header

طالب فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة، في الحفل السنوي بمناسبة تكريم خريجي جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان، الذي حضره قرابة مائتي ألف شخص من أهل السنة، من مختلف المناطق والمحافظات الإيرانية، طالب المسؤولين بمراعاة حقوق أهل السنة القانونية، وحريتهم الدينية، مؤكدا أن أهل السنة في إيران ليسوا متعطشين للقدرة والمنصب، بل متعطشون للعزة والكرامة.

وأضاف فضيلته مشيرا إلى أن إيران بلد متنوع القوميات والمذاهب: نحن نعيش في  بلد يتمتع بتنوع قومي وديني؛ حيث يعيش فيه أقوام وفرق ومذاهب مختلفة، لكن الجميع بهذ التنوع مواطنون إيرانيون، ونحن كمواطنين إيرانيين مخلصون وناصحون لسائر المواطنين، بل نريد الخير والصلاح لكافة الناس على الأرض، ونشعر بالتضامن معهم. منهجنا كأهل السنة أننا نشعر بالأخوة والمؤاساة مع كافة الأقوام والمذاهب، لأننا نعتقد أن الوطن لو تعرض لخطر من هجوم العدو أو القحط  أو العقوبات، فالضرر موجّه إلى الجميع.
وتابع فضيلته قائلا: الأخوّة والمؤاساة مع الغير هي منهج أهل السنة في إيران، ونعتقد تعميم هذه الأخوة في كافة المجالات والميادين، کما نری المشاركة لأجل الحفاظ على سيادة الأراض والتضحية لأجل الوطن من وظائفنا.
وأضاف: في عصرنا، الشعوب في صحوة ووعي، ويدركون كل شيء جيدا، ورجائنا من المسؤولين أن يدركوا أهل السنة، وقد أكدت في خطبة أن أهل السنة في البلاد حقيقة لا يستطيع أحد إنكارها، وأهل السنة في العالم حقيقة لا يخفى على أحد، كما أن الشيعة الذين يعيشون في البلاد الأخرى حقيقة لا ينكرها أحد ولهم حقوقهم. رجائنا من المسؤولين أن يسمعوا صوت أهل السنة في إيران ويهتموا بمراعاة حقوقهم. ثورتنا كانت قبل جميع الثورات، ونحن قمنا بالثورة قبل الجميع، وأعتقد أن من بين هذه الثورات أفضل الثورة وأهمها هي الثورة التي تهتم بمراعاة حقوق مواطنيها، بغضّ النظر عن الدين والمذهب والانتماء العرقي، وتراعي كرامة الإنسان، ويشعر في ظلها كافة الأقوام والشعوب بالراحة والأمن، ويصلوا إلى حقوقهم.
واستطرد فضيلته قائلا: نعتقد أن مطالبنا كلها تأتي في إطار الدستور والقانون، ونطالب بتنفيذ القانون والعدل  والمساواة، فنظرا إلى الإحصائيات التي هي أقرب إلى الحقيقة، يصل عدد أهل السنة في أقل تقدير إلى عشرين في المائة من سكان البلاد، وهم من خمسة عشر مليون إلى عشرين مليون نسمة، فمن حقهم أن يؤظف أبنائهم في الحکومة. وجود أهل السنة كجنود في القوات المسلحة أو التعبئة لا يكفي، بل لا بد من توظيفهم في القوات المسلحة كما كان في النظام السابق، ليجدوا فرصة للخدمة، ونری هذا من حقنا.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: من مطالب أهل السنة رجالا ونساءا أن يعيشوا بحرية في جميع مناطق البلاد، وخاصة في المدن الکبری، وأن يتمتعوا بحرية تامة ويمکن لهم ممارسة شعائرهم المذهبية، وهذا من حق أهل السنة القانوني أن يقوموا بتعليم وتربية أبنائهم حسب فقههم ومذهبهم، ومن حق أهل السنة في إيران أن یکون لهم مسجد في طهران. نحن نريد أن نعيش ونعمل على أحكام الإسلام، ونعبد الله جنبا إلى الشيعة، دون أي خوف، ودون أن يهددنا شخص أو مؤسسة أو دائرة حكومية، ونستطع أن نبني المساجد إذا کانت حاجة إلی بنائها، ونقيم الجمعة والجماعات.

