الكريم كأنها أديت بالحكمة. يقول الكثير من الأشخاص أننا مطلعون على أحكام الحج ومناسكه، لكن المزيد من الإستفادة بروح الحج يحتاج إلى مرافقة المجربين الذين لديهم العلم الكافي بحكم الحج وغاياته وأهدافه ومقاصده.
من الضروري أن نعرف ماهي رسالة الحج وماذا يريد الحج من الحاج؟ الأحكام الإلهية وفرائضه كلها لها حكم ومنافع كثيرة تكمن فيها الهدي والإصلاح والتزكية. بهذه الأحكام تزكى الصحابة رضي الله تعالى عنهم والكثير من بعدهم ووصلوا إلى الهدي والتقى.
وأضاف فضيلته قائلا: الحج من مشاهد محبة الرب تبارك وتعالى. كما أن العاشق متحير ومضطرب يتحمل كافة المشقات والمصائب للوصول إلى حبيبه، كذلك الحاج في طريقه للحج. ففي مناسك الحج يرتدون ملابس الإحرام. الحجاج كلهم من الملوك والرعايا والفقراء والأغنياء ينادون في زي واحد بـ “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك” ويقرون بوحدانية الرب تبارك وتعالى.
وتابع: ملابس الحجاج، وطوافهم ومساعيهم بين الصفا والمروة، كلها مشاهد من عشق العباد لربهم وخالقهم. هؤلاء ليسوا عشاقا  للدنيا والمنصب والجاه. بل هؤلاء عشاق الله تعالى تجمعوا طائفين لمرضاته ساعين بين الصفا والمروة.
وصف فضيلة الشيخ عبد الحميد مناسك الحج شعارا لعبودية الرب تبارك وتعالى: تأدية مناسك الحج كما أنه مشهد من مشاهد عشق العباد لخالقهم، كذلك مشهد الإطاعة لله تعالى. الحج يحمل لنا هذه الرسالة بأن الدين يكمن في الإطاعة والتضحية. يجب على العباد أن يطيعوا أحكام الله تعالى في جميع الأحوال ويعملوا عليها سواء علموا حكم تلك الأحكام أم لا. هناك حكم ومصالح كثيرة في كل من عبادة السعي بين الصفا والمروة ورمي الجمرات وحلق الرأس وكافة مناسك الحج؛ لكن التعليم والتوجيه للحاج أن يفعل جميع هذه المناسك، وإن كان لا يعلم مصالحها وحكمها، لأن الدين يختصر في الإطاعة والامتثال.
وأشار خطيب أهل السنة إلى قسم من حكم الحج قائلا: لو فكرنا قليلا نجد أن مناسك الحج تحمل معها الكثير من المصالح والحكم لنا. ففي رمي الجمرات في الحقيقة يرمي الحاج الشيطان الذي هو شعار التمرد والطغيان  والتكبر بالحصيات. والسعي بين الصفا والمروة يدل على أن هاجرة كانت متحيرة، والحاج ينبغي أن يفعل هذا العمل امتثالا لله تعالى.
وأضاف فضيلته قائلا: ورد في الحديث “الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”، وهو الحج الذي ليس فيه رفث ولا فسوق. فثمرة السعي بين الصفا والمروة وطواف بيت الله والدعاء عند المزدلفة والعرفات و… هي الجنة والمرضاة.
وتابع فضيلته قائلا: الحج مشهد من العشق ومشهد من صحراء القيامة. الذي يريد حج البيت يطلب العفو من كافة أقاربه ومعاريفه، كالمحتضر ومن أدركه الموت، ويؤدي ديونه. الحج مشهد من مشاهد الموت. لباس الحاج كالكفن. زيارة البيت شعار للقاء الإنسان ربه بعد الموت والحساب والكتاب.
وأضاف فضيلة الشيخ مخاطبا الحجاج: المسجد الحرام ومسجد النبي والكعبة والصفا والمروة والمنى والمزدلفة والعرفات، كلها من شعائر الله تعالى التي يجب تعظيمها وتوقيرها، ويجب أن تراعى حرمة هذه الأماكن. لا ينبغي الإثم والمعصية في هذه المناطق، لأن المعصية في هذه الأماكن أعظم عند الله من غيرها.
 وأوصى فضيلة الشيخ عبد الحميد في نهاية القسم الأول من خطبته حجاج بيت الله الحرام إلى الإخلاص في  العمل، والابتعاد عن الرياء، كما طالب حجاج هذه السنة أن يدعوا الله تعالى للتطورات في العالم البشري، خاصة العالم الإسلامي، نظرا إلى الظروف الخاصة التي طرأت على العالم الإسلامي.