یجب أن یعاقب مسيئو الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين:
وطالب رئيس جامعة دار العلوم، الحكومة بمعاقبة المسيئين إلى مقدسات أهل السنة، وخاصة الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين قائلا: وصيتي الخالصة كمواطن إيراني للمسؤولين، أن أهل السنة في إيران خير فرصة للنظام، فإن كنتم تريدون وحدة المسلمين، فالطريق الوحيد أن تكتسبوا قلوب أهل السنة في إيران. ويمکن أن تکسبوا قلوب أهل السنة  بتنفيذ العدل وإزالة التمييزات. نحن نريد عزة إيران، فعزة إيران عزتنا، ونريد عزة الإسلام، وأن يتحد المسلمون في العالم بمذاهبهم وفرقهم، ولا نسمح نحن لأحد من أهل السنة أن يسيء إلى مقدسات الشيعة، ورجائنا أيضا أن لا تساء إلى مقدساتنا، ولا يسء أحد إلى أصحاب الرسول وأمهات المؤمنين، وأن يعاقب كل من يهين إلى الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين.
وأشار فضيلته إلى بعض المضايقات التي تفرض على أهل السنة، بهدف منع الضيوف من المشاركة في حفلة تکريم خريجي جامعة دار العلوم، قائلا : نحن کما نشکر المسئولين علی سعيهم فی توفير النظم والأمن ومساعدتهم في هذه المجالات، نشکو أيضا منعهم من حضور بعض الشخصيات من داخل البلاد وخارجها في هذا الحفل. في الماضي كان يحضر ضيوف من البلاد الأخرى وكان حضورهم مؤثرا ومفيدا للوحدة الإسلامية، ونعتقد أن سلسة حضور الضيوف لو استمرت، لكانت قد حلت الكثير من المشكلات بين الشيعة والسنة، ولزال الكثير من إساءات الظن بالنسبة إلى إيران.
وتابع قائلا: نحن نتأسف على أن بعض العلماء والمسؤولين لم يعرفونا جيدا، وليسوا مطلعين من نوايانا الصادقة والخالصة.  نحن لا نريد السوء لأحد، بل نريد الخير للراعي والرعية، وللشيعة والسنة، وأهدافنا هي الخدمة للإسلام والسعي للوحدة بين المسلمين. وعندما ننتقد فانتقادنا بنّاء، وكذلك نصائحنا بناءة، كنا نتمنى أن يحضر في هذه الحفلة شسخصيات بارزة من العالم الإسلامي. كنا نريد الوحدة بين شعبي إيران وباكستان، وكنا نريد الوحدة بين شعبي السعودية وإيران، ونتحسر الآن على أن علماء “خراسان” و”كلستان” و”كردستان” وسائر المحافظات لم يستطيعوا الحضور في هذه الجلسة. نرجو أن يتسع الأفق  ويكسب المسؤولون قلوب أهل السنة.
واستطرد: أعلنا دائما أننا نستقبل النقد البناء، والبعض يتهم البعض ويفتري، وحتى الآن لم نفتر على أحد ولم نتهم شخصا. هذه الجلسة سبب لخير في الأماكن الأخرى، وهي جلسة لصالح البلاد، ونحن لا نشتكي الشخصيات السياسية على عدم الحضور، فالجلسة دينية وليست سياسية.
وأضاف قائلا: لا ننس الشعوب التي قامت لأجل كرامتهم ولم يصلوا إلى كرامتهم أن يصلوا إلى هذا الهدف، وندعو لهم بالخير. وآخر ما أقوله أننا أهل السنة لسنا متعطشين للقدرة والمناصب بل نحن متعطشين للعزة والكرامة ونعتقد أننا لا نصل إلى العزة والكرامة ما لم نشارك في إدارة البلاد وأمن البلاد وما لم تعط حقوقنا، ونحن سنسعى للوصول إلى الكرامة والعزة من طرقها المشروعة، ونتابع حقوقنا بإذن الله تعالى.

صيحات التکبير والتهليل في ثورات الشرق الأوسط، تبشر بعودة الأمة إلی کرامتها وعزتها:
وأشار فضيلته إلى أوضاع الأمة في العصر الراهن والثورات في الشرق الأوسط، قائلا: مرت أحوال وظروف على الأمة المسلمة في هذه القرون الأخيرة تقتضي أن نجلس ونبكي عليها، فكنا دولة واحدة وأمة واحدة، وأصبحنا اليوم دولا وشعوبا، وفقدنا قوتنا ودولتنا في العالم؛ وكل ذلك بسبب قصور الأمة وابتلائها بالمعاصي والذنوب. تولى حكم البلاد الإسلامية عناصر عملاء للأجانب، وحکام تم غسل أذهانهم بخرافات الشرق أو الغرب، وأنشأوا بیئة الاستبداد والديكتاتورية في هذه البلاد.
الحمد لله، نشهد أن الصحوة الإسلامية بدأت تموج في الشرق الأوسط، وتبدو أن الأمة بدأت تجدد حياتها من جديد، وهناك رجاء وأمل كبير في أن يعود الإسلام إلى قوته وميانته في العالم. فهتافات التكبير وصيحات التهليل الذي نسمع دويها في ثورات الشرق الأوسط، بشرى عظيمة، وانهيار الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية التي باعت أوطانها للأجانب بشارة خير للأمة، وإن شاء الله سنكون شاهدين لتحرير فلسطين والقدس والأقصى بإذن الله رب العالمين. لقد انتصرت ثورات وأخرى في طريق انتصارها، وستكون بإذن الله نتيجتها الانتصار على الظلم والاستبداد، ولا نشك نحن في زوال المستبدين الذين يذبحون الأطفال ويقتلون النساء لحفظ قدرتهم، ونحن على اطمئنان أن غضب الله تعالى سوف ينزل على مثل هؤلاء الظالمین لا محالة.
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد الضعف في العمل على الدين الإسلامي كأحد أسباب انحطاط الأمة الإسلامية ومواجهته للأزمات في العصر الراهن، وأضاف: ما وصلت إلى الأمة المسلمة من أزمات وتحديات وتهديدات، كل ذلك يرجع إلى خيانتهم بالدين والقصور في العمل على أحكامه؛ فلم تکن استقامة جيدة مطلوبة على الدين، ولم تنفق الأموال لأجله. لذلك واجهت الأمة الأمة المسلمة أزمات ومشكلات، والطريق الوحيد هی العودة إلى رب العالمين، والعمل على أحكام الله، وأن لا يکونوا مسلمين بالاسم. ذکر القرآن الکريم وصية إبراهيم ويعقوب لأبناءهما “فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون”. فعلينا أن نرجع إلى الإسلام والدين، ولا نموت إلا ونحن مسلمون. فما لم نرجع ولم نعد إلى ديننا، لا تعود العزة المفقودة إلينا.
وتابع خطيب أهل السنة: الكثير من الشعوب يترصدون الفرص للثورة، فالحكام المستبدون في العالم الإسلامي أمام خيارين: إما القيام بالإصلاح والتغيير من عند أنفسهم، أو ثورة شعوبهم ضدهم. فالأمة لقد تعبت من شعارات الأروبيين والأمريكيين الذين لعبوا بمشاعرهم، وقد غرروا بهاعقودا من الزمان بشعارات خاوية. والآن وصلت الأمة إلى هذه النتيجة أن السعادة ليست في اتباع الشرق والغرب، بل السعادة موجودة في هذا الدين الإسلامي والقرآن الكريم وهدي خير المرسلين. علينا أن ندعو ليلا ونهارا أن تصل هذه الصحوة إلى النتيجة المطلوبة.
وخاطب فضيلته في قسم أخر من خطابه أهل السنة في إيران قائلا: لا بد من تقوية المدارس والمراكز الدينية. يجب أن يتعلم شبابنا الدين. هناك نعمتان عظيمتان هما من أسباب فخر الأمم والشعوب: الأول العلم، والثاني الهداية والدين. نصيحتي لأهل السنة فی إیران وهم القاطنون على هوامش البلاد بأن يعتنوا بدراسة العلوم العصرية والدينية، ليكثر عدد المتعلمين والمثقفين فينا. مشكلتنا أهل السنة أننا عشنا في المناطق الحدودية من البلاد، وكان هذا البعد سببا لابتعادنا عن المراكز الدينية، وكان سببا لفقرنا وحرماننا، لذلك أؤكد أن تنفقوا لأجل تعليم أولادكم وتربيتهم العصرية؛ فلا يمكن لمجتمع أن يحصل مكانة وعزة في الدنيا إلا بالعلم.

 

1991 مشاهدات

تم النشر في: 16 يوليو, 2012


جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي Copyright ©