نطالب السلطات الأمنية والقضائية بالتصدي للمسيئن إلى الأقوام والمذاهب:
أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته، إلى الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران، قائلا: “الشعب الإيراني في الانتخابات الأخيرة غيّر حسابات الخبراء والسياسيين في الداخل والخارج، الذين كانوا يزعمون أن المشاركة تكون ضعيفة جدا. الشعب جميعا وخاصة أهل السنة وأهالي محافظة سيستان وبلوشستان أبلغوا رسالتهم إلى الدنيا من خلال مشاركتهم الواسعة.
وتابع فضيلته قائلا: هذا الانتخاب يحمل رسالة عظيمة وهي رسالة كراهية الشعب للأوضاع الراهنة وضرورة تغيير بيئة البلاد، وكراهية الشعب للضغوط والتمييزات والتهم والكذب. مع الأسف لم تكن بيئة مناسبة في البلاد حيث لم تلق تنبيهات مرشد الثورة أيضا اهتماما، حيث حذرا مرارا على نبذ الكذب في الأقوال وتوجيه التهم، حيث قال الأجانب هؤلاء لا يستمعون لمرشدهم أيضا.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: المرشد والشعب سخطا الوضع الراهن، ونتيجة لذلك صوت الشعب الإيراني لمن هتف بأنه يحمل مفتاح التدبير لحل مشكلات البلد، ويقوم بتغييرات في البلاد، وينهي الضغوط والتمييزات والمظالم. هذا كان شعار الحملة الانتخابية للسيد روحاني الذي أثار انتباه الشعب الإيراني، وهو يسعى حاليا أن يخطو خطوات جادة في سبيل تحقيق عهوده التي قطعها أيام الانتخابات، ويهتم بحقوق المذاهب والأقوام ومشكلات البلد.
وأردف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: لم يزل الكثيرون لم يتلقوا هذه الرسالة من الشعب الإيراني. هناك مواقع وقنوات لم تدرك جيدا ما هي رسالة الشعب الإيراني في الانتخابات. هؤلاء استمروا في إساءاتهم وافتراءتهم وتهمهم، ويبثون الأكاذيب ويسيئون حسب مزاعمهم بطريقة مدروسة إلى الأقوام والأشخاص ويفترون عليهم.
وأضاف رئيس جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان، قائلا: هذا مخالف للقانون والديانة أن يجري تخريب الشخصيات الحقيقية والحقوقية. الذين يوجهون التهم إلى غيرهم، ليسوا بمتدينين. هدى الله تعالى مثل هؤلاء الناس إن كانوا جديرين بالهداية، وإلا فيكفينا الله تعالى شرهم.
واستطرد فضيلة الشيخ: هناك مهمة عظيمة توجه إلى السلطات القضائية والأمنية أن لا يسمحوا أن يسيء أناس إلى الأقوام والمذاهب ويفتروا عليهم ويكذبوا. نحن جميا نعلم من يحرك ويثير هؤلاء الناس.
 وأضاف رئيس منظمة اتحاد المدارس الدينية لأهل السنة في محافظة سيستان وبلوشستان، قائلا: لا ينبغي أن ينسب أي شخص ما شاء إلى شعب يفضل السكوت لنجابته وكرامتة ولمراعاة الوحدة. يجب أن يتلقى الجميع رسالة الشعب الإيراني ويطبقوا أنفسهم مع ظروف الشعب وأحوالهم. مطلب الشعب الإيراني هي الوحدة والانسجام والتعايش السليم بين الأقوام والمذاهب.
وأضاف فضيلته قائلا: الذي يثير الطائفية ويبث الفرقة ليس بشيعي ولاسني وفقا لفتوى مؤسس الثورة. هؤلاء الأشخاص ينسبون أنفسهم إلى مرشد  الثورة والنظام ومحبي النظام. هؤلاء لا يحبون النظام، لأن محبي النظام لا يتبعون تخريب الناس، بل يعملون لصالح النظام والشعب.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته: مرة أخرى أوصي جميع الإخوة من أهل السنة في الخارج والداخل على مراعاة الوحدة والأمن في جميع الظروف والأحوال. ينبغي أن تجد دولة التدبير والأمل الفرصة المناسبة من غير قلق واضطراب لتنفيذ أهدافها وبرامجها.
وأضاف عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قائلا: الدولة الجديدة أتت بسياسات وبرامج جديدة، ومن الأهداف الهامة لهذه الدولة، التنفيذ الكامل للدستور وإنهاء العمل بالسلائق والقوانين التي لم تكتب. كل شخص أي كانت مكانتة يجب أن يخضع للدستور، وتكتسب المؤسسات شرعيتها من الدستور، وليست لها أن تجعل نفسها فوق الدستور. نحن ايضا نرفض إطاعة شخص فوق الدستور ولا نجيزها. يجب أن يسود الدستور كافة الجوانب في الحياة.
واستطر فضيلته: من لجأ إلى العنف في هذه الظروف، شخصا كان أو جماعة، ارتكب خيانة عظيمة إلى أهل السنة. لا ينبغي إعطاء الفرصة للذين سقطوا من القدرة، ويتبعون بث الكراهية وتعكير الأجواء.
وأضاف: العنف والتطرف في ثوب أهل السنة أكبر عداوة مع أهل السنة في الظروف الراهنة. يجب حاليا حل مشكلات المجتمع  وقضاياه بالحوار والانتقاد البناء. الرئيس أيضا يؤكد على بيئة الحوار في البلاد، ومراعاة حرمة جميع الأقوام والمذاهب.

2259 مشاهدات

تم النشر في: 17 سبتمبر, 2013


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